القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 537 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: هل القضية الكوردية في سوريا قضية وطنية .؟

 
الخميس 08 كانون الأول 2016


قهرمان مرعان آغا 
 
سؤال ردده الكثيرون سابقاً ولاحقاً ولم يزالوا يراهنون على حلها في دمشق  .؟! 
و أن القضية الكوردية قضية وطنية بإمتياز , كما يصفونها , يتحتم حلها في إطار الوطن السوري , في ظل الحكم السائد .
رُوِّجَ لهذه الفكرة في القرن السابق على إعتبار كوردستان مقتسمة وحل القضية يستتبع خصوصية كل جزء وظروفه الذاتية ,  لاستبعاد الاستقواء بالدول الغاصبة لكوردستان في صراعها الأقليمي .... أو بالدول ذات الشأن ,التي تندرج التعامل معها في خانة التآمر على الوطن .... وأنَّ إرادة الشعب الكوردي لا تتجه نحو الإنفصال .... إلى آخر الكلام . 


الحقيقة لم تكن القضية الكوردية وطنية سورية في يوم من الأيام بالرغم من هذا اللهاث الذي يبديه البعض بعد مرور كل هذه الويلات على الشعب الكوردي خاصة والسوري عامة ونحن في ظل ثورة لم تنتهي فصولها بعد . 
منذ تأسيس الدولة السورية وإلحاق جزء من كوردستان بالدولة الناشئة , لم يكن المكون الكوردي بخصوصيته الثقافية الجامعة وتمايزه العرقي جزء من إهتمام واضعي الدستور و لا محط انظار القائمين على انظمة الحكم منذ الإنتداب وبعد الإستقلال , و لم تكن مناطق تواجده التاريخي بتماثلها الجغرافي , تتمتع بحكم محلي بعد إستبعاد معاهدة سيفر عن الحل , في أوائل القرن الماضي . 
عند تأسيس حزب البعث العربي وإنتشار أفكاره العنصرية المَبنية على الإحتواء القومي لكل ما هو خارج إنتماء القومية السائدة و من قَبْله موجة الشيوعية و الأفكار الإشتراكية الخادعة والصراع الطبقي المزعوم , في كلٍ من سوريا والعراق تراجعت المفاهيم الوطنية ( القطرية حسب توصيف البعث ) .؟ إلى أبعد حد و استعيض عنها المفاهيم الشمولية سواء ما يتعلق بالأمة العربية ووحدتها أو الأممية العالمية و التضامن الإيدولوجي . فأصبحت القضايا الوطنية مهمشة لأسباب كثيرة أولها سياسات أنظمة الحكم في الإستئثار بالسلطة والثروة معاً , وقمع الحريات , و التضييق على دور الدولة ومكتسبات الناس وحصرها بالحزب والقائد .... وأتجهت الشعارات الجوفاء  التي رددها الجماهير المغرر بها نحو التمجيد و الدكتاتورية و التوريث في نهاية المطاف وما استتبع ذلك من كوارث على البلدين  . 
ضمن هذه الأجواء المفعمة بالعنصرية والكراهية و بدل النظر الى القضية الكوردية , كقضية عادلة تستلزم إعترافاً وحلاً , مارس النظام المجرم  إبشع سياسات الإنكار واستهدف وجود الشعب الكوردي وأرضه التاريخية بالتغيير الديمغرافي و أصدر المزيد من القوانين الاستثنائية لقمع تطلعه نحو الحرية وتكبيله بالمنع والفقر و تطويق مناطقه بالحصار والحرمان . والأنكى من ذلك إتهام مناضلي الحركة السياسية الكوردية وفقاً لدستوره بإقتطاع جزء من أراضي الدولة وإلحاقها بدولة أخرى (....) وإثارة النعرات .... في الوقت الذي كانت طائفة الدكتاتور حافظ أسد تهيمن على مفاصل الدولة وتلحقها بكيانها المصغَّر , المتشكّل من العائلة والأقرباء والمستفيدين , في ظل من الصراخ والعويل الشعاراتي بتأليه القائد الضرورة وتسجيل كيان الدولة المفترضة , سوريا ( طابو) على أسمه (سوريا الأسد) لديمومة وراثته إلى الأبد . 
حيث بدأت الاعتبارات الوطنية بالإنسلاخ عن ذاتها في ظل الإنقسام المجتمعي و التباين الحاد بين سطوة الحاكم و بؤس المحكوم وفق حاجة كل منهما إلى الحيّز المكاني الذي يتشكل منه الدولة بحدودها السياسية بما فيها السيادة بالنسبة للحاكم و الهوية بالنسبة للمحكوم , فيما باتت الحظوة الشخصية للفرد تشكل له إعتبارات ما فوق الوطنية وفقاً لمبدأ الولاء و البراء .  
عند بدء الثورة توحَّد السوريين بما فيهم الكورد , في سبيل البحث عن وطن مستباح من حيث الزمان والمكان و الإنسان , على أمل إعادة الروح إليه ولم يكن في مقدورهم قراءة الصورة بتمعُّن و النظر إلى الكلمات بتأَنّي , حيث سيادة العاطفة ونشوة الإنتصار . في حين عمل النظام و أعوانه , بتنسيق ودهاء في البحث عن سر ديمومة التسلط والإستئثار . فأختاروا شركاء يتقاسمون معهم البلد الذي أسمه (وطن) فأصبحت سوريا كشركة محلية إقليمية دوليه مساهمة غير مُغْفَلة , لها عنوان وإسم تجاري ومقر رئيسي في دمشق , استمات الشركاء دون سقوط العاصمة لهذا السبب دون غيره حتى لا يذهب معها بريق صورية النظام  .  
فخلال العلاقة التعاقدية بين النظام وفرع حزب العمال الكوردستاني السوري (ب .ي.د) في إطار المحور الإيراني منذ عام 2012 , عمد الطرفين وبشكل علني إلى التَعمُّد على إستبعاد الحل العادل للقضية القومية للشعب الكوردي في سوريا وإبقاء القضية معلَّقة دون إعتراف أو إشارة إلى إمكانية أن تكون جزء من الحل في سوريا المستقبل . رأس النظام , يضع نسب مئوية عددية للكورد (إشارة إلى الأكثرية والأقلية), في لقاءاته وتصريحاته  و في الوقت ذاته لا يقر بوجوده وإمكانية تمتعه بحكم فيدرالي , ويعزوه إلى صلاحيات الشعب في فترة لاحقة بإستفتاء شكلي أو ما شابه دون النظر إلى خصوصيته القومية وتمايزه الثقافي والتاريخي , بينما طائفته لا تشكل نسبة تؤهلها لحكم محافظة واحدة , وهي تحكم البلد منذ أكثر من أربعة عقود بالحديد والنار .  
أصبح للنظام أولويات توطين أنصاره من الشيعة و عوائلهم في مناطق الحدود مع لبنان و أحزمة العاصمة دمشق , وتغيير ديمغرافية المكان , بحيث يشكل عنصر الهيمنة في ظروف القتال أو  ما بعد وقف الحرب , في حين باتت القضايا الوطنية بالنسبة إلية مجرد تصفية حساب لا أكثر مع معارضيه .
يجري ذلك بتناغم مع سياسات ( ب.ي.د) وأفاعيله تجاه القضية القومية للشعب الكوردي في سوريا وإعتبارها جزء من مخلفات ماضي الشعوب في إشارة إلى تبنيه لمفاهيم وترهات ما قبل القومية وإعادة الحياة إلى عناصرها الأولى من التبادل والعيش المشترك ضمن كانتونات ومنسقيات في حالة شيوع إجتماعي , ساهم بشكل فظيع في إفراغ كوردستان سوريا من القوة الضاربة ( الشباب ) بسوقهم إلى محرقة الموت في جبهات القتال مع أعداء النظام  و العمل على دفع المزيد خارج الحدود نحو طريق اللاعودة , وفي الجانب الآخر محاربة المشروع القومي الكوردستاني الذي يمثله الرئيس البارزاني من خلال التضييق والمنع والإعتقال لإرهاب الناس وبالتالي القضاء على الحياة السياسية من خلال معاداة الحركة السياسية الكوردية المتمثلة بالمجلس الوطني الكوردي على إعتباره جزء من الثورة في مواجهة النظام وأعوانه ليس إلا . 
في الجانب الآخر , المعارضة بشقيها السياسي والعسكري المتمثلة بهيئة التفاوض , وموقف الكثيرين من شخوصها الذين كانوا جزء من النظام في سياساته السابقة واللاحقة في بداية الثورة , دفعتهم ظروفهم الشخصية للإنشقاق عليه , يسيرون على النهج ذاته من حيث الموقف من القضية الكوردية و العودة بسوريا إلى ذات السياقات المحددة السابقة من حيث الإنتماء والتوجه والكينونة بما يتقاطع مع أطروحات النظام وثوابته دون تغيير إلى حد التطابق , بإستثناء الوثيقة الموقعة بين المجلس الوطني الكوردي وإئتلاف قوى الثورة والمعارضة , في آب/2013 التي تقر الإعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكوردي القومية في إطار وحدة البلاد أرضاً وشعباً , مع تحفظ المجلس على صيغة اللامركزية الإدارية , لنظام الحكم في سوريا المستقبل والعمل على أقرار الصيغة الأنسب , الدولة الإتحادية التي تتحق فيها النظام الفيدرالي .
من حيث المبدأ لم يحدث في الشرق الأوسط والأدني وفي غالبية مناطق النزاع في العالم تمتع الشعوب بحقوقها بالتوافق بين المكونات في ظل السلم والأمن الأهلييَن ولم يحصل إعتراف دستوري بموجب إجراءات قانونية شرعية من قبل القومية السائدة أو السلطات القائمة بتمكين شعب يختلف معه من حيث الإنتماء العرقي من التمتع بحقوقه المشروعة في إطار الدولة وسيادتها , يعود ذلك إلى نشوء الدولة القومية ذاتها في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين , ما كان يسمى ب ( عصر القوميات ) ,بالتالي عنصرية القومية السائدة ذاتها من خلال الإدعاء بالمقومات التي لا تقبل التغير أو  المشاركة وبخاصة القوميات التي أبدعت في فكرة البعث والإحياء لإعادة التاريخ إلى عناصرها الأولية وتغييب حاضر ومستقبل الشعوب , كما حصل في سوريا والعراق وما جرى خلال المائة عام في كل من تركيا الكمالية وايران ( الشاهينشاهية _ الجمهورية الاسلامية) لا يختلفان .
الخلاصة : يأتي التدخل الدولي وتوزيع مناطق النفوذ لمصلحة الشعب الكوردي في كل الأحوال , بينما يأتي العامل الذاتي من حيث أهميته , الذي يستوجب وحدة معظم القوى كأولوية , إذا ما رافقت الترتيبات النهائية للوضع السوري بإنسحابات القوى الدولية لمصلحة النظام  ومن خلفه الدول الأقليمية ( أيران - تركيا ) وهذا مستبعد قياسا بتجربة إنسحاب أمريكا من العراق 2010 وعودتها بعد تمدد (داعش) 2014 وما يشكله نتائج تداعيات الصراع الروسي الأمريكي في سوريا من تأثيرات متبادلة على معظم القوى المحليه التي أصبحت بحق وقوداً لهذا الصراع . 
والمثال الأقرب لوضع كوردستان سوريا مع إختلاف وحدة القوى المتمثلة حينذاك بالجبهة الكوردستانية وإنتفاضة آذار1991, ما حصل لأقليم كوردستان العراق بعد اسقاط الدكتاتورية 2003 , حيث تم فرض واقع كوردستان الدستوري و ليس كأمر واقع  , من حيث الكيان الفيدرالي وسلطاته التشريعية والتنفيذية والقانونية في العراق الجديد بالتوافق , وبرعاية أمريكية لمختلف الأطراف والقوى المساهمة في العملية السياسية , مع إبقاء باب التنازع مفتوحا في كثير من الملفات التي ساهمت الحكومات المتعاقبة في بغداد في عرقلة حلها بالرغم من الإتفاق , لحين المؤامرة الكبرى وظهور داعش , وما اعقبه من تحرير لمعظم الأراضي الكوردستانية تيمناً لأعلان الدولة المستقلة .  
دويتش لاند 7/12/2016 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات