القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 547 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: وأخيرا يا كركـــــــوك!؟

 
الثلاثاء 16 ايلول 2008


كفاح محمود كريم

    بعد خمس سنوات من سقوط هيكل النظام السابق وتركيباته الإدارية والعسكرية والامنية المعروفة، وتحوله من فوق الأرض إلى ما تحتها وبين الزوايا المظلمة والشوارع السياسية الخلفية وفنادق بيروت وعمان ودبي وخلف كواليس ويافطات الكثير من أحزاب الزينة التي استحدثها قبل وبعد سقوطه المخزي عام 2003 م، ومن وراء تكوينات وشخصيات تمثل ثقافته وتدافع عن سلوكياته ومنجزاته ومعطيات عنصريته وشوفينيته في التعامل مع الكورد والكلدان والتركمان وغيرهم مذهبيا او سياسيا


دفعها لاختراق مفاصل مهمة في الدولة العراقية الجديدة سواء في مجلس النواب أو الحكومة أو العسكر والمؤسسات الأمنية أو من خلال بعض رجال الدين من معتمدي أجهزة مخابراته ودوائر أمنه والذين أحالوا منابر المساجد إلى أبواق لإشاعة الكراهية والحقد على الكورد وغيرهم ممن يتقاطعون معهم، بل والى التحريض على قتلهم أينما ( ثقفوهم ! ) تارة كونهم عملاء للكفار وتارة كونهم من الرافضة الشيعة، إضافة إلى المئات من ما تم تصنيعه من شيوخ للعشائر في ديوان الرئاسة بأنواعهم المعروفة والمصنفة بالدرجات  أ،ب،ج، سواء في كركوك أو الموصل أو بغداد وغيرها من المحافظات أو في الحكومات المحلية ومجالسها، والتي أصبحت اليوم أدوات للمساومة الرخيصة مع الحكومة والدولة الجديدة في خيار انتهازي مقرف، فهي إما أن تكون مع الإرهاب وقطاع الطرق والسراق وأما أن تكون كيانات عسكرية أو سياسية نافذة تنافس أولئك الذين امتلأت ارض العراق بأشلائهم وارتوت بدمائهم من شهداء الأنفال والانتفاضة الشعبانية والمعارضة الوطنية.
   بعد كل ذلك وما جرى ويجري خلال خمس سنوات ينحصر الصراع الأخير الآن بين طرفين أساسيين عبر أكثر من أربعين عاما من الصراع المستميت، حزب البعث والقوى الشوفينية والطائفية وابطال فرهود الحواسم من بقايا ذلك النظام وثقافته وما ذكرناه من تكوينات أو شخصيات اخترقت العملية السياسية لتنسفها من الداخل كما أعلنت هي عن نفسها ذات يوم من أيام 2005 م حينما ادعت بانها ستعمل على نسف هذه العملية من داخلها بعد أن فشلت في ذلك من خارجها(!)
   وبين الكورد الذين كانوا ومنذ البداية في صراع مستميت معهم تاريخيا ومنذ انقلابهم الأسود في شباط 1963م وحتى يومنا هذا وتجربتهم في إقليم كوردستان الفيدرالي متجليا بما يحدث منذ وضع سيناريو الحلول لإنهاء سياسة التعريب والتبعيث والتطهير العرقي في كوردستان بالمادة 58 من قانون إدارة الدولة، وصولا إلى المادة 140 من الدستور الدائم، تارة بالادعاء بانتهاء مفعول المادة وتارة أخرى بعراقية كركوك وكونها عراقا مصغرا من خلال الاعتراف بمعطيات عمليات التعريب العنصري للمنطقة طيلة أكثر من أربعين عاما راح ضحيتها مئات الآلاف من البشر على خلفية عفى الله عما سلف؟، وتارة أخرى بحملاتهم الدعائية ضد الكورد كونهم يعملون في مطالبتهم بكركوك من اجل دولتهم المزعومة وتمزيق العراق وتشتيت اواصره وهم الذين باعوه دونما مقابل لكل اجهزة المخابرات في دول الجوار وما بعد الجوار!.
   وللحقيقة أقول:
   إن الصراع لم يكن في يوم من الأيام بين العرب والكورد في العراق أو في جزئه الشمالي في كوردستان سواء في  سنجار أو الموصل أو الشيخان أو مخمور وخانقين ومندلي وكركوك وزمار وكل المدن ذات الأغلبية الكوردية، كما يزعم البعض من أولئك الذين نجحت ماكنة الدعاية البعثية والشوفينية من تسطيح تفكيرهم وغسل أدمغتهم باتجاه معاداة الكورد وكوردستان كما كان يفعل العنصريون في تشويه الثورة الكوردية ونضالات القوى الديمقراطية في العراق منذ خيانتهم لثورة 14 تموز وسرقتهم للحكم في شباط 1963م وحتى يومنا هذا، بقدر ما هو صراع بين أنصار الحرية والسلام وأنصار الكراهية والعنصرية والارهاب، وصراع بين الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الحضارية العليا وبين الدكتاتورية وامتهان حقوق البشر وقيم الهمجية والبربرية والشوفينية.
    صراع بين أن يبقى هذا العراق الجديد بدستوره الراقي وحرية أبنائه ومكوناته وأن تبنى تجربته الخلاقة ليكون منارا لكل الشعوب في العالم الثالث، أو أن يتم اغتياله وإعادة الماضي ونظامه السياسي المعروف حتى وان اختلفت التسميات أو الأشخاص، وقد ظهر ذلك جليا في موضوعة كركوك وغيرها من مراكز الصراع مع نظام البعث منذ ستينات القرن الماضي.
 
   إن الموضوع اليوم في كركوك ليس مع العرب كما هو ليس مع التركمان بقدر ما هو صراع بين البعثيين وعملائهم والمستفيدين من عمليات السلب والنهب والاستحواذ على املاك السكان الاصليين الذين تمت تصفيتهم بالقتل او التهجير.
   فالصراع اليوم ليس بين العرب والكورد او الكورد والتركمان او العكس بقدر ما هو صراع بين الماضي البعثي بكل صفحاته السوداء والمؤلمة وبين الحاضر المشرق بعد سقوط ذلك النموذج الهمجي، صراع بين بقايا تلك العقلية البربرية والشوفينية وبين عقلية العراق الديمقرطي التعددي.
  إنهم يتحدثون عن كركوك بنفس لغة البعث وثقافته وكأنما كوردستان جزء من المريخ وليس العراق، وكأن كركوك ستنضم إلى كيان آخر مفترض في مخيلتهم وهم يثقفون الآخرين على الانفصالية والانعزالية منذ عقود متهمين الآخرين بها في عملية اسقاط سايكولوجي يمثل امراضهم السياسية المعروفة، أليسوا هم انفسهم من اعتبراكثر من ثلث سكان العراق من الصفويين والشعوبيين العملاء لايران حتى ايام الشاه لمجرد كونهم على المذهب الجعفري، وكذا فعلوا بل واعتبروا الكورد والتركمان والكلدان مواطنون من درجات دنيا ما لم يصححوا قوميتهم وينتسبوا عرقيا للأمة؟
     نعم يا كركوك يا سيدة العراق الأولى وقلب كردستان النابض، ها هو الصراع ينحصر اليوم أخيرا بين البعث وبين كل العراق على ثراك حيث تعاود بقايا الماضي وأشباحه الظلامية محاولاتها لإعادة الزمن إلى الوراء وإطفاء شمس الحرية والانعتاق وإعادة قانون الغاب والهمجية النازية.
   وها هم اليوم يفعلون فعائلهم في زراعة الأحقاد وإشاعة الكراهية بين الكورد والعرب بعد أن فشلوا في إشاعة الحرب الأهلية بين السنة والشيعة طيلة خمس سنوات من حربهم القذرة ضد العراقيين جميعا، ولو امتدت اياديهم الى اقليم كوردستان لفعلوا اضعاف ما فعله سيدهم وعرابهم، بل إن الكثير منهم الان ممن اخترقوا مجلس النواب او الحكومة لو امتلك عُشر ما كان يمتلكه نظام صدام حسين من المال والسلاح لأحرق كوردستان الف مرة؟
   نعم يا كركوك ها هو الصراع ينحصر اليوم أخيرا بين البعث وبين كل العراق على ثراك،  حيث تعاود بقايا الماضي وأشباحه الظلامية ومرتزقته ممن ادمنوا السحت الحرام واباحوا املاك الاخرين من الاراضي والبيوت والبساتين، محاولاتها لإعادة الزمن إلى الوراء وإطفاء شمس الحرية والانعتاق.
  إنهم يحاولون إعادة معسكرات الاعتقال والأنفال والمقابر الجماعية وكرنفالات الإعدام  من خلال هجمتهم البربرية على كل شعب العراق في الموصل وكركوك وديالى وكل محافظات العراق التي امتلأت بجروحهم وجرائمهم.
  إنهم يتكالبون من كل العواصم حواليك يا مدينة الترحيل والتهجير وتصحيح العرق والقومية، بأقلام البترول وكوبوناته وشلالات الدماء التي نزفها العراقيون ويتاجرون بها في أسواق النخاسة القومية وعراقية كركوك وبترولها المكتشف للتو، وكأنما الآخرون سكان من قارات أو دول أخرى، بذات اللغة التي اعتمدها أولئك العنصريون الطغاة يوم باعوا العراق بأجمعه لرعاع من كل شتات العالم استقدموهم ليدمروا بلادا وشعوبا احتضنت أرقى حضارات البشر.
  اليوم فقط أدركوا عراقية كركوك وأنها ارض عراقية وان كوردستان ومحافظاتها اربيل ودهوك والسليمانية ارض خارج العراق والغوا بجرة قلم مليء بالحقد والكراهية عراقية ربع سكان العراق كما أراد أن يفعل ذات يوم على كيمياوي بإبادة سكان هذه المحافظات بما سمي في حينها بالأنفال أو في إبادة الشيعة في ما سمي بصفحة الغدر والخيانة أو كما يصرح بعض من أعضاء مجلس النواب العراقي عن الموصل بأن نسبة الكورد في المحافظة لا تزيد عن ثلاثة بالمائة فقط(!)
   وها هم يجتمعون من كل حدب وصوب لأنفلة ما تبقى من سكان شمال العراق تحت يافطة كركوك العراقية، ثم يتداعون واحدا تلو الاخر الى احدى عواصم الجوار تستقبلهم دوائر معروفة هناك باللعب على الحبال وخيوط مسرح العرائس!
  أخيرا يا كركوك هذي أنت منذ أكثر من ثلاثين عاما تنتظرين يومك الموعود في حل اشكاليتك وإقفال ملفك المؤلم مع شقيقاتك في سنجار وخانقين ومخمور ومندلي والشيخان وزمار التي تعرضت لأبشع عمليات التجريح والتشويه وإلغاء الهوية والجذور، ليس هنا فقط في كوردستان العراق بل هناك أيضا بين الرمادي وكربلاء وبين تكريت والموصل وبين تكريت وبغداد وبين وبين، إنهم شوهوا كل العراق ومزقوا نسيجه الجميل وشتتوا أهاليه وسكانه، وها هو اليوم الموعود لإعادة خارطة العراق كما كانت قبل عمليات التشويه العنصري والشوفيني البدائي ليختار بعدها السكان شكل ادراتهم أو تبعيتهم الإدارية بعد معالجة تلك الجروح وتقرحاتها في عراق ديمقراطي تعددي اتحادي.
  اليوم يجتمع عليكم يا مدن العراق كل الذين حاولوا تشويهكم ومصادرة أموالكم وأراضيكم وبيوتكم ولغة لسانكم وعمق جذوركم وانتمائكم وحتى اسماء اطفالكم واحيائكم ليس في كوردستان فحسب وإنما في كل المدن التي حاولوا تشويهها قوميا ودينيا ومذهبيا وحضاريا وأحالوها إلى قرى في ثقافتها وبداوة سلوكياتها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
    اليوم سيدتي العراقية الأولى كركوك يا قلب كوردستان النابض بالحب للعراق يتركز الصراع بين طرفين وحيدين في كل ما جرى ويجري، بينك وتاريخك ومعاناتك من جهة وبين بقايا البعث والعنصرية والشوفينية ومن والهم إلى يوم الدين في الجهة المقابلة.
    اليوم هي معركة العراق من اجل القضاء على آخر جيوب البعث وممارساته الفاشية ليس في كوردستان فحسب وإنما في كل العراق الأشم من كركوك إلى البصرة.


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات