القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 501 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة 3/3

 
الأربعاء 16 كانون الأول 2015


د. محمود عباس

والصراع المذهبي ضمن الإقليم يترأسه جهتين، الطرف السني برئاسة تركيا والسعودية وتسمح لهم أمريكا بذلك، ويرغبون أن يكون الإقليم قويا دون كردستان كلي، ترضية لحلفائهم من العرب وتركيا، بل وإيران أيضا، لتحارب داعش نيابة عن أمريكا وحسب الضرورة، وليس للقضاء عليها، وللاعتبارين: كردستان الكبرى وعدم القضاء على داعش، تكمن سبب عدم دعم الإقليم عسكريا بشكل مباشر وعلى سوية دولة، ولا يستبعد تغيير هذا التعامل في الفترة القريبة القادمة.


 والمنحى الثاني، جنوب غربي كردستان أو ما يسمى بغربي كردستان جدلاً، صراع جذب إليه كل الأحزاب الكردية والكردستانية، ليخلقا قطبين متساويين في كل شيء إلا في القوة العسكرية، وقد عمل عليها القوى الإقليمية، ليستفيدا منهما، وتستمر المنطقة الكردية ضمن مؤامرة خططت لها القوى المعادية للكرد، منها تفريغها من سكانا الأصليين، وزيادة المعاناة للصامدين منهم، ومحاولة خلق صراع عسكري بين طرفي الأحزاب الكردية، وفي النهاية تكون المنطقة سهلة إعادتها إلى حضن السلطة المركزية في أول عودة لها، أي كان نوعها،  وتكون بها قد قضيت على كردستانية المنطقة من الاعتبارين الديمغرافي والتاريخي الجغرافي.
  وفوق كل هذه القضايا، أضاف المتآمرون ظاهرة داعش ووجهوا قسم كبير منها نحو الكرد، ودعمت بكل الأشكال، وخاصة الجانب المحرض لضرب المنطقتين الكرديتين، كسند لنجاح مؤامرتهم. في حال نجاح داعش أو فشلها، يكونوا قد نجحوا في تحقيق أهم أهدافهم، ومنها إبقاء القوى الكردستانية العسكرية كميليشيات، تخدم أجندات القوى الكبرى، داخل أو خارج حدود كردستان. 
  ورغم ظهور بوادر الاشتراك الكردستاني في الدفاع معا عن جغرافيتهم، لكنها تبقى تحت مراقبة وتقنين الدول المسيطرة، مثل تقنين كمية ونوعية الأسلحة، وتسخير القوى الكردية كإحدى أدواتها، وإبعادها قدر الإمكان في الدفاع عن جغرافية كردستان ضد السلطات الشمولية، ومن ثم صرف معظم طاقاتها على محاربة داعش، ربما قريبا ستكون خارج جغرافية كردستان، بعد تغيير أسمائها وشعاراتها، وبالتالي ستضطر إلى خدمة الأخرين، مثلما يحدث اليوم مع قوات أل ي ب ج وتحويل اسمها إلى الجيش الديمقراطي السوري، في الوقت الذي تتعرض فيه عفرين ومنذ اكثر من سنتين إلى حصار مميت، ولا تسأل عنها القوى الكبرى ولا تعيرها أي اهتمام، بل ولا قدرة لسلطة الكانتونات عرضها على أمريكا كشرط قبل محاربة داعش، كما ولا تزال أهم منطقة كردية غير محررة ومحتلة من قبل داعش وتحلم بها تركيا، وهي المنطقة التي ستوصل منطقتي غربي كردستان ببعضها، ما بين تل أبيض وعفرين.
 ولا شك، الهيمنة الرئيسة في كل هذه التحركات، للقوتين الكبريين، أمريكا وروسيا، وكل القوى الإقليمية تدور في فلكهم، مع ذلك يأتي أغلب تركيزهم على دور الحركة الكردستانية في الصراع الجري في المنطقة، علماً أنهم الحلقة الأخيرة في السلسلة التي تتحكم بهم هاتين القوتين.
  رغم أن الدعم الذي تتلقفه قوات الحماية الشعبية من أمريكا، منذ مهاجمة داعش على كوباني، تبقى في سياقها الفكري والاستراتيجي خارج هذا المجال، وتحنوا إلى تأييد روسيا، وتركض خلف استراتيجيتهم، وتحاول جاهدة أن تحصل على إشراف روسي بديلا عن أمريكا، المدركة تماما هذه الحقيقة، لكنها لا تعيرها كبير اهتمام لسببين: أولا، لأنها ليست بذات أهمية كبرى على الساحة العسكرية والسياسية، وبإمكانها الاستغناء عنها في أية لحظة وإدراجها ضمن قائمة الأحزاب المنتمية إلى ب ك ك وبالتالي تسجلها كمنظمة إرهابية، إلى جانب تهديدات تركيا الدائم لهم، مع وجودها في الشمال وداعش في الجنوب، لهذا فمصلحتها تكمن بأن تقبل الدعم العسكري والتخلي عن الاستراتيجية الروسية، والتي لم تكن يوما في صالح كردستان، علما أن هذا التذبذب من الأسباب التي تدفع بأمريكا أن تماطل على تحرير المنطقة الكردية الواقعة بين تل أبيض وعفرين، والتي تطالب تركيا لذاتها ولداعش، تحت حجة خلق  المنطقة الأمنة والمأمولة بناء مخيمات للاجئين عليها.
 وبالمقابل هناك في الإقليم الفيدرالي الكردستاني، والتي تقنن فيها خدمات البيشمركة، على محاربة داعش، في الوقت الذي يتزايد فيه ضغط الميليشيات الشيعية، وبالتالي قد يضطر إلى خلق جبهتين، مع ضغوطات من السلطة المركزية: اقتصاديا وإداريا، ولهذه الاعتبارات فرضت القوى الإقليمية (تركيا والسعودية) تدخلين، وهما في الواقع دعمين، قبلتها حكومة الإقليم الفيدرالي الكردستاني، للظروف والأخطار التي تمر وتحدق بها، واحتمالية إيجابياتها على المدى الطويل أكثر من سلبياتها: الأول، اقتصاديا من قبل السعودية، والتي قدمت دعما بمقدار 8 مليارات دولار لدعم ميزانيتها العامة وتحريك مشاريعها الراكدة، والدعم، إذا دخل في الواقع العملي، سيكون خارج سياق التعامل مع المركز. والثاني، عسكريا، من قبل تركيا، تحت حجة تدريب البيشمركة، وهي عملية استباقية، بل متناوبة مع التدخلات الإيرانية، وفي الحالتين أمريكا تقف ورائهما، للحفاظ على القوة المتمركزة في يد السيد مسعود برزاني، فوجوده مرتبط بوجود البيشمركة القوية، والتي تنفذ أوامره وبطاعة، وهي القوة الوحيدة التي تثق بها أمريكا كقوة معتدلة وصادقة في تعاملها ومحاربتها لداعش كبديل عن القوات الأمريكية على الأرض، ولعدم وجود مصالح روسية في العراق وخاصة في الإقليم وحيث يتركز الصراع فيها بين إيران وتركيا، أو لنقل القطب السني والشيعي.
نتيجة هذه التدخلات والمؤامرات المتنوعة على كردستان، والصراعات المحاطة بها، والتي هي جزء من جملة من الصراعات التي تحيط بالمنطقة ككل، نجد أن الحركة الكردستانية، لا تملك الشروط الذاتية، حيث الضعف الاقتصادي، وسيطرة الأعداء على جغرافية كردستان، والحصار السياسي من قبل السلطات الشمولية، وتغاضي الدول الكبرى عن القضية الكردية بشكل دائم، إلى جانب الظروف الأخرى المحاطة بها، تجرف بالعديد من خدماتها لصالح الأعداء، والقوتان الرئيسيتان ضمن الحركة في أغلب الأحيان لا يواكبان العصر، دبلوماسيا وسياسيا مقارنة بالقوى الإقليمية، وبشكل خاص القوى الكبرى. وبسبب الظروف الذاتية كثيرا ما تسلب إرادتهما في العديد من المواقف، فلا يتمكنان من التخطيط للتحرر من الإملاءات الخارجية، أو على الأقل تكوين قوة ذاتية عسكرية –سياسية يتمكنان من فرض البعض من شروطهما، أو تبيان ذاتهما كقوة تعكس أربعون مليون إنسان، وأصحاب جغرافية تمتد إلى مسافات شاسعة، أو بإمكانهما تجهيز قوة على سوية الدول الإقليمية، والأبشع من كل هذا،  غياب القدرة على إزالة الاختلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني ومنظومة المجتمع الكردستاني، وتفضيلهما في أغلب الأحيان التبعية الخارجية على السيادة الذاتية، ولا يخططون لتكوين جيش مشترك كردستاني، وهم يدركون بأنه من ضمن مخططات السلطات الشمولية، التحكم بالقوة العسكرية الكردية وإبقائها على سوية الأحزاب، أو ميليشيات، وهو ما تراه القوى الكبرى حتى الأن، وتغض الطرف عنه.
   وتبقى جدلية طرح السؤال المحير: أي الدروبين تؤدي إلى الهدف؟ وهل قوى الحركة الكردستانية مهمشة إلى درجة عدم القدرة على خلق البديل؟ وهل لهم القدرة على رفض التبعية وقبول الإملاءات؟ وهل بدونها وبدون الخلافات ستعدم كل أنواع النضال؟ هل الموجود أفضل الممكن؟ وأنسب الطرق في النضال؟ وهل يحق لنا أن نفاقم من نقدنا على نضال لا قدرة للحركة الكردستانية تقديم الأفضل منه في البيئة المحاطة والشروط الذاتية القاسية؟ وهل لدينا تكتيك أفضل من الموجود؟ 
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
12-7-2015
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات