القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 503 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: بين الموقف المسؤول والقول الملتزم .. والأسماء المستعارة

 
الخميس 03 كانون الأول 2009


عبدالرحمن آلوجي
  
تناولنا في مقالات سابقة دور الكلمة وأثرها المسؤول , وما تفعله في أفئدة وعقول الجماهير, وما لها من أثر متفاوت , قد يصل بعض الأحيان درجة الخلود في إبداع منقطع النظير , وبمقدار ما تملك من قوة وحركة وحيوية, ودفق حياتي , كما ركزنا على دور الكتاب والمثقفين, في إثارة القضايا الكبيرة, وإنارة العقول, ودفعها إلى الالتزام , وتبني القيم والمبادئ والتضحية من أجلها , وما لكل ذلك من أثر بالغ في الحركة السياسية ..إذ أن دور الإعلام المرئي والمقروء والمسموع – كسلطة مراقبة, ومحركة وناقدة – لا يقل عن دور الفكر والسياسة , بل يفعل الإعلام ما هو أكبر من مجرد مراقبة ودفع , إلى حركة تصحيح للمسار , ونقل الواقعة الجامدة إلى فعل حي من شأنه أن يبعث الطاقة, ويحرك الكامن , ويقود إلى بناء معالم فكر جديد, يحمل بذور الاستمرار, وقوة النماء, وقدرة الانبثاق إلى حياة عامرة بالنضج , ريانة بالعطاء ..


 وذلك حينما تكون الكلمة مسؤولة , والموقف سديدا , والقول محسنا ومقوما وقادرا على نقد بناء, بعيد عن المهاترة والمغالطة , والتشويش والتشهير , ليكون مرشدا وهاديا, يتحاشى الشتم والإقذاع , ويركب متن الباطل ومزالقه الملتوية, وحينما يتجنب البهتان والتزوير وتزييف الحقائق , ويبتعد عن تصيد الأخطاء وإخفاء المحاسن , ويضع نصب عينيه هدفا أنبل يحاول بلوغه , ويحاول الإرشاد إليه من خلال التقويم والتصويب, بلغة رفيعة , وبيان مقتدر, ومنطق متماسك, وأسلوب حي ومرن , بعيد عن الغلظة والفظاظة , في انعطاف يربأ بالفكر أن يتحدر إلى هاوية التشفي والحقد , وينجر إلى منطق الانتقام والكراهية, في انزلاق بائس إلى ذاتية الهوى الجامح, في حموة النيل من المنقود فردا أو هيئة أو جماعة أو حزبا , أو رادة أو قادة ...

وحينما يأمن الناقد السياسي أو الناشط الاجتماعي أو الكاتب الملتزم , والمفكر الناصح عواقب ما يدفعه إلى التقويم و الثورة على الفساد , و بيان الخطل و الانحراف , لا بأس أن ينطق باسمه الصريح , فلا يستعير هذا الاسم أو ذاك .. وهو من صلب الموضوع الذي أثارته المحاضرة التي ألقاها الأستاذ عبد المجيد درويش في قاعة د. نور الدين زازا, و شن فيها حملة على الأسماء المستعارة و أهلها , و ما تنشره المواقع الالكترونية من كل هذا , و ما أعقبه من رد كتبه الأستاذ حسين عيسو , و ما دفع الأستاذ وليد حاج حسين (عبد القادر) من الرد على النقد المذكور ,  فكان لا بد من الوقوف على نقاط هامة :
1- إن مجرد الدخول بأسماء مستعارة لا يمكن - كما قال الأستاذ حسين - أن يكون معرة و خطيئة , بقدر ما يكون النقد الذي يختفي - بكل ملابساته - خلف تلك الأسماء , فإن كان النقد جادا و جريئا و منتجا , و بقدر ما يشكل خطورة على صاحبه , و تأثيرا على عطائه , نجد المبرر الموضوعي لهذا التخفي , و عدم الظهور بالاسم الصريح , و لكن الكلام الملقى على عواهنه - كما يقول الأستاذ الصديق وليد عن نقد الأستاذ حسين , و هو ليس كذلك , مع كامل احترامي له , كما أنه لا علاقة لنقده بتوقيع الكتاب للوثيقة المقدمة منذ فترة وجيزة , للتنصل من المهاترة والتشهير - هذا الكلام غير المسؤول , و النقد المنطلق من تشهير أو إغواء أو إثارة أو تجريح أو إهانة يفقد قيمته , سواء كان موجها إلى أفراد أو أحزاب أو قيادات.. أو كان باسم مستعار أو صريح , بل يصبح الاسم المستعار حينها , أداة سيئة و أمرا منكرا , و قبحا لا يحتمل , و قد رأينا - في البارتي, و في عمق خلافنا - نماذج قميئة من ذلك , لأشخاص اختفوا خلف براقع الأسماء المستعارة , و بأسلوب تشهيري أقل ما يقال عنه أنه مسيء و غير جاد و تشهيري بائس .. و هو ما يوقع النقد في مزالق الهوى , و انحراف عن التصويب , و الدلالة على العيوب , التي ينبغي توقيها وتجنبها , مما يجعل في هذه الدلالة, إهداء ونصيحة لمن لم يدرك مواطن خطئه , كما يعد ذلك – لو كان موجها لحزب لم يتمكن من أداء دوره فائدة كبيرة يمكن الاعتبار بها , و قديما قيل " رحم الله من أهدى إلي عيوبي .." على أن تكون عيوبا حقيقية غير مصنوعة , أو مفبركة , أو هادفة إلى النيل و الإساءة , و بأسلوب حضاري لائق يعتمد المرونة و الهدوء و الحكمة و الجدل الحسن .. و الموقف المسؤول .. و قديما استعار كبار المصلحين أسماء و رووا حكايات على ألسنة الحيوانات خشية و تخفيا وتجنبا للبطش والتنكيل, و لا يزال هذا الأمر ساريا في كثير من بلدان العالم ..
2- أما بالنسبة للمواقع الالكترونية , فإنها متنفس حقيقي لنا جميعا - كما يقول الأستاذ حسين - و هي منابر إعلامية لمن (لا منبر له ..) من أمثالنا , و نافذة ينبغي الحرص عليها ودعمها , و عدم إثارة الزوابع في وجهها , و الأغبرة في وجوه الآخرين من خلالها , بالتزام الموقف المسؤول , و القول الفصل , و الرؤية النقدية البناءة و الناضجة .. كما أن المطلوب من هذه المواقع - لتحترم رسالتها - أن تترفع عن نشر الأباطيل و الاختلافات و الترهات ..  سواء كان ذلك بأسماء صريحة أو مستعارة ..
و أن تتجنب النقد الهابط , و القول البذيء و العبارة الجارحة بحق الأفراد والهيئات والمنظمات  , فيما يسبب نفورا وإعراضا و يباعد و يزيد الشقة اتساعا بين المختلفين , و هو ما لا يحقق هدفا مسؤولا , و لا كلمة جامعة سواء كان ذلك على مستوى الأفراد على أهميتهم أم على مستوى الأطراف و القيادات كما أكدنا عليه. وهي في ذلك تخرج من مسارها الطبيعي فلا تكاد تؤدي دورا في التعبئة و التوجيه , و إعداد الجماهير لتقبل التقويم و حسن الأداء , و الدفع بالموقف الحاسم , إلى أن تراجع الحركة مواقفها , و تبحث عن مخارج جادة لمعالجة أخطائها وعثراتها وجموحها وغرورها أحيانا , من خلال الكلمة المسؤولة , و التي تلعب دور الرقيب الحي , و الموجه و الناصح الأمين , و النقد المبدع ..
3- في رد الأمور إلى مواقعها الصحيحة , تبقى المواقع الالكترونية منبرا حيا و حرا , و إعلاما نشطا كما أشرنا, ومن أجل ذلك ينبغي أن يدرك القائمون عليها - في حدود إمكاناتهم و خبراتهم المتواضعة , و جهدهم الإداري العفوي - أن دور التوجيه و الإعداد و التعبئة لا يمكن الاستهانة به , كما أن التشنيع و تقبيح المواقف , و نشر الأضاليل لا يمكن أن تخدم الهدف المركزي للحركة , و للناقدين , و للكتاب الملتزمين , كفريق عمل متكامل من شأنه أن يحقق طموحات شعبنا , و أن يخفف من آلامه و أعبائه بشكل متآزر ومتعاضد ومتساند , بحيث لا تكاد الفجوة تتسع بمجرد نقد جريء أو موقف مصحح وصارم , وبخاصة في المسائل المبدئية , والقضايا التي لا يمكن المساومة فيها أو غض النظر عن تجاوزها , ومحاولة رفع ثقل الضغط عن  كاهل الكوادر النشطة والعاملة بهمة وإخلاص وثبات , مع بروز مختلف السياسات الاستثنائية , بشكل تتعاور الهيئات و الأفراد و المنظمات في بيان خطوطها , و توضيح وجوهها , و إثارة قضايا هي من أكبر اهتمامات الجماهير , ومن مستلزمات حياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية .. مما هو مجال الكلمة المسؤولة , و الموقف الملتزم و الرؤية الجادة ..
4- لا يحق لنا - في الحركة الكردية - أن نمارس القمع , و لا أن نرتضي المواقف المرتجلة أيضا , بل ينبغي أن تدرك الحركة نواقصها أولا , و تبحث - بشكل جاد - عن تشخيص و تحديد هذه النواقص و عواملها و أسبابها , و أن تسأل - جادة أيضا - عن مواطن الخلل , و تسترشد في ذلك بالكتاب و المثقفين و الناشطين والوطنيين الذين يحترمون الموقف المسؤول , و الكلمة المؤثرة , و القول الصائب و الدقيق , و النقد المتوازن , فيتحقق التلازم و التحاور و التواصل , و تبتعد في ذلك عن مزالق التردي و الانحدار إلى اتهامات متبادلة , و مواقف متشنجة , و احتقان في الخطاب يزيد من أعباء و تراكمات الحركة , كما يعيق التحرك إلى معالجة الأخطاء و العيوب التي لا يمكن سترها أو الدفاع عنها , أو توهم العصمة , مع تزايد التشرذم و تضخم الانقسامات, و الترهل و التراجع التنظيمي الذي لا تكاد تخفى آثاره .. ليأتي الموقف الإعلامي مبرمجا و منهجيا و بلغة نقدية عالية و منصفة , وهو ما نوهنا إليه مرارا , و أكدنا عليه في حلقات متواصلة في " قواعد النقد و أصوله و مناهجه .." , حيث لا تبقى إلا الكلمة الجادة , و الرؤية السديدة , و القول المبين و المثمر وهو جدير بالنشر بالاسم المستعار أو الصريح  ..

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.93
تصويتات: 16


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات