القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 610 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

صحافة حزبية: كشــف حســاب

 
الأثنين 05 تموز 2010


  افتتاحية جريدة الوحدة (YEKÎTÎ) *
 
   في 14 حزيران  المنصرم، يكون قد مضى ثلاث وخمسون عاما على الإعلان عن أول تنظيم سياسي كردي عام 1957، والذي استدعت ولادته متطلبات موضوعية في حينها، خاصة ما يتعلق منها بالبحث عن ممثل يعبّر عن خصوصية الشعب الكردي وتطلّعاته، ويهدّئ من مخاوفه التي أثارتها بعض رموز وتنظيمات القومية السائدة التي نزعت نحو شطب الآخر القومي والسياسي، وأدارت ظهرها لميثاق الشراكة الوطنية التي وقفت وراء الاستقلال.
ولم يمض وقت طويل على تلك الولادة الطبيعية لأول حزب كردي حتى انتشرت تنظيماته في مختلف المناطق الكردية رغم تعرض أنصاره وكوادره للملاحقة والاعتقالات، لكنه خضع لسلسلة من الانشقاقات بدأت عام 1965 ولم تنته حتى الآن، وعاصر العديد من الحكومات التي تقاسمت سياسة الإنكار والقمع بحق الشعب الكردي وحركته الوطنية المطالبة بكشف حسابات الربح والخسارة.


    فهي، رغم عمرها الطويل، لم تخرج حتى الآن بنتائج ملموسة على الأرض فيما تتعلق ببرامجها وأهدافها المرسومة، وهذا يعني أن الحركة أخطأت مثلما أصابت، وإن الطريق أمامها لم يكن ممهّداً وسهلاً، بل أن الصعوبات والتحدّيات كانت ولا تزال كثيرة، بعضها ذاتية والأخرى موضوعية، وتبقى ظاهرة التشتت أخطرها على الإطلاق، والتي وصلت إلى حدود لا يبرّرها منطق سياسي أو تنوع اجتماعي.. ورغم ما تسبّبه تلك الظاهرة من تشتّت لقوى هذه الحركة وإحباط لدى جماهيرها، فإنها لم تحظ حتى الآن بمراجعة جريئة لتشخيص دوافعها، والعمل بالتالي على معالجتها والحدّ من آثارها السلبية.
  وتعود بعض تلك الدوافع إلى طبيعة المجتمع الكردي الذي تستمد منه الحركة أسباب وجودها ودرجة تطورها، وهنا لابد من التأكيد على عدم دقّة مقولة وجود فجوة بين هذه الحركة وجماهيرها، بل بالعكس فإنها تعّبر، بشكل أو بآخر عن درجة تطور المجتمع الكردي الذي لا يزال يعاني من بعض سمات التخلف التي تنعكس على حركته الوطنية، وعلى طبيعة العلاقات داخل أطرافها.
  كما أن عمليات القمع والضغوطات التي رافقت الحركة منذ نشوئها عرقلت تطوّرها الديمقراطي، وفرضت عليها نمط النضال السري الذي وقف عائقاً في طريق التفاعل، وخلق الكوادر البديلة على الدوام.
  ومن جهة ثانية فإن شراسة السياسة الشوفينية التي اعتمدت التنكّر لوجود الشعب الكردي ولشرعية حركته وعدالة أهدافه، كثيراً ما أوهمت أعضاءها بمسؤولية العامل الذاتي فقط عن ضعف قدرة الحركة على مواجهة تلك السياسة، واللجوء بالتالي الى الانشقاق، كحل مفترض، ليكون عامل ضعف بدلاً من أن يكون عامل قوة.
  لكن ما غاب، عن الكثير من المحلّلين للشأن الكردي وأنصار الحركة الكردية، هو ماهية طبيعة الحزب ودوره ووظيفته. فهو، أي الحزب تحوّل مع تواضع النتائج إلى هدف بدلاً من أن يكون وسيلة. والى محتكر للنضال السياسي بدلاً من أن يكون شريكاً فيه للآخرين. ونعتقد أن هذا الموضوع يشكّل أحد الأسباب الأساسية لتكاثر الأحزاب.
  ورغم أنه لا يمكن إنكار دور التنظيم في حياة الشعوب، فإن هذا الدور يتفاوت مع الزمن، حسب التطورات السياسية والثقافية والإعلامية، ففي بدايات الحراك الكردي، منذ أواخر الخمسينات وحتى أواخر السبعينات، كانت الأحزاب تحتكر تقريباً الشأن السياسي الكردي، بحكم احتكارها للمعلومات ولوسيلة الإعلام الورقية الوحيدة، وبذلك فإن أي شخص، إذا رغب في النشاط السياسي، كان يتوجب عليه الانخراط ضمن صفوف هذا الحزب أو ذاك... لكن الأمور تبدّلت بعد ذلك مع تطور وسائل الإعلام وثورة المعلوماتية ومع بروز فعاليات واسعة ثقافية واجتماعية واقتصادية داخل المجتمع الكردي، والتي تعتبر مهتمّة بالقضية الكردية ومتضرّرة من سياسة الحرمان. وعلى هذا الأساس وجدت نفسها معنيّة بالنضال من أجل إيجاد حل عادل لهذه القضية، وإلغاء تلك السياسة. ولذلك فإن الحركة الكردية المنظّمة باتت مطالبة بالاعتراف بأن هناك شركاء يعملون خارجها، وأن المصلحة تتطلب البحث عن آلية لتنظيم العلاقة معهم.. ومن هنا جاء مشروعنا لعقد مؤتمر وطني، تشارك فيه الأحزاب والفعاليات، وتتحدّد مهامه بصياغة وإقرار برنامج موضوعي، واختيار ممثليه تكون بمثابة مرجعية كردية. وفي الحالتين فإن الجميع مطالب بتعامل مسؤول، سواء فيما يتعلق باختيار أهداف وشعارات الحركة، حيث يتوجب عليه أن يفهم بأن هناك دائما فروقات بين ما يحق له، وبين ما يمكن تحقيقه، وكذلك ما يجب ممارستها من أساليب تحدّدها الظروف والإمكانات وحسابات الربح والخسارة قبل أن تفرضها الشرعية النظرية، فوسائل النضال الديمقراطي السلمي جميعها مباحة، لكن اختيار الصحيح والفعّال منها يتوقف على دقة التحليل، لأن الشعار - أي شعار - قد يصلح لمرحلة، لكنه قد يكون غير قابل للاعتماد في مرحلة أخرى، وقد يستفيد منه الحزب مؤقتاً، لكنه قد يشكل بالمقابل عبئاً على القضية أو مبرراً لتصعيد السياسة الشوفينية. ولذلك فإن أطراف الحركة برأينا مدعوة لتقريب وتدقيق مفردات خطابها السياسي الذي يعتبر الأساس في محاولات تأطير نضالاتها .
   أما أهمية بناء المرجعية الكردية المنشودة، فإنها لا تكمن فقط في إيجاد ممثلية شرعية، بل كذلك في لجم عمليات الانشقاق، باعتبارها المكان الأنسب لحل الخلافات السياسية والتنظيمية وحسمها، من جهة، إضافة إلى احتوائها للفعاليات الثقافية والاجتماعية والشخصيات المستقلة، التي لم تعد في هذه الحالة بحاجة إلى بناء تنظيم جديد، أو شق حزب قائم لتخوض به غمار السياسة، التي تتحوّل على هذا الأساس إلى شأن عام، وتتسّع بذلك القاعدة الجماهيرية للحركة التي تقود النضال الوطني الكردي بدلاً من احتكاره.
  وحتى تكون صورة الوضع الكردي أكثر وضوحاً، يجب الإشارة إلى أن الحركة الكردية لا تتحمّل وحدها مسؤولية التردّي الحاصل، فالسلطة تنتهج سياسة شوفينية واضحة تعتمد على القهر والصهر والحرمان، وتتعامل مع الشأن الكردي بالمزيد من المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية، وقد تصاعدت حدّة تلك السياسة إثر أحداث آذار الدامية عام 2004، التي تشير كل الدلائل على أنها كانت مشروع فتنة رسمتها السلطة لإيقاف تصاعد الخط البياني للآمال الكردية، وتحجيم دور الحركة الكردية في الحراك الديمقراطي، وتبرير مواصلة حالة الطوارئ، وعسكرة المناطق الكردية. واستغلت في ذلك بعض الأعمال اللا مسؤولة والشعارات الخارجة عن سياقها، لتحوّل المجتمع الكردي، في إطار التشدّد الأمني العام، إلى ساحة مباحة بكل معنى الكلمة، اعتباراً من سد منافذ العيش الكريم وأبواب الوظائف الحكومية،  وما ترتّبت عليه من هجرات واسعة، إلى اتساع حملات الاعتقال التي باتت تطال الجميع بحجج كثيرة ومختلفة، إضافة إلى تراكم المشاريع والقوانين الاستثنائية التي تفاجئ الكرد بالجديد منها كل مرة، لكي يرضخوا لما سبقتها من إحصاء وحزام ومراسيم جائرة .
  لكن، وفي الوقت الذي توحّد فيه مثل تلك السياسات مجتمعنا الكردي الرازح تحت وطأة تطبيقاتها المقيتة، فقد كان من الأولى أن تدفع حركتنا أيضا للتوحد والتصرف بمسؤولية، بعيداً عن التحزّب والمصالح الفئوية، وأن تنطلق في سياساتها من كونها جزءاً من الحركة الوطنية العامة، لتنخرط في النضال الديمقراطي العام، والعمل من أجل التغيير الديمقراطي السلمي الآمن، الذي يضمن الحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد.. وبذلك تخلص حركتنا للتنظيم الأوّل ولروّاده الأوائل، وتحظى بشرعية التعبير عن تطلّعات شعبنا الكردي، وعن خصوصية القضية الكردية في سوريا.

*- الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد(203)حزيران-2010م


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.5
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات