القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 549 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: من صنع الزرقاوي, ومن أتى بنهايته ...؟

 
الأحد 11 حزيران 2006

بقلم: مسعود عكو
messudakko@hotmail.com


ثمة أسئلة كثيرة تتخبط في أذهان المتابعين لمسلسل العمليات الانتحارية الإرهابية منها, والاستشهادية التي تشترك كلتاهما في حصاد أرواح المئات بل الآلاف من الأبرياء الذين شاءت أقدارهم المسير بجانب سيارات مفخخة, أو الوقوف في طابور على مخبز, أو التجوال في سوق للخضار, أو منتظرين أدوارهم في التسجيل على وظيفة, ويأتي أصحاب الأحزمة الناسفة فيتحولون هم, ومن يشاركونهم المكان إلى أشلاء متناثرة هنا, وهناك, وتهدر أرواحهم, وتسال دمائهم على أرصفة, وشوارع أماكن كثيرة, وتكون أشلائهم أرخص من الغبار.

أحمد فضيل نزال الخلايلة، الملقب بـ"أبي مصعب الزرقاوي" المولود في حي "الكسارات" الشعبي الكائن شمال مدينة الزرقاء الأردنية، الذي درس حتى الصف الثاني الثانوي، وحصل على معدل 87% في نهاية العام الدراسي، لم يكمل الثانوية العامة لأمور غير واضحة, عاش في بداية حياته بعيداً عن الدين ثم ما لبث أن انقلبت أحواله, وتعلق بالدين، ودعا إخوته للتخلص من جهاز التلفاز باعتباره مفسدة للجيل.

الزرقاوي البالغ من العمر حوالي 40 عاماً، أب لأربعة أطفال، أكبرهم الطفلة آمنة وعمرها 14 سنة، روضة 11 سنة، محمد 9 سنوات، والصغير مصعب 7 سنوات, عرف عنه بأنه متشدد حيث رفض إدخال أطفاله إلى المدرسة, وفضل تعليمهم القرآن الكريم, والحديث النبوي الشريف.

بعد خروجه من السجن بالعفو الملكي في عام 1999, وقضاءه جزءاً من مدة الحكم الصادر بحقه، تقدر بـ 8 سنوات، من أصل 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، غادر الزرقاوي إلى أفغانستان، وبعد تحرير العراق, والإطاحة بنظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، نجح الزرقاوي في الدخول إلى العراق, وتشكيل تنظيم مسلح باسم جماعة "التوحيد والجهاد", ولاحقاً، أعلنت الجماعة بزعامته ولاءها لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن, والذي شارك  من خلال تنظيمه, وخلايا أخرى تابعة له، بعدة هجمات مسلحة, أو التخطيط لأكثر من /800/ عملية انتحارية, والتي تسببت بمقتل مدنيين, وأبرياء قضوا نحبهم جراء هذه العمليات.

ما الذي يدفع بأحمد الخلايلة أن يتحول من شاب طائش, وسكير, ومحكوم بعدة جرائم جنائية إلى قائد لأكبر التنظيمات الدينية المسلحة في العالم؟ والتي يرجع أغلبية المراقبين على أنهم جماعات إرهابية ينتهجون عمليات القتل, والتفجير, والخطف لمواطنين أجانب, وعرب ، فضلاً عن عشرات رسائل التحريض على قتل الشيعة في العراق, ورسائل التهديد إلى دول المنطقة, وعلى رأسها بلده الأم، الأردن.

ما الذي يدفع بأسامة ابن لادن, أو أيمن الظواهري, أو الزرقاوي, والكثيرين من أمثالهم أن يتركوا حياة الترف, والبذخ, والسهر, والفرح, والفيلات, والفنادق الشاهقة, والراقية إلى الولوج في كهوف مظلمة, هل هو حقاً كما يدعون الجهاد في سبيل الله؟ أم البحث عن تخليد أسماءهم في التاريخ حتى ولو كسفاحين, أو إرهابيين, أو مجرمين؟ أم هي أشياء أخرى قد تبعد كثيراً عن أذهاننا, وحتى عن حدود تفكيرنا كأناس عاديين أسئلة تظل دائماً تحيرنا, ولا نجد لها أجوبة مقنعة. 

 إلى أية درجة كان يشكل الزرقاوي, وجماعته خطراً على قوى التحالف في العراق, وبخاصة الولايات المتحدة؟ حتى تصل بالأخيرة لرصد مبلغ عشرة ملايين دولار, مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال الزرقاوي، المتهم بتنظيم شبكة من المقاتلين المتشددين الأجانب في العراق، تابعة لتنظيم القاعدة، وهدفها الرئيس الاعتداء على قوات التحالف، وخاصة الجنود الأمريكيين.

إلى أية درجة كان يقد الزرقاوي مضجع الأمريكيين حتى يصف الرئيس جورج دبليو بوش في مؤتمر صحفي مقتله بالحدث المهم, والكبير؟ ووصفه مقتل أبي مصعب الزرقاوي بأنها ضربة قوية لتنظيم القاعدة, مع تحذيره من أن العنف سيتواصل, وإن مقتله نصر للحرب على الإرهاب؟

إلى أية درجة كان يشكل الزرقاوي خطراً على تشكيل حكومة عراقية جديدة حتى يعتبر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بأن مقتله فرصة للحكومة العراقية الجديدة لتحويل الأمور في مصلحتها في هذا النضال؟ وإن المهمة الصعبة, والضرورية في العراق لا تزال مستمرة, ويمكن توقع استمرار الإرهابيين, والمتمردين من دونه, وتوقع استمرار العنف الطائفي؟
ماذا كان يمثل الزرقاوي للكثيرين من محبيه, وعشاقه, ومؤيديه لدرجة أنه في مدينة الزرقاء بالأردن، بدأ صايل الخلايلة، الشقيق الأكبر له، بتقبل التعازي بمقتل شقيقه في العراق، ويكتب على لافتة رفعت قرب منزل صايل الواقع في شارع الفلاح في حي المعصوم في الزرقاء "عرس الشهيد البطل أبو مصعب الزرقاوي"، ويجمع أشقاء وشقيقات الزرقاوي في خيمة عزاء أقيمت في المكان في حين ينضم العشرات إليهم للإعراب عن المواساة, والتعزية , وتنتحب نسوة بملابس سوداء, وهن جالسات على فرش وضع في المكان لكن عددا من الرجال يقتربون منهن طالبين عدم البكاء لان "الزرقاوي شهيد, ولا يجب البكاء على الشهداء,وبعض النسوة كانوا يولولن, ويصفن من شارك في قتل الزرقاوي بأنهم "خونة, ومجرمون".

أي كاريزما كان يتحلى بها الزرقاوي حتى تخرج شقيقته المفضلة أم قدامة, وتقول  أملي أن يرسل الله للمجاهدين أحداً أفضل منه؟ إلا أن يكون هذا أبعد من حزن شقيق, أو شقيقة على مقتل شقيقهم بالرغم من أن سكان الزرقاء بغالبيتهم العظمى نددوا بالزرقاوي إثر اعتداءات عمان في تشرين الثاني من العام المنصرم, والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصاً, لكنهم مستاؤون من قيام الأمريكيين بقتله.

رغم إعلان عائلة الزرقاوي, وعشيرته التبرئة منه للتنديد باعتداءات عمان إلا أن هذه المؤشرات لها قراءة أخرى في الفكر الجهادي, والانتحاري, أو الإرهابي لدى عامة الناس, أو على الأقل عند مريدي الفكر الزرقاوي في العالمين العربي والإسلامي, حيث خرجت حركة حماس ببيان عبرت فيه عن حزنها لمقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق في قصف جوي أمريكي, ووصفته بأنه ضحية حملة صليبية ضد العرب, والمسلمين, ونأت حماس في الماضي بنفسها عن أحداث العنف في الخارج التي أنحي باللوم فيها على تنظيم القاعدة إلا أنها نعت ما أسمته شهيد الأمة في إشارة إلى مقتل الزرقاوي, وقال البيان "بقلوب مؤمنة بقضاء الله, وقدره تنعي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير شعبنا الفلسطيني, وجماهير أمتنا العربية, والإسلامية الأخ المجاهد البطل المرابط أحمد فاضل النزال الخلايلة (أبو مصعب) الذي استشهد على أيدي عناصر الحملة الصليبية الشرسة التي تستهدف جميع ربوع الوطن العربي ابتداء من أرض الرافدين." إذاً الزرقاوي هو بطل من وجهة نظر إسلامية فلسطينية, وتعتبر عملياته الانتحارية, أو الإرهابية رداً على الحرب الأمريكية, والتي تعتبرها هجمة صليبية فإلى أية درجة أثر مقتل الزرقاوي على حماس وشبيهاتها؟

إلى أية درجة كان يدخل الزرقاوي الذعر في قلوب البريطانيين حتى يصف رئيس وزرائها توني بلير مقتله بـ "نبأ جيد جداً, وضربة ضد تنظيم القاعدة في كل مكان, ولحظة مهمة للعراق لأن مقتل الزرقاوي ضربة للقاعدة في العراق, وضربة للقاعدة في كل مكان". ؟؟؟

يعتبر مراقبون أن الزرقاوي أرسى دعائم الذبح بالإضافة إلى حربه على الشيعة العراقيين، واصفاً إياهم بأنهم حصان طروادة لاختراق حصون الأمة بهدف الاستيلاء على العراق. مهددا بالاستمرار في قتل أئمتهم, وحصد رؤوسهم، قائلاً في أحد بياناته أن الشيعة يوالون دائما الكفار من المشركين, واليهود والنصارى, ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم, ولقد قام تنظيمه بالعديد من العمليات في العراق كتفجير مبنى الأمم المتحدة الذي أدى إلى مقتل ممثلها سيرجيو دي ميللو، والمئات من العمليات الانتحارية, وغيرها من العمليات العسكرية, والتفجيرية ضد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق, وقوات الأمن العراقية, وتهدف الجماعة حسب تعبيرها إلى إقامة مجتمع إسلامي, والجهاد ضد الكفر, وبلغ عدد العمليات الانتحارية التي قام بها تنظيمه في العراق أكثر من /800/ عملية حسبما ذكر أيمن الظواهري نائب أسامة بن لادن في أحد تصريحاته.

يرى المراقبون أن خليفة أبو مصعب الزرقاوي ربما تكون شخصية محلية لها علاقات أوثق مع أسامة بن لادن يركز الهجمات على القوات الأمريكية, والعراقية, ويكون أقل تأييداً لعمليات الذبح الوحشية, والتفجيرات الانتحارية العشوائية. فقد قاد المتشدد الأردني حملة ضخمة من الإعدامات التي سجلت على شرائط فيديو, واستهدفت مدنيين في معظم الأحوال, وتسببت في قتل الآلاف. سواء تولت شخصية عراقية أقل تطرفاً كعبد الرحمن العراقي قيادة القاعدة من الزرقاوي الذي اعتبره عبد الباري عطوان أحد خبراء القاعدة بأنه "كان شخصية طائشة يصعب التكهن بها, أو السيطرة عليها أعطى اسما سيئا للقاعدة في العراق من خلال عمليات الإعدام الرهيبة التي كانت تتم بفصل الرأس. ابن لادن وضع العراقي محله لأنه يعتقد أنه سيكون من الحكمة تعيين شخص عراقي يساعد في إقامة علاقات مع الجماعات الأخرى مما يشير إلى دأب ابن لادن على ملاحقة الأمريكيين في العراق وأفغانستان".

أما الميجر جنرال وليام كالدويل المتحدث العسكري الأمريكي توقع أن يخلف الزرقاوي متشددا مصرياً ذكر أنه يدعى أبو المصري تدرب في أفغانستان, وأقام أول خلية للقاعدة في بغداد ربما يخلف الزرقاوي, ورغم أن أسامة بن لادن السعودي المولد يوصف بأنه زعيم القاعدة في العالم فإنه ينظر إليه أيضاً على أنه مصدر إلهام لمنظمة ليس لها قيادة مركزية, ومؤيدين متشددين في أنحاء العالم العربي.

وكثير من أنصار الزرقاوي كانوا عراقيين لكن بعض المحللين يقولون أن اختيار أحد مواطني البلد ليحل محله حيث قال وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عنه "لا يوجد أي شخص على هذا الكوكب لطخت يداه بدماء الأبرياء من الرجال, والنساء, والأطفال أكثر من الزرقاوي" قد يكون له آثار عكسية. أما إذا اختاروا أجنبياً ليرأس القاعدة فإنه سيكون من السهل بالنسبة له قتل كثير من الأشخاص بوحشية لأنه لن يكون منهم, وسيسبب مشاعر استياء, واختيار عراقي سيكون معناه اختيار زعيم يعرف الأرض والناس, وكيف يبني علاقات مع قبائل يمكن أن تشكل تهديدا للقاعدة إذا انقلبوا عليها, ويقال أن القاعدة شكلت تحالف مصلحة مع الموالين لصدام حسين الذين يقدمون معلومات المخابرات, والإمداد, والتموين لكن العلاقات ضعفت لأن أساليب الزرقاوي الوحشية باعدت بينهم. قد يكون العراقي أكثر انضباطاً بكثير لكنه بكل تأكيد سيسير على خطى ابن لادن كما يتوقع عبد الباري عطوان, ومن يخلف الزرقاوي سيبدأ بمذبحة, وسيكون أكثر وحشية, وأضاف أحد الخبراء أن الزرقاوي كان يتصرف, وكأنه يتدرب على أحد أفلام هوليوود. كان يحب أن يكون في دائرة الضوء. الرجل الجديد قد يكون أقل حباً للظهور لكن أي زعيم للقاعدة في العراق سيكون بالتأكيد شديد الوحشية.

إن نهاية زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، أبو مصعب الزرقاوي، لن يؤدي إلى نهاية أعمال العنف الدامية, أو يوقف عمليات القتل الدائرة في العراق، وسيواصل التنظيم عملياته بعد اختيار زعيم جديد له خلفاً للزرقاوي الذي قتل مع عدد من أعوانه مساء الأربعاء 7/6/2006، في غارة جوية أمريكية، بمشاركة قوات الشرطة, والجيش العراقي في قرية هبهب شمال محافظة ديالى, وإن هذه العملية أعادت للأذهان عملية القبض على صدام حسين، وذلك لتنال الحكومة العراقية الحديثة العهد ثقة العراقيين, وقدرتها على حماية حياتهم, وإعادة الطمأنينة, والسلام إلى العراق, والعراقيين, ولكن هل ستتمكن الحكومة العراقية من محاربة هذا التنظيم وأشكاله المتعددة؟ سؤال آخر على الحكومة العراقية الإجابة عليه.

في حين يتوقع مراقبون للشأن الأمني الإقليمي أن ينعكس مقتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق، سلباً على المقاتلين العرب هناك، ما قد يدفعهم لمغادرة الأراضي العراقية, وفي الوقت الذي ربط المراقبون تلك التوقعات بالارتباط الوثيق بين القاعدة في العراق, والسعودية، إلا أن بعضهم يرى أن مقتل الزرقاوي لن يؤثر على مجلس شورى المجاهدين كما أطلق عليه، والذي ينضوي تحت مظلته كافة الجماعات المسلحة التي تتواجد داخل العراق.إلا أن أغلبية المراقبين يجمعون على أن مقتل أبو مصعب الزرقاوي مكسب للحرب على الإرهاب، الذي كان يعد مصدر جذب للمقاتلين العرب, وخاصة لأبناء دول الخليج، حيث كان المحرض الأكبر لهؤلاء المقاتلين لتنفيذ عمليات انتحارية ضد القوات الأجنبية, والعراقية, ومقتله سيؤثر سلباً على البنية التنظيمية لتنظيم القاعدة في العراق, حيث كان الزرقاوي أكثر قيادات القاعدة تطرفاً.

إن الانعكاسات المتوقعة على المقاتلين العرب, وخاصة من بعض دول الخليج في الأراضي العراقية، معرضون للتشتت بعد أن ثبت مقتل قائد التنظيم، كون الزرقاوي هو من كان يقوم بتسهيل مهمة دخولهم إليها عبر حدود البلدان المجاورة، وسيلاقي هؤلاء المقاتلون الراغبون في القتال، صعوبة في الدخول، بعد أن فقدت حلقة الوصل التي كانت تسهل عملية عبورهم, ولا خيار أمام هؤلاء المقاتلين إلا أن يغادروا العراق عائدين إلى بلدانهم، وإما أن ينخرط بعضهم في تنظيمات إرهابية أخرى, أو يغادرون بطرق مختلفة إلى أفغانستان.

زرقاوي وجه جديد للإرهاب، كتاب أصدره في أواخر العام الماضي، المحقق الفرنسي جان شارل بريسار واصفاً الزرقاوي بأنه كان سكيراً, ونشالا قبل الجهاد ويغطي جسده بالوشم الأزرق، وطرد من المدرسة في مدينة الزرقاء بالأردن مرات, ومرات، وأنه كان شقياً منذ الصغر، وعمل بعد طرده لآخر مرة من المدرسة في معمل أردني للورق, والكرتون قبل أن ينغمس في عالم الخناقات الشوارعية, والجريمة، فقد تم اعتقاله في إحدى المرات لطعنه مواطناً بالسكين، ومرة لأنه قام بعملية نشل، وثالثة لأنه ضبط بالجرم المشهود, وهو يتعاطى المخدرات, وكل ذلك قبل أن تتغير حياته ويعتاد على ارتياد المساجد عملاً بنصيحة والدته, ولاحقاً بدأ يميل إلى الجهاد, واقتنع بفكرة السفر إلى أفغانستان والالتحاق بتنظيم «القاعدة» هناك، ثم التفكير بتشكيل خلايا خاصة في منطقة هيرات بعد عام 2001 وعمليتي «القاعدة» في واشنطن, ونيويورك في أيلول ذلك العام, وكتب بريسار، نقلا عن رفقاء مقربين جداً من الزرقاوي في الأردن، أنه اعتاد تغطية جسده برسوم من الوشم الأزرق, وأنه كان يحتسي الخمور كما تشرب السمكة الماء.

وروى الكتاب أن الزرقاوي أقام علاقات وثيقة مع الأصولي الأردني أبو قتادة، المقيم حالياً تحت الإقامة الجبرية في بريطانيا لوضع البنية التحتية لشبكة إرهابية في أوروبا تتخذ من العاصمة البريطانية مركزاً رئيسياً لعملياتها، وفق ما كتب بريسار, وشرح المؤلف أن الغياب النسبي لـ بن لادن عن مسرح القيادة العملية لتنظيم القاعدة بعد غزو الأمريكيين لأفغانستان، أدى لوضع الزرقاوي في مقدمة المسؤولين عن الشبكة الإرهابية الإسلامية، خصوصاً بعد بدء نشاطه في العراق.

الكاتب العراقي صلاح نصراوي، اصدر كتاباً بعنوان الزرقاوي أمير الظلام، تطرق فيه إلى بدايات حياة أبو مصعب الزرقاوي في مسقط رأسه بالأردن, ثم توقع المؤلف في الكتاب بعد سرده لحياة الزرقاوي بأن يفشل قائد فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بإقامة دولة في العراق على الطريقة الطالبانية في أفغانستان.

الايطالية لوريتا نابليوني، تصف الزرقاوي بأنه صنيعة الولايات المتحدة، لذلك كان عنوان الكتاب صنع في أمريكا حيث تروي لوريتا أيضاً الكثير عن طفولة, وشباب الزرقاوي في الزرقاء وعمان، وتصفه بأنه كان إنساناً بسيطاً وساذجا كمعظم الجهاديين الآن. لكنه فيما بعد أصبح قائداً جديداً لوضع جديد من الإرهاب, والحقد المتلبس بطريقة عفوية بالإرهاب، بحسب تعبير لوريتا, وتقول الكاتبة في كتابها الذي صدر أوائل هذا العام، إن الولايات المتحدة أسرعت بشكل كبير في تضخيم الزرقاوي لاستخدام أسطورته في سعي لمزيد من السيطرة على العراق.

أما أورغا بالليت، في كتابها في بلاد الزرقاوي، تتحدث فيه عما سمعته عن أبو مصعب عندما أمضت سنة كاملة كمراسلة في بغداد، وفي الكتاب تلخص ما يقال في العراق عن عمليات دعم تقدمها الجهات السنية للزرقاوي، وهي جهات تستخدمه لتعزيز مطالبها في الحكم, والإدارة السياسية للبلاد بعد سقوط صدام حسين.

إن العامل الرئيسي في نجاح قوات التحالف، كان الشيخ عبد الرحمن الملقب بالمرشد الروحي للزرقاوي، فقد جرى تعقب عبد الرحمن لعدة أيام, وعندما توجه إلى المنزل في منطقة معزولة شمال بعقوبة أدركت القوات الأمريكية أن اجتماعاً مهما للقاعدة سيعقد، حسب التقارير, ولولا مرشده الروحي الذي كشف مخبأه كنا سنكون أمام واقع أخر غير الذي نحن فيه الآن.


 قنبلتين وزن كل منهما نحو 250 كيلوغراما ألقيتا على منزل كان يعقد الزرقاوي فيه اجتماعاً، بعد أن جرى تتبع مرشده الروحي إلى المنزل, وعناصر من  الوحدة 145 الخاصة من القوات الأمريكية كانت تتعقب الزرقاوي منذ سنوات، لعبت دوراً رئيسيا في الضربة التي شنت على المنزل الذي كان فيه الزرقاوي في مدينة بعقوبة في وقت متأخر من الأربعاء أنهت أسطورة أبي مصعب الزرقاوي كقتيل مثله مثل الذين كانوا يقتلون على أرصفة شوارع بغداد إذا ذاق الزرقاوي نفس الكأس التي أذاقها للآلاف من الأبرياء فهل ستكون نهاية الزرقاوي نهاية الإرهاب المدمي, والقاتل في العراق؟ أم أنها ستكون بداية لولادة أكثر من زرقاوي الأيام القادمة ستثبت ذلك بكل تأكيد, وسيجد الكثيرون صعوبة في تحديد موقفهم من مقتل الزرقاوي, وسيكون هناك من يعتبره شهيداً في حربهم ضد الكفار كما يدعون, ولكن سيكون في الجهة المقابلة أناس أكثر وسيرون مقتله نهاية مرحلة في تاريخ هذه الجماعات المسلحة, ومهما كانت مواقف الجميع؛ يسمى إرهاباً من يقتل طفلاً, أو شيخاً, أو امرأة, أو إنسان أياً كان دونما ذنب, ويعتبر هذا العمل جريمة في حق كل البشرية, ولا يمكن بناء خلافة, أو دولة إسلامية على أشلاء الآلاف من الأبرياء الذين يلقون حتفهم جراء تفجير انتحاري نفسه هنا, وسيارة مفخخة هناك, ولا يمكن اتخاذ محاربة أمريكا, وغيرها ذريعة لقتل أطفال يحلمون بيوم جديد, وغد أفضل لهم من أمسهم الذي طالما كان ظالماً أسوداً مليئاً بالقتل, والدم, والإرهاب, والخوف.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات