القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 534 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: ما الذي ينبغي توفيره قبل الحجر الصحي؟ مانيفستو صرخة الجوعى!

 
الأثنين 04 ايار 2020


 إبراهيم اليوسف

لسنا أفاعي في" جحور" حتى نعيش على التراب! "مثل كردي" "أيها الملك إنني جائع جائع وثمن تاجك الذهبي وحده يكفي لإطعام المدينة عشر سنوات!" عامر الأخضر"

.... فرضُ الحجرِ الصحّي على الناس، ليس عبارة عن" موديل" أو "موضة" بحسب استخدامنا للمصطلح، ولا عدوى فيروسية، في ظل انتشار جائحة كورونا، في جهات الأرض كلها: شرقاً، وغرباً، وجنوباً وشمالاً، في آن واحد، بل ونكاد نقول في الجهات الست، بل على من يعنى بصحة بني آدم أن يؤمن له رغيفه، فمنذ أن هبط آدم على الأرض كان هناك الزرع والضرع والماء والهواء بل وصيدلية الطبيعة، إلا أنه وبعد أن احتل الأقوياء- من أعلى هرم السلطة حتى أدناها- الأرض، ولم يعد السكن ممكن التأمين لدى كثيرين بيننا، بل ولم يعد هناك إمكان كي تمدَّ حواء الألفية الثالثة يدها إلى شجرة التفاح وتلتهم واحدة من ثمارها، وما عاد هناك إمكان الحصول حتى على الماء إلا بعد دفع ثمنه، 


وهكذا بالنسبة للرغيف الذي اكتشفه أبناؤها وبناتها وأحفادها وحفيداتها، ضاقت الأرض على الإنسان، وبات كل شيء لقاء ثمن حتى الكلام، ونصب وكلاء الله المزورون أنفسهم ليوزعوا بدلاً عنه الأرزاق فسرقوها لأنفسهم، لذلك فإننا لواجدون في كثير من بقاع الأرض من لا يعمل ويملك، ومن يعمل ولا يؤمن حتى ثمن طعامه وشرابه ودوائه وأجرة سكنه. إنها معادلة مختلة في ظل هيمنة مفسدي الأرض عليها، بدعوى أنهم أولو الأمر، وباسم المواطن. باسم الوطن، باسم القيم الكبرى التي يتجرد منها الحاكم إن لم يكن أمر شؤون حياة أفراد رعيته الذين تنطع هو نفسه ليحكمهم من أول مهماته، وأنى لنا ذلك، في شرقنا المنهك، الجريح، رهن الذبح، والضياع. الشرق الذي كان أول من فك كائنه لغز الحياة، إلا إنه بات يصدم ببهلوانات مجرمين، ندر أن تجد من بينهم من هاجسه مواطنوه ووطنهم، بل هاجسهم- هاجس أكثرهم- أن يجعلوا من هؤلاء المواطنين وقود محرقة الوطن، وليقلصوه، كي يغدو مجرد كرسي بحجم مؤخراتهم! لم يعد ثمة شيء خافياً على أحد. إننا في عصر كسر الحدود. في عصر ثورة الاتصالات والمعلوماتية، وما إن يعطس أحدهم في قامشلو أو دمشق او عفرين أو إدلب أو حمص حتى يمكن أن يسمع صدى عطاسه من قبل المليارات، إن أرادوا ذلك، لذلك فإنه لا أسرار البتة، ولقد وصل ابن مكاننا مرحلة جد أليمة، أتذكر أنني قلت قبل حوالي عشرين سنة أو أقل بقليل، في بعض مقالاتي: الليلة ينام الآلاف في قامشلي بلا رغيف، وكان العمل آنذاك حكراً على بعضهم. التجارة حكراً على بعضهم. الزراعة حكراً على بعضهم، وثمة من ليس بإمكانه أن يصرخ ويقول: أنا جائع! شخصياً، حدث لي الكثير ومنه: ضيوفي جالسون في البيت، في عزِّ حرِّ الظهيرة، وتدخل ورشة عمال الكهرباء لقطع التيار عن بيتي، وأبنائي طلاب شهادات وأمامهم امتحانات بعد أيام. يناديني أولادي ليعلموني بما يتم، وأتحدث همساً إلى هؤلاء "الزبانية" واعداً إياهم أنني سأتدبر الأمر، غداً، أو اليوم، وهكذا بالنسبة للماء، أما الهاتف والإنترنت، فكثيراً ما كانا يقطعان عن بيتي! ثمة مشاهد أكثر درامية قلتها في بعض كتبي، عن معاناتي في الوطن، بالرغم من أنني كنت مدرساً، وجامعياً، وأنشر في الصحافة، بل ويساعدني أهلي في القرية بتأمين كل لوازم البيت، والأولاد، والمؤونة فصلاً فصلاً، بل وأكثر، إلا أن راتبي ماكان ليكفي دورات مدرسية لأحد أبنائي أو بناتي، بل وما كان ليكفي مصاريف أحدهم شهراً في الجامعة، وكانت الديون. ديون الأهل. المقربين تتراكم علي، واستمر ذلك حتى فترة عملي في الإمارات إذ لم أستطع تأمين قسط دراسة ابنتي في الطب حيث كانت درجاتها في الإمارات تؤهلها لذلك؟ لقد استرسلت، أجل، كي أقول: إذا كان حال الأهل، هكذا، قبل عشرين سنة، قبل ثلاثين سنة. قبل أربعين سنة أيضاً، فكيف بأحوالهم في ظروف الحرب، ومن بينهم أبناء منطقة كالجزيرة- عفرين- كوباني- يمكن لإنتاجهم المتنوع " الزراعة- النفط- اليد العاملة..."أن يجعل من مكانهم بلداً في مرتبة الكويت، بينما فيه الكثيرون الذين لا يستطيعون تأمين أدويتهم- شخصياً فقدت طفلاً بسبب ضيق ذات اليد في العام1979- إذ كان أهلي في القرية، ولا أجرة سيارة تاكسي لأسعفه" ومع هذا فعلنا ما أمكن" وأنا في المدينة مجرد طالب مدرسة، وكل الطرق مسدودة أمامي. أجل، ماكنت لأذكر كل هذا إلا لأؤكد أنه إذا كان أحدنا- فقيراً- فإن الحاكم. حاكم البلاد هو اللص الأول، ويليه في ذلك شركاؤه، ومن ثم المطبلون المزمرون المصفقون له من المستفيدين، وبعض السذج الجبناء! لنعد إلى مرحلة ما بعد كورونا! إن فرض الحجر الصحي في أي بلد، ولو كان- حتى الآن- خارج خريطة الإصابة بهذه الجائحة الكونية أمر يسجل لأية سلطة، ولابد من ذلك- حتى لأجل مصلحة السلطة ذاتها- بل إن ترك حبال الفيروس التاجي على غارب أي بلد بمثابة جريمة مرتكبة، وهي تسجل ضد أولي الأمر، في أي مكان، إلا إن الحجر الصحي إن طبق فهو يفضح سياسات السلطة السياسية الحاكمة، لأنه يبين هشاشة النظام الذي لا يتوافر للمعوزين فيه- وهم الآن في تقديري تسعون بالمئة من الشارع الذي ليس شريكاً في المكاسب- حيث إن ما يقبضه المعيل من الدولة-إن كان موظفاً- فإن راتبه لا يكفي وجبة طعام لأسرته، إن لم أقل- سَلَطَة- واحدة لهذه الأسرة، ودعنا من: فواتير الكهرباء- أمبيرات المحول- الهواتف- الإنترنت- الماء- الدواء- اللباس- السكن إلخ، وذلك لأن السلطة التي تعرف كم شاباً في أي بيت، ويمكن سوقهم للخدمة الإلزامية مطالبة بأن تسأل نفسها: هل أسرة هذا الشاب تشبع الخبز والماء؟ وهل تستطيع تأمين دواء من يمرض فيها؟ وهل لديها مسكن؟ وهل يستطيع رب الأسرة شراء حذاء واحد كل شهر لأحد أبنائه، وقميص واحد لإحدى بناته إلخ! أعرف، أن هناك من لن يروق لهم مثل هذا الكلام، لاسيما هؤلاء الذين يحصلون على أكثر من راتب شهري من جهة واحدة- فحسب- بل قيل لي: هناك من لديه ثلاثة رواتب، ومن حق مثل هذا الشخص أن يمتعض مما نكتبه، من نقد، إن كان قادراً على العمل في الجهات الثلاث، وأن يتحدث عن- سويسرا الشرق- بل إن من حق من له حصة تجارية في هذه البضاعة التجارية أو تلك أن يوزع شتائمه على من يقول: الإمبراطور عار، وسبق أن تعرفنا على وجوه كثيرين من المستفيدين، إلى جانب بعض المغرَّر بهم. إن الحجر الصحي يعني أن يكون قوت الناس. مؤونتهم. لوازمهم مؤمنة، ولديهم من السيولة المالية ما يكفي لشرائها، أو أن تكون هناك حكومة توزع كل مايلزم الأسر، لطالما إن لدينا كومينات تستطيع التحرك، خلال نصف ساعة، في خريطة تواجدها. عندما استولى" ب ي د" على أمور الناس، في الوطن، اتصلت بي ابنتي- وكنت في الإمارات- وقالت: الحمدلله، أمورنا البيتية ماشية، لكن الحليب مفقود من الأسواق، وطفلنا الرضيع حياته في"خطر"، فقلت لها: ألا توزع اللجان الإغاثية- للمجلسين- الحليب. إنني أتابع الأخبار، وثمة إغاثات هائلة تصل مكاننا، فردت علي: كل طرف يؤمن الإغاثة لأهله، بل لبعض رفاقه، وثمة أسر شهداء محرومون من ذلك، ولن أفصل أكثر! ما اضطرها، للهجرة، مع أسرتها، خارج كردستان سوريا، وكانت آخر عنوان من أسرتي هناك! ما آلمني كثيراً، وصول رسالة من زميلة لي تقول فيها، وهي ابنة أسرة من الملاكين وهي وزوجها لهما راتباهما التقاعدي وبعض الأملاك: إننا جائعون، وتحق علينا صدقات الفطر يا إلهي، لو يعلم القارئ الكريم من هذه المخلوقة؟ وأي إباء تمتلكه؟ أي وقار هي عليه، إلا أنها باتت تصرخ: وامعتصماه، في ظل ظروف الحرب التي كان من الممكن أن تكون أقل صدمة لو أنه تم التفكير بلقمة الناس، وشؤون معيشتهم، وحيواتهم. هذه السيدة ليست الأولى، وليست الأخيرة، فهناك الآلاف من الأصوات التي نسمعها في الوطن، أصحابها يعانون الكثير، وهناك الكثير من حكايا العوز، والجوع، والفقر المدقع، وثمة من كاتبني من أهلنا: المسيحيين- الكرد- العرب إلخ. كلهم يشكو جحيمية الواقع، وهو واقع مستمر من المعاناة، منذ زمن النظام، إلى زمن الواقع قراءة هذا النص، وما بين يدي من حكايات وقصص ممكنة التأسطر. حكايات وقصص ووقائع تقشعرُّ لها الأبدان- أعرفها كما سواي وأنا البعيد فكيف بالنسبة لقارىء لوحة المكان عن قرب- وكل ذلك ما يكفي لكتابة مجلدات عن هذا الواقع التراجيدي، في مكان يعيش ذروة نكبيته، على مرأى العالم الذي لقادته حسابات أخرى!

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات