القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 340 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: ( العراق وحفنة التراب !؟ )

 
الخميس 04 ايلول 2008


كفاح محمود كريم

    قبل ما يقارب من خمس سنوات وبالتحديد بعد سقوط النظام بعدة أشهر نشرت جريدة التآخي البغدادية الغراء وثيقة رسمية صادرة عن رئاسة الجمهورية في النظام السابق قبل سقوطه بأقل من ثلاثة أشهر موجهة إلى كافة فروع حزب السلطة في العراق ودوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية تطالبهم في حالة ( سقوط بغداد والقيادة السياسية لا سامح الله بيد قوات الامبريالية الأمريكية والاستعمار الانكلوسكسوني ) وهكذا كان مكتوبا، بالعمل وفق الفقرات التالية على ما أتذكره الآن:


أولا: تدمير كافة محطات المياه والكهرباء أينما وجدت في الريف أو مراكز المدن مع تدمير كافة محطات إنتاج الكهرباء والخطوط الناقلة له بين المحافظات.
ثانيا: نسف وتدمير مصافي النفط وخطوط نقل البترول والمنتجات بين المحافظات أو الخطوط الدولية التي تصدره إلى الموانئ.
ثالثا: اغتيال الشخصيات البارزة اجتماعيا والمؤثرة جماهيريا، ورجال الدين من كلا المذهبين، وبقية الأديان.
رابعا: الانتماء إلى الأحزاب التي ستظهر وخصوصا الدينية منها والعمل من خلالها.
خامسا: الاعتماد على الاغتيالات والتصفيات الجسدية واعتمادها أساسا في العمل اليومي.

    والى آخر توصيات القائد العام للقوات المسلحة والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي التي وردت في هذه الوثيقة التي تظهر حقيقة ما يجري الآن ومنذ خمس سنوات من القتل والتخريب والإرهاب والاندساس لتحويل العراق إلى حفنة تراب كما تعهد ( بطل التحرير الوطني القومي شهيد الأمة صدام حسين ) أن يفعل ببلده وشعبه ذات يوم.
   وتراه اليوم قد أوفى العهد ونام قرير العين والعراق ينزف دما ودموعا على أطفاله ونسائه وشيوخه الذي استقدم لذبحهم كل سقط المتاع والمنحرفين من شواذ الآفاق والأخلاق في العالم القريب والبعيد وآواهم في بيوت من بيوتات تنظيماته ( المجاهدة ) ليكيلوا الصاع صاعين لشعب لم يدافع عنه وعن حزبه في أبشع عملية انتقام عرفها تاريخ الشعوب، وليفتح كل الأبواب للمحتلين من عصابات الجريمة المنظمة ومافيا التطرف الديني والمذهبي من كل إنحاء العالم، في سابقة لا مثيل لها في التاريخ باستقدام الأجانب لمحاربة شعبه وأهله بدءً بالمحتلين أنفسهم حينما منحهم فرصة احتلال العراق وتدميره على أيدي قيادات حزبه وموظفيه في فرهود العراق أو ما سمي بالحواسم حيث تم سلب ونهب محتويات دولة تأسست منذ ثمانين عاما!؟
  لقد سرقوا كل شيء يمكن حمله أو نقله ولعلنا نتذكر كيف أحل صدام حسين بخطابه أو رسالته من السجن كل تلك الممتلكات المنهوبة والمسلوبة من قبل رفاق العقيدة والسلاح من سيارات وأموال وممتلكات عامة واعتبارها ملكا حلالا لهم.
  والتفتوا بعد ذلك لتدمير أنابيب نقل البترول إلى تركيا أو إلى البصرة، إضافة إلى تدمير خطوط نقل الطاقة الكهربائية ومحطاتها في كل أنحاء العراق، وتلويث مياه الشرب في بغداد وغيرها من المدن. واستخدموا عمليات الحصار على كثير من المدن والبلدات ومنع مفردات البطاقة التموينية من الوصول إلى الأهالي من خلال تهديد سواق الشاحنات التي تنقل هذه المواد أو الموظفين الذين يجهزونها من المخازن كما حدث لمدن سنجار والشيخان وتلكيف وزمار وناحية الشمال وكثير من بلدات ديالى وكركوك.
   واليوم تراهم يندفعون من بين أولى حلقات الضعف في التوافقات بين الأطراف الرئيسية في العملية السياسية أولئك الذين اندسوا من البعثيين ومريديهم ومقلديهم إلى صفوف الكيانات السياسية العاملة بعد سقوطهم المخزي، للدفاع عن مكاسب الحزب والثورة والقائد تحت غطاء البرلمان والشرعية الدستورية ومظلة الأكثرية والأغلبية في احدث موديل للقطارات التي تقلهم إلى السلطة، وتظهر أنيابهم ثانية لتعلو أحقادهم وترتفع أبواق دعايتهم في كل مكان للنيل من الكورد وتاريخهم بهجمة إعلامية لا مثيل لها إلا أيام (الرئيس القائد) ووزير إعلامه المعروف، فتنبري كل تلك الأقلام والأبواق المعروفة بولائها الكوبوني لمبادئ الحزب والثورة.
    تذكرت ذلك وأنا استمع لكلمة الرئيس المالكي في مبنى مجلس النواب الجديد وهو يخاطب الحاضرين بان ما يجري هنا في العراق إنما هو من فعل البعث وبقاياه المعششة في رؤوس العنصريين والدكتاتوريين الذين يستغلون حماقة المتطرفين الدينيين والقوميين الشوفينيين كما تذكرت ما حصل في الثاني والعشرين من تموز الماضي في مجلس النواب وظهور بوادر عودة البعث من خلال مجاميع من المهوسين بالعنصرية وكراهية الكورد ودفاعهم المستميت عن مكاسب البعث وسياسته تجاه الكورد وغيرهم من الوطنيين العراقيين.
  حقيقة إن ما جرى في مجلس النواب العراقي وتحت خيمة الدستور ومن خلال العملية السياسية وتحت شعار المصالحة الوطنية ما هو إلا محاولة يائسة للعودة إلى الوراء ومن ثم نسف عملية التحول الديموقراطي للعراق وتحويل مجلس النواب إلى حفنة لا من التراب فحسب بل إلى (سيرك) ما كان يعرف بالمجلس الوطني العراقي لصاحبه حزب البعث العربي الاشتراكي!
  وما عمليات الاختراق التي يكشفها القضاء العراقي الا تأكيدا لذلك النهج الذي تبناه حزب السلطة قبل ما يقرب من اربعين عاما، والا بماذا نفسر تورط ابناء احد زعماء الكتل البرلمانية في اغتيال ولدي السيد مثال الآلوسي واعتقال احدهما مؤخرا وهو يزرع عبوة ناسفة على حد تصريح رسمي من وزارة الداخلية؟
  ماذا نفسر صدور حكم الاعدام شنقا حتى الموت على وزير الثقافة السابق والقيادي في احدى الكتل البرلمانية وأمام احد الجوامع المحرضة على ( المقاومة والجهاد لقتل اكبر عدد من العراقيين؟)
  وقبل ذلك شهدنا جميعا احد أعضاء مجلس النواب يعلن جهاده ويعود إلى صفوف من اخترقوا به مؤسسات العراق الجديد ومجلس نوابه، بعد أن انكشف أمره وانتهت مهمته المكلف بها؟
   ماذا نفسر ما يجري في الموصل وديالى وبلداتها التي حمتها قوات حرس الإقليم منذ خمس سنوات من مذابح ومجازر الإرهابيين في سنجار وزمار ومخمور والشيخان والحمدانية وخانقين؟
   كيف سيتم التعامل مع تصرفات وسلوكيات قطعات وقيادات في وزارة الدفاع وهي تمارس دورا بعثيا صداميا بحتاً؟
   ماذا يمكن للمراقب أن يفسر مظاهرات تجري في النجف ( تحديدا وليس في تكريت والرمادي أو حتى كركوك ) وتطالب بمحاربة الكورد وتحرير كركوك(!) والحفاظ على عروبة المدينة!؟
   وأخيرا وليس أخرا من يغتال العشرات بل المئات من الضباط والمراتب والخبراء والسياسيين والعلماء وحتى الكثير من قيادات البعثيين الذين رفضوا التعاطي والعمل مع بقايا الدوري وصدام حسين والأحمد منذ سقوط النظام وحتى كامل شياع، مرورا بعشرات الصحفيين والإعلاميين الأحرار؟
   من يعرف أسرار العراق غيرهم في النفط والمصافي وأجهزة السيطرة في المؤسسات ومحطات إنتاج المنتجات النفطية والكهرباء، وعقد الأنابيب الناقلة للبترول ومنتجاته ومضخاته الرئيسية والفرعية، ومن يسرق كل ذلك غيرهم ومن يتعاون معهم هنا أو في دول الجوار؟
   وأخيرا في موضوعة كركوك كيف تداعى كل الرفاق دفاعا عن نتائج ومكتسبات النظام السابق واعتبار كل ما حصل في كركوك وغيرها من المدن التي تم تشويهها في سياسة عنصرية بشعة، إنما هو واقع حال علينا أن نحترمه ونرضخ له، وان كركوك مدينة عراقية لا يمكن فصلها عن الجسد العراقي وكأن محافظات شمال العراق في إقليم كردستان جزء من دولة أخرى وليست محافظات عراقية منتظمة في إقليم فيدرالي حسب اعتراف الدستور الدائم بها.
   هكذا إذن تنفذ عمليات تحويل العراق إلى حفنة من التراب كما تعهدوا ذات يوم من أيامهم الغبراء، فهل سيغفل العراقيون هذه المرة تحت تأثير أفيون شعاراتهم الغوغائية حول كركوك وغيرها، وإن نجحوا هذه المرة لا قدر الله فأنهم سيلتفتون ليلتهموا الآخرين في الجنوب والوسط تحت ذريعة العمالة والشعوبية والصفوية؟
  وهل نسينا عودتهم بعد انتكاسة الانتفاضة الشعبانية وماذا فعلوا بعشرات الآلاف من ابنائنا وبناتنا وأهلينا، حتى من أبناء قياداتهم البعثية في الحلة والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء، ولو استطاعوا في شمال العراق لاقترفوا جرائم لا مثيل لها إلا في تاريخ من سبقهم من النازيين والفاشست!
   إن ما جرى في الثاني والعشرين من تموز الماضي وما يجري الآن في الموصل وكركوك وديالى نذير شؤم ليس للكورد فحسب وإنما لكل العراقيين الذين احترقوا عبر أربعين عاما من حكم البعث وثقافته الدكتاتورية والشوفينية.
   لقد كان الصراع منذ البداية مع نظام البعث ورئيسه ومن شابههم وآمن بمعتقداتهم وأفكارهم وحتى يومنا هذا، ليس الكورد فقط وإنما كل الفعاليات السياسية المناضلة من الشيوعيين والديموقراطيين والمستقلين الوطنيين وحزب الدعوة والمجلس الأعلى، بل والكثير من العسكريين الذين رفضوا تلك الثقافة البائسة وانحازوا للشعب وقواه الديمقراطية.
  وها هو الصراع ثانية ينحصر الآن بين بقايا النظام السابق ومنظمات حزبه ومريديهم ومرتزقتهم وبين الكورد وقوى الشعب العراقي المناضلة التي لم تتلوث بأفكارهم وثقافتهم ومالهم المغمس بدموع ودماء العراقيين.
  إنها ثقافتهم البائسة وميكافيليتهم في الوصول إلى السلطة بصرف النظر عن الوسيلة أو الأسلوب، فهم لمجرد الخشية من تأثيرات الانقلاب الإيراني في 1979 م أقاموا حربهم التدميرية للشعبين العراقي والإيراني لكي لا يسقطوا، وسقطوا في آخر المشوار.
  وكذا فعلوا في غزوهم للكويت وتدمير ما كان يسمى بالتضامن العربي وفتحوا كل الأبواب والمقدسات والأحضان لقوات الأمريكان وغيرهم للدخول إلى المنطقة واحتلالها من سلطنة عمان وحتى سواحل المغرب.
   لقد نفذوا اليوم إلى أهم واخطر مؤسسات الدولة العراقية الجديدة متمثلة في مجلس النواب وكثير من مفاصل الحكومة والدفاع ويعملون من خلالها إلى إعادة تصنيع الماضي، بل والى عرقلة أي تقدم باتجاه استقرار العراق ونظامه السياسي وتنفيذ الدستور الدائم أو احترام مبادئه، متجهين إلى التنفيذ الدقيق لمقولة وتعهد رئيسهم صدام حسين بتحويل العراق إلى حفنة تراب ما لم يكونوا هم قادته وأولياء أموره دون منازع أو مناقش.
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات