القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 482 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: سورية: ويسألونك عن الموقف الكردي

 
الخميس 21 تموز 2011


د. عبدالباسط سيدا

ماذا عن الموقف الكردي؟ متى سيشارك الكرد بقوتهم المعهودة في ثورة الكرامة السورية؟ لماذا هذا التباين في المواقف داخل البيت الكردي؟
هذه الأسئلة وغيرها كثيرة، تطرح بصورة مستمرة من قبل شبابنا المشاركين بقوة في الاعتصامات والمظاهرات ومختلف الأنشطة الاحتجاجية التي تشهدها المناطق الكردية في سورية منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة.


 كما أن الأسئلة ذاتها، وأخرى متمحورة حولها، يطرحها الأخوة من المثقفين والناشطين السوريين العرب الذين كانوا - وما زالوا- يعولون على الدور الكردي الهام في ثورة الكرامة السورية، هذا الدور الذي يستند إلى خبرة طويلة، ومصلحة أكيدة في سقوط النظام الأمني القمعي الذي وزع الظلم على جميع السوريين، لكنه خص الكرد بظلم مركّب، وذلك بناء على انتمائهم القومي. كما مارس في حقهم سياسة قوموية عنصرية، تمثلت في الاضطهاد المزدوج الذي ستمتد آثاره السلبية الوخيمة على حياة أجيال قادمة من الشباب الكردي. وما نعنيه بهذا الأخير هو حرمان الكرد من جميع حقوقهم القومية الديمقراطية المشروعة (وتشمل الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والإدارية والاقتصادية...الخ)، وتعرضهم في الوقت ذاته لأبشع الإجراءات العنصرية التي تفتقت عنها عقلية غلاة الشوفينيين في حزب البعث، والتزمتها سلطة الاستبداد والإفساد، رغبة منها في التمويه على توجهاتها الحقيقية، وسعياً منها في تسويق ذاتها لدى المتعصبين من القوميين العرب، وذلك بالتكامل مع شعاراتها التضليلية الإيهامية الخاصة بالمقاومة والممانعة.

ويبدو أن سلطة الاستبداد تدرك هي الأخرى - وربما أكثر من غيرها- أهمية العامل الكردي ودوره الفاعل، وذلك باعتبارها مطلعة على الوضع بدقائقه التفصيلية؛ فهي تعرف أن هذا العامل سيكون مؤثراً فاعلاً فيما لو تحرك بكامل طاقته؛ ولهذا فإننا نلاحظ أنها تعمل باستمرار، بصورة مباشرة وغير مباشرة - عبر وسطائها- من أجل تهدئة الأوضاع في المناطق الكردية، والتكيّف شيئاً فشيئاً مع الاحتجاجات التي تتم هناك، طالما أنها ما زالت محدودة ،وتحت السيطرة، ولم تبلغ بعد مرحلة الاحتجاجات العامة الشاملة التي شهدتها المناطق ذاتها ، بالإضافة إلى الأحياء الكردية في حلب ودمشق عام 2004، وذلك في سياق ما عرف بـ انتفاضة الثاني عشر من آذار أو انتفاضة قامشلي.
أما وسائل التهدئة المعتمدة من قبل السلطة، فهي تتمثل أولاً في الإلغاء الجزئي لنتائج الإحصاء الاستثنائي الذي أجري حصراً في محافظة الحسكة عام 1962؛ وتعليق العمل مبدئياً بالمرسوم الانتقامي المعروف بمرسوم 49 عام 2008، وهو الذي يقضي بمنع حركة بيع وشراء العقارات والأراضي، كما يمنع البناء وحتى الترميم في المناطق الكردية بذريعة أنها مناطق حدودية، تستوجب موافقات خاصة من الأجهزة الأمنية التي لا توافق عادة على المعاملات الخاصة بالكرد. هذا إلى جانب عدم إطلاق النار حتى الآن على المتظاهرين في المناطق الكردية، وذلك بناء على حسابات السلطة وتجربتها، فهذه الأخيرة تعلم علم اليقين أن سقوط أول شهيد كردي في قامشلي أو عامودة أو كوباني أو عفرين - أوغيرها من المدن الكردية-  فحواه نهوض كردي عام، سيمتد إلى دمشق وحلب، الأمر الذي يثير الهلع لدى السلطة التي تعلم أن الوجود الكردي اللافت في كل من دمشق - حيث أكثر من نصف مليون كردي- وحلب -  حيث أكثر من 400 ألف كردي- سيكون له تأثير فاعل على تنامي حركة الاحتجاجات في المدينتين الرئيستين المعنيتين، خاصة في حلب، وهي المدينة التي تمكنت السلطة حتى الآن من إبعادها - إلى حد ما- عن عملية التفاعل القوي مع ثورة الكرامة السورية التي تعم سائر المدن والمناطق السورية.
وفي السياق ذاته، يبدو أن السلطة الحاكمة في سورية قد استطاعت بوسائلها الخاصة التأثير في مواقف قسم من الكرد، هؤلاء الذين يدعون تحت شعار المحافظة على المصلحة الكردية إلى ضرورة التعقل، والتهدئة، وعدم الانجرار خلف شعارات تؤدي إلى مجهول غير واضح المعالم، بل ما يُستشف من بعض التصريحات والحجج المقدمة، هو أن بعضاً من هذا القسم المقرّب من السلطات - إذا صح التعبير- يسعى، (بناء على حرصه وغيرته) إلى إقناع الآخرين بضرورة الاستفادة من ضعف السلطة، والضغط عليها من أجل الحصول على الحقوق المسلوبة؛ فذلك أفضل للكرد - وفق وجهة نظر هؤلاء- من البديل المنتظر الذي سيتشخص - حسب زعمهم المتناغم مع ادعاءات السلطة- في مركب الاستبداد القومي والتعصب الديني.
ولكننا إذا انتقلنا إلى الجانب الآخر من اللوحة التي تجسّد المشهد الكردي في سورية من جهة درجة التفاعل مع ثورة الكرامة السورية، سنرى مستويات ثلاثة متداخلة ومتمايزة في الوقت ذاته. متداخلة على أساس الرغبة في المحافظة على وحدة الموقف الكردي، واعتبار الخصوصية القومية جزءاً من المسألة الوطنية الديمقراطية العامة للبلاد. ومتمايزة من ناحية تحديد قواعد التفاعل مع الشأن السوري العام.
أما القوى التي تمثل المستويات المعنية فهي:

1. القوى الشبابية في التنسيقيات المحلية الكردية:
 وهي القوى التي اتخذت قرارها منذ اللحظة الأولى، وتفاعلت مع الثورة بكامل قواها، وأكدت التزامها الوطني السوري، واعتبرت أن المرحلة تقتضي التركيز على الوطني العام من دون الكردي الخاص؛ والاكتفاء فيما يخص هذا الأخير ببعض الأمور العامة مثل الاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكردي في سورية. هذه القوى لها علاقات مع القوى العربية والسريانية وغيرها في المناطق الكردية على وجه التخصيص، ومع التنسيقيات المحلية في سائر المدن السورية على وجه العموم؛ وهي تحظى بتعاطف شعبي من قبل الوسط الكردي العام، إلا أنه تعاطف لم يبلغ بعد مرحلة التشارك الفاعل في مختلف النشاطات، وذلك نتيجة التمايز في المواقف.

2. الأحزاب الكردية:
 وهي التي تمثل الحركة السياسية الكردية المنظمة التقليدية؛ وهي أحزاب ضعيفة بصورة عامة على الصعيد التنظيمي، وذلك بفعل الانشقاقات المتتالية التي أدت إلى بروز أكثر من أربعة عشر حزباً؛ كما أنها أدت في الوقت ذاته إلى ترك الآلاف من الكوادر العمل الحزبي. غير أنه على الرغم من هذا الضعف، يُلاحظ أن لهذه الأحزاب قيمتها الاعتبارية التي تمنحها إمكانية التأثير في الشارع الكردي ، وذلك في حال وحدة موقفها، وتيقن الشارع من جديتها ومصداقتيها؛ ولكنها في حال انتفاء ذلك، تبدو عاجزة، غير قادرة على التأثير، حتى في المنتسبين إليها أحياناً.
المشكلة الأساسية التي تعاني منها هذه الأحزاب مجتمعة أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت جزءاً من المعارضة أم لا. تدخل مع هذه الأخيرة في مشاريع، لكنها تحاول في الوقت ذاته المحافظة على هامش من الخصوصية؛ فهناك أحزاب كردية عديدة مشاركة في إعلان دمشق؛ وهناك أحزاب أخرى انضمت إلى هيئة التنسيق الوطنية بقيادة حسن عبدا لعظيم، وهناك أحزاب غير منضوية تحت لواء أي تجمع سوري معارض. ما يُلاحظ في موقف هذه الأحزاب هو أنها ما زالت متمسكة بمطلب التغيير الوطني الديمقراطي، ولم ترفع بعد شعار إسقاط النظام الذي يطالب به الشارع السوري بأسره بوضوح ما بعده وضوح. هذا بالإضافة إلى وجود قسم أو وسط معين من الحركة الكردية ما زال يراهن على إمكانية التفاهم مع أوساط معينة ضمن النظام بذريعة فوائد السياسة البرجماتية العملية. هذا في حين أن قسما آخر منها يرى أهمية المشاركة في حركة الاحتجاجات التي تقوم بها القوى الشبابية المشار إليها. بينما يسعى فريق ثالث من الأحزاب ذاتها إلى تكثيف اللقاءات مع المعارضة السورية التقليدية بغية التوصل معها إلى توافقات، توافقات من شأنها تحديد مسار التحرك المستقبلي.
عير أنه على وجه العموم، يتلمّس المرء وجود تجانس في مواقف الأحزاب الكردية يتمثل في عدم إقدامها على تفعيل الموقف الكردي عبر اللقاءات الجماهيرية، والبيانات المنتظمة، والحوارات المعمقة مع النخب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية غير الحزبية، وعدم سعيها بصورة جادة من أجل تشكيل مرجعية كردية حقيقية، مرجعية من شأنها توفير الأرضية اللازمة للعمل بروحية الفريق الواحد في مختلف الحوارات والنشاطات الوطنية السورية العامة.
كل ذلك ينعكس سلباً على الأطراف المعنية، ويؤدي إلى اتساع الشرخ بينها وبين المجتمع الكردي عامة، والقوى الشبابية في التنسيقيات على وجه التخصيص. وهذا كله مؤداه مزيد من الاضطراب وتشتيت للطاقات، يتجلى في تعددية الاجتهادات والمسارات والبيانات، والبيانات المضادة.
نحن لا ننكر أن لهذه الأحزاب تاريخاً يشمل نجاحاتها وإخفاقاتها؛ كما أنها تضم كوادر يشهد الجميع بصدقيتها وإخلاصها، لكن هذا كله لا يعفيها من المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد؛ وذلك بناء على أدائها منذ انطلاقة ثورة الكرامة السورية في 15 آذار 2011 وإلى يومنا الراهن. ولعل هذا ما يفسر جانباً من التبرّم الشعبي الكردي المتمحور حول طريقة عمل وتحرك هذه الأحزاب؛ وهو تبرّم نلمسه واقعاً على الأرض، سواء عبر التصريحات أ والكتابات، أو من خلال المواقف العملية على الأرض.
هناك فجوة بين الأحزاب الكردية والمجتمع الكردي علينا أن نعترف بها، وهي فجوة ستتسع  ما لم يتم تدارك الأمر عبر إجراءات سريعة فاعلة، ترتقي إلى مستوى التحديات.

3. المجتمع المدني الكردي:
وهو يضم الآلاف من الكوادر الأكاديمية في مختلف الاختصاصات من أطباء وصيادلة ومهندسين ومحامين وأساتذة، من مثقفين وفعاليات اجتماعية واقتصادية وسياسية غير حزبية وروحية. ناضل قسم كبير من هؤلاء في صفوف الأحزاب الكردية وغيرها، وتركوا العمل السياسي المنظم لأسباب شتى، لكنهم ما زالوا يتابعون ويتفاعلون بنشاط مع الشأن العام، وهم على استعداد تام للإسهام الفاعل كردياً في ثورة الكرامة السورية؛ لكن الذي ينقصهم هم العمل المؤسساتي، وذلك بفعل قمع سلطة الاستبداد التي كانت دائماً بالمرصاد لأي عمل من شأنه تفعيل المجتمع المدني سواء السوري العام، أم الكردي على وجه التخصيص.
وقد تركت الكوادر المعنية المجال واسعاً أمام الأحزاب الكردية منذ بدايات الثورة وحتى وقتنا الراهن، وأبدت استعدادها للتنسيق معها، ومع القوى الشبابية التي تنظم المظاهرات والأعمال الاحتجاجية المختلفة. ولكن بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على انطلاقة الثورة، يبدو أن هناك خللاً ما يحول دون تمكّن الأحزاب الكردية من أخذ زمام المبادرة، وقيادة التحرك الشعبي الكردي في إطار ثورة الكرامة السورية على قاعدة كون المسألة الكردية جزءاً لا يتجزأ من المسألة الوطنية الديمقراطية العامة في البلاد؛ وهذا ما يستدعي ضرورة تفعيل المجتمع المدني الكردي، انطلاقا من حقيقة فحواها أن ما يحصل يهم الجميع، ويمس مصير الجميع. وتستوجب عملية التفعيل المعنية تحرك الكوادر الفاعلة المشار إليها، لتدعو من جانبها - وبالتوافق مع ظروفها ومعطياتها-  إلى لقاءات عامة، يتم الاتفاق من خلالها على تحديد الخطوط العامة التي ستكون بمثابة برنامج عمل. كما يتم تشكيل اللجان المختصة التي ستناط بها المهام المختلفة، وذلك بما يتناسب مع طبيعة المرحلة والدور الكردي.
التحديات كبيرة، والضريبة قد تكون باهظة، ولكن مهما يكن لا يجوز لأي كان أن يصادر الموقف الكردي، ويحول دون ترسخ التفاعل الحاصل بين العام السوري والخاص الكردي. لا يجوز لنا أن نتحجج أو نتذرع بتصريحات أو ممارسات بعض المعارضين السوريين التقليديين المتقاعدين التي يأبى أصحابها الإقرار بالحق الكردي ضمن إطار المشروع الوطني السوري؛ فهؤلاء كانوا، وما زالوا، يستخدمون المنظومة المفهومية البعثية أداة لتفكيرهم، وهؤلاء لا يمثلون من ناحيتي الحجم والعمر المعارضة الشبابية الحقيقية في الشارع السوري، هذه المعارضة التي ستقطع من دون شك مع قيم الاستبداد والإقصاء والتعصب.
إنه الشباب السوري الذي سيتجاوز بجدارة حواجز التمييز القومي والطائفي والفكري، فهو شباب يعيش عصره، ويستفيد من تجارب المجتمعات المتقدمة التي تمكنت من تحويل تعددياتها المجتمعية إلى عوامل ازدهار وتنوع وتواصل، سواء ضمن المجتمع الواحد، أم مع المجتمعات المحيطة، والأمثلة في هذا المجال كثيرة، يمكننا الاستفادة منها في الوقت المناسب.
المرحلة الراهنة مفصلية، تاريخية كما نرى جميعاً. وهي لا تتحمل أي تردد أو تقاعس، كما لا تتحمل أية صبيانية وبحث عن نجومية كاذبة مضللة للذات قبل الآخر.
علينا جميعاً أن نعمل بكامل طاقاتنا حتى نتمكن من تأمين مستقبل زاهر لأجيالنا القادمة.

الرحمة لشهدائنا، العزيمة لشبابنا وشابتنا، وعاشت الوحدة الوطنية على قاعدة احترام خصوصية ربيعنا السوري الجميل.

وهي التي تمثل الحركة السياسية الكردية المنظمة التقليدية؛ وهي أحزاب ضعيفة بصورة عامة على الصعيد التنظيمي، وذلك بفعل الانشقاقات المتتالية التي أدت إلى بروز أكثر من أربعة عشر حزباً؛ كما أنها أدت في الوقت ذاته إلى ترك الآلاف من الكوادر العمل الحزبي. غير أنه على الرغم من هذا الضعف، يُلاحظ أن لهذه الأحزاب قيمتها الاعتبارية التي تمنحها إمكانية التأثير في الشارع الكردي ، وذلك في حال وحدة موقفها، وتيقن الشارع من جديتها ومصداقتيها؛ ولكنها في حال انتفاء ذلك، تبدو عاجزة، غير قادرة على التأثير، حتى في المنتسبين إليها أحياناً.المشكلة الأساسية التي تعاني منها هذه الأحزاب مجتمعة أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت جزءاً من المعارضة أم لا. تدخل مع هذه الأخيرة في مشاريع، لكنها تحاول في الوقت ذاته المحافظة على هامش من الخصوصية؛ فهناك أحزاب كردية عديدة مشاركة في إعلان دمشق؛ وهناك أحزاب أخرى انضمت إلى هيئة التنسيق الوطنية بقيادة حسن عبدا لعظيم، وهناك أحزاب غير منضوية تحت لواء أي تجمع سوري معارض. ما يُلاحظ في موقف هذه الأحزاب هو أنها ما زالت متمسكة بمطلب التغيير الوطني الديمقراطي، ولم ترفع بعد شعار إسقاط النظام الذي يطالب به الشارع السوري بأسره بوضوح ما بعده وضوح. هذا بالإضافة إلى وجود قسم أو وسط معين من الحركة الكردية ما زال يراهن على إمكانية التفاهم مع أوساط معينة ضمن النظام بذريعة فوائد السياسة البرجماتية العملية. هذا في حين أن قسما آخر منها يرى أهمية المشاركة في حركة الاحتجاجات التي تقوم بها القوى الشبابية المشار إليها. بينما يسعى فريق ثالث من الأحزاب ذاتها إلى تكثيف اللقاءات مع المعارضة السورية التقليدية بغية التوصل معها إلى توافقات، توافقات من شأنها تحديد مسار التحرك المستقبلي.عير أنه على وجه العموم، يتلمّس المرء وجود تجانس في مواقف الأحزاب الكردية يتمثل في عدم إقدامها على تفعيل الموقف الكردي عبر اللقاءات الجماهيرية، والبيانات المنتظمة، والحوارات المعمقة مع النخب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية غير الحزبية، وعدم سعيها بصورة جادة من أجل تشكيل مرجعية كردية حقيقية، مرجعية من شأنها توفير الأرضية اللازمة للعمل بروحية الفريق الواحد في مختلف الحوارات والنشاطات الوطنية السورية العامة. كل ذلك ينعكس سلباً على الأطراف المعنية، ويؤدي إلى اتساع الشرخ بينها وبين المجتمع الكردي عامة، والقوى الشبابية في التنسيقيات على وجه التخصيص. وهذا كله مؤداه مزيد من الاضطراب وتشتيت للطاقات، يتجلى في تعددية الاجتهادات والمسارات والبيانات، والبيانات المضادة.نحن لا ننكر أن لهذه الأحزاب تاريخاً يشمل نجاحاتها وإخفاقاتها؛ كما أنها تضم كوادر يشهد الجميع بصدقيتها وإخلاصها، لكن هذا كله لا يعفيها من المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد؛ وذلك بناء على أدائها منذ انطلاقة ثورة الكرامة السورية في 15 آذار 2011 وإلى يومنا الراهن. ولعل هذا ما يفسر جانباً من التبرّم الشعبي الكردي المتمحور حول طريقة عمل وتحرك هذه الأحزاب؛ وهو تبرّم نلمسه واقعاً على الأرض، سواء عبر التصريحات أ والكتابات، أو من خلال المواقف العملية على الأرض. هناك فجوة بين الأحزاب الكردية والمجتمع الكردي علينا أن نعترف بها، وهي فجوة ستتسع  ما لم يتم تدارك الأمر عبر إجراءات سريعة فاعلة، ترتقي إلى مستوى التحديات.
وهي القوى التي اتخذت قرارها منذ اللحظة الأولى، وتفاعلت مع الثورة بكامل قواها، وأكدت التزامها الوطني السوري، واعتبرت أن المرحلة تقتضي التركيز على الوطني العام من دون الكردي الخاص؛ والاكتفاء فيما يخص هذا الأخير ببعض الأمور العامة مثل الاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكردي في سورية. هذه القوى لها علاقات مع القوى العربية والسريانية وغيرها في المناطق الكردية على وجه التخصيص، ومع التنسيقيات المحلية في سائر المدن السورية على وجه العموم؛ وهي تحظى بتعاطف شعبي من قبل الوسط الكردي العام، إلا أنه تعاطف لم يبلغ بعد مرحلة التشارك الفاعل في مختلف النشاطات، وذلك نتيجة التمايز في المواقف.وهي التي تمثل الحركة السياسية الكردية المنظمة التقليدية؛ وهي أحزاب ضعيفة بصورة عامة على الصعيد التنظيمي، وذلك بفعل الانشقاقات المتتالية التي أدت إلى بروز أكثر من أربعة عشر حزباً؛ كما أنها أدت في الوقت ذاته إلى ترك الآلاف من الكوادر العمل الحزبي. غير أنه على الرغم من هذا الضعف، يُلاحظ أن لهذه الأحزاب قيمتها الاعتبارية التي تمنحها إمكانية التأثير في الشارع الكردي ، وذلك في حال وحدة موقفها، وتيقن الشارع من جديتها ومصداقتيها؛ ولكنها في حال انتفاء ذلك، تبدو عاجزة، غير قادرة على التأثير، حتى في المنتسبين إليها أحياناً.المشكلة الأساسية التي تعاني منها هذه الأحزاب مجتمعة أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت جزءاً من المعارضة أم لا. تدخل مع هذه الأخيرة في مشاريع، لكنها تحاول في الوقت ذاته المحافظة على هامش من الخصوصية؛ فهناك أحزاب كردية عديدة مشاركة في إعلان دمشق؛ وهناك أحزاب أخرى انضمت إلى هيئة التنسيق الوطنية بقيادة حسن عبدا لعظيم، وهناك أحزاب غير منضوية تحت لواء أي تجمع سوري معارض. ما يُلاحظ في موقف هذه الأحزاب هو أنها ما زالت متمسكة بمطلب التغيير الوطني الديمقراطي، ولم ترفع بعد شعار إسقاط النظام الذي يطالب به الشارع السوري بأسره بوضوح ما بعده وضوح. هذا بالإضافة إلى وجود قسم أو وسط معين من الحركة الكردية ما زال يراهن على إمكانية التفاهم مع أوساط معينة ضمن النظام بذريعة فوائد السياسة البرجماتية العملية. هذا في حين أن قسما آخر منها يرى أهمية المشاركة في حركة الاحتجاجات التي تقوم بها القوى الشبابية المشار إليها. بينما يسعى فريق ثالث من الأحزاب ذاتها إلى تكثيف اللقاءات مع المعارضة السورية التقليدية بغية التوصل معها إلى توافقات، توافقات من شأنها تحديد مسار التحرك المستقبلي.عير أنه على وجه العموم، يتلمّس المرء وجود تجانس في مواقف الأحزاب الكردية يتمثل في عدم إقدامها على تفعيل الموقف الكردي عبر اللقاءات الجماهيرية، والبيانات المنتظمة، والحوارات المعمقة مع النخب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية غير الحزبية، وعدم سعيها بصورة جادة من أجل تشكيل مرجعية كردية حقيقية، مرجعية من شأنها توفير الأرضية اللازمة للعمل بروحية الفريق الواحد في مختلف الحوارات والنشاطات الوطنية السورية العامة. كل ذلك ينعكس سلباً على الأطراف المعنية، ويؤدي إلى اتساع الشرخ بينها وبين المجتمع الكردي عامة، والقوى الشبابية في التنسيقيات على وجه التخصيص. وهذا كله مؤداه مزيد من الاضطراب وتشتيت للطاقات، يتجلى في تعددية الاجتهادات والمسارات والبيانات، والبيانات المضادة.نحن لا ننكر أن لهذه الأحزاب تاريخاً يشمل نجاحاتها وإخفاقاتها؛ كما أنها تضم كوادر يشهد الجميع بصدقيتها وإخلاصها، لكن هذا كله لا يعفيها من المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد؛ وذلك بناء على أدائها منذ انطلاقة ثورة الكرامة السورية في 15 آذار 2011 وإلى يومنا الراهن. ولعل هذا ما يفسر جانباً من التبرّم الشعبي الكردي المتمحور حول طريقة عمل وتحرك هذه الأحزاب؛ وهو تبرّم نلمسه واقعاً على الأرض، سواء عبر التصريحات أ والكتابات، أو من خلال المواقف العملية على الأرض. هناك فجوة بين الأحزاب الكردية والمجتمع الكردي علينا أن نعترف بها، وهي فجوة ستتسع  ما لم يتم تدارك الأمر عبر إجراءات سريعة فاعلة، ترتقي إلى مستوى التحديات.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.