القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 271 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: أرصاد أرضية

 
الأثنين 20 اب 2007


 ابراهيم محمود

رغم أن الجميع متفقٌ، على أن ما يجري على أرض الواقع ( كردياً هنا)، من قول مرفق بالعمل، هو الحكم الفصل، في مقاربة الحقيقة، إلا أن الذي يجري، خلاف المتحدَّد هنا بالتالي:
إذ يحدث بيننا، بين ظهرانينا، ونحن شهود عيان الجاري( نحن، جملة الذين يعيشون هذا التردي في الواقع الملموس والمرئي)، يحدث أن يلتزم أحدهم صمتاً مريباً، تجاه أكثر الوقائع بساطة، وضرورة تسميتها، ورغم ذلك يروّج لصمته باعتباره وقفة الحكيم السابق لعصره.


إذ يحدث بيننا، أمام الملأ، أن يتملك أحدهم رعب ملحوظ، رعب نفاث، ولا يتوانى عن القول بعد حين، على أنه يعيش حرارة اللحظة، أو رهبة المعاش.
إذ يحدث أن يدرك أحدهم، أن الواقع هو المرجع لمعرفة الحقيقة أو نفيضها، ورغم ذلك، لا أسهل من أن يتصرف، وفي الوقت الذي يجده مناسباً، على أن الواقع هو ما يعمل به.
إذ يحدث أن يشار إلى قانون، ليكون المعمول به خلافه، أن يشار إلى قاعدة مسلكية جلية، ليصار إلى التحرك خلاف المتَّفق عليه قاعدياً.
ثمة ما يبرر لهذا اللامبرَّر له، لأن ثمة واقعاً محبوكاً بين جمهرة الأغلبية ممن يحاولون تدوين تاريخ لجغرافيات وهمية، لوقائع لم تحصل، طالما أن هذه، لم يؤرَّخ لها تماماً كردياً .
أتحدث عن أرصاد أرضية، بين الحين والآخر، في مناخها الكردي، عن الذين يتسنمون مواقع، هم دونها مقاماً، ألقاباً هم دونها قيمة، تقديمات هم دونها مقداراً، عن الذين يعرَّف بهم رموزاً،ممتَلَكة بالقوة، عن الذين لا يجدون غضاضة في أن يستحيلوا مطايا سواهم في القول والفعل، لأنهم يعيشون، ولا يكلون في أن يعيشوا عبودية ذات، وهم يتلذذون بها، عبودية موائد مأهولة بالفُتات، مثلما هي عبودية تسميات عابرة، لقاء أتعاب، تمارس زحزحة شبه كاملة لحقيقة كونهم ذوات أسماء طلباتية خارج منازلها المعتبرة، كما تملي عليهم ذوات أخر، برضى منهم، أو بدافع تطوعي مستَتبَع، رغم وجود تحصيل علمي معلوم أحياناً، استجابة لاستعداد تاريخي، عائلي ربما، سلالي ربما أيضاً، وجاهي ملحَق أو مرفق استظلالي، استزلامي بطريقة ما من الطرق ربما أكثر، أو هكذا يكون التراضي، أو الرضى الذاتي.... الخ، حيث وقائع الأيام، بين الحين والآخر، ترمي بثقل أمواجها، بعيداً عنها، ما هو في حكم المجرّد من الحياة( الزبد الهش)، أو ما ليس أهلاً لأن يكون ممثّل اسمه، وهو مأخوذ بيقين اسم فاقد لظله، كما نوهت كثيراً، حيث لا يكون ظل، إلا بوجود جسم، ومقام الظل الذاتي، من مقام حقيقة الذات هنا.
أقول هذا، وأنا أتذكر الفيلم المعروف بـ( الرقص مع الذئاب)، حيث" رفصتُ وجدانياً مع فكرته كثيراً"، والعلاقة التي أقامها أحد البيض المعتبرين، الممثل المشهور " كيفن كوستنر"، مع جماعة من الهنود الحمر، لتكون مدخلاً لتفهُّم أوضاعهم، حيث منحه من له مقام، من بين الهنود اسماً- لقباً، يتناسب وطريقة تناولهم للحياة من حولهم، هو( الذي يرقص مع الذئاب)، وأظنني تفهمت سبب التسمية، ليس لأن ثمة ذئباً فقط، كان في الجوار، يضفي حيوية فارهة على حياة كوستنر، قبل الانتقال إلى العيش مع الهنود، وإنما لأن ثمة قيمة حياتية، كان يجب أن تُسمى، من خلال الشخص، ودعماً لفكرة الفيلم: الواقع المركّب رائعاً هنا.

دائماً عن الكتبة، وليس الكتاب بدايةً:
لا يكون كاتب، من لا يعيش مجتمعه، أدواره الحياتية في الحزن والفرح، في الملمات الكبرى، لا يكون كاتب، من يتحدث عن نفسه، عن تاريخ ماض، عن موضوعات، تهتَم على المعاش.
ثمة كم كبير من الكتاب الكرد، وبأعمار متدرجة، يكون الكبير فيهم كالصغير فيهم مقام ذات، لا بل يكون وزر الكبير( ما يعتبَر كذلك)، مضاعفاً، لأنه يمثل أمام ذات- قدوة، يبصر الصغير رمزاً يحثه على التصرف مثله، هذا الكم، مكموم الفم من الداخل، ملجوم الإرادة، كما لو أن الذي يحدث، ويعنيه كينونة قيمة، واعتبار، لا علاقة له به.
يدك العدو العدو عليه دياره، فيتحدث عن حلاوة اللغة الكردية، دون أن يحدد موقعها، يتهدده في مقامه المعتبَر، وهو لاه بـ( كان يا ما كان)، يختبره في حقيقة وجوده، وما إذا كان يمثل اسمه، في الحد الأدنى، فينشغل باستقبال بشر، يجهلون مدى انخسافه من الداخل، مدى فك ارتباطه بأهله، بانتمائه الثقافي الفعلي، مدى تورطه في الكتابة التي يُتجنى عليها، مدى تبلبل شعوره بالواقع الحي، مدى تبلد إحساسه بالتاريخ الذي يأتي على ذكره في كل مناسبة وبلا مناسبة، ورصيد القيمة الاعتبارية لذات اسم، تمتد نحو المستقبل...الخ.
ينخرط أحدهم في الحديث عن أعقد القضايا، على الصعيد الفكري، إنما لا صلة لها البتة بما يجري، من جهة المطلوب ( تُرى كيف يمكن لأحدهم أن يتحدث عن النهار، وهو حابس ذاته في قمقم ظلماتي؟). ثمة أسماء وأسماء، تتكاثر، خارج مرصدها الأرضي الفعلي.
أشير إلى الكتبة الكرد بترادف أعمارهم، بتراصفها، في مناسفها القولية المنخورة من الداخل، الكتبة الكتاب، كما يُشرّع لوجودهم، من جعل الكرد أشباح تاريخ، وهم عتبة رؤاهم هنا.

قف، أنت مطلوب كردياً:
كما هو مفهوم الخوة بالعربية ( Pêş بالكردية)، حيث تجد نفسك في مواجهة من يفرض عليك، أو يملي عليك، ما يشعرك أنك ملزم بتسديده له، أو لسواه، لأن ثمة من أعده، هيأه لذلك، في المزاد العلني القولي: الشوباشي، المدحي مجاناً، المدحي التهافتي، في ضرورة تسديد ما يعتبَر دَيناً تاريخياً، مقاماتياً، لا يمكنك تجاهل حقيقته، ممن يعتبَر كاتباً في ظرف ما، أو في حكم الكاتب، أو يصادق على وجوده من أهل كتابة، وأن عليك تأكيد التزامك بهذا الجانب.
أمثلة كثيرة تواردت إلى ذهني، وأنا أشير إلى هذا الجانب المداهماتي،  دون اعتبار لتمايز الذات، لمعرفة حدود الآخر، مراعاة اختلافه( وكل صراعنا الذاتي المرير كردياً، يتمحور حول هذا المنحى)، أتذكر وجوهاً كثيرة، شكلت كدمات نفسية لي، وإن كانت عابرة.
ليس آخرها، ما جرى معي في معرض مكتبة الأسد، وبتاريخ11-82007، في الفترة المسائية، عندما حاول أكثر من واحد، التصرف معي، كما لو أنني داخل معه في علاقة، ملزم بتنفيذ بنودها تلك التي دوَّنها هو، ودون أن يكون وجود لأي أساس لعلاقة كهذه، حيث يكون الاستخفاف بالذات قيمة ومقاماً، ليكون بالتالي إقلاق الآخر في اختلافه، وما يعنيه شخصياً، دون مراعاته البتة، حين أُلزم بتأمين كتب لي له، ودون مقدمات، ودون أي وعد أنا ملزم به، وبأكثر من طريقة، تجرد الآخر من كامل خصوصيته، وأهليته في الحس الذاتي بتمايز الذات، واحترام الآخر: أن أناديه باسمه، وبصوت عال، ودون أي اعتبار لطبيعة العلاقة- اللاعلاقة، بلصوصية واضحة، ربما، كون المطلوب هنا، هو إعطاء المطلوب: أكثر من كتاب، واعتراض الطريق مراراً.
مروّع تصرف كهذا، وما أكثر الذين ينسون أنهم يتخلون عن الحد الأدنى من إتيكيات التعامل، في النظر إلى الذات، قبل التفوه بأي كلمة مع الآخر. لا بل يكون التعامل مع الآخر، وكيفية النظر إليه، الوجه المستنسخ في التعامل مع الذات.
أدرك تماماً، أن قارىء هذه الفقرة، يدرك من أعني، هو ومن هو في امتداده، وكان في وسعي التذكير بأكثر من اسم، ولكنني أترفع عن ذكر أسماء، فثمة كم وافر.
كيف يمكنني تسمية من يعترض طريق الآخر، من يناديه باسمه، دون سابق معرفة، دون الحد الأدنى من التعارف، دون وجود علم بأوليات التعارف، سوى في اعتبار الجاري استمراراً لسيئات الذهنية القبضاياتية، الذهنية العصبوية العشائرية المستحدثة، الذهنية المزعبراتية التي تعرّف بأصحابها؟؟؟!!!

السعداء خارج ذواتهم:
من طبيعة الكاتب أن يكون حساساً، وأن تكون الكتابة لديه متميزة بهذه الحساسية التي تبرز مدى تأثره بما يجري حوله، أن يتبدى شعوره واسع المدى والصدى، واسع الطيف الأدبي، من خلال تناوله لموضوعات تجلو فيه مدى انخراطه في أحداث العالم، في تلقي مؤثراته، والتفاعل معها.
لكن يبدو أن الكتبة الكرد، وما أكثرهم، خلاف المعنوَن، ممن يظهرون ذوي توتر عال ٍ، في تجلي الحساسية، وانعطاف الشعور، إنما خارج نطاق ما يؤهلهم لأن يكونوا ذوي حساسية موظفة، وشعور توظيفي، يرتضونهما ضداً على الإقامة في صميم ذواتهم.
أن يكونوا داخل كرنفالات شعبوية، يهتفون على الورق، ويصرخون على الورق، وينددون، ضمن حدود آمنة نسبياً على الورق، ويستصرخون ضمير المحيطين بهم شعبوياً على الورق، ويؤكدون ضلوعهم في الأحداث تفاعلاً على الورق، ويثابرون على التحنط الذاتي على الورق، على أنهم موجودون من خلال الورق ليس إلا، وما أقصر عمر الورق المعتمَد هنا...الخ، مسخَّرون لمن يعتبرونهم أمناء على الورق شعاراتياً، حملة الأسماء الحزبوية على الورق بدورهم، وفي المجالس التي تحمل صورهم، ودائماً على الورق، وفي نفوس جماهير ممزَّقة، مشوهة وعياً، على الورق ، أو استحالت ورقاً بالمقابل، وهم يتعرضون لسواهم، مقابل خدمات يسندونها إلى أنفسهم طواعية أو هكذا علمتهم التربية الشعبوية التحزبية والنخيوية، في المعتبرة كتابات تقض مضجع الورق، بالنيابة عمن يتلمسون في الورق بقاء إضافياً ما، لكرنفالياتهم الورقية، في أداءات لا تصمد حتى ورقياً، عبر تهويمات تخديمية غالباً، كما هو المنطق الشعبوي، وهم يجدون بعد كل كتابة سهلة النشر انترنتياً، من يطبطبون على أكتافهم، أو عبر الهاتف( أحسنتم، أو أحسنت، إذا كان المقصود أحدهم)، أو ( te bihna min derxist, bijî )، أو (em spasiya te " we" dikin, li ser gotara we)... وغالباً ما يندفع المأخوذ بسحر الورق، وقد تصدى عبره لمن يعتبره أهلاً للتصدي باعتبارات شعبوية، فيتصل بهذا أو ذاك، ممن ينتظر من يتلمس فيه هذا ( السرفيس) الورقي، وهو في عليائه المدرَّعة (min ew da erdê, gotara min bixwîne)، مثلما يتصرف مأجور، أو المستزلَم، وهو يمارس انتقاماً على غفلة، من شخص ما، لا يراد له حضوراً، باسم من يريد أن يكون كلي الحضور شعبوياً دائما.
ما أكثر السعداء من الكتبة الكرد، وهم خارج ذواتهم. إن صفحات الانترنت مثقلة بهم، وهي تطفح بأسمائهم الكثيرة، الحركية كثيراً، والصريحة تأكيد استزلام صريح، وهي في تنام ٍ يومياً، استجابة للشعبويات التحزبية والتكتلية الكردية هنا وهناك.

الرائي الأعمى بصيرةً:
ما أسهل العثور على كم ملحوظ، من الكتبة الكرد، وهم في عداد الكتاب الكتاب، وهم يرجون خيراً من الجميع، في ضرورة التوافق والتحاور: سياسيين وكتاباً وخلافهم، وهم ينشدون هدوءاً من الجميع، وهم يسعون إلى طلب الوفاق من الجميع، وبين الجميع، وممن يمتلكون نفوذاً ما، كتبة يظهرون بأسمائهم الصريحة، والحركية بالمقابل، ويتنادون إلى وفاق منتج، ويهنئون بعضهم بعضاً على مناشدات كهذه. لكَم ينشرح صدري بحضور صوتي، كتابي ، كهذا.
لكن( والمصيبة في لكن المسدرِكة هذه)، كيف يمكن التجاوب مع أصوات، كتابات كهذه، والحضور خُلَّبي بامتياز في الغالب، لأن شرط المناشدة، هو تميُّز المناشِد ، ولو ببعض قليل من حس الواقع، من امتلاك بؤس الجاري، ومعايشة ألم المتحصّل بين بني جلدته، من الانخراط، ولو الهامشي، في مجريات المتتابع حياتياً، حتى يكتسب قيمة اعتبارية، يكون لصوته مدى سمعي معين، أن يدرك المناشد، ومن يمارس تقريظ المناشد، ومن يهلل للمناشد، أنه على بيَنة من حقيقة النشدان الوجداني، الإنساني: الكردي هنا، أن ما يسمع ويقرأ، له أصوله، أسبابه الوجيهة في ضرورة الإصغاء، وما عدا ذلك، يكون تشويهاً للواقع، وتعتيماً على المعنّى به، خصوصاً، إذا أدرك المتتبع، أو المتحري لحقيقة المناشدات هذه، أن ثمة الكثير من الزيف في العملية، يتلخص في كون الكثير من المناشدين، يناصرون جهاراً، من يصمتون صمتاً مريعاً إزاء المروّع في واقعهم، مثلما يشهدون على براعة معينة، مزيفة، تخصهم( أعني تخص أغلب هؤلاء المناشدين، أو فلأقل: جوقة المناشدين، دون نشيد يكفل توازنهم الذاتي)، وهم مهزومون واقعاً، وأمام الملأ.
هكذا تقول كتابات المناشدين، رغم تفاوتهم النسبي، في طبيعة، أو نوعية المسافة الفاصلة بينهم وبين ما يجسدونه في كتاباتهم، ولكنهم، وبسبب عمى الواقع، عمى البصيرة، يشكلون عصبة التعتيم على حرفية الواقع، حيوية المعاش. قارنوا بين مستجدات الواقع كردياً هنا وهناك، والذين يظهرون بأسمائهم الفعلية، والموضوعات التي يُتعرَّض لها، تجدوا الحقيقة الممثَّل فيها هنا كثيراً.

تعليق الواقع:
ثمة كتبة كرد، وما أكثرهم طبعاً، يمكنهم أن يتعرضوا للكثير من الموضوعات، إلا تلك التي تضعهم في قلب الحدث، تنسّبهم إلى الواقع، كما تسميهم أنشطتهم بالاسم، وعبر المنشور الانترنيتي وسواه، إذ في وسعهم أن يثيروا موضوعات، تبرز جانباً لافتاً من الحصافة، تترجمها الصور المرافقة، والصياغة اللافتة لما يكتبون، ولكنها تحاذر ملامسة الواقع، كتابات تناغي كتابات، تتبادل المدح، لتأكيد أهميتها، وبأكثر من لغة. الواقع بكل مخاطره ومآثره معلق خارج كتاباتهم، والتفسير لا يحتاج تفسيراً، ووحده التاريخ يسمي مفارقة الدخول في كتابة، لا صلة لها قيمياً، بما يجري، مثلما هم يعرّفون بأنفسهم أمناء على الواقع، إنما خارج سياقه الحدثي.

مراهقون حتى الرمق الأخير:
ليس هناك من فضيحة أكبرأيضاً، تماثل فضيحة جملة الكتبة الكرد، الذين لا يتوانون عن كيل المديح المتهافت لكل اسم أنثى، وهي تبرع في صناعة ديوان شعر، أو ربما كتابة قصيدة ملطوشة بطريقة ما، أو أي نص ممهور ياسمها، كما تشهد صفحات الانترنيت هنا وهناك، كتبة تقدَّم بهم العمر كثيراً، مثلما تأخر فيهم الوعي المكاني والوجداني  كثيراً، لتحقيق أكثر من هوى متفعل، ناخر فيهم، ولا أظنه بمستدرَك، في حدود تتجاوز الحدود الممتدة من ديركا حمكو حتى زورآفا şam ê بالتأكيد، مديح فضائحي بامتياز، من