القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: درعا....

 
الخميس 24 اذار 2011


جان دوست

أجد نفسي مضطرا للكتابة عن درعا...درعا التي ربطتني بها أيام العسكرية البيروتية صداقة شاب من عائلة أبو نبوت....وقد سقط منها الآن شهيد في اقتحام المسجد العمري... كان صديقي الذي يسمى سامر... مثالاً للطيبة ودماثة الخلق والترفع عن الصغائر... مع قليل من الخوف من الموت أشاركه فيه... وكنت أحبه وأفضله حتى على الكثير من أصدقائي وأبناء جلدتي الأكراد.
ولا أنسى ما حييت تلك اللقطة المرعبة عندما سقطت قذيفة هاون في مربض مدفعيتنا في الرمل العالي ببيروت عندما كنا نواجه قوات الجنرال ميشيل عون في تشرين الأول عام 1991، أسرعت أنا وسامر أبو نبوت لنحتمي بالملجأ وكان لارتباكنا أن حشرنا سوية في المدخل بسبب صفيحة ماء كان يحملها في يده لم ينتبه لها ولم يشأ رميها. وكم ضحكنا بعد الحادثة على تلك اللقطة التي تم حشرنا فيها.


الآن نرى درعا تواجه وحيدة الرصاص والقتل بدم بارد... الآن نرى درعا ترسم وحيدة خارطة الحرية... تدفع من دماء شبابها فاتورة كسر حاجز الخوف وسط ذهول السوريين جميعاً وعدم تصديقهم لما يجري... أي درعا هذه التي قامت لتسبب الصداع للسوريين كلهم... ممانعة ومعارضة، مثقفين وكتبة نظام، شيوعيين وإخوانا وقبل كل شيء أكراداً ثوريين. أي درعا هذه التي قامت رافعة لوحدها راية الدفاع عن الشرف الرفيع، عني وعنك وعن غيرنا! أية مدينة مجنونة بالحرية.. ممسوسة هذه هي درعا... التي تقف لوحدها .. ناشرة شعرها الفاحم للريح... قائلة: يا حيف يا حيف... كانت مفاجأتها بالفعل من العيار الثقيل..
الله الله يا درعا.... أهذا هو دم شبابك الذي يراق أم شقائق النعمان مبشرة بنيسان... أهذا صرخة شبابك  أم رعود ربيع تأخر كثيراً؟
درعا الآن تضعنا جميعاً أمام أنفسنا وتعرينا! نعم تعرينا كما فعلت القامشلي قبلها منذ بضع سنين... تضعنا أمام أنفسنا وتمتحن شجاعة كل واحد منا، تمتحن وطنية كل واحد منا... تمتحن مدى صدق كل واحد منا مع نفسه، مع وطنه وقبل كل شيء... مع ضميره.. درعا الآن لا تريد مقاتلين.. لا تريد مزيداً من الدمع والدم... لا تريد هتافات ولا تصفيقاً حاراً من الجمهور المتسمر أمام الشاشات مستمتعاً للعرض البطولي الأخاذ الي يقدمه شباب درعا مكتفياً بهز الرأس وترديد عبارات الاستحسان والمديح لجمال قاماتهم... الجمهور الذي يفصفص البزر بمتعة وهو يرى فرض الكفاية يؤديه شباب درعا... إنها بحاجة لمواساة.. بحاجة لمن يمسد بحنان شعرها الفاحم الذي ضرجته الدماء.. بحاجة لمن يضمد جراحها بكلمة.. بحاجة لمدن أخرى تغني معها.. درعا هي قامشلي... وإن كانت درعا حزينة وحيدة اليوم.. فقد كانت قامشلي كذلك قبل سبع سنوات... وهاهو ربيع سوريا يتماهى مع ربيع الكرد... فربيع الكرد كان كل عام دامياً... لم تشأ درعا إلا أن تعيش أجواء نوروز المكفهرة... فهل تعيش كل المدن السورية ما تعيشه درعا الآن!!
شكراً درعا... واعذريني فليس لي سوى هذا الكلام الهزيل.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.33
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات