القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 345 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: قراءة في حيثيات عمل الشهر الأول من أداء «المؤتمر السوري للتغيير» من خلال تقييم زيارة وفده لثلاث دول أوروبية

 
الخميس 14 تموز 2011


   د. رضوان باديني
عضو المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للتغيير

في الشهر الأول من وجوده على الساحة ككيان سياسي جديد في المعارضة السورية قُدر لوفد "المؤتمر السوري للتغيير"، الذي زار عدة دول أوروبية، قُدر له أن يكون على المحك في عدة محاور بالنسبة للرأي العام المحلي والخارجي في آنٍ واحد. إذ تطلب منه ان يقدم عينة من المواقف، تعبر عن كينونته أولاً،  ثم قدرته على الممارسة الديمقراطية ثانياً، وأخيراً جدوى تمثيله لطيف واسع من الأحزاب والمنظمات والشخصيات المستقلة من مختلف الإتجاهات والرؤى السياسية؛ وقبل هذا وذاك أن يبرهن، من خلال تعاطيه مع المسائل الملحة المطروحة على الساحة على مدى تماسكه وديناميكيته في عملية التغيير نحو الديمقراطية.


إذاً إمتحان غير سهل!  إمتحان إقتضي من كل عضو من الوفد أن يثبت إنه يمثل نفسه وغيره في آنٍ واحد، بانه مندمج مع الشخصية الجديدة للمنظمة ويكون في نفس الوقت الممثل النموذجي لإطروحات الحالة الخاصة التي يمثلها في هذا التنظيم. وهذا يتطلب بالإضافة للمرونة والدراية في ترتيب الأولويات والإستراتيجيات القديمة والحديثة وتصنيفها بين موضوعية وذاتية..ألخ، يتطلب كذلك  درجة كافية من الإستعداد لقبول الآخر المختلف والقبول بالتوافق والتناسق العملي معه على سلم التصنيف الزمني لهذه الأولويات.
إذاً قُدر "للمؤتمر السوري للتغيير" المنبثق عن مؤتمر أنطاليا في بداية حزيران الماضي ان يختبر جدوى عمله وفعالية وجوده في الممارسة الدبلوماسية قبل اية ساحة أخرى، وقد أفرزت التجربة القصيرة من العمل المشترك لمكوناته الإجتماعية والثقافية والسياسية في أداء هذه المهمة إلى رصد بعض الملاحظات التي تتطلب المناقشة والتحليل.. ولربما طبيعة الأداء العملي امام جهات رسمية من مختلف المستويات لثلاث دول أوروبية هامة، معتمدة معايير موضوعية وعلمية دقيقة في التعامل والتحقيق والمقاربة...تظهر لنا على أفضل جه مصداقية ومردودية المواقف المنظورة.
قبل كل شيئ تَطَلبَ من أربعة ممثلين من التنظيم الجديد (أعضاء الوفد) أن يثبتوا بانهم قادرين على إتباع سياسة واحدة وخطة مشتركة تشكل القاسم المشترك بين أطروحات تنظيماتهم (المرجعية) المختلفة والمتباينة والمنضوية تحت لواء منظمة واحدة.
هنا يجب أن أذكر مباشرة، كعضوٍ مشارك في هذا الوفد، كان ينبغي علينا  تحديد مسار النقاش  في كل جولة من هذه اللقاءات، للإجابة على إستفسارات وتساؤلات محدثينا: ماذا ستكون هوية سوريا الجديدة ما بعد الأسد؟ هل ستكون دولة علمانية أم دينية؟ ما الذي سيشكل المصدر الأساسي للدستور والقوانين المدنية؟ كيف سنتعامل مع المواثيق والعهود والإلتزامات الدولية الموقعة من قبل النظام؟ ما هي المبادئ المتفق عليها بيننا كطريقة لإجاد الحلول والتعاطي مع المستجدات السياسية؟ وغيرها من المسائل الإستراتيجية المطلوب منا البت فيها، وبالأخص كيف سنتعامل مع إسرائيل وما هي طريقتنا في إسترجاع الجولان؟بالإضافة إلى جملة من المهام الآنية التي كنا نطالب بها كإتخاذ موقف حاسم لإدانة النظام على قمعه الممنهج ودعمنا وتأييدنا لمحاكمة رموزه أمام المحاكم الدولية المختصة.
نعم كان كل عضو من وفدنا على المحك في كل هذه المحاور الهامة! وكانت أجوبتنا مهمة لبعضنا البعض بنفس القدر الذي يهتم بها محدثينا. لقد كان مهم لنا أن نظهر لبعضنا قدرتنا على الإتفاق ووفهمنا للتنسيق ونبدي حرصنا على الحدود والمفاهيم المتفق عليها بين مرجعياتنا التنظيمية والشكل الذي نريد فيه إظهار الوجه الصحيح لتنظيمنا الجديد " المؤتمر السوري للتغيير".
على ضوء ذلك يمكننا إعتبار المحطة الأولى، موسكو،"صدمة" إيقظتنا من صفاء غفلتنا. فرغم الجملة القوية التي بدأ بها مضيفنا ميخائيل مارغيلوف إستقبالنا:" الروس يملكون صديقاً واحداً في سوريا: هو الشعب السوري"! إلا ان المسافة بين هذه الجملة والجملة التي اعقبتها من محدثنا (وأعتقد انها لم تكن جزافاً)  حول ما دار بينه وبين ممثلي المؤتمر اليهودي في روسيا، و توجسهم من إمكانية ملأ الفراغ الذي قد يظهر في سوريا من جراء سقوط نظام الأسد.. كان بمثابة بالون إختبار لمدى إستساغتنا لتوازي هذه المواقف وإلتقائها في صديقنا المحدث!
وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من زيارة موسكو كان التعريف بنا (بصفة فردية وجماعية) وبأهدافنا ومد جسر من الثقة بيننا وبين "الصديق" القديم لشعبنا،  لكن الأثير الأول كان ينشأ من إرهاصات "وجع" مداخلاتنا "التصحيحية" لبعضنا البعض. ثم كان ينبغي منا تفادى الوقوع في "المخفيات" من المطبات الدبلوماسية التي مارسها النظام دون معرفة الرأي العام..
وفي إحدى اللقاءات أصطدمنا "بقنبلة موقوتة" من نوع آخر، من تلك التي زرعها النظام على طريق المعارضة بإفتعال مشاكل وإستفزازات ونشر إدعاءات كاذبة حول "السلوك التآمري" لبعض أطراف المعارضة الممثلة في وفدنا، في القضايا الداخلية الروسية (إتهام الأخوان المسلمين بمساندة عصيان الشيشان في القفقاس..؟!) لذا لم يكن سهلاً لنا  إجتياز كل العراقيل والصعوبات المتكدسة في ثنايا تعقيدات  الملف السوري-الروسي نفسه، والتشويشات والتدبيرات المحاكة  بهدف فشل الزيارة اوإنزال سقف مستواها الرسمي.
لكن سقط خبث "الزغردة العلنية"  للصداقة "التاريخية السورية- الروسية" في لغة المزاودين من أنصار النظام وكشف زيف إستنجادهم بالإيديولوجيا لإثبات ما لم يتم في السياسة والواقع. ولحسن حظنا كان ممثل "الأخوان" معنا على درجة كبيرة من الإطلاع والمعرفة حيث بدد كل ما يمكن أن تنشئه المخيلة الخاوية من المعطيات في هذا الجانب. وقد فهمنا بان هذه المهمة تتطلب الإعادة والتكرار. وتحسباً لأية سوء فهم طالبنا زميلنا الأستاذ ملهم الدروبي بتكرار أن: " الأخوان لا يطالبون بإنشاء دولة دينية، بل دولة مدنية عصرية، دولة  ديمقراطية يتمتع فيها كل المواطنين بغض النظر عن لونهم وعرقهم وجنسهم ومنشأهم الإجتماعي... بالعدالة والمساواة.."!
وهذه لم تكن الصعوبة الأولى التي إصطدمنا بها. مهمتنا كانت أصعب من ذلك بكثير. ففي هذه المساواة المنشودة كان هناك إغداق للحالة الكردية التي ينبغي أن تبقى متميزة.
الإختلاف الجوهري بيننا كان يكمن في تقدير  أن المساواة الشكلية أمام القانون دون أن يقترن بـ"الإعتراف الدستوري الصريح بوجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية"، سيتحول من الإطراء إلى الإلغاء وإلى الإساءة بدلاً من إحترام الخصوصيات...إن مطالبتنا في تصحيح مسار الأمر كان يفهم في خلد زميلي وصديقي الأستاذ ملهم الدروبي  "كفقرة تمييزية" زائدة، لا لزوم لها. وستصبح، حسب فهمه، مصدراً "للتفرقة" التي لا نحتاج لها!. ظهر ذلك جلياً أثناء مناقشة محتوى كلمتي لندوة باريس، والتي كانت باللغة الفرنسية.
إذاً كنّا إزاء مساواة تقضم حقوقنا كقومية ثانية متميزة. وبرأينا ان الدعوة المبدئية العامة إلى مساواة في المواطنة في "الدولة" او الأخوة في "الدين" دون حل المسألة القومية دستورياً وقانونياً هي تكريس" للوضع القانوني السابق للكورد ولكن هذه المرة بطرق ديمقراطية!. وسيكون بمثابة تكرار لما عانى منها الكورد طيلة العقود الماضية تحت ظل حكم البعث. لنكن واضحين: اننا نطالب بمساواة من نوع آخر، مساواة في الحقوق مع القومية العربية السائدة والتمتع  مثلها بنفس الصلاحيات السيادية لكن في حدود دنيا من أشكال تقرير المصير (إدارة ذاتية، حكم ذاتي، فدرالية..) التي تحافظ على وحدة البلاد وسلامة اراضيها. هذا ما خولني به شبابنا الكردي في مؤتمر أنطاليا وعلي الإلتزام به.
لكننا كأعضاء في وفد واحد كان هناك سؤال من نوع آخر ينتصب أمامنا: كيف نكسب ود ممثلي روسيا بنظامها، الحامل للصفات الوراثية للنظام السوفيتي التوتاليتاري السابق، ونفند جدوى بقائه في حلف مع صديقه النظام السوري الذي تربطه به تاريخ عدة عقود من التنسيق والتقارب "الرفاقي" وفي ملفات قوامها الرؤى السياسية المتقاربة وعقود إقتصادية كبيرة وصفقات من السلاح بما فيها المحظورة إقليمياً وعالمياً ؟! بصراحة أن رخوة وهشاشة منطلقاتنا المذكورة  آنفاً كانت تفضي لنوع آخر من الإستنتاجات رغم سعينا لإضفاء مسحة أخرى لتعاضدنا التنظيمي الجديد.
مهمة أخرى في غاية التعقيد: إستمالة روسيا للكف عن دعم نظام الأسد. الأمر الذي كان، حتى الأمس القريب، ضرباً من الخيال. لكنه ليس يسيراً بعد!  الآن ليس سهلاً إمكانية ثني عزم الروس وتحريف وجهتم عن سوريا، على الأقل دفعة واحدة وهي  التي أبقت الأسد الأب على قيد الحياة مدفقة دماً روسياً حقيقياً أحمراً في عروقه لمدة عشر سنوات وأسندت الأسد الأبن بكل ما اوتيت من وسيلة وحيلة للإحتفاظ بموقعها وقاعدتها العسكرية الوحيدة على البحر الأبيض المتوسط في سوريا؟!
لكن حصل ما حصل! وسمعنا من الروس ما لم نتوقعه من الإطراء: القادة والساسة "مارقون" والشعوب هي الباقية وتختار ممثليها في كل حقبة.. وهو ما كان عنواناً لنجاح الزيارة بكل المعايير والمقاييس.
والمحطة الثانية كانت "ندوة باريس لدعم التغيير نحو الديمقراطية" التي شهدنا فيها "فتق" تلاحمنا بألسنة النار لغلاة المبادئ العوراء في الصحافة الإلكترونية. حيث كانت ذهنية الشرذمة تتثعلب على البرهة الحبلى بمواعيد تحمل هتافاتنا للقارات.
لقد تكدست الأسئلة والأجوبة وتمادت الحكايات في تموجاتها وأختلطت القوة المادية والروحية والأخلاقية ببعضها البعض وإختلطت طرق ووسائل الحل بالهرطقة والفلسفة الريتوريكية. وأنتصب السؤال بكل قيافته: "هل يمكن لنا الحضور في ندوة لمناصرة قضيتنا ضد النظام يحضرها ويدعو لها شخصان او ثلاثة من أصدقاء إسرائيل لنحييد به دعم وتأييد إسرائيل كلها لنظام الأسد؟" في المنطق السليم هذا ليس إلا سؤال بديهي! بل دعابة او نكتة لإختبار سباكة موقف الصغار حينما يسألوا للتميز بين أهمية الجزأ والكل لمادة واحدة!؟ لكننا كنا مدعوين حقاً للبت فيه بسبب تفاوت تفسيرات وتقديرات مجموعتنا لأهمية الحدث بالمقارنة مع " الثمن" الذي ندفعه لتحقيقه!!؟
نعم كانت البداية عسيرة و صعبة المنال في باريس ...صعبة في تكورها، في مخاضها و في تداولها... وبالأخص حينما كانت الحكاية مقتصرة على أولئك الذين يجوبون المناطق المجهولة ويرجعون منها بكم هائل من الرموز والطقوس والكلام الذي يتلوى بسحره الألباب وتتندى بهباته النفوس.
أقولها بصراحة يجب أن نتخلص وإلى الأبد من الشغفية المتلبدة بغيوم من اللاادرية لأن البحث عن صدى يصدح القلب وعن هول يذعر العقل ليتصدر الجماعة به بنبراس يتسع  لحدقته برهجة عيون الغفلة في عتمة الغيب أو الخوض في الأطراف القفرة من المعرفة... أن  الجهل بالأشياء لن يؤدي إلى إلغائها. هكذا كان الأمر بالنسبة لوقع حديثي باللغة الروسية على زملائي  أثناء الإجتماع بمارغيلوف  في "مكتب التضامن الآسيوي الإفريقي" الذي حضرت فيه عشرات الندوات واللقاءات سابقاً وفي أزمنة مختلفة... وكذلك كان وقع كلمتي بالفرنسية في الندوة الباريسية على زملائي. 
تصورا ماذا كانوا يرفضون: ندوة حضرها ما لايقل عن 400 شخصية سياسية ودبلوماسية وأدبية وأكاديمية وفنية من الطراز الأول، تخطت كلماتهم عنس اللغة المسموحة وناشد الجميع العالم والحكومات والمنظمات الإنسانية لنجدة الشعب السوري وإنقاذه ودعم نضاله العادل، وكسر حاجز الصمت من حوله..لقد تكلم بهذا المنطق رؤساء الوزراء السابقين لوران فابيوس وفرنسوا بيرو، لقد تحدث بذات المنطق وزير الخارجية السابق برنارد كوشنر وعمدة باريس برتراند دولانويه ... وكان في القاعة العشرات من النواب والوزراء السابقين ورؤساء الأحزاب التقليدية التي تتبادل السلطة منذ أكثر من نصف قرن: اليمين والوسط والديغوليين والحزب الإشتراكي..ومع ذلك بقي عدد من زملائنا يمانعون ولا يرغبون في الحضور لأن: " بين المدعويين شخص أسمه برنارد هنري لفي، الذي يعتبر صديقاً لإسرائيل"!؟
إن قياس مدى نجاح الندوة ممكن بمقارنة نتائجها مع نعت مستشارة بشار الأسد للشؤون السياسية بثينة شعبان التي اقدحت جام غضبها على الحضور والمشتركين بحشرجة مخاضية كادت تؤدي إلى خزق قلائدها من حول عنقعها من حنقها!.
والمحطة الثالثة كانت العاصمة الألمانية برلين.
هنا تألفت الزيارة من أربعة جولات من النقاشات وتبادل الآراء مع أربعة مؤسسات للدولة: البرلمان حيث أستُقبلنا من قبل لجنة العلاقات الخارجية، ووزارة الخارجية وكان في إستقبالنا السيد روج مدير شؤون الشرق الأوسط وسفير المانيا السابق في سوريا..ومستشار المستشارة الألمانية ميركل  للشؤون الدولية والإستراتيجية السيد رولف نيكل، وكذلك لقاء مع رئيس معهد SWPالسيد فولكر الذي يعتبر الخبير رقم واحد في السياسة السورية.
وفي الختام ندع جانباً المولجين لدرجة الجنون برهافة الحبكة ودعابة الاكتشاف ليؤرجوا وريد الجوارح ببهرجة الركون وجوايا الصدور بنرسيسيتهم و حسهم الخارق. لنقول باننا في حديثنا مع الآخرين نكاد أن لا نسمع بعضنا. ونعيد للأذهان أن مصدر قوتنا في تعاضدنا وفهمنا لبعضنا البعض. والمساواة لا تعني إزالة الفروقات الطبيعية والقومية بيننا. إننا إذا ساوينا بين الطيور بأن نقطع ونبتر ما تختلف فيها عن بعضها البعض في الشكل والحجم .. فاننا سنكون إزاء نوع واحد من الطيور في الطبيعة. إنفتاحنا على الغير يأتي بعد إنفتاحنا على أنفسنا وفهمنا لخصوصيات بعضنا البعض. إننا بحاجة لتوحيد خطابنا بتكوينه من الركائز التي نتمتع بها لنجد فيه صدى صوتنا ويكون تعبيراً عن تنوعنا التكويني الفسيفسائي الجميل.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.