وزير الاتصالات .. خدماتنا سيئة وهذا هو الواقع..
التاريخ: الخميس 23 اذار 2006
الموضوع: اخبار


أولوياتنا توفير خدمة الانترنت للأرياف و ندرس تخفيض رسم الهاتف الخليوي وتخفيض أجور تركيب الهاتف الثابت


ما الذي يدفع وزيراً مثل الدكتور نذير عمرو سالم وزير الاتصالات للاعتراف علناً أمام الصحفيين أن «خدماتنا في مجال الاتصالات والمعلومات سيئة وان هذا هو الواقع».
أنا لا أنظر الى كلام السيد الوزير على أنه مكاشفة وصراحة، فسوء الخدمات أمر نعرفه جميعاً ونشكو منه جميعاً، لكنني أقرأ في كلام السيد الوزير تعهداً بالعمل على الاصلاح وتحسين مستوى الخدمات. ‏


هذا من جهة ومن جهة أخرى أقرأ في كلام السيد الوزير رغبة في دفع الصحفيين لمساعدته على تحقيق ذلك أو اعتقد ان هذه بداية طيبة لوزير يجمع بين صفات ومزايا رجل العلم حيث تلحظ في حديثه مدى الدقة في طرح المعلومات والمنهج العلمي في عرضها وتحليلها ومعالجتها، وبين رجل الادارة الذي يجمع بين التواضع والتفاؤل والحزم معاً.  
وفي اللقاءات الثلاثة التي جمعتني مع السيد الوزير وآخرها كان مع مجموعة من الزملاء الصحفيين كان واضحاً تماماً تأكيده على أهمية بناء شراكة حقيقية مع الصحفيين، شراكة تمكن الصحفي من الاطلاع على كل المعلومات التي يحتاجها، وتجعل من الوزارة وموظفيها اناساً أكثر تقبلاً للنقد، لابل ان السيد الوزير لايرى أن هناك مايمنع من انتقاده شخصياً عندما يكون النقد في مكانه ولايرى في الاختلاف في الرأي مفسدة للود، لكنه يريد بالمقابل أن يسمع وجهة نظر الصحفي وتحليله واقتراحه لحل المشكلة ورأيه في الموضوع الذي يعالجه. ‏
أردت من هذه المقدمة ان أوضح بعض الأمور قبل أن نعرض هنا لموضوعات شتى، كانت مجالاً للحوار بين السيد الوزير وعدد من الصحفيين في مكتبه يوم السبت الماضي، وهي موضوعات مهمة وتمس حياة الناس. ‏  
الواقع والطموح ‏
حديث السيد الوزير عن سوء الخدمات أتى في سياق الحديث عن رؤيتنا للمستقبل، فقد اشار الى أن الوضع الآن مقارنة بالفترة السابقة منذ ثلاثين أو أربعين سنة أفضل بالتأكيد، فقد تحسنت الخدمات مقارنة بالمرحلة السابقة لكن اذا نظرنا الى ماتحقق في العالم نجد ان علينا انجاز الكثير، وهذا يعني أننا لسنا راضين عن سرعة التطور في الاتصالات، لأن امامنا الكثير لنفعله. ‏
الجهل بالتفاصيل ‏
وقد تكون هناك اسباب مبررة أو غير مبررة، لكن المواطن لايعرفها ولاتهمه، وهذا حقه، فحقه الطبيعي ان تكون الخدمات جيدة جداً، لكن عندما نسأل أنفسنا عن أسباب تردي الخدمات، سيكون لدينا الكثير من الأمور التي يجب بحثها، وفي المحصلة لاسباب معروفة لكن المواطن لايعرف التفاصيل الفنية، وقد لايكون مجدياً الخوض فيها. ‏  
