القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 635 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: العمل من أجل ممارسة الديمقراطية قولاً وعملاً

 
الأربعاء 09 تموز 2008


سلمان بارودو

ما أجمل كلمة الديمقراطية ومعانيها ومفاعلها ومدلولاتها عندما يتم الحديث عنها وتداولها بين الناس وخاصة من قبل الفئة المثقفة والواعية، لكننا نفتقر إلى تطبيقها ومذاقها حتى الآن في ممارساتنا وأفعالنا اليومية إلا في حدود معاني الكلمات أو في حدود المعنى المجرد، ومعلوم لدى الجميع أن التعريف المتداول للديمقراطية هو حكم الشعب نفسه بنفسه، وأن تكون السلطة في أيدي مكونات المجتمع، دون إقصاء أحد، وأن يكون الهدف هو لخير الشعب ورفاهيته، وأن يباشر جميع المواطنين كافة أمور السيادة المتعلقة بالدولة.


فالديمقراطية، إذاً تهدف إلى تحقيق الحرية السياسية أي إلى حكم الشعب، والمساواة في الحقوق السياسية، لذلك لا يمكن أن تقوم بشكل سليم وصحيح إلا بوجود أحزاب سياسية ونقابات مهنية ومؤسسات مجتمعية، وبالتالي يتم تطويرها عن طريق نشر ثقافة إنسانية سليمة تقوم على التعددية الحقيقية، ورفع مستوى الوعي الثقافي للشعب.
كذلك تهدف الديمقراطية إلى تحقيق المساواة بين جميع المواطنين أي المساواة التامة أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو الأصل.
 وهنا لا بد من الإشارة إلى رأي رئيس وزراء السويد الأسبق الراحل (أولف بالمه) حين قال في السياسة: إنها ((فن ممارسة الإرادة)). فإذا كانت هناك إرادة في العمل وممارسة الديمقراطية في المجتمع، فإنه سيفعل الناس أكثر بكثير من حدود الممكن. وربما هذا المفهوم يتطابق مع مقولة العالم الفيزيائي آينشتاين بأنه لو أستطاع الإنسان أن يوظف قدرته العقلية خمسة بالمائة لصنع المعجزات، ولكننا لا نوظف قدرتنا العقلية إلا في حلقة مغلقة أحياناً وكأننا، كما قال الفيلسوف أفلاطون، في مغارة مظلمة نحجب عن أعيينا ضوء الشمس، فنخاف من الضوء، ونخاف من بعضنا البعض، دون أن نرى أحداً، لأن عصابة سوداء مشدودة على أعيننا، طبقاً لمفهوم أفلاطون تحجم عنا الحقائق، فلا نرى إلا أنفسنا، ونخاف من الآخر ولا نجد وسيلة إلا قتله.
ومعروف لدى القاصي والداني إن المنظمات والأحزاب الداعية إلى ممارسة الديمقراطية، هي نفسها ما زالت تعاني من إشكاليات وخلافات جادة وعميقة في ما بينها، كما إن العملية الديمقراطية ذاتها تعاني من معوقات وعوائق غير قليلة وعسيرة في ظل الأجواء والممارسات التي نحن فيها.
وإن ألد أعداء الديمقراطية هو جهل والتخلف وكذلك الأنظمة الاستبدادية والشوفينية والدكتاتورية التي تحارب الديمقراطية في كل مكان، وذلك من أجل إفشالها وعدم تحقيقها، لتتسنى لهذه الأنظمة إطالة بقاءها عن طريق تشويه معنى ومغزى الديمقراطية بواسطة بعض أبواقها ودعاياتها الإعلامية بأشكال عدة، والعمل بكافة الوسائل والطرق على إسكات المفكرين والكتاب والمثقفين المطالبين بالديمقراطية.
وليس ثمة من يمكن أن يستفيد من ثقافة التطرف والإقصاء والكراهية سوى أعداء الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية وأعداء المستقبل، وليس ثمة من يعادي المستقبل سوى أولئك الذين لا يثقون بأنهم قادرون على الإسهام في صناعته وإيجاد مكان يتسع لهم فيه.
لذا أن من واجب كل مثقف أينما كان موقعه هو زرع ثقافة الديمقراطية وتهيئة الأرضية المناسبة لها وتنوير المجتمع بأهمية الديمقراطية وبالمناداة بتطبيقها والمطالبة بنقابات مهنية فعلية تعبر عن مصالح منتسبيها دون خوف أو وصاية من أحد، وأيضاً المطالبة بمؤسسات المجتمع المدني باعتبارها أرقى ما توصلت إليه المجتمعات في مجال حقوق الإنسان وكرامته وحريته وهو المفتاح لقيام ديمقراطية سليمة.
 وكما هو معلوم للكثيرين ممن يتابعون أحوال المجتمعات والشعوب في عالمنا هذا يرون بدون أدنى شك إن البلدان التي تكون فيها المؤسسات المنبثقة عن إرادة وممارسة ديمقراطية حقيقية تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي وبسلام ووئام.
أن جميع المآسي والويلات التي تحصل هنا وهناك سببها الأساسي والرئيسي هو غياب الديمقراطية وعدم إشراك الجميع في أتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات.
لذلك، ما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة والعصيبة التي نمر بها جميعاً إلى إشراك كافة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وجميع مؤسسات المجتمع المدني في رسم مستقبل آمن ومشرق للأجيال القادمة، لأن ثقافة الشعوب ووعيها هي وسيلة هامة من أجل تحقيق الرغبة في تطبيق الديمقراطية بشكل صحيح في المجتمعات.
ولا بد من التذكير بأن ممارسة إقصاء أي مكون من العملية السياسية أو عدم إشراكه في صنع القرار هو صناعة إنتاج ممارسات قديمة ومتخلفة عفا عليها الزمن وشرب، وغالبا مما أدت هذه الممارسات إلى تفرقة ونزاعات سلبية وكانت نتائجها المزيد من التخلف والانقسامات داخل المجتمع الواحد، حيث أن التجربة التاريخية والحياتية أثبتت وبما لا يقـبـل مجالاً للشك أن الإقصاء وشطب الآخر هو الأشد إيلاما وتخريباً في المجتمعات بشكل عام، وإن هـذه الظاهرة تتضاعف وتتسع بصورة غير مقبولة وخاصة في وقت الأزمات السياسية وتتفاقم أيضاً في ظل الأنانية والفردية والمركزية، وإذا أمعنا النظر ولو قليلا بأن هذا العمل يؤدي إلى المزيد من التفرقة وإشعال النار وانتشار حرائقها على الأخضر واليابس لا أحد مستفيد سوى أعداء الحرية والديمقراطية.
وهنا أود الإشارة إلى أن العمل والنضال من أجل غد أفضل للجميع هو مسؤولية الفئة الواعية والمثقفة
وفي فضاء الحرية والتعددية، سيكون المجتمع بدون شك قوياً متماسكاً وتسود سلطة القانون لا قانون السلطة، وهذا يوفر الجهود لمجابهة التحديات الراهنة والمستقبلية، ويعطي دوراً أقوى للدولة في قيادة تنمية عقلانية وعادلة، وإلى تقوية الوحدة الوطنية من جهة أخرى.
لقد آن الأوان أن نتصالح مع أنفسنا، وأن نحتكم إلى العقل، ونقبل بعضنا بعضاُ، ونعيش بسلام وننعم بالاستقرار في مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية، إن الحد الفاصل في عالم اليوم لجميع الأنظمة والمجتمعات هو تبني الديمقراطية بكافة مفرداتها ومضامينها  وممارساتها من عدمها لان الأشياء تعرف بأضدادها أو نقائضها
لذلك إن العمل الحقيقي والممارسة الفعلية والعملية على بث ثقافة الديمقراطية في المجتمعات تساعد على التضامن السياسي والاجتماعي وأيضاً الزيادة في التماسك الاجتماعي وتقوية مشاعر الوحدة الوطنية لأنها تعامل الجميع كسواسية وترسي قيم مدنية إنسانية لأجل مستقبل مزدهر ومشرق للجميع، وتزيل أي فكر أو ملامح للتطرف والاستعلاء وهذه من أعظم سمات الديمقراطية والتي ترسي مشاعر القبول والرضى الاجتماعي والسياسي للجميع بدون استثناء.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات