من يريد تقسيم سورية ؟
التاريخ: الأثنين 20 شباط 2012
الموضوع:



دلور ميقري

سيادته يتكلم بالصيني:
رئيسنا الشاب، كما يُقدّمه إعلام البلد، يُجيد عدّة لغات عالمية. ففضلاً عن لغته، الأم، فإنّ الأب القائد يتكلم الإنكليزية والفرنسية والإسبانية. ولكن، إثر اشتعال الثورة السورية، فإنّ أبينا بالتبني آثرَ أن يُخاطبنا باللغة الصينية.


موضوع تعبير:
لا أدري سبباً موجباً يجعلنا هنا، في سورية الأسد، نضيف صفة " الرسمي " إلى كلمة " الإعلام ": فهل ثمة إعلام حر، لا قدّر الله، لتبرير استعمال ذلك التعبير؛ أيْ " الإعلام الرسمي " ؟

معارضة بوَزن الريشة:
كثيراً ما تشبّه اللعبة السياسية بحلبة المصارعة. بالمقابل، فإنّ كثيرين أيضاً يرَون المصارعة الإنكليزية مجرّد تمثيل وضحك على الذقون. عندنا هنا، في سورية الكذا، يُمكن تشبيه اللعبة السياسية لبعض المعارضين، المحترفين، بحلبة المصارعة الإنكليزية.

تاجر سلاح:
اسمه "قدري عميل". إلا أنّ إعلامنا الرسمي، ما غيره، يصفه دوماً بالمعارض الوطني، البارز. وإذ "يُبرّز" صاحبنا وطنياته على الآخرين، فإنه يُطلق اتهامات العمالة يميناً ويساراً. مؤخراً، تجشم الرجلُ عناءَ زيارة موسكو، لكي يشكر الروس على الفيتو ـ الفضيحة في مجلس الأمن. وحتى تكتمل فضائح "الرفاق"، لا بدّ من التنويه بالسبب الحقيقي لسفر معارضنا، الوطني، إلى العاصمة السابقة للبلاشفة: الإسهام بصفقة أسلحة، روسيّة، لصالح النظام نفسه؛ الذي يُعارضه.

مناضل مخضرم:
البعض من كرد سورية، كان له بــــاع طويل في النضال؛ لدرجة أنه، اليوم، صارَ خبيراً في بيـــــع خدماته لمن يَدفع أكثر.

من مال الله:
ذاك المناضل، الموصوف آنفاً، ينطبق عليه المثل المعروف: "شحاذ ومشارط". على ذلك، عندما لم يَجد لنفسه قرصاً، محرزاً، في عرس المجلس الوطني السوري باسطمبول، فإنه فقد صوابه تماماً. فراحَ المناضل المخضرم يُدبّج المقالات في نقد المجلس، حتى عندما تبنى مقولة " الشعب الكردي في سورية وحقوقه القومية المشروعة ". غير أن قلم مناضلنا جفّ، على حين فجأة، حينما تسنم منصباً سامياً في تجمّع آخر للمعارضة؛ هوَ "تيار التغيير الوطني": هذا التجمّع، وبعد أن عصرَ حاله شهراً كاملاً، فإن زفته الاسطمبولية تمخضت عن قرار بخصوص المسألة القومية في سورية، يتلخص في كون " الأغلبية " على استعداد لمنح "الأقليات" حق المواطنة الكاملة. لولولوليش

وامرأته حمالة الحطب:
اسمُ "عمار قره بي"، ولا ريب، يعرفه حتى أطفال الابتدائي في بلدنا. ولأنه، اسم الله عليه، نجمُ الفضائيات بلا منازع، زعيقاً وردحاً، فقد آنسَ لنفسه الحقّ في قيادة المعارضة المظفرة في طريقها إلى القصر الجمهوري، الدمشقي. ربما لهذا السبب، الوجيه، رأى أقطابُ معارضتنا أن يعقدوا مؤتمرهم في قصر سلطانيّ قديم، اسطمبوليّ، تمّ تحويله لفندق خمس نجوم. قلنا أن المجلس الكذا الكذا قد عُقِدَ هناك، من دون أن يُدعى نجم الفضائيات إليه. وبما أن هذا المعارض ردّ على أولئك المعارضين بتأسيس "تيار التغيير الوطني"، فلم ينقصه سوى استعارة بدلة ورتبة ونياشين الجنرال ميشيل عون؛ الحالم الأبدي بمنصب رئيس الجمهورية.

لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين:
"ر. علي"؛ هوَ الاسم الحركي لأكاديمي، معارض، من كرد سورية، قبل أن يتحوّلَ إلى "ر. بهديني"، نسبة ً لمستقرّه الجديد في كردستان العراق. في هذه الأخيرة، كما هوَ معروف، يقومُ من نعتناه قبلاً بـ "المناضل المخضرم" على رعاية مصالح كرد سورية في تقرير المصير. وإذن، وَجَدَ صاحبنا الأكاديمي نفسه متنقلاً بين أحياء اسطمبول، تبعاً لتنقلات "المعلّم" بين المجالس المعارضة المختلفة والمتناحرة. أخيراً، كلِفَ الأولُ بكتابة مقترحات حول القضية الكردية في سورية، بناءً على رغبة "عمار قره بي" رئيس تيار التغيير الوطني ؛ بما أنّ برنامج التيار بهذا الخصوص لاقى انتقادات من هنا وهناك.
" الأكراد لم يسهموا في الثورة، مقارنة بغيرهم من السوريين"، هكذا كان ردّ "الجنرال قره بي" على المقترحات التي تسلّمها من رفيقه، الأكاديمي الكردي. وإذ تعامى "جنرالنا" عن رؤية مآثر سنة الثورة الحالية، التي اجترحها فتيَة ونساء وأطفال قامشلو، عامودا، سري كاني، درباسية، تربه سبي، ديريك، كوباني، الشيخ مقصود، الأشرفية، كرداغ، ركن الدين، زورآفا.. فكان علينا أن نذكره بانتفاضة 12 آذار 2004؛ التي كان من المقدّر لها أن تمسي هيَ الربيع السوري، الحق، لولا تآمره هوَ ـ المعارض العتيد ـ وأمثاله من العروبيين، المنشغلين آنذاك بدعم المقاومة ـ كذا ـ في العراق ولبنان وفلسطين.

العرب الانفصاليون:
لأول مرّة، في تاريخ سورية البعث، يوصّف الرئيسُ السوريّ العربَ، لا الكرد، بنعت "الانفصاليين". إذ بحسَب ما أفاد به خلال استقبال المبعوث الصيني،  فالأسد أكّد أنّ هدفَ المؤامرة على سورية هوَ تقسيمها. حتماً، فإن الرئيس يُتابع عبرَ الفضائيات، وغيرها، ما يُرفع اليومَ من أعلام كردية ولافتاتٍ تطالب بحق تقرير المصير، في معظم معاقل الاحتجاجات في الجزيرة وكوباني وحلب وعفرين ودمشق. هذا مع العلم، بأن مجرّد راية كردية، واحدة، حملها المنتفضون في قامشلي 12 آذار 2004، كانت كافية للإعلام الأسدي كي يلفق كذبته الضخمة: الأكراد الانفصاليون يرفعون العلم الأمريكي في محافظة الحسكة.
" الأعراب المتأمركون "، وفق التعبير البعثي الأكثر جدّة، هم إذن من يسهمون بالمؤامرة الهادفة لتقسيم سورية، خدمة للأجندة الصهيو أمريكية. أما " الأقليات " فلها حبيبها، المدافع عنها بالدبابات والراجمات والحوامات والمدفعية والشبيحة. فلم نعد، والحالة هذه، بحاجة للجامعة العربية، طالما أنهم استبعدوا قلبها العروبيّ، النابض.
عجباً، أليسَت مفارقة، بيّنة، أن ينشغل الإعلامُ الأسديّ بالتهجم على العرب، مُخالفاً بذلك تبجّح رئيس الدولة عن " عروبة سورية المواجهة للمستعربين من أهل الخليج وغيرهم " ؟؟
والأكثر غرابة، أن يتنطع الرئيسُ لمهمّة " حماية الأقليات "، في الوقت نفسه الذي لا يتوانى فيه عن طرح مشروع دستور جديد، أقل ما يُقال فيه أنه عنصريّ، شوفينيّ، إقصائيّ، سلفيّ ورجعيّ ؟؟
هذه الأسئلة، المحيّرة، قد نجدُ لها جواباً في قراءتنا لعمق الأزمة السورية؛ الطائفيّ المَحض: فإنّ اتهامَ الآخرين بالمؤامرة لتقسيم سورية، هوَ بحدّ ذاته إنذارٌ لهم بأنّ الخيار الأخير، المتبقي للنظام الأسدي، يكمن في انفصال الساحل السوري، وربما بضمّ حمص وحماة أيضاً من خلال حملة تطهير طائفي واسعة. أما طرح الدستور الجديد، فإنه رسالة إلى الأقليات وما يُفترض أنه الغرب الذي يحميها: ها قد تركنا هذه الوديعة لمن سيأتي بعدنا على رأس الدولة السورية، السنية؛ ها هوَ الدستور الذي ستحكمون بموجب مواده، والمنتقص من حقوقكم وإنسانيتكم ومشاعركم و.. وداعاً. 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=11757