القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 597 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: إدارة الأزمة تحت العباءة الكردستانية

 
الأربعاء 18 حزيران 2008


أحمد قاسم

 لا شك أن اسم كردستان ارتبط ارتباطا عضويا في شخصية كل كردي أينما كان. وهي بقعة جغرافية عاش فيها الكرد منذ آلاف السنين، حيث سميت بلاد الأكراد، أو كردستان في جميع ملفات البحوث العلمية .
إذا (كردستان) هو واقع جغرافي وتاريخي يستمد منه الكرد هويته الشخصية، وترافقه هذه الهوية مدى الحياة.  


وبما أن هذه البقعة الجغرافية انقسمت وفقا للظروف الطارئة على المنطقة في الحقب الماضية والمعروفة لدى الجميع ، انقسمت إلى أجزاء متعددة أرضا وشعبا حيث سيطرت حالة الغبن على نفسية الكرد ، وبات (حلم كردستان حرة مستقلة) أكثر قدسية في أجزاءه المتعددة مما أدى  إلى القيام بثورات وحركات عديدة لتحرير كردستان وتوحيده أسوة ببقية بلدان العالم . وكانت كل المحاولات تبوء بالفشل مع استمرارية العمل السياسي الذي لم ينقطع يوما وفقا للظروف والإمكانيات المتاحة إلى ان تحرر جزء من اجزائه (نقصد كردستان العراق) ولكن يبقى هذا الجزء منفصلا من اجزائه المتبقية في ايران وتركيا وسوريا ...
   وسأركز في موضوعي هذا على حيثيات المناطق الملحقة بالخارطة السورية وفقا لمخططات سايكس بيكو المشهورة .
   من حيث المبدأ، إن المناطق التي ألحقت بالخارطة السورية هي مناطق كردستانية وفقا للمعطيات التاريخية والديموغرافية للمنطقة، حيث أن محافظة الحسكة وبغالبيتها الكردية ، ومنطقة كوباني (عين العرب) وهي منطقة كردية صرفة وهي امتداد لسهول (رها) المسمى بسهول (السروج) ، كما أن منطقة عفرين التي تشكل منطقة كردية بامتياز، وهي أيضا امتداد لجغرافية (عنتاب الكردية).
وبغية للدخول في صلب الموضوع، وانطلاقا من ثوابت علمية وفقا للأبحاث التاريخية والجغرافية والجيوسياسية للمناطق الكردية الملحقة بالخارطة السورية بأشكالها المعقدة، ارتأت الحركة الكردية في سوريا وفي بداية انطلاقتها بأن هذا الجزء من كردستان له خصوصيته الجغرافية المنفصلة عن بعضها البعض وان ما حصل عند تقسيم كردستان كان خارجا عن الإرادة الكردية والعربية على حد سواء .لذا فإنهم شركاء في المصير، و عليهم التعايش وفقا للمعطيات الجديدة التي طرأت على المنطقة بأكملها . و هكذا أصبحت سوريا بلدا ذات ألوان متعددة في مكوناتها الاثنية والطائفية والعرقية بالغالبية العربية ومرورا بالمكون الثاني لهذا البلد وهم الكرد وانتهاء بالأقليات الأخرى... وان منطق التاريخ يفرض على تلك المكونات التعايش المشترك في إدارة البلد وترفض سيطرة لون دون مشاركة الألوان الأخرى من هذه الأطياف. ولكن الذي حصل بعد استقلال سوريا عكس منطق التاريخ والجغرافية، حيث استفردت الشوفينية العربية بالبلاد وبدأت باضطهاد العباد، وشوهت كل المفاهيم التي تخص هذا التعايش المجتمعي والمدني ضاربة مبادئ الدستور والقوانين التي منطلقها (العدالة أساس الملك) عرض الحائط . حيث ان القوانين التي تدار بموجبها الشأن السوري من قبل حزب البعث الحاكم ومنذ عام 63 هي قانون الطوارئ وما ينتج عنها من إجراءات بعيدة كل البعد عن العدالة والمساواة بين مكونات الشعب السوري . ناهيك عن تجريد مئات الآلاف من الاكراد من جنسيتهم السورية وتطبيق ما يسمى بالحزام العربي في الجزيرة لتغيير ديموغرافيتها ، مع استمرارية اتخاذها لقوانين وإجراءات جديدة بغية تهجير هذا المكون من مناطقه التاريخية (وهي تابعة أصلا لجغرافية كردستان) وطمس هويته بأشكال متعددة.
ومن جراء تلك الممارسات الشوفينية من قبل السلطة السورية فان الكرد فقد إمكانية الظفر بتطبيق مفهوم التعايش المشترك. الأمر الذي أدى إلى الإحساس من قبل هذا المكون أي الكرد بالنفور و اليأس مما أدى به إلى التوجه نحو حلمه الجميل الذي يرى فيه نهاية لمآسيه وتشرده، وذلك هربا من البطش والتنكيل الذي يلاحقه منذ خمسة عقود على الأقل ....
في مثل تلك الأجواء تتصارع أطراف حركتنا الكردية في سوريا ، وتتخبط في خطاباتها الغير متزنة بعيدة عن الظروف والإمكانيات لتجعل من نفسها سهلة المنال من قبل أجهزة السلطة الأمنية في البلاد، حيث أنها اخترقت كافة المنظمات الحزبية من القاعدة إلى القيادة وبدأت تتلاعب بالإمكانيات والاستحقاقات بشكل مخيف لفصل الجماهير عن حركته السياسية على كافة الأصعدة ...
أما الأزمة التي نراها اليوم، هي الأزمة المفتعلة من قبل الأجهزة الأمنية وبإدارة مجموعة من المخترقين ذوي الشأن في داخل  القيادات الكردية التي أوصلتهم الأجهزة الأمنية للنظام السوري إلى مراكز القرار الكردية لإدارة الحركة الكردية وفقا لمصالحها الذاتية وتصفية بعض من الكوادر والذين لم تتمكن السلطة النيل منهم وذلك عن طريق تشويه سمعتهم أو تهجيرهم بوسائل متعددة. من هنا تبرز حالة الحرب النفسية التي تعتمدها السلطة تجاه حركتنا السياسية بأدواتها المختلفة، معتمدة على النفوس الضعيفة التي تم بناءها بشكل مشوه والذي بدوره يشوه المفاهيم والقيم النضالية و التي من الواجب أن يتسلح بها كل حزبي من أحزاب الحركة التحررية الكردية في سوريا .
ونتيجة لهذه الحالة المرضية بين أطراف الحركة السياسية تبرز حالة النفور الجماهيري من حركتها، وبدورها تجعل من الحركة السياسية في أزمة بناء الثقة فيما بينها. حيث يذهب الجماهير نحو حلمهم المتمثل بـ (كردستان حرة مستقلة) ويفند كل انجازات الحركة الكردية، بينما يذهب بعض من قيادات الحركة الكردية لدغدغة مشاعر الجماهير من خلال طرحهم لشعارات كردستانية لا شأن لهم فيها إلا لكسب الجماهير ولو بشكل مؤقت. وهذا ما يحصل في كثير من الأحيان، وهي تحمل في طياتها استفحال الأزمة السياسية من ناحية، ومن ناحية أخرى تكشف للجماهير شيئا فشيئا الخدعة والخديعة التي تمارسها بعض من القيادات السياسية وذلك يصب في صالح مخططات النظام الأمني للسلطة السورية بشكل او بآخر.
ونتيجة لتلك الممارسات الغير منضبطة تنجر بعض من قياداتنا السياسية لحركة شعبنا إلى ساحة المواجهة والتي في طبيعتها لا تتحمل الجدال المنطقي والموضوعي لحل مشاكلها. ولأن أساس الخلافات ليس مبنيا على الاختلافات في الرأي أو في البحث المنطقي والفكري لتقييم الوضع الكردي في سويا واستحقاقاته، ولكن الأمر يتعلق بالنزاعات والمنازعات الشخصية والبحتة ضمن دائرة الحلم الكردي وسيطرة الأجهزة الأمنية على مفاصل هذه النزاعات وتوجيهها ....
واستطرادا لما تقدم تبتعد الحركة التحررية الكردية في سوريا من مسارها الممكن فكريا ومنطقيا في إطار ظروفها الموضوعية والذاتية وتتجه نحو مسار هامشي يسيء إلى سمعتها أولا ومن ثم الإساءة إلى استحقاقات شعبها الكردي مستقبلا .
وللخروج من هذا المأزق، يتطلب الأمر من الكوادر الفاعلة والقيادات النزيهة التوجه نحو حوار جدي ومفتوح، وقطع الطريق أمام تدخلات مشبوهة من قبل الغير لتقييم الحالة المرضية (فكريا وموضوعيا) ومن ثم إعادة النظر في بنائها التاريخي بترابط منطقي لانطلاقة جديدة وفقا للمعطيات والمستجدات السياسية والاجتماعية داخليا وإقليميا ودوليا .و لبناء إستراتيجية واضحة المعالم . وخلق آليات عمل جديدة تتوافق و مستلزمات أشكال العمل النضالي، لإعادة بناء الثقة بين الحركة والجماهير ومن ثم الدخول مجددا وبكل قوة في دائرة المعارضة السورية لتفعيلها حسب مقتضيات الظروف والإمكانيات المتوفرة . ومن ثم توظيفها بشكل علمي لخدمة التغير الديمقراطي في سوريا ، وتحقيق استحقاقات الكرد في هذا التغيير وفقا للشروط الظرفية للخصوصية الكردية . وليبقى حلمنا الجميل (كردستان) بعيدا عن التشوهات التي تسيء إلى قدسيتها في هذه الظروف الصعبة ، ولا نجعل منه سلعة للمزاد في أسواق النخاسة ، والتقليل من قيمها الروحية من قبل أناس لا يدركون القيم في أحسن  الأحوال ...
دعونا نتفاعل مع أحلامنا بنقاوة وصفاء . ولنجدد في نفوسنا القيم النضالية ونكران الذات  لمواجهة التحديات التي تعصف بنا إلى المجهول ...

السليمانية 17-6-2008



 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات