القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 438 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الجزيرة.. القناة الرابعة للتلفزيون السوري من قطر!

 
السبت 27 ايار 2006

بقلم: حكم البابا
تعرضت قناة الجزيرة الفضائية منذ ظهورها علي أيدي السلطة السورية إلي ما تعرض له الزنوج علي يدي منظمة الكوكلاس كلان من اضطهاد في أمريكا، ولم يترك الرسميون السوريون إشاعة أو نميمة أو دسيسة أو فسفسة تمس وطنيتها إلاّ وأطلقوها، ولأن اسرائيل موجودة وجسمها لبّيس كما يقولون، ولأن إطلاق التهم هي الخدمة السريعة الوحيدة المتاحة في سورية، لم يتعب المسؤولون السوريون عقولهم في تفصيل تهم للجزيرة، ، فغدت قناة الجزيرة صهيونية، أحد ممويليها الرئيسيين اسرائيلي، تستضيف علي شاشتها شخصيات اسرائيلية، وهي ليست أكثر من رأس حربة للمشروع الصهيوني الذي يستهدف اختراق الجسد العربي، بحيث أصبح السوري يشعر بالخوف وهو يمد يده لتوليفها في قوائم القنوات الفضائية التي يستقبلها في بيته كما لو أنه يمد يده لمصافحة شمعون بيريز، ويحس بالرعب وهو يضع ابهامه علي زر جهاز التحكم لينتقل لمشاهدة الجزيرة كما لو أنه يبصم علي معاهدة سلام مع أرييل شارون، وكان الشجعان من السوريين يشاهدونهـــــا في بيوتهم سراً، وأيديهم جاهزة علي الريموت كونتــرول للنقل إلي قناة أخري عند سماع رنين جرس باب المنزل، أو أي صوت مريب خارجه.



عنت قناة الجزيرة ـ عند ظهورها ـ للسوريين الكثير، فمن خلالها عرفوا بأنهم لايستخدمون إلاّ خمسين بالمائة من كلمات اللغة العربية، واكتشفوا بأن مواطني العالم لا يحسدونهم علي منجزات ثورة الثامن من آذار المجيدة، ودهشوا حين عرفوا أن المواطن الأمريكي أو الفرنسي أو السيريلانكي قادر علي العيش بدون عطاءات حركتهم التصحيحية المباركة، وذهلوا بأن هناك بشراً في الكرة الأرضية يستطيعون أن يصوتوا بـ(لا) في أية انتخابات، دون أن يصبح عنوان سكنهم الجديد فرعا للمخابرات أو مقبرة.

وإذا كانت مشاهدة قناة الجزيرة تعتبر تهمة بالنسبة للسوريين عند ظهورها، فإن التفكير بوجود مراسل لها في دمشق في ذلك الوقت، كان أكثر استحالة من انتخاب أسامة بن لادن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، لكن سورية اكتشفت مع الوقت أن إعلانها الحرب علي قناة الجزيرة، يشبه من حيث فاعليته الإعلامية إعلان جزر الفوكلاند الحرب علي بريطانيا، ولأن قطر لا تملك حدوداً مع سورية، تمكن سورية من التدخل لوقف صراع الأشقاء وتناحرهم في برنامج أكثر من رأي ، وانهاء الحرب الأهلية الدائرة في برنامج الاتجاه المعاكس ، ووضع حد للصوت الانعزالي في برنامج بلا حدود ، وجدت أن الحل الأكثر جدوي هو إحضار الدب إلي كرمها ثم البدء بترويضه، وهذا ما حدث فقد تم افتتاح مكتب لقناة الجزيرة في دمشق، وتولي ادارته جورج صليبا الذي يملك مكتباً لتأجير معدات التصوير والمونتاج التلفزيوني، وكل علاقته بالتلفزيون لاتتجاوز حساب أيام التصوير وساعات المونتاج بالليرة السورية ثم تحويلها إلي الدولار الأمريكي، وكل معلوماته عن السبق الصحافي يترجمها سؤاله، عما إذا كانت مسافة هذا السباق مائة متر أو ألف متر(!!) وظهرت لأول مرة ليلي موعد في رسالة تلفزيونية، لتصبح سفيرة التلفزيون السوري في قناة الجزيرة، ولولا وجود شارة الجزيرة علي شاشة التلفزيون وإعلان ليلي موعد عن اسمها وصفتها كمراسلة للجزيرة في دمشق، لم يكن باستطاعة المشاهد السوري اكتشاف أنه يشاهد الجزيرة، وصار الخبر السوري في قناة الجزيرة مقتصراً علي استقبال ووداع ضيوف سورية الرسميين.

بإيفاد محمد العبد الله كمراسل ثان للجزيرة ليحل محل ليلي موعد، شهد الخبر السوري انتعاشاً أعاد السوريين إلي شاشتها، وكانت كاميرا الجزيرة وصوت مراسلها محمد العبد الله حاضرين بفعالية في كل الأحداث التي عاشتها دمشق من جلسة مجلس الشعب التاريخية التي عدل فيها دستور سورية، إلي كل المنتديات الأهلية التي انتشرت في البيوت الدمشقية، لكن تجربة العبد الله التي ارتبطت بربيع دمشق أنهيت بطريقة مشابهة لانهاء ربيع دمشق، فقد تمكن علي جمالو من الاستيلاء بما يشبه الانقلاب العسكري علي مكتب الجزيرة في دمشق، وكان محمد العبد الله أول ضحاياه، وساعده في ذلك استياء السلطات السورية من تغطيات محمد العبد الله للحدث السوري، فتم نفيه كمراسل للجزيرة في دبي.

إلاّ أن الجزيرة لم تستمر طويلا باعتماد علي جمالو كمدير لمكتبها في دمشق، وانهت خدماته ببيان شهير عللت فيه سبب استغنائها عن خدمات جمالو، بأنه ليس فقط لم يف بوعده بالتوسط لدي السلطات السورية لافتتاح مكتب رسمي لها في دمشق، بل وأيضاً غيب الخبر السوري عن شاشتها، وعادت ليلي موعد من جديد لتظهر علي شاشة الجزيرة باعتبارها الدولاب الاحتياطي لقناة الجزيرة الصالح للاستعمال المؤقت في الحوادث.

ومر زمن علي الجزيرة قبل أن تعتمد الدكتور فؤاد شربجي مديراً جديداً لمكتبها في دمشق، الذي اعتمد تكتيك عمله علي أن يتحول من خادم سيدين إلي سيد خادمين، فأوهم المخابرات السورية بأنه رجلهم الموثوق في قناة الجزيرة، وأوهم قناة الجزيرة بأنه سفيرها الأمين لدي المخابرات السورية، أما استراتيجيته في إدارة مكتب قناة الجزيرة فتتلخص بأن يجعل من قناة الجزيرة القنـاة الرابعة للتلفزيون الســـــوري التي تبث من قطر، ومن نعم الله علي الســــوريين أن الجزيرة أقالت الدكتور شربجي قبل أن يحقق هذا الهدف!!

عادة ما تصف أية قناة تلفزيونية انهاء عمل مراسل من مراسليها، بأنه استغناء عن خدماته لديها، إلاّ في حالة الدكتور فؤاد شربجي مدير مكتب قناة الجزيرة الفضائية في دمشق، الذي أعفي من منصبه قبل أيام قليلة، لأن التوصيف المناسب لإقالة الدكتور شربجي هو انهاء خدماته للسلطة السورية في قناة الجزيرة، لأنه وخلال فترة إدارته لمكتب الجزيرة بدمشق، لم يخدم الجزيرة بقدر ما خدم السلطة السورية، فمارس بجدية لأول مرة في حياته مهنته كطبيب أسنان، وقضي معظم وقته في اقتلاع آخر ما تبقي من أضراس وأسنان وقواطع في فم الجزيرة، فأصبحت قناة الجزيرة الشاشة المفضلة للمسؤولين السوريين، وغدا الدكتور محمد حبش يقضي أوقاته بين الصلوات الخمس علي شاشتها وهو يمدح ويثني ويمجد ويبارك كل قرار تصدره القيادة السورية، ويجتهد لدعمه بما تيسر من آي الذكر الحكيم، والسنة النبوية الشريفة، وبات عضو مجلس الشعب نمير الغانم يخطف رجله بين جلسه وأخري من جلسات مجلس الشعب ليقف أمام كاميرتها، ويفند ويشجب ويندد ويدين كل المؤامرات والتخرصات التي تستهدف مواقف سورية، وغدت اسماء الصحف السورية تذكر بوصفها مصدراً موثوقاً ومحترماً للأخبار لا موضوعاً للشتيمة، وصار التلفزيون السوري يعاملها معاملة شقيق عثر علي شقيقته الضائعة منذ عشرين عاماً، فيفضلها عن نفسه بالأخبار، ويخلي مكان كاميراته لكاميرتها، ويخصها بالسبق الصحافي، فعندما وصل الشاهد الحلاق هسام هسام إلي دمشق هارباً من بيروت، تنازل التلفزيون السوري عن المقابلة معه لصالح قناة الجزيرة، واكتفي ببث إعلان مجاني بأنه سينقل مقابلة هامة مع أحد شهود لجنة التحقيق الدولية في مقتل الرئيس الحريري عن إحدي القنوات الفضائية العربية، وعندما لم تعرض الجزيرة المقابلة، بثها التلفزيون السوري بعد تغطية شعار الجزيرة المثبت علي ميكرفونها، لكن صوت الدكتور شربجي بقي مسموعاً وهو يحقق مع هسام هسام ويستنطقه.
مشكلة قناة الجزيرة الأساسية مع إقصاء ثالث مدير مكتب لها في دمشق، أن سورية بلد لا تستطيع كسب مشاهده إلي شاشتها، ونيل رضا سلطته في آن معاً، فلو كسبت جهة من الجهتين فلا بد لها أن تضحي بالثانية، وعليها اليوم وهي أمام تعيين مدير مكتب رابع لها في دمشق أن تختار بين شاشة مشاهدة، أو مكتب في دمشق!!
---------
القدس العربي اللندنية

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات