القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 507 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: التعايش الاختياري الحر.

 
الأحد 07 تشرين الاول 2007


سعيد فرمان 

- مع انتهاء حقبة أو مرحلة الحرب الباردة , وتداعي المنظومات المفاهيمية  الثقافية والفكرية والسياسية التي كانت قانمة على أساس انشطار العالم إلى معسكرين متناقضين ومتنازعين , تغير شكل ومضمون الصراع  الأيديولوجي والسياسي الدولي , وفسح المجال منذئذٍ لظهور رؤية عالمية جديدة من سماتها الأساسية  إيلاء الاهتمام  بقضايا كانت تحتل مراتب متدنية  فيما مضى على سلم الأولويات في التوجه الدولي كالمسألة القومية التي كانت خاضعة ليس فقط لحسابات الصراع الأيديولوجي - العقائدي بين النظاميين العالميين الرأسمالي من جهة , والاشتراكي من جهة أخرى  , بل ولحسابات المصالح الوطنية والقومية الصرفة أيضاً لرأسي النظامين المذكورين 


رغم كل حالات الاضطهاد التي مُورست اتجاه تلك الشعوب , والتجاوز على حقوقها المشروعة التي أقرتها القوانين والمواثيق الدولية , ولم تلاقي قضاياها أي نوع من الاهتمام والاحتضان الدولي والعالمي في المراحل السابقة , خاصة في مرحلة الثنائية القطبية , باستثناء حالات معينة ومحددة  وحسب ما ارتأته مصالح القوى الكبرى , سواء كانت تلك القوى شرقية أم غربية , فقط منطق المصالح كان المتحكم الأساسي بمصيرها وقدرها .؟   وما إن انتهت تلك الحقبة , وتم تجاوزها على النطاق العالمي العام , حتى باتت مسألة التعايش الاختياري الحر بمفرداتها ومقوماتها التوافقية والديمقراطية  بين القوميات والطوائف المتعددة في البلد الواحد أو في الدولة الواحدة في منطقتنا ( منطقة الشرق الأوسط) , كإحدى الاتجاهات والمحاور الأساسية  للرؤية الجديدة حول المسألة القومية , وإن كانت بصيغ وتلاوين مختلفة , تُطرح  بقوة , و تستحوذ على اهتمام  الكثير من القوى والفعاليات السياسية والفكرية والثقافية , خاصة المنتمية للقوميات والطوائف المضطهدة . كونها تشكل ( أي مسألة التعايش الاختياري الحر ) الحل الأنسب للقضايا القومية والعرقية المزمنة للأسباب والدواعي التالية.   
1- مع وجود بعض الأسطر والمحطات الإيجابية والمضيئة في السجل التاريخي الحديث والمعاصر لمنطقة الشرق الأوسط  , والتي  تؤشر لحالات معينة للتعاون والتآزر بين شعوبها , والدفاع عنها سوياً  ضد الغزوات الخارجية والطامعين بخيراتها وثرواتها . أقول رغم وجود تلك الحالات المضيئة , فإن ذلك السجل حافل أيضا بصفحات سوداوية اللون وبمحطات سلبية كثيرة , وجملة لا يستهان بها  من الصراعات التي قامت بين أبنائها من قوميات وأمم وطوائف متجاورة ومتداخلة مع بعضها البعض , نتيجة لعدم توفر القناعة لدى من كانوا  ولا زالوا يتحكمون  بوضع المنطقة , بمسألة حقوق الشعوب والأمم المضطهدة , تلك الشعوب والأمم التي تشكل حسب المعطيات والمصادر التاريخية الموثقة     ( إن لم تكن أكثر من الآخرين , فلنقل بالتساوي ) النسيج والمكون الأساسي لهذه المنطقة , مما أثر ذلك سلباً على مسألة التطور والتقدم  لدول وأمم منطقتنا  بكافة جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ......الخ , وجعلتها تعيش في حالات من الفقر والتخلف والجهل . لذلك فإن التعايش الاختياري الحر كمشروع  وطرح , يشكل في هذه المرحلة صيغة مثلى للإسهام في معالجة ايجابية وحضارية , ووفق رؤية وطنية وتحت سقفها  لمسائل الاستقرار والتقدم , و فتح الأبواب للازدهار والتنمية بشقيها البشري والاقتصادي لمجتمعات ودول الشرق الأوسط  , ورؤية ناجحة لتجاوز المعضلات التي تعترض مشاريع وخطط  التطور الاقتصادي والاجتماعي , وتخطي المعوقات والعقبات التي تسئ للوحدة الوطنية , وتشوه أسسها ومنطلقاتها الموضوعية والواقعية , والتي تحول دون اللحاق  بالركب العالمي المتسارع على كافة المستويات والأصعدة  , بعد أن ثبُت من خلال تجارب العديد من الدول والأقطار وبالدليل القاطع , فشل المعالجات الترقيعية الناقصة وأنصاف الحلول التي تطرح  بخصوص معالجة القضايا والمشاكل الداخلية ومنها القضايا القومية  والعرقية , من قبل القوى الحاكمة والمتنفذة  للقوميات والأعراق السائدة , للخروج من دائرة أزماتها الوطنية التي تزداد استفحالاً وتعقيداً يوماً بعد يوم بسبب معالجاتها الناقصة تلك , المغايرة لمنطق الواقع , وللحقائق التاريخية والجغرافية لهذه المنطقة , و تأسيساً على هذه الرؤية الموضوعية للأمور فإن مسألة التعايش الاختياري الحر, تستحق في أن يُنظر إليها  كإحدى المسائل الداخلية الهامة (علماً أن مقولة أو موضوعة عزل الداخلي عن الخارجي أصبحت من القضايا  التي تستدعي اليوم المراجعة والتحليل المستفيض ) التي  تهم جميع مكونات وأطياف شعوب ودول هذه المنطقة , وأن تناولها بشكل جاد وحلها بروح المسؤولية هي مهمة وطنية شاملة , تخص الكل ولا يستثنى منها أحداً.؟ في حين يشكل التغاضي عنها وتركها دون معالجة في أية دولة أو قطر كانت , ومهما كانت المبررات والحجج  , إسهاما من الآخرين في زيادة تعقيد الأمور, سواء فطنوا لذلك أم لم يفطنوا, ولسوف تلقي بظلالها السلبية على كافة المسائل والجوانب السياسية  والحياتية  الأخرى , كون القضية التي نحن بصددها تختزل مصير ملايين  البشر المنتمين للعديد من الأمم والقوميات والطوائف  , ولكونها قضية من العيار والوزن الثقيلين .؟
2- تعتبر مسألة التعايش الاختياري الحر المدخل الواقعي والعملي لتقديم الحلول الصائبة  لقضايا الشعوب والطوائف المتراكمة في إطار عملية التوافق الديمقراطي ومن منطلق المشاركة الفاعلة والحقيقية  في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية  , كونه ينسجم مع الوضع الدولي الجديد - الناشئ المتسم  بالميل والجنوح الواضح نحو الاندماج والتقارب بين الشعوب والأمم  ليس فقط على الصعيد المحلي – الإقليمي , وإنما على الصعيد العالمي والدولي العام . والسير باتجاه نشر الديمقراطية والحرية وثقافة حقوق الإنسان , واستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة وفقاً لمقتضيات التطور الاقتصادي والسياسي  ومنحاه العام الهادف إلى إلغاء وإنهاء المربعات والرقع المضطربة سواء كانت في هذه المنطقة أو في غيرها من العالم .؟   
3- يمكننا إدراج هذا الطرح في خانة الرؤى الهادفة  , وجملة التفاعلات والتجاذبات السياسية والفكرية التي تجري في مختلف زوايا وأماكن المنطقة للارتقاء بالأداء النضالي الديمقراطي السلمي , والإسهام في تطوير برامج ومناهج القوى السياسية والثقافية ودفعها باتجاه التوافق والالتقاء مع ما يطرح عالمياً  وكونياً من حلول لملفات عديدة تستلزم التناول الجاد , وإعادة النظر فيها بشكل يلبي طموحات ورغبات القوميات والأمم والأعراق المضطهدة ويفتح أمامها الآفاق للانطلاق نحو صياغة جديدة لأوضاعها ولمستلزمات حياتها وعيشها بشكل آمن ومُطَمئن , بعيدا عن حالات الكبت والقمع والتجاوز على الحقوق .؟   
4- يعتبر هذا الطرح في صميمه مشروع تصالحي بعيد كل البعد عن  ثقافة الأخذ بالثأر والاستئثار, ولا يلتقي قطعاً مع النظرة الأحادية الجانب أو الشمولية  في إدارة شؤون المنطقة  وحكمها , ويرمي لبناء وصياغة مرحلة جديدة أساسها الثقة المتبادلة بين الشعوب وتبديد مخاوف وهواجس الآخرين , الذين لا يزالون يعيشون في متاهات وأوهام الماضي المبنية  وفق رؤى وأفكار مستمدة في معظمها من نتائج العمليات التقسيمية والتجزيئية التي ابتليت بها المنطقة , والمناقضة لاتجاهات التطور والتقدم العالميين في المرحلة الراهنة , أوعلى أساس استحضار بعض أوراق الأرشيف التاريخي , تلك التي تناسب منطلقا تهم  وتتطابق مع ما يرمون إليه لسحبه على الواقع الحالي , وإن كان بشكل قسري وإرغامي .؟ دون الاعتراف بشراكة الآخرين أو احترام رغباتهم وطموحاتهم المشرعنة سماوياً ووضعياً . وبهذا الصدد لابد من الإشارة لوجود مسألة إشكالية وممانِعة لعملية تنقية الأجواء كي يأخذ مشروع التعايش الاختياري الحر طريقه  إلى القبول  والتطبيق , وهي تكمن في أننا نرى  وبالتزامن مع التركيز المتزايد والمتسم بالعقلانية من قبل النخب السياسية والثقافية لأبناء القوميات والطوائف المضطهدة على الشكل الحر للتعايش المشترك  , أن  طرح النخب السياسية والثقافية المنتمية للقوميات والطوائف الحاكمة بديمقراطييها وعلمانييها وإسلامييها  بخصوص حل المسألة القومية والعرقية لا زال بعيداً عن حالة النضج والانسجام مع سمات وروح العصر , ولم يستطع حتى الآن تجاوز طرح الأنظمة والقوى الحاكمة ( مع استثناء بعض الأصوات الجريئة الموجودة في قلب تلك النخب , لكنها تبقى أصوات معدودة وغير ذي شأن على صعيد التأثير , على الأقل في المدى المنظور ) ,لا بل أن الطرح الأكثر تقدماً وتطوراً من لدن تلك النخب والقوى بشأن القضية الآنفة الذكر , لم يتخطى بعد تصوراتها وقناعاتها القديمة الجامدة , وهو يتمحور شكل رئيسي حول بعض القضايا الثانوية و بشكل تبسيطي مبتذل كمفهوم حقوق الإنسان وبعض الحقوق الثقافية , أي تلك التي لا تلامس أساسيات المشكلة وجوهرها .؟  وذلك  بسبب وقوعها تحت تأثير المنظومة الإيديولوجية و الثقافية لمؤسسات أنظمتها السياسية والإعلامية والفكرية  السائدة و القائمة على أساس إلغاء الآخر و تهميشه , وشطب خصوصيته القومية و العرقية المتميزة التي يترتب على مسألة الاعتراف بها التعامل الموضوعي معها لجهة الحقوق كما الواجبات  أسوة بأبناء القوميات الحاكمة والنافذة التي تتمتع في أسوأ الحالات  بمزايا خاصة بها  كحق التعليم باللغة الأم والتوظيف , والى حد ما المشاركة  في الحياة السياسية , وممارسة النشاط  الثقافي  والإعلامي على الصعيد الرسمي العلني وباللغة الأم , ومزايا أخرى  اقتصادية و.... الخ.؟   
- إن غياب الحل الموضوعي والواقعي للقضايا  القومية والطائفية في منطقة الشرق الأوسط على مرا لزمن , شوه ليس فقط  الحياة الاجتماعية والاقتصادية , وإنما أدى إلى تشويه الحياة السياسية والثقافية أيضاً , واحتلت الأكاذيب بذلك مكان الحقائق , وفق منطق  حقيقة القوة ..!  وهنا تكمن المعضلة لأن الاستمرار في عدم الاعتراف بشراكة الآخرين , والبعد عن التناول الموضوعي لمشاكلهم وقضاياهم الأساسية من قبل القوميات والطوائف السائدة بسياسييها ومثقفيها وديمقراطييها , واللجوء بدلاً من ذلك إلى أساليب قديمة غير مجدية للتعامل معها , تؤدي عملياً إلى تعقيد الأمور أكثر , والغوص مجدداً في مستنقع الأوهام الماضوية الكاذبة .؟ في حين بات من الواضح إن الحل الواقعي والموضوعي لكافة القضايا الوطنية , اجتماعية كانت أم عرقية يكمن في الالتزام والاعتراف بمبدأ الشراكة الوطنية والتوافق الديمقراطي , والعيش المشترك  الاختياري , هذه المبادئ التي تنسجم وتتوافق مع روح العصر وسماته الأساسية , وتهيئ المناخ والجو الملائم لكتابة صفحات نوعية جديدة وإضافتها  إلى سجل تاريخ المنطقة .؟؟

6/10/2007

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات