اسم كبير على خرابة
التاريخ: الجمعة 17 شباط 2012
الموضوع: اخبار



دلور ميقري

ـ هل أنتَ الحاجب، الجديد؟
° معلومكم، سيّدي، أنا الرئيس الجديد..
ـ مـــن؟؟
° الرئيس الجديد للوزراء.
ـ آه، هذا أنت؟ لم أحفظ شكلك، بعد.
° على ما يبدو، سيّدي، أنّ ظهوري على وسائل الإعلام نادرٌ بعض الشيء.


ـ والله لو كنتَ عمّ حرمتي، السيّدة الثالثة، لكانت صورتك لا تفارق تلك الوسائل. ها ها ها
° قصدكم، السيّدة الأولى؟
ـ العمى في عيونكن، العمى. بدأتم بتخريب الاقتصاد منذ لحظة تسلم مهامكم؟
° أعوذ بالله، سيّدي. ماذا رأيتم مني؟
ـ كيف هذا، وأنت لا تعرف أنّ والدتنا، قدّس سرّها، هيَ السيّدة الأولى؛ وأنّ شقيقتنا، العقيد الركن، هيَ السيّدة الثانية؟؟
° اغفروا لي هذه الهفوة، أرجوكم..
ـ نحن نغفر الذنوب، جميعاً، لأولئك المؤمنين، الورعين، الذين يسجدون يومياً أمام صور سيادتنا.
° وأنا منهم، سيّدي. حتى أنني عندما كنت أصوم، لم يطب لي الإفطار إلا على صوت فضيلة الشيخ المفتي العام؛ وهوَ يسبّح بحمدكم و..
ـ وأنا، أيضاً، من شدّة ورعي فإنني أحطتُ نفسي بثلاثة من الأشهر الحرم: " رجب " طيّب أردوغان، وبثينة " شعبان "، وسعيد " رمضان " البوطي. ها ها ها
° وهل علاقتكم بالسيّد أردوغان، المتوترة، قد عادت لصفائها؟
ـ كنت أتمنى لو أنّ تعكّر علاقاتنا ليست سوى سحابة انتخابات، عابرة.
° ربما يقتنع بمسيرتنا الإصلاحية إذا تسنى له الإطلاع على دستورنا، الجديد؟
ـ الإصلاحية والحسمية. نعم. بالمناسبة، أين مشروع الدستور الجديد، الذي وضعته لجنة من الخبراء الأمنيين.. أقصد، الخبراء القانونيين ؟
° إنه داخل هذا الملف، وأصلاً كنتُ أتشرف بحضوري لمكتبكم من أجل عرضه.
ـ هم م م. دعني، الآن، ألقي نظرة خاطفة على مواده... الباب الأول.. الباب الثاني.. الباب الثالث.. ماهذا؟؟
° خير، سيّدي، هل ثمة مواد لم تنل رضاكم؟
ـ المواد رائعة، ولكنّ الأبواب كثيرة بالنسبة لهذه البناية؛ التي اسمها " دستور ".
° إنه في الصياغة الأولى، بعد. ولا تنسوا أنه منقول، حرفياً تقريباً، عن الدستور السويسري.
ـ عال. وسيصبح خرابة، عاجلاً، عندما يتمّ تطبيقه على الأرض من قبل الفرقة الرابعة والأجهزة الأمنية والشبيحة.
° أفهمُ من كلامكم، سيّدي الرئيس، بأنكم موافقون على هذا الدستور، المقترح؟
ـ بكل تأكيد. فهل سويسرا، مثلاً، تفرق عننا في حقوق الحيوان.. أقصد، حقوق الإنسان ؟؟
° معاذ الله.
ـ ولكنني أصارحك، بقلقي من تكرار كلمة " حرية " في مواد الدستور.
° لمَ، سيّدي؟
ـ أخشى أن يقرأ أحد المسؤولين هذه النسخة من الدستور، المقترح، أمام أعضاء مجلس الشعب، فيقوم الحراس بالتهجم عليه ضرباً بأخمص بنادقهم وركلاً ببصاطيرهم وهم يصرخون: " هاي مشان الحرية "..
° سنتدبّر الأمر، لكي لا تحصل هكذا مفاجآت غير سارة.
ـ عظيم. والآن، خذ هذه النسخة من الدستور، المقترح، واقرأ بصوت عال محتواها حتى نناقشها معاً، بما أننا أصبحنا دولة ديمقراطية مدنية تعددية.
° نعم، سيّدي: " دولة ذات سيادة تامة، ولا يجوز التخلي عن أي جزء من أراضيها ".
ـ ذات سيادة، تامة؛ باستثناء سيادتنا على محافظة الجولان وتخلينا عن لواء اسكندرون، من أجل مصلحة عائلتنا، الملكية.
° " السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة أو حزب ادعاؤها "..
ـ طبعاً باستثناء سيادتي وجماعتي المختارة وبس.
° " تقوم السيادة على مبدأ حكم الشعب بالشعب "..
ـ حكم الشَعْب بالشِعَب الأمنية والحزبية..
° " الحرية والعدالة جوهر بناء المجتمع السوري "..
ـ الحراميـــة والعمالـــة جوهر بناء النظام السوري.
° " تعمل الدولة على إنشاء عاصمة إدارية لها "..
ـ رائع. وستكون قريتنا، القـــرداحة، هيَ العاصمة المقبلة؛ لكي لا تخرج علينا الفضائيات، المتآمرة، بحكاية انتفاضة العاصمة دمشق ضد نظامنا المقاوم الممانع.
° " تكفل الدولة الحرية والأمن والطمأنينة والمساواة والكرامة وتكافؤ الفرص لكلّ مواطنيها "..
ـ كلّن، كلّن ؟؟
° هل لديكم، سيدي، رأي آخر؟
ـ أنا أرى أن تعدّل الصيغة، كما يلي: " تكفل الدولة أجهزة الأمن لمعظــــم مواطنيها "؛ ما رأيك، ولاه ؟
° أمركم، سيّدي. وأقترح أن نؤجل قراءة بقية المواد، حتى لا يرتفع ضغطكم أكثر.
ـ إن هذا الدستور، يا فهمان، هوَ مثل الكلمات المتقاطعة.. أي لقتـــــل الوقت.
° طبعاً، ولا ريب. ولكن ثمة مواد تقول، أن حرية الفرد مقدسة وكرامته مقدسة؛ أنه لا يجوز تحري أي فرد أو تعذيبه أو الحط من كرامته أو اقتحام منزله وتفتيشه أو..
ـ الفرد أم القرد ؟؟
° الفرد وليسَ القرد، سيّدي.
ـ آه..
° كما أنّ للسجين الحق في التظلم والرعاية الصحية واستلام المطبوعات ورؤية الفضائيات وخدمات التدفئة والتهوية ولا يجوز حبسه في زنزانة انفرادية و..
ـ وقد طبقنا ذلك، كما أذكر، منذ رمضان العام المنصرم؛ باجتياح السجون وإبادة المعتقلين في زنزاناتهم.
° أنتم تكرمونهم، سيّدي؛ لأنّ الشهداء ـ كما يقول والدكم الخالد ـ هم أكرم من في الدنيا.
ـ قناة الدنيا؟؟
° أعني.. أقصد..
ـ مفهوم، مفهوم. أكمل، ولكن باختصار شديد. لأنّ لديّ اجتماع مع قادتي في الجيش، لبحث عمليات اجتياح مدن ومناطق أخرى.
° لقد وصلنا، في قراءتنا لمواد الدستور الجديد، إلى الجيش: " فهو حامي الوطن وسيادته واستقلاله، وتنحصر مهمته في ذلك ويلتزم ثكناته ومواقع انتشاره في خارج المدن والتجمعات السكنية، إلا في حالات الحرب والطواريء "..
ـ حالة الطواريء، وا عيني، قد ألغيناها. ثم استعضنا عنها بحالة الحرب على البلد كله، باستثناء قريتنا الواحدة ذات الرسالة الخالدة.
° وحدة حرية اشتراكية.
ـ لسّه فاكر..
° إنه شعار حزبنا، القائد.
ـ القائد حتى بعد إعداد هذا الدستور، السويسري؟
° الشعار باق، وكذلك حزبنا العظيم. أما هذا الدستور، وتلك القوانين، فهي للاستهلاك الخارجي كما تعلمون.
ـ والله أنك عاقل، ولستَ حماراً.
° سيّدي، هذه شهادة أعتز بها.
ـ ولكن ماذا يقول دستورنا، المقترح، عن السلطات التشريعية والتنفيذية؟
° سننتقل إلى الباب الثاني، ومنه نعلم أنّ مجلس الشعب صار اسمه مجلس الشعب..
ـ وما الفرق بين هذا وذاك؟
° فرق كبير، سيّدي. فمجلس الشعب في نظامنا الممانع يعادل مجلس النواب الأمريكي.
ـ والله. كنت اعتقد أن المجلس ذاك، الأمريكي، بيقرب الشاعر العراقي مظفر النواب. ها ها ها
° بالمناسبة، سيّدي.. لماذا لا نعتقل هذا الشاعر؛ الذي وَصَف والدكم، قبل حوالي أربعين عاماً، بـ " ديّوس الشام " ؟
ـ الشام أم القرداحة؟؟
° كلاهما..
ـ ها؟؟
° أعني، أن القائد الخالد كان جديراً بحكم بلدنا، مثلما أنتم جديرون بحكم العالم. 
ـ على كلّ حال، اكتب لي تقريراً بهذا الشأن. أما الآن، فعجّل عليّ بالمادة الخاصة برئيس الجمهورية الملكية، الوراثية؛ لكي أضمن سلاسة وشفافية انتقال السلطة لوليّ عهدنا.. طبعاً بعد عمر طويـــــــــــل








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=11722