مزودي خدمة الانترنت ‏
في حديثه للصحفيين أشار السيد الوزير الى وجود اختناقات في البنية التحتية خاصة في مجال الانترنت وأوضح ان اعطاء تراخيص لمزودي الخدمة سيصطدم بهذه العقبة، ومن حيث المانع نحن يجب ان نسمح بوجود هؤلاء لكننا يجب ان نصارحهم أن عليهم أن يتوقعوا أن يواجهوا عقبات فنية ناجمة عن هذه الاختناقات قد لاتجعل خدماتهم في احسن حالاتها، وقد تجعلهم في مواجهة مع زبائنهم. ‏
ويوضح السيد الوزير ان لاتمييز بين اي شركة وأخرى فنحن نضع شروطاً معينة وعندما تنطبق هذه الشروط على أي شركة تأخذ الترخيص وتوقيع الوزير هنا اتوماتيكي بمعنى ان السيد الوزير سيوقع فوراً عندما تتوفر الشروط، ولايوجد روتين أو موافقة مسبقة على مزودي الخدمة. ‏  
مشكلة التخطيط ‏
اذا كانت الاختناقات موجودة في البنية التحتية فماهو سببها؟ ‏
السبب كما يرى السيد الوزير ليس في التخطيط فالخطط سليمة، لكن نحن نضع الخطة لننفذها في سنة أو سنتين أو ثلاث، لكن عندنا قد ننفذها بعد خمس أو ست سنوات، المشكلة تحديداً في عدم تنفيذ الخطط في مواعيدها وبالتالي لاتلبي المشروعات التي يتم تنفيذها متأخرة الاحتياجات لانها درست لتلبي الحاجة في سنة معينة ووضعنا اشبه بوضع سائق يتزود بالوقود لمسافة محددة على أمل ان يجد محطة وقود بعد هذه المسافة وعندما يصل الى المحطة لايجد فيها وقوداً يكفي لمتابعة السير. ‏  
إدارة المشاريع ‏
ويستطرد السيد الوزير في حديثه فيشير الى أن أي مشروع يحتاج الى عدة عقود مثلاً المقاسم تحتاج الى المقاسم والكابلات والعلب.. و الخ. ‏
وأي تأخير في تأمين مستلزمات المشروع في أي عقد سيؤدي الى تأخير التنفيذ وعلى سبيل المثال نحن نتعاقد على استيراد الكوابل الرئيسية من الخارج وقد استوردنا عدداً منها وواجهتنا مشكلات والكابلات المستوردة من تركيا خير مثال لكن الكوابل الفرعية محصور استيرادها وشراؤها بالقطاع العام وواجهتنا مشكلات مع شركات الكابلات الآن نحن سنتجه الى الطلب من اللجنة الاقتصادية الغاء الحصر. ‏
وبالمناسبة لدينا نقص في الخبرات في مجال ادارة المشاريع ونحتاج الى كفاءات وخبرات في هذا المجال. ‏
علينا أن نكون قادرين على أن نعرف سلفاً اذا تأخر توريد هذه المادة أو تلك ماهي الانعكاسات على المراحل الأخرى.. وعلى سير التنفيذ. ‏
الاولويات ‏
ان الهدف الرئيسي لنا هو أن تتوفر خدمات الاتصالات والانترنت لكل الناس، وهذه الوفرة هي التي تحل المشكلة، يجب على المواطن ان يكون قادراً على الاشتراك في الهاتف مباشرة والحصول عليه فوراً. ‏
لكن هناك أولويات: ‏
أولاً: تأمين الاتصالات للريف وهذه ستكون أولوية في المرحلة القادمة. ‏
ثانياً: نشر الانترنت وتخفيض كلفتها وهذه ستكون ايضاً اولوية من أولوياتنا. ‏
تأمين الاتصالات للريف ‏
ووصول الخدمات للريف وللأحياء المحيطة بالمدن، يحتاج الى مشروعات جديدة والى تمويل، فمن أين نأتي به؟ ‏
السيد الوزير يؤكد أننا لن نعدم الوسيلة، وهناك خيارات كثيرة لكننا على الارجح لن نلجأ الى القروض كما فعلنا في السابق، هناك عدة صيغ يتم تدارسها، قد يكون من بينها مساهمة القطاع الخاص، لكن في الاحوال كلها تأمين الخدمات الهاتفية وخدمات الانترنت للريف سيكون له أولوية. ‏
الشراكة مع القطاع الخاص ‏
هل يمكن الاستفادة من القطاع الخاص في هذا المجال؟ ‏
الجواب نعم، يمكن على سبيل المثال أن نطلب من القطاع الخاص ان يؤمن المقاسم أو يشارك في تحمل التكاليف مقابل حصة من الأرباح أو على طريقة الـ B.O.T في الأحوال كلها يمكن الاستفادة من امكانات القطاع الخاص، لكن سيقبل القطاع الخاص المشاركة المحدودة. ‏
وجهة نظر ‏
في حديثنا مع السيد الوزير اكد رفضه في المرحلة الحالية لمبدأ الخصخصة مشيراً الى أن الخصخصة هي أحد الطرق وهي خيار يمكن ان نلجأ إليه أو الى خيارات أخرى لنحقق الأهداف التي نريدها.. ‏
لكن كيف يمكن لنا ان نتخلص من العقلية والذهنية التي تحكم العاملين في مؤسسة الاتصالات الحالية. ‏
الحل ليس عبر الخصخصة لاسباب اجتماعية، لكن لماذا لاتسمح الدولة بوجود مؤسسة أخرى خاصة يمكن ان تشكل منافساً حقيقياً لمؤسسة الاتصالات وتكون رديفاً لمؤسسة الاتصالات الحالية دون ان يكون وجودها على حساب المؤسسة الحالية، وبالتأكيد كان البلد بحاجة لقيام مشاريع جديدة وإن دفع القطاع الخاص للمساهمة والى تحمل مسؤولياته وحمل جزء من المسؤولية في توفير الخدمات أمر يجب ان تتم دراسته. ‏
أسعار الخدمات ‏
السيد الوزير وعد بدراسة تخفيض كلفة الاتصالات ورأى أن دفع رسم 5000 ل.س لتركيب هاتف أمر لامبرر له وأن الوزارة ستدرس أمر الغاء هذا الرسم أو خيارات أخرى مثل تخفيضه ودفعه على فترات طويلة على أن يحمل كمبلغ صغير على الفاتورة وذلك خدمة للشرائح الفقيرة، وذكر السيد الوزير بأن هناك أناساً لايشتركون بالهاتف لأنهم لايملكون هذا المبلغ. ‏
وأضاف: نحن ندرس أيضاً اسعار المكالمات الخارجية وهي حالياً مرتفعة وندرس امكانية فتح ملفات الصوت في الانترنت عبر خيارات عدة تدرس حالياً مشيراً الى ضرورة ان تسمح الدولة للشباب أن يتحدثوا مع بعضهم. ‏  
أسعار الخليوي ‏
تخفيض الاشتراك في الهواتف الخليوية أمر يدرس الآن، وهناك أيضاً خيارات، ‏
وأحد هذه الخيارات أن تكون أسعار المكالمات في الأرياف مخفضة وذلك أمر ممكن فنياً عن طريق الخلايا.
وأشار السيد الوزير الى أن موضوع الرسم يدرس حالياً وأنه ليس من المعقول ان تعامل زبوناً تصل فاتورته الى عشرين ألف ليرة مثل زبون يدفع (1000)ل.س واشار الى ان هذه الشريحة سيتم ايجاد حلول لمشكلتها. ‏
شركات الخليوي والفوترة ‏
الأمر الآخر الذي وعد السيد الوزير بمتابعته وايجاد حل له يتعلق بشركات الخليوي حيث تلجأ هذه الشركات الى اعتماد مبدأ معدل الفاتورة بغض النظر عن عدد المكالمات التي يجريها المشترك وهذا يفسر كيف ان الفاتورة تبقى على حالها حتى ولو سافر المشترك اسبوعين خارج البلد ولم يستخدم الهاتف. ‏
وقد اشار السيد الوزير الى انه طلب من احدى الشركات ان تزيد عدد الابراج وأن تؤمن الخدمة بالشكل المطلوب على الأقل بالموازاة مع الشركة الأخرى.. ‏
صندوق تنمية الاتصالات ‏
الواجب الاجتماعي لشركات الاتصالات كان إحدى النقاط التي جرى الحوار حولها مع السيد الوزير الذي اشار الى ان من واجب الشركات عدا دفع الضرائب ودفع مايترتب عليها من حصة للدولة ان تساهم في تقديم أموال تغطي الجوانب والانشطة الاجتماعية. ‏
وضرب مثالاً: بيل غيتس تبرع بما يقارب نصف ثروته للأنشطة الاجتماعية وليس صحيحاً انه تبرع بها هروباً من الضرائب. ‏
ويطمح السيد الوزير الى أن تقدم الشركات مساهمات عينية بشكل مناسب. وطرح فكرة انشاء صندوق لتنمية الاتصالات يمكن ان يقوم بمهام كثيرة مثل تمويل الدراسات وتأمين حوافز للعاملين ورأى ان مثل هذه الخطوة ضرورية وضرب مثالاً كيف أن احد المغتربين كان سعيداً لمجرد الطلب منه تقديم الرأي والدراسة دون ان تتحمل المؤسسة أو الوزارة أي تكاليف حتى ولا بطاقة الطائرة أو تكاليف الاقامة وقال ان هناك جهات عدة يمكن ان تساهم في تمويل الصندوق وان هناك سوريين كثيرين يمكن ان نستفيد من خبرتهم. ‏
مكالمات الصحفيين ‏
لم ير السيد الوزير مانعاً من تخفيض اجور المكالمات الخليوية للزملاء الصحفيين ولبعض الشرائح التي تتطلب طبيعة عملها مثل هذا التخفيض ووعد بدراسة أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الخدمات الخاصة بهم. ‏
وضوح الرؤيا ‏
رغم ادراك الجميع أهمية الاتصالات والمعلومات في حياتنا اليومية ورغم معرفة الجميع بأن اقتصاداً متطوراً لايقوم دون توفر بنية تحتية مناسبة في مجال الاتصالات ونقل المعلومات فإن حجم المشروعات التي نفذت والتي ستنفذ لايزال في الحدود الدنيا. ‏
يتحدثون اليوم عن الاقتصاد الحديث باعمدته الثلاثة المعلوماتية وتجاوز الحدود والمنافسة لكنهم لايدركون أن عدم السير في هذا الاتجاه سيجعلنا أكثر تخلفاً عن الركب وأقل قدرة على معالجة المشكلات التي ستنشأ في المستقبل. ‏
ليس مبرراً بعد اليوم ان تضطر للذهاب الى مركز الهاتف والماء والكهرباء أو أي ادارة لتدفع فاتورة وأن تضيع وقتك وجهدك وأعصابك وأن تتحمل اعباء الانتقال ومعاناته. ‏
وليس مبرراً ان لاتجد خدمات الانترنت متوفرة بسعر مناسب وفي أي مدينة أو قرية أو تجمع سكاني. ‏
وليس مبرراً بعد اليوم ان نجد أنفسنا مختلفين عن العالم، وبعيدين عنه دون سبب. كل ماقيل لنا ومايقال يمكن ان يكون صحيحاً، لكن دعونا نبدأ من الآن في تسريع حركتنا حتى نحقق مانطمح اليه. وقد سررنا امس بصراحة السيد الوزير وحديثه الواضح عن الأولويات، لكن سعادتنا لن تكتمل مالم نر كل ماسمعناه حقائق على الأرض. ‏
نحن متفقون مع السيد الوزير في التوجهات وفي الاستراتيجيات لكننا بالتأكيد لانحمل القدر نفسه من التفاؤل الذي يحمله ويعبر عنه، فالتحديات ليست سهلة على الاطلاق، ولن تكون.
‏  
تشرين






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=111