للعـقلاء فقط ... ؟!
التاريخ: الأثنين 14 تشرين الثاني 2011
الموضوع: اخبار



داريوس داري
 
يرى بعض العقلاء أن الأعلام الرسمي وتلك الأقلام التي تسترزق من خزينة السلطان في منطقة الشرق الأوسط تسفر في تصوير أبعاد المؤامرة الاستعمارية بشكل  بات يساهم في خلق نوع من الإحباط المعنوي لدى الكثيرين من الناس.
فكلما حدثت أزمة هنا وهناك سارعت هذه الأبواق الصفراء ووجهت أصابع الاتهام نحو المخطط الاستعماري  التآمري .


وإذا كانت نظرية المؤامرة قد أصبحت بضاعة كاسدة وفاحت رائحة عفونتها وأصبحت وسيلة مفضوحة بيد الأنظمة الشمولية لتبرير احتكارها للسلطة وممارسة القمع ومن جهة أخرى لتغطي فشلها وعجزها عن تحقيق شعاراتها الطنانة وبدل أن تعترف بهذا الفشل فأنها تلقي اللوم على الاستعمار حتى بات البعض يعتقد بناءا على المبالغة الإعلامية في تصوير البعبع الاستعماري .
يعتقد أن القوى الاستعمارية قوة طاغية لا سبيل إلى قهرها أو حتى مواجهتها واتقاء شرها قوة خفية تتدخل في أدق مسارات حياتنا أفراد وشعوب وحكومات.
فالتخلف الإ قتصادي. والهزائم العسكرية .. والإخفاق السياسي .. والحروب الإقليمية والصراعات المحلية .. كلها مصائب تحركها أصابع الشبح الاستعماري.
الفقر والجهل والتخلف والجلطة الدماغية فيروسات ينشرها المستعمر .
وكذلك القحط .. انحباس المطر .. والأخذ بالثأر .. وختان النساء .. والفساد ..
مؤامرات استعمارية .. والخلافات الزوجية .. والدعارة .. والفياغرا ..دسائس استعمارية  ..
ومع أن غالبية الرأي العام لا تصدق هذه الأراجيف إلا أن هناك قلة بآت تؤمن بالشبح الاستعماري الذي يقف حائلا أمام أي جهد هادف بغية حلحلة الأوضاع الاستعمار يمنع عنا الهواء .
انه المستحيل الذي لايمكن التعامل معه أو معالجته .
إزاء هذا ليس أمامنا غير الاستسلام والتراجع والسكوت. وقبول معطيات واقعنا المرير طالما هذه مشيئة جبار قاهر اسمه السيد الاستعمار .
فهل ثمة من يتقبل مثل هذه الخزعبلات وأين هي الحقيقة في كل هذا هل صحيح أن موت دجاجة في قريتي النائية هي مؤامرة استعمارية ؟
هل كل أمراضنا العضوية والنفسية وا ل... ؟! تأتينا موجهة من وراء البحار البعيدة
هل الاستعمار هو الذي جعل نسبة الأمية في أريافنا تزيد عن 60% يرى العقلاء إننا نظلم الاستعمار أو نعطيه أكثر من حقه . فالاستعمار عد و لنا وكل جرائمه بحقنا مبررة باعتباره عدو يريد تحطيمنا فهل يحق لنا أن نعاتب العدو وإذا وضعنا كل مصائبنا في رقبته فاننا نمدحه أكثر مما نذمه ونكشف ضعفنا أمامه .
 ويرى العقلاء أيضا أن الاستعمار استعمارين الأول ظاهر والثاني متخفي وهو الأخطر وهذا الثاني موجود في ذواتنا ومتأصل في جذورنا يصنع كل مصائبنا وعيوبنا ويكرس فينا الجهل والتواكل والهزائم والتقاعس والسلب والنهب الدكتاتورية ... لتكون الأمة والوطن تحت خدمة الفرد الواحد الأوحد .
هذا لأننا عاجزون عن المبادرة عن العمل عن المحاولة ونفتقر إلى الجرأة في تعريف المسؤول والمسؤولية وتحديد الحقوق والواجبات. فالسلطان لدينا سلطة مقدسة لها الحقوق ومعفية من كل الواجبات.
 فقط علينا الطاعة فالسلطان حسب نظرية الحق الإلهي معصوم من الخطأ ومن ينتقده يكفر وهذا هو الشبح الاستعماري الفعلي الذي يخطط لكل الكوارث التي تسقط فوق رؤوسنا.
لقد فرض السلطان جبروته علينا وضمن لأحفاد أحفاده أن يفرضوا جبروتهم على أحفاد أحفادنا وهذا أيضا استعمار أكثر من جديد .
فمن يجرأ عن الحديث حول تنمية فاشلة أو قصور سياسي أو ضعف عسكري من يستطيع تحديد المسؤول الحقيقي ... من يقدم رأسه إلى المقصلة .. إذا لابأس أن نتهم الاستعمار على الأقل إنه يملك رحابة الصدر فلا يردي برؤوسنا فلا بأس أن نعلق كل خيباتنا على شماعة الاستعمار .
ولكن لماذا لا نقول أن الاستعمار أيضا دول وشعوب وحكومات تبحث عن مصالحها تعمل على تحقيق أهدافها الخاصة بها مثلما نبحث نحن عن مصالحنا و أهدافنا وان جدلية العلاقات الدولية تفرض التناقض بين مصالح الدول وهذا يقود إلى الصراع الحضاري وكل حضارة تبحث عن التفوق كي تحقق أهدافها فنحن حضارة شرقية إسلامية لنا توجهاتنا الخاصة بنا نقع في تناقض مع الحضارة الغربية المسيحية // استعمار // نحن نبحث عن مصالحنا ونفشل وهم يبحثون عن مصالحهم وينجحون .. هناك صراع حضاري على مستوى العالم أنها مباراة بين الأمم فلماذا نلوم اللاعب الذي يحسن المناورة والمراوغة ويسجل الأهداف هل معقول أن نطالب الخصم بالتهاون والتقاعس والسماح لنا بالفوز عليه ... لماذا نعتقد أن هذه المهارة والقدرة هي مؤامرة علينا.
من الطبيعي أن يسعى الاستعمار لتحقيق أهدافه وليس أهدافنا ولكن ما هو ليس طبيعيا اننا لا نسعى نحو مصالحنا إلا كشعارات نعمل بعكسها على أرض الواقع الاستعمار لا يتآمر علينا وحدنا بل على الصين أيضا ولكن الصين لا تصرخ وتولول من هذا التآمر بل تعمل بكل ثقة وقوة أن تكون ندا للمستعمر فتكون محصنة من مؤامراته فالحاكم الصيني رغم نزعته الدكتاتورية يعمل للصين أكثر مما يعمل لنفسه ويصارع الخصم بنفس أساليبه بمزيد من الإخلاص ومزيد من الاحترام للقانون ومزيد من الغيرية .
هل يحق لنا أن نحمل الاستعمار خلافاتنا وتمزقاتنا وصراعاتنا وإذا كان الاستعمار يخطط لهذا.. فما الشيء الذي يجبرنا على تنفيذ مخططاته .. إن ضحايا الحروب الأهلية والإقليمية لدينا يفوق ضحايا التآمر الاستعماري وكذلك ضحايا القمع والاستبداد أكثر من ضحايا الاعتداء الاستعماري .
هل الاستعمار يدفع بعشرات الألوف إلى الهجرة  .
هل الاستعمار يلقي بالمئات في السجون هل الاستعمار جعل مصير عشرات الأبرياء مجهولا .
فمتى تنتهي هذه الخرافة التي لا يصدقها حتى الذين كلفوا رسميا بترويجها ، متى تتكسر هذه الشماعة الصدئة ..
لقد انتهى الاستعمار واختفت مهمته وظهرت وسائل متطورة للصراع الحضاري ولم تعد هناك حاجة النا للأشباح والعفاريت سوى لدى جنود السلطان للتحكم في رقاب العباد
إن الحضارة الإسلامية كمصطلح حضاري وليس ديني تمتلك في ذاتها عوامل التقدم والرقي وتساعد على النهضة والتنمية الشاملة بشعوب المنطقة لتكون قادرة على مجابهة تحديات هي وليدة تطور المجتمع البشري اكثر مما هي مخطط استعماري موجه .
فمتى تصحح العلاقة لدينا بين الحاكم والمحكوم ... متى ينال المواطن حق توجيه النقد للسلطان والإطاحة به إذا ظهر لديه اعوجاج .
الشر الذي يصيبنا يأتي منا أولا وهذا الشر يسمح للآخرين بالتآمر علينا لوجود الفرق بين القابل والفاعل فالاستعمار ما كان بمقدوره التآمر علينا مالم نحن نقبل هذه المؤامرة. ومتى ما تم التخلص من العقد والخرافة التي تعشعش في ذواتنا ... نكون قد تحررنا من عقدة الاستعمار أيضا .؟









أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=10724