القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 512 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الشعب وأحزاب الشعب!

 
الجمعة 15 اب 2008


جان كورد

يتناقص عدد أعضاء الأحزاب الكبيرة في أوروبا، تلك التي تسمى بالأحزاب الشعبية أو الجماهيرية، بشكل يدعو للانتباه، ففي ألمانيا الاتحادية – مثلا- حيث الحزبان الكبيران، الاشتراكي – الديموقراطي، والاتحاد المسيحي المتحالف مع الاشتراكي المسيحي (الحاكم منفردا باستمرار في ولاية بافاريا  أو البايرن).. وكانت الكتلتان اليسارية والمحافظة  تحصلان على أكثر من 80% من أصوات الناخبين الألمان، سواء في انتخابات الاقاليم (الولايات) أو الانتخابات العامة الفيدرالية، أو الانتخابات للبرلمان الأوربي، ويجدر بالذكر أن الحكومة الاتحادية الحالية في ألمانيا ما كانت لتتشكل دون اتفاق وحدة وطنية بين الاشتراكيين والمحافظين معا...وهذا كاف لاظهار ضعف هذه الأحزاب اليوم.


وتناقص عدد أعضاء الاشتراكي – الديموقراطي الذي كان يملك قبل 15 عاما أكثر من مليون عضو، قد وصل إلى حدود النصف مليون عضو أو مايزيد قليلا، في حين تناقص عدد أعضاء التحالف المحافظ مما كان عليه قبل عشر (مايقارب المليون عضو) إلى ذات المستوى المتدني تقريبا (أواسط أيار / مايو 2008)، وهذا يعني خسارة الكثير من الأموال التي تدرها عليه الاشتراكات الشهرية للأعضاء وتبرعاتهم السنوية والموسمية، وبالتالي تضعف قوة الأحزاب التي تعتبر بحكم تراكيبها وبرامجها وممارساتها أحزابا ديموقراطية وأعمدة للنظام الديموقراطي، مما يؤثر سلبا على المجتمع الديموقراطي الحر الذي تقوم فيه الأحزاب بواجباتها لمساعدة الشعب في تحقيق أهدافه الاجتماعية، حسب ما ينص عليه الدستور، وفي حال عدم تمكن الأحزاب الديموقراطية من أداء هذه الواجبات فإن الحرية والديموقراطية تتعرضان لخطر انتزاع المبادرة من قبل المنظمات المتطرفة، عنصرية كانت أو دينية أو طبقية... 
 والعزاء الوحيد لدى هذه الأحزاب هو أن لا أحد أفضل من أحد في هذا الميدان،  كممثلين دهنت وجوههم باللون الأسود، يسخرون من بعضهم أمام جمهور المتفرجين، وذلك لتستمر المسرحية...  
مخطط بياني (من مجلة دير شبيغل 28/2008) يثبت هبوط عدد الأعضاء للاشتراكي الديموقراطي والاتحاد المسيحي منذ عام 1990
إن المراقبين للنشاط السياسي الديموقراطي يتخوفون من أن يضعف تأثير الأحزاب الكبيرة في الانتخابات القادمة، وذلك بسبب رداءة أدائها السياسي الحكومي، رغم تحالف الكبار وتعاونهما بهدف حل المشاكل الاقتصادية العالقة... ويرى هؤلاء المراقبون بأن السياسات الخاطئة للأحزاب الجماهيرية وراء هذا الانحسار الشديد لعدد الأعضاء المنتمين إليها، وبخاصة سياساتها في مجالات حماية العاطلين عن العمل وايجاد فرص العمل الملائم لهم وفي مشاريع تأمينات الصحة، وكذلك في مجال فرض المزيد من الضرائب على الشعب، بحيث أثقلت كاهله، وبخاصة ضرائب السيارات، في وقت باتت السيارة ضرورية لكل العائلات ولم تعد تعتبر من الكماليات، وتجاه الطلاب المضطررين لدفع رسوم عن كل حقبة دراسية، كانوا معفيين منها من قبل، أو كانوا يدفعون جزءا ضئيلا منها، اضافة إلى فشل الأحزاب المتحالفة في حكومة الوحدة الوطنية في مشاريع الراتب التقاعدي الهام جدا للأجيال التي عملت بجد ونشاط في البلاد سنين طويلة وحققت في مرحلة ما ازدهارا اقتصاديا هاما، ثم وجدت نفسها معرضة لغلاء شديد لأسعار المواد التموينية والوقود والغاز بشكل صارخ، مقابل تقليص رواتبها التقاعدية واملاء شروط قاسية في مجال التأمينات التي يحتاج إليها الانسان المسن والعامل دائما...
 مخطط بياني (من مجلة دير شبيغل 28/2008) يظهر لنسبة ناخبي الاشتراكي المسيحي في ولاية بافاريا منذ عام  1970
إلا أن هؤلاء المراقبين لاينسون ذكر أسباب خارجة عن ارادة الأحزاب السياسية، ومنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبترول والغاز على مستوى العالم كله نتيجة المضاربات اللامسؤولة في الأسواق المالية (البورصة) والتغيرات الهائلة في مجالات الانتاج الزراعي بسبب استخدام الزيوت النباتية في مجال الوقود للعربات وبسبب الكوارث الطبيعية كالجفاف والتصحر والتغير الحراري السلبي عموما وغير ذلك مما يسيء بشكل مباشر في تأمين الموارد الزراعية والأسماك والطاقة... وإلى جانب ذلك فإنهم يركزون على التغير الكبير الحاصل في العلاقة بين الفرد والمجتمع في عصر العولمة هذا، ونفور الفرد من واجباته تجاه المتحد الاجتماعي المنتمي إليه وازدراءه لمفاهيم سابقة، وعدم شعوره بأي ارتباط عائلي أو ديني أو وطني أو طبقي، اضافة إلى عدم اكتراثه بوجود زعيم / بطل قومي أو عدم وجوده وانغماسه الشديد في عالمه الشخصي عبر استخدام التقنيات الحديثة وتلذذه بالحياة دون أن يستخدم في يومه وليله ضمير الجمع "نحن" إلا نادرا... 
ومهما يكن، فإن الوضع في البلدان الأوربية الغربية أفضل مما لدينا في بلداننا، حيث يمكن للشعب في أوروبا أن يعلم الكثير عن أحزابه الكبيرة والصغيرة، وتعقد مؤتمرات مفتوحة للنقاش حول العديد من المسائل الخاصة بالحزب ومشاكله وتمويله وشخوصه، وقبل أن تستفحل ازماته الداخلية وتتحول إلى ميدان صراع بين أجنحته المتخاصمة وزعاماته... أما في بلادنا فليست هناك معلومات كافية في أيدي الشعب ليحكم بها على أحزابه الشعبية ويحدد وفق معطيات الاحصائيات والاستفتاءات علاقاته بها، ولايسمع بما يجري في داخلها إلا بعد حدوث انشقاق شاقولي وانفجار الفضائح المالية أو الأخلاقية فيها أو تراشق قياداتها بالتهم المتبادلة، ثم يتم الحديث عن عدد الأعضاء أو عدد المؤتمرين وما إلى هنالك من أمور كانت تعتبر من "اسرار الحزب التنظيمية"...  
وعليه فإن من الضروري، لتزداد ثقة الجماهير بالأحزاب، ايجاد مستلزمات هذه الثقة، بأن تصبح الأحزاب، رغم كل ظروف القهر السياسي والعمل السري، أكثر شفافية وأقرب إلى الشارع والمواطن وأن تنبض حيوية وتمارس الفعاليات أكثر مما تفرزه تشراتها السياسية من مشاريع وأحلام، وأن تكون فعاليات منظمة بشكل ديموقراطي وتمارس بشكل ديموقراطي أيضا.
إن النضال العملي في الشارع، رغم صعوبته وتعريضه الحزب إلى مزيد من المتاعب والمشاكل مع النظام القمعي الشمولي، ينتصر في النهاية ويتعزز بتأييد ودعم الجماهير له لأنها تجد من يقودها عمليا وليس بالقول وحده، وبذلك يحافظ الحزب على أعضائه ويشد من عزم المنضمين إليه ويتحول الشك إلى يقين بأن الولاء للحزب لم يكن خاطئا... لا أن يصبح الحزب عالة على المجتمع يتوجه إليه حين يحتاج إلى جمع التبرعات أو لانتزاع الأصوات الانتخابية فقط، ثم يولي ظهره للشارع ويتجاهل النقد الموجه إليه، حتى من أقرب مؤيديه وأصدقائه...في هذه الحال سيكون حال أحزابنا أيضا كحال الأحزاب الجماهيرية الأوربية التي تخسر ولاء الشارع لها يوما بعد يوم... 


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات