القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 552 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: دموع عيد و رصاصات الأسد

 
الخميس 28 نيسان 2011


حسين جلبي

يفضل الشعب السوري اليوم رؤية العفاريت بألوانها المختلفة على رؤية الإصلاحات التي لا يزال النظام يعد بها، فساعات قليلة فصلت بين باكورة إصلاحاته، و هي كما أصبح معروفاً الإعلان عن رفع حالة الطوارئ، مع ما رافقه من تهليلٍ و تكبير، تطبيلٍ و تزمير، و بين ترجمة هذا القرار على أرض الواقع، إستخداماً صاعقاً لجميع صنوف الأسلحة بإستثناء ـ و الشهادة لله ـ الطائرات ـ في الهجوم الكاسح على المدن السورية و إحتلالها و قتل المواطنين العزل و أسرهم، و القتل هنا يعني تنكيلاً و تمثيلاً بالجثث أيضاً، و الأسر يعني تعذيباً وحشياً قد يوصل إلى القتل.


لذلك فكلما كانت هناك تسريبات مخابراتية بأن ثمة إصلاحات قادمة، سواءٌ أكان ذلك مباشرةً عبر إعلام النظام السوري، أو بصورة غير مباشرة عبر إعلامييه و الناطقين بأسمه على الفضائيات (المغرضة)، بان الرئيس سيصدر مرسوماً إصلاحياً، أو أن مجلس الشعب سيناقش الموضوع الفلاني، أو سيتم طرحه على النقاش العام..؟ تحسس السوريون رؤوسهم، و أصيبوا بتشنجات و بموجات أرق و تعرق، هي إحدى أعراض مرض توقع الأسوأ.
قبل أيام كان الدكتور عبدالرزاق عيد ضيفاً في برنامج حواري على قناة الحرة، و كان الموضوع طبعاً عن سوريا التي خطفت هذه الأيام أضواء الظلام من ليبيا و اليمن، و أصبحت الخبر الأول و الرئيسي في نشرات الأخبار و ما يتبعها، و حدث أثناء ذلك البرنامج أن اتصل أحد المحاصرين في درعا مستنجداً بصاحب كل ضمير حي لإنقاذ المواطنين الذين يتعرضون لهجوم دموي عشوائي غير مبرر، ترافق بقطع الماء و الكهرباء و وسائل الإتصالات عن المدينة، و وقف إمدادات الأدوية و الأغذية و الطحين عنها من قبل الجيش السوري  و المخابرات و الشبيحة، و هنا أُسقط في يـد د.عيد، و لم يجد وسيلةً غير البكاء يرد به على إستنجاد المتصل، و على الضيف الآخر في البرنامج، الأمريكي، الذي كان يعبر طوال الوقت عن (قلقـه) و عن (أسفه) لما يحصل في سوريا، أجهش د.عيد في البكاء قائلاً للأمريكي بما معناه، أن الرجل يستنجد، و أنت تعيش رفاهية الأسف و القلق و الإدانة. لقد كانت لحظات إنسانية مؤثرة إختلط فيها الألم بدموع العجز، في موقفٍ ذكرنا بدموع رئيس وزراء لبنان السابق فؤاد السنيورة أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في حرب تموز.
قبل تلك الإطلالة للدكتور عيد إستضاف مجلس الشعب السوري الدكتور بشار الأسد، كانت المناسبة كما أُعلن: (طلب مجلس الشعب من الرئيس توضيح الإصلاحات التي يرغب في القيام بها)، كانت الجلسة في الواقع (مضحكة حد البكاء، أو مبكية حد الضحك)، حسب أحد التعابير التي أصبحت دارجة في وصف الحالة السورية، و رغم أن أحداً لم يتصل من درعا أو من أي مكانٍ في سوريا بالجالسين الذين كان جلوسهم ـ بل في الحقيقة وقوفهم ـ هو الآخر على الهواء مباشرةً، لكن الأكيد أن الجميع كان يعرف أن دماء السوريين تسيل بغزارة، و أن (جمعتهم) كانت في الواقع لهذا السبب جمعة خير، أي محاولة لفلفة الشارع عبر إصلاحات جذرية قبل أن يحدث الإنفجار الكبير، لذلك وضع الكثيرين آمالاً عريضة و رفع سقف توقعاته، متخذين من تقاطع مصلحة الطرفين ـ النظام و الشعب ـ  قاعدة لنفخ بالون كبير ملئ بالأحلام، و الذي سرعان ما إنفجر عندما إنهمرت عليه زخات مدوية من قهقهات المحتفين ببعضهم تحت قبة البرلمان، فتبخرت جميعها في الهواء.
الإصلاح أصبح كلمة فاسدة و منتهية الصلاحية في سوريا، لأن تناولها يصيب بأعراض مختلفة، فمن جهة هناك من تبكيه الوجبة، و من جهةٍ أُخرى ثمة آخرون تضحكهم لدرجة الهستيريا، و لا علاقة للموضوع ـ البكاء و الضحك ـ بحبوب الهستيريا التي أُكتشفت أخيراً في سوريا بعد ليبيا، و التي تحمل شعار قناة الجزيرة التي أكتشفنا أن لها مواهب ذات صلة بالصناعة الدوائية أيضاً، لأن هذه الحبوب توحد المتعاطين في إتجاهٍ واحد: الهتاف ضد النظام، النظام فقط دون سواه.   

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات