التقرير السياسي لحزب آزادي الكردي في سوريا
التاريخ: الأثنين 04 كانون الأول 2006
الموضوع: اخبار


   بعد الانتخابات الأمريكية وحصول الديمقراطيين على الأكثرية ازداد الانتعاش لدى بعض دول منطقة الشرق الأوسط ، وازداد معه التوتر والاحتقان على أكثر من صعيد وأكثر من بؤرة . ورغم أن المسألتين غير مرتبطتين موضوعياً إلا بقدر ضئيل ، إلا أن ذلك يجد له تفسيراً عند من يريد إفشال المشروع الدولي في المنطقة ، كانتصار ، وبالتالي ثبات موقفه على نهجه المغاير لمتطلبات واستحقاقات المرحلة ، وإصراره على المضي في تعنته تجاه أوضاعها الداخلية في وجه مطالبات قوى التغير الديمقراطي ، والدعوات الدولية نحو الانفتاح والحريات العامة وحقوق الإنسان .

   لقد بدأ واضحاً أن الأمور تسير في المنطقة نحو التعقيد والتأزم أكثر من أي وقت مضى ، ومعطيات هذا الاحتقان تظهر في ازدياد التناحر الطائفي في العراق عدا الإرهاب الذي يمارس يومياً وبأبشع صوره ، وكذلك في الأزمة الخانقة في لبنان على صعيدي الحكومة والشارع السياسي الملتهب بعد إقرار الحكومة لمشروع المحكمة ذات الطابع الدولي والخاصة بمحاكمة المتورطين في اغتيال رفيق الحريري ، وأيضاً في الوضع المتوتر المتفجر باستمرار على الساحة الفلسطينية . إن انعكاس هذه العوامل على أوضاع المنطقة يزيدها تعقيداً وقابلية على التفجر دون حدود ، خاصة وأن المنطق السائد في العلاقات الاجتماعية والتركيبة البنيوية التاريخية لمكوناتها بكل قومياتها واثنياتها ومذاهبها، لها موروث تاريخي – ثقافي – فكري – إيديولوجي ، يتعارض مع سياسات ومشاريع الخارج الداعية إلى الحرية والديمقراطية وحل المشاكل القومية والسياسية العالقة لفترة ما بعد الحرب الكونية الثانية ، أضف إلى ذلك تدخلات الدول الإقليمية في شؤون محاور التوتر ومناطق الأزمة . فالتدخل الإيراني في الشأن العراقي من خلال امتداداتها السياسية داخل بعض الأوساط المتنفذة في العراق ، أصبح جزءاً من المعادلة السياسية وفي أكثر الأحيان كمنظم للتصعيد أوالتهدئة ، وتعتبر أن لها الحق في ذلك بسبب الوجود الأمريكي واستطراداً الدولي ، وهي تطرح نفسها كقوة إقليمية لها مصالح وارتباطات بمستقبل ترتيبات المنطقة وفق المشروع الدولي ، وهي تواجه معظم دول العالم في توجهها نحو امتلاك أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي مستندة إلى قاعدتها الشعبية والدينية ومفاتيح الجنة . ولا شك هنا أن تركيا التي تعيش حالة أزمة في علاقاتها مع المجموعة الأوروبية ومع بعض جيرانها هي الأخرى لها نفس المطامح وتوجهات الهيمنة تجاه المنطقة ، ولها مصلحة أكيدة في فشل المشروع الدولي ، وتدخل من أجل ذلك في اتفاقات وارتباطات مع الجارتين سوريا وايران ، مستفيدة من هواجس الطرفين ، بغرض ضرب الطموح الكردي في كردستان العراق خصوصا والكردستاني عموما ، وبالتالي وضع العراقيل أمام الصياغات الجديدة المطروحة في التوجهات الدولية .   
   إن التفاهم الحاصل بين إيران وسوريا والمبني على حلف استراتيجي عبر المصلحة المشتركة والدوافع المشتركة - كون النظاميين قد وضعا نفسيهما في موقع الاستهداف الدولي - يزيد من قوة الارتباط المصيري بينهما في مواجهة المشروع الدولي ( الشرق الأوسط الكبير – الجديد ) والطرفان لهما مصلحة في إفشال هذه المشاريع ، ولهما نفس الدوافع تجاه لبنان وفلسطين ، والمعتقد أن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد ، بل ستجر المنطقة إلى ويلات أخرى تدفع شعوب المنطقة ثمنها من استقرارها وتنميتها لعدم تجاوب هذا المحور مع أي من دعوات التغيير الديمقراطي أو بتوفير فرص العدالة والديمقراطية لشعوبها، ومواكبة التطورات السياسية والاقتصادية على الصعيد العالمي  ، وبالتالي المساهمة حسب التوجهات الدولية في مسألة الأمن والسلام الاجتماعي بدل دعم قوى التطرف والإرهاب وتغذية الدوافع الطائفية حسب ما يشاع عنه. إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن الوجهة العامة للخيارات الدولية الراهنة حاسمة باتجاه فرض التغيير وإرساء قواعد التعايش المستقبلي بين شعوب المنطقة على أسس احترام خياراتها وحقها في تقرير المصير .
   المؤكد أن هذا المحور يرمي من وراء مناهضته للمشروع الدولي مدعوماً من بعض الدول الكبرى ومن خلال تحريك كافة أدواته وخاصة في العراق و لبنان وفلسطين ، وفي ظل المستوى المرتفع من الاحتقان والتأزم في الفترة الأخيرة ، وبهدف التأثير على منحى رؤية لجنة بيكر للأوضاع في المنطقة ، إلى تحقيق جملة أغراض :
  1. إما باستثمار هذا الوضع المتأزم للدخول في صفقة سياسية تحميه وتطيل بقاء النظاميين ومسايرة المشروع الدولي تكتيكيا من أجل ذلك ، باعتبار أن ذاك المشروع لن يرى طريقه إلى التنفيذ والقبول حسب رأيه للخصوصيات والموروثات المتعلقة بالمنطقة ، والمراهنة على حدوث تغييرات أو تبدلات في مواقف بعض الدول ، التي لا ترى لها مصلحة في التوافقات والترتيبات المستقبلية .
  2. إن أي صفقة من هذا النوع سيأتي حتماً ضمن بقاء الراهن كما هو وعلى حساب كل التوجهات والحراك السياسي الذي قمع منذ يومه الأول وعلى حساب مطالبات قوى التغيير الديمقراطي التي تسعى إلى وضع ديمقراطي حر يصبح فيه تداول السلطة أمراً طبيعياً وخاضعاً لصناديق الاقتراع ، بهدف مشاركة الجميع – جميع مكونات الشعب وقواه السياسية من أحزاب وفعاليات ومؤسسات - في القرار السياسي وفي تقرير المستقبل و المصير .
  3. شكل من أشكال المراهنة على الزمن ضمن قناعة بحدوث تغيرات على صعيد المنطقة لصالح نهجه الشمولي معززاً بمطالبات البعض أن هذا المحور له دور أساسي في النظام الأمني واستقرار المنطقة ، خاصة وأن خيارات القوى الدولية غير محسومة تجاه ما سيكون عليه مستقبل المنطقة ، وكأن نبرتها حول التغيير الشامل غدا أمراً غير قابل للتحقيق ، مما يحدث الانتعاش هنا والانكسار هناك ، وهذا ما يريده هذا المحور .
   نعتقد أن التوجهات الدولية الرامية إلى إحداث تغييرات أساسية وبنيوية على مستوى منطقة الشرق الأوسط لها مبررات قبولها لدى شعوب المنطقة بسبب الظلم والاضطهاد والتعسف الذي مورس بحقها من جانب أنظمتها خلال عقود من الزمن ، وما يسمى بالمشروع الدولي (الكوني) هو لمصلحة هذه الشعوب على الرغم من مناهضته من قبل بعض الأنظمة ، وتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي التي أقرها مجلس الأمن تعبير عن تلك التوجهات ، ومدخل جديد إلى تناول مسائل المنطقة وتسويق الطروحات المتعلقة بالمشروع والتي تعطي دلائل محددة على ممارسات وتصرفات الأنظمة الشمولية تجاه شعوبها ومصادرة حرياتها ولابد من قبول إرادة التغيير ومواكبة العصر بكل إفرازاته ومعطياته وصولا إلى الاستقرار والمستقبل المشرق .

أواخر تشرين الثاني 2006

اللجنة السياسية          







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1175