مصطف عبدي في حوار مع جان دوست حول مؤتمر هولير
التاريخ: الأثنين 06 شباط 2012
الموضوع: اخبار



 أنهى مؤتمر أربيل للجالية الكوردية السورية في الخارج أعماله في 29 كانون الثاني 2012 وقد حضر وفد من قيادة المجلس الوطني الكوردي في سورية أعمال المؤتمر، إضافة إلى كلمة افتتاحية للسيدمسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان وحضور رئيسا البرلمان وحكومة الاقليم، ووفود من قيادات مختلف الاحزاب الكوردستانية.
وفي ذلك أحببت أن أخوض والأستاذ جان دوست، أحد أعضاء المؤتمر حواراً حول بعض من الأفكار الإشكالية أو التفسيرية للمؤتمر.

مصطف عبدي: لنبدأ من البيان الختامي، وما أُثير حولهُ من تساؤلات، لدرجة أن البعض أعتبرهُ جاء كضربة لمساعي توحيد الصف الكردي في سورية من خلال تبنيه خطاب" المجلس الوطني الكوردي في سوريا" وبيانه، فيما كان البعض ينظر في أن يولد المؤتمر كياناً مستقلاً يكون له دور في تقارب وجهات النظر بين الكتل السياسية الكوردية الثلاث في سورية.


جان دوست:الذين اعتبروا مؤتمر هولير ضربة لمساعي توحيد الصف الكردي هم الفصيل الأكثر سعياً لاحتكار الشارع وتمزيق ما تبقى من لحمة وطنية كردية من خلال استعراضات وبهرجات دعائية من مثل ضرب المخالفين لهم والادعاء بحماية قيم الشعب التي لا يمكن حمايتها عبر التهديد والترهيب والقتل..وكذلك فتح مدارس اللغة الكردية التي لا أهمية لها إن لم تكن ضمن مشروع مؤسساتي شامل يتكئ على الدستور..
أما الذين توقعوا أن يتمخض المؤتمر عن مولود جديد..فقد ذهبوا بعيداً في تفسير معاني انعقاد المؤتمر وأهدافه..فالمؤتمر لم ينعقد ليصبح أعضاؤه منتمين إلى كيان سياسي مستقل..نعم يمكن أن يكون المؤتمر بالتوازي مع مؤتمر قامشلو..بيئة مناسبة للانخراط في العمل الجماعي الشامل بدل المفاهيم الحزبية الضيقة. المؤتمران يمكنهما تشكيل إطار واسع ربما يتطور في المستقبل القريب إلى جبهة وطنية واسعة تضم معظم التيارات السياسية من اليمين إلى اليسار..وتمثل مرجعية قومية بالإضافة إلى تمثيل الشعب الكردي في سوريا..

مصطف عبدي: الرئيس مسعود بارزاني كان قد أفتتح المؤتمر بكلمة عبر فيها عن كامل تأييده، لحقوق الشعب الكوردي في سوريا، وعن ضرورة توحيد الصف، وعن عدم رغبته في التدخل في الشأن الداخلي لأكراد سوريا!
ألا يعتبر المؤتمر، ومكانه، وحضور الرئيس مسعود شخصياً لجلسة الافتتاح، وأعضاء حكومته تدخلاً، علماً أننا قرأنا مواقف تقول إنرعاية بارزاني للمؤتمر هو تدخل في ذلك الشأن، وخاصة أن وفد المجلس الوطني الكردي أيضاً كان قبل فترة في الإقليم.

جان دوست: ما تفضل به السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق من دعم المؤتمر وتوفير مناخ ملائم لانعقاده في عاصمة القرار الكردي هولير..لا يعبر عن التدخل المباشر في الشأن الكردي السوري..ولو اعتبرناه تدخلاً من باب المجاز فهو تدخل إيجابي ومطلوب لما يشكله بارزاني من وزن إقليمي ودولي..لقد كانت كلمة بارزاني كلمة هامة وضعت النقاط على الحروف حيث صرح بدون مواربة أن شرط مساعدة الإقليم لكرد سوريا هو توحدهم..وهذا لعمري قمة الوطنية..فهو لم يقل سأدعم الفصيل الفلاني دون غيره..بل حذر من التشرذم ودعا إلى الوحدة في هذا الظرف الحساس.
من يدعي أن انعقاد المؤتمر في هولير وحضور رئيس الإقليم بشخصه جلسة الافتتاح وإلقائه كلمة..تدخلاً..ينبغي عليه أن يفسر لنا قيام فصيل كردي لا علاقة له بسوريا بتجنيد شباب وبنات كرد سوريا في حرب بعيدة مديدة على جبال كردستان تركيا والعراق وربما إيران أيضاً.

مصطف عبدي: بشأن اللجنة التحضيرية، علمنا أن كثيراً من الأمور تغيرت بعد لقائهم بوفد المجلس الوطني الكردي، الذي زار الإقليم، وطالت التغييرات حتى تأجيل الموعد!!
أيضاً أثير حولها الكثير من الإلتباس وخاصة من ناحية الإملاءات من مكتب الإقليم، ومن وجود شخصيات حزبية فيها، وخاصة أنه تم اختيار المستقلين من قبلهم.
هذا عدا عن آلية اختيار الأعضاء ودعوتهم.
و تغييب المنظمات الحقوقية الكردية.
ألا تجد أنه كانت هنالك أخطاء في جملة ذلك، بحيث لعبت الحزبية، والأجندات دورا في الاختيار، أم أن الأمور سارت بصورة أفضل؟

جان دوست: اللجنة التحضيرية ليس ملائكة نزلت من السماء..وأوافقك الرأي فقد كانت هناك أخطاء كثيرة..وحضر كثيرون إلى المؤتمر من باب المحابات والحزبية المحضة. كما أنه تم استبعاد شخصيات وطنية لها وزنها وقيمتها.كل ذلك بسبب الأفق الضيق لبعض أعضاء اللجنة التحضيرية. رأيت في المؤتمر أشخاصاً لا هم لهم سوى مواعيد الطعام بينما بقيت شخصيات كثيرة في بيوتها دون أن يلتفت إليهم أحد..ناهيك عن أن الإقصاء فعل فعله!! وأنا أتفهم المقالات التي تناولت الموضوع وأتضامن مع كثير من الكتاب. لكنني أرى أن هناك مبالغة أيضاً فلا يعقل أن تتم دعوة الآلاف إلى مؤتمر كهذا.. ولو تمت دعوة كل شخص يرى في نفسه أهلية حضور المؤتمر لرأينا أكثر من عشرة آلاف مدعو! أريد هنا أن أنوه إلى أن حكومة الإقليم ليست مسؤولة عن كل الأخطاء ولا عن كل الاستبعادات..وسأضرب لك مثلاً. فقد سمعت في المؤتمر أن حزباً كردياً استمات لأجل منعي من الحضور..لكن حزباً آخر وقف سداً في وجه ذلك..والسبب!! لقد قمت بكتابة مقالات تناولت فيها الشاعر الراحل جكرخوين بالنقد!!

مصطف عبدي: لعلك تابعت التقرير الذي أعدّهُ مراسل قناة “الجزيرة” الفضائيّة في أربيل حول المؤتمر، والذي اشار فيه إلى أنّ الكُرد يحيكون المؤامرة على المعارضة السوريّة من خلال التساؤل الذي طرحه هذا المراسل والذي اوحى فيه عن رغبة انفصالية للكورد في سوريا من خلال مؤتمرهم هذا؟
وأنت هل تجد أن المؤتمر جاء لتوسيع الشرخ (الكوردعربي) وبالتالي لإضعاف الموقف العام للمعارضة السورية؟
أم أنه جاء متمماً لها، وداعما فعالاً، من خلال تبنيه لأهداف الثورة؟
أم أن المؤتمر جاء لأجل التأكيد على الحقوق الدستورية، وحق المصير للشعب الكوردي في سورية؟

جان دوست: سؤال مراسل الجزيرة كان ملغوماً.للأسف أعضاء المؤتمر الصحفي لم يكونوا مهيئين جيداً للرد بشكل مناسب. أنا لا أرى في مؤتمر هولير أي خطر على المعارضة السورية. لو كانت هذه المعارضة ديمقراطية حقاً فعليها ألا تخاف من أي تحرك كردي..
المعارضة السورية ضعيفة بدون مشاركة كردية حقيقية..المعارضة السورية إلى الآن تتكلم بلسان بعثي..وعليها أن تتخلص من الكردوفوبيا أو رُهاب الكرد..نحن لسنا بعبعاً قومياً..هذا من نتاج ثقافة البعث وقد ترسخ في أذهان القوميين العرب  حتى وصل إلى أدمغة المعارضين واستقر فيها كحقيقة مطلقة..لا يمكن بناء سوريا ديمقراطية من دون حل القضية الكردية. الموضوع الكردي يختلف كلياً عن موضوع المواطنة وحزمة الحقوق العامة التي يجب أن يحصل عليها كل مواطن سوري في الدولة المدنية القادمة..هناك الحزام العربي والمستوطنات التي اغتصبت أراضيها من الملاكين الكرد ووزعت على المغمورين العرب بدون وجه حق. هناك التعريب البغيض الذي مارسه البعث على مدى عقود خمسة وطال الحجر والشجر. هناك الكثير من الحقوق القومية التي يجب الإصرار على تحقيقها حتى لو اضطر الكرد إلى أن يصبحوا معارضة المستقبل..لا يمكن لنا القبول بعد اليوم بالكلام المعسول والتطمينات الشفوية ولاضحك على الذقون..والمؤتمر هذا شكل رسالة واضحة للمعارضة السورية بشقها العربي بشكل خاص. مفاد هذه الرسالة أن الكرد في سوريا رقم صعب لا يمكن تجاوزه عبر ممارسة سياسة التسويف والتناسي..

مصطف عبدي: قرأت من صفحتك الشخصية على الفيس بوك هذا الاقتباس"" مؤتمر هولير..نجح على الأقل في الانعقاد"
وأنا قرأت فيه كثيراً من التشاؤم الذي لم أفهم كنهه، ووقفت حائراً في التفسير!
فقد كان المنتظر من المؤتمر أن يشكل حالة متقدمة، متوافقة مع طبيعة الحراك الثورية، والقضية السورية والكوردية، وأن يستجيب لمتطلبات ومهام المرحلة الصعبة والدقيقة التي يمر فيها الشعب السوري بكافة مكوناته ومكنوناته السياسية وحراكه الثائر، وخاصة أن البعض اتهم: أنه مؤتمر محاضرات وندوات، وأن بيانه الختامي كان فارغ المضمون، غير منسجم مع المرحلة، ولم يؤيد صراحة ثورة الشعب السوري.
هل فشل المؤتمر في بيانه، ومواقفه، ومناقشاته، ليكون ناجحاً فقط في الانعقاد، أم أنه كان بمستوى الأمل؟

جان دوست: لا لا أبداً..المؤتمر كان ناجحاً..ربما كانت عبارتي ملتبسة قليلاً..أنا قلت كما تفضلت: المؤتمر نجح على الأقل في الانعقاد..أي لو وضعنا كل النجاحات الأخرى جانباً فيكفي أن المؤتمر انعقد أخيراً..لقد كنت أحد أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر أزمعنا على عقده هنا في أوربا منذ شهور عديدة..كان معي الفنان عنايتديكو..والشاعر إبراهيم اليوسف وبعض الشباب الآخرين بالإضافة إلى رجال أعمال كرد أبدوا استعدادهم لتمويل النشاطات ونفقات الإقامة والسفر وكل شيء...فشلنا ولا حاجة لذكر الأسباب..كذلك حاولنا أن نعقد مؤتمراً في هولندا..فشلناأيضاً..ولقد كنت من أول الداعين إلى عقد مؤتمر كردي طارئ..بعد اندلاع الثورة وهذا الرابط لمقال لي نشر في أوائل تموز..
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9207
أما بالنسبة للشق الثاني والأهم في سؤالك فأقول أن المؤتمر فعلا ركز على الندوات والمحاضرات..وكان ذلك مملاً نوعاً ما..كنا بحاجة إلى مناقشات..وندواتمفتوحة..وقد أبدينا استياءنا لهذا الشكل المتخلف. بالنسبة للبيان فقد خلا من القرارات..لأن القائمين على المؤتمر أوضحوا منذ البداية أنه مؤتمر توصيات لا قرارات..لذلك جاء البيان كما قٌلتَ فارغاً من المضمون إذا كنت تقصد بالمضمون القرارات التي تعقب أي مؤتمر هام كمؤتمر هولير.المؤتمر نجح في الانعقاد..ونجح في إرسال رسالة واضحة وقوية إلى دول الطوق (إيران تركيا والعراق وسوريا) مفادها أن مقولة لا أصدقاء سوى الجبال أصبحت من الماضي وأن أصدقاء الكرد هم الكرد أنفسهم إذا عزَّ الأصدقاء. كما أن المؤتمر بعث برسالة قوية إلى المعارضة السورية مفادها أن الشعب الكردي في سوريا لم يعد مكشوفاً ودون سند. وحبذا ثم حبذا لو فكر قياديو حزب العمال الكردستاني ولو لمرة واحدة في هذا الظرف الحساس بمنطق وطني بعيداً عن التشنجات التي تضر ولا تنفع..حبذا لو أسهم حزب العمال الكردستاني عبر فرعه المحلي في سوريا في دعم المؤتمر لا وضع العصي في دواليبه..

مصطفى عبدي: بشأن الحوار الكوردي – الكوردي، ومدى الانفصال، بل والقطيعة الحاصلة بينهم، برأيك هل سيكون هنالك متابعات في ذلك، وخاصة أننا نتابع تفاقم الصراع، واتساعه بينهم في تكتلات حزبية، وأجندات متفرقة.

جان دوست: على الكرد وخاصة الأحزاب الكردية ألا تقف عند هذا الحد..هذه هي البداية فقط..عليهم تكثيف الجهود والعمل في إطارعام لمواجهة أي تطور تشهده الساحة السورية. النظام سقط..ولا مجال أبداً للتراخي والتحزب والتكتل. التجارب التاريخية المريرة على طول التاريخ الكردي أثبتت أن الشقاق والفرقة هو السبب الرئيس في ضياع الفرص أو تضييعها.

مصطف عبدي: كيف تنظر إلى مستقبل سورية، والقضية الكوردية فيها، وما هو تصورك لمستقبل القضية الكوردية فيها، في ظل احتدام الخلاف الداخلي الذي يضعف موقفهم؟

جان دوست: مستقبل سوريا بعد سقوط النظام مشرق..لكنه سيمر عبر بوابة من الدم والنار مع الأسف.. النظام زرع خلال خمسين عاماً من حكم الحزب الواحد قنابل موقوتة في سورية..قنابل مذهبية، قومية وطائفية ستنفجر حتما عشية سقوط النظام..ولذلك أكرر: على الكرد الاتفاق على الخطوط العريضة للعمل المشترك في إطار جبهة واسعة تمثل الشعب الكردي بكل أطيافه وأحزابه.


جان دوست كاتب وروائي ولد في مدينة عين العرب (كوباني) شمال سوريا في 12 آذار من عام 1965 ، أصدر العديد من كتب البحث والترجمة والدواوين الشعرية والروايات، حيث نال عام 1993 الجائزة الأولى في القصة القصيرة الكردية في سورية عن قصته حلم محترق ( Xewnasewitî ) التي تحولت إلى مسرحية عرضت في بعض المناطق في تركيا. كما تحولت قصته حفنة تراب (Mistek Ax) وهي مكتوبة باللغة الكردية وتتحدث عن مشكلة الاغتراب الجغرافي، إلى فيلم سينمائي قصير.
يحمل الجنسية الألمانية , ويعيش في ألمانيا منذ العام 2000






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=11595