دماء الشعب السوري في البازار الاقليمي والدولي
التاريخ: الجمعة 16 ايلول 2011
الموضوع: اخبار



المحامي مصطفى ابراهيم

فيما دخلت الثورة السورية او انتفاضة الشعب السوري (سميها ماشئت) شهرها السابع واعداد القتلى والجرحى والمعتقلين وشلال الدم في تصاعد وازدياد دون ان يلوح في الافق والمدى المنظور اية بوادرعلى نهاية هذه التراجيديا فالنظام ومنذ اليوم الاول قد اتخذ قراره باعتماد الحل الامني والخيار العسكري وسيلة ومسارا لمعالجة الازمة مهما كانت النتائج والاثار على الشعب والوطن غير مبال برسائل الحلفاء ونصائح الاصدقاء وعدم استعداده بالتراجع والتنازل عن خياراته وقبوله ولو بالحد الادنى لمطالب الشعب السوري


 واما القرارات والمراسيم التي يصدرها بين الحين والاخر والوعود التي يتعهد بها لهذه الجهة او تلك ما هي الا مسكنات الهدف منها كسب المزيد من الوقت والمراهنة على ما قد يستجد من احداث وتطورات على الصعيدين الاقليمي والدولي تغطي على الحدث السوري ويسقطه من اولويات واهتمامات الاسرة الدولية ويبقى النظام سيد الموقف والفريق الوحيد في المباراة يسجل ما تسنى له من اهداف في مرمى الشعب السوري الاعزل . والمجتمع الدولي عاجز رغم مرور ستة اشهر على الانتفاضة من كبح جماح النظام والحد من ايغاله في قتل المزيد من المتظاهرين واعتقالهم وتصفيتهم جسديا بوسائل التعذيب الوحشية التي تندى لها جبين الانسانية .

فمجلس الامن المسؤول عن الامن والسلام في العالم يقف عاجزا لاصدار قرار حاسم بالشجب والادانة على ممارسات النظام  بلغت حدود الفضيحة حسب توصيف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه بمواجهة موقف روسيا الاتحادية التي لا تهدد باللجوء الى استعمال حق النقض
 (  الفيتو ) فحسب بل تعطي المبررات والذرائع لممارسات النظام الاجرامية وتردد ذات المفردات والنعوت التي يرددها (( البلد الحليف )) الذي اتاح لها الوصول الى المياه الدافئة
  ( حلم القياصرة القديم ) وتأمين موطئ قدم على الشاطئ الشرقي للمتوسط من خلال القاعدتين البحريتين في طرطوس واللاذقية وهي الدولة ذات الافضلية والامتياز كمصدر رئيسي وحصري لترسانة السلاح بما يدر عليها مليارات الدولارات سنويا مما يدفعها الى التخلي عن جميع القيم الانسانية والمبادئ الاخلاقية وحق الشعوب بالحرية والكرامة ولكن سيأتي اليوم الذي يدخل فيه النظام السوري في البازار والبورصة الروسية والمساومة على مصيره ومقايضته بمكاسب معينة في مكان ما من العالم حينها سيدخلون الأسد في خانة القذافي فالروس تجار بارعون ومرابون جشعون في هذا المضمار ولا يفقهون في علم التجارة سوى الربح دون الخسارة .
اما جامعة نبيل العربي الذي حظي اخيرا بمكرمة زيارة سوريا وشرف القاء بالاسد بعد جهود دبلوماسية مضنية وتاجيلات متكررة ورفض مطلق لاستقبال وفد وزراء الخارجية والاصغاء لمبادرتهم فعاد بخفي حنين مكتفيا بما سمعه من الأسد من وعود بالاصلاح  ورغم ان المبادرة العربية قد مدته بحبل النجاة ومنحته فرصة البقاء في السلطة حتى نهاية عام / 2014 / بيد انه سخرمنها و انه غير معني بها حاضرا ومستقبلا .
فأية اهانة وصفعة اشد واقوى من التي تلقتها الجامعة العربية بدولها وكياناتها فكان المؤمل والمنتظر من الامين العام اتخاذ الموقف المسؤول والدفاع عن مبادرة الجامعة وكرامة وزراء خارجيتها و وضع النظام امام خيارين لا ثالث لهما فاما القبول بالمبادرة والاصرار على استقباله مع كامل اعضاء الوفد واما رفض الزيارة منفردا و دعوة وزراء الخارجية لاجتماع طارئ لاتخاذ الموقف المناسب وفق ميثاق الجامعة في الوقت الذي عجزت وفشلت منذ تاسيسها في اربعينيات القرن الماضي من ايجاد اية حلول للقضايا المصيرية التي واجهت العرب او الخلافات والصراعات التي نشبت بين دولها كقضايا الحدود بين قطر والبحرين على ملكية جزر الحوار وبين مصر والسودان حول مثلث حلايب ومشكلة احتلال العراق لدولة الكويت اضافة للعديد من القضايا الاخرى .
وقد لاح بالامس القريب موقف (( الحليف الايراني )) بالدعوة الى مؤتمر للدول الاسلامية تستضيفه طهران لبحث الاوضاع في سوريا التي تدخل من حيث الهدف والنتيجة في خانة تامين طوق النجاة للنظام وتعبيد الطريق للخروج من النفق الذي ادخل نفسه فيه على حد تعبير السيد اردوغان او الالتفاف على المبادرات العربية والدولية والتركية منها على وجه الخصوص بعد تصعيد موقفها اخيرا وحتى في حال اخفاقها فانها تكون قد نجحت ولو نسبيا بادخال الازمة السورية في دهاليز اللجان التي ستنبثق عن المؤتمر لمتابعة التوصيات والقرارات الصادرة عنه مما يعطي النظام السوري فرصا جديدة ومساحات ارحب للديمومة والاستمرار بنهجه القمعي وخياره الامني ولا يجب ان يغيب عن اذهان وذاكرة صناع القرار في سوريا سلطة ومعارضة بان النظام الايراني مشهود له بالبراغماتية والمراوغة والمساومة على جميع القضايا باستثناء مصالحه الوطنية والقومية وسيتجنب الانتحار على ابواب دمشق في نهاية المطاف .
فاللوحة السريالية والمشهد الدرامي على الساحة السورية واختلال واضح وصارخ في موازين القوى بمعارك دموية بين شعب اعزل يتحدى بصدره العاري قوة عاتية مدججة بكافة صنوف اسلحة الفتك والدمار هي كالعين التي تواجه المخرز ان جاز التعبير مهما افرطنا في التفاؤل مع التنويه بانني لست في موقع المخطط والمنظر لما يجب ان تتخذه قوى المعارضة من خيارات وقرارات بيد ان ممارسة بعض اطرافها الهرطقة السياسية بنقاشات بيزنطية عقيمة حول مفردات الحماية الدولية او التدخل الدولي عربيا او اسلاميا و وضع العربة امام الحصان يبعث الى الاحباط وخيبات الامل فرغم الحصار البري والجوي والبحري والكم الكبير من العقوبات الاقتصادية القاسية على العراق بقي نظام صدام حسين جاثما على صدور الشعوب العراقية طيلة ثلاثة وعشرون عاما .
واذا كان البعض يستشهد بنموذج الثورة الايرانية فهو واقع في الاوهام والمغالطات بتشخيص العوامل والعناصر والمراحل فالثورة الايرانية كانت عامة شملت مختلف شرائح وطوائف ومكونات الشعوب الايرانية اولا وانطلقت من المركز العاصمة طهران بملايينها العشرة ثانيا وقادتها الشريحتان او القوتان الاعظم ذات النفوذ المتجذر في المجتمع الايراني وهما شريحة الحوزات الدينية وآيات الله والطبقة الرأسمالية ورجال الاعمال ( البازار ) ثالثا
ناهيكم بان الجيش الايراني وجهاز السافاك جلس في مقاعد المتفرجين على الاحداث سواء بدوافع ذاتية او بايعاز من الشاه فالامر سيان والنتيجة واحدة وهذه العوامل او بعضها على الاقل غير متوفرة في الثورة السورية وحيال هذه المشاهد الدموية من المسلسل الدامي الذي بدأت حلقته الأولى في الخامس عشر من آذار بمدينة درعا يضع الثوار والمعارضة الداخلية منها والخارجية امام خيارات صعبة ومواقف تاريخية وهي الى متى سيدفع الشعب السوري هذه الضريبة الباهظة من القتلى والجرحى والمعتقلين وحصار المدن وتدمير البيوت ونهب الممتلكات مع واجب الايمان بالمسلمات والبديهيات بان لغة المصالح وليست المبادئ والقيم الانسانية هي السائدة والناظمة في العلاقات الدولية فالجهة او الجهات التي يطلب منها الدعم والحماية ليست بجمعيات خيرية ومؤسسات لايواء المحتاجين والعجزة ومرة اخرى اكرر بان القرار النهائي هو لأولئك الشباب الثائر منذ ستة اشهر فأهل مكة ادرى بشعابها كما قالت العرب لكن يحدوني الامل كمواطن سوري ينتابه القلق على مصير بلاده ان لا ياتي قرارهم متاخرا وبعد خراب دمشق .

سياسي كوردي سوري   







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=10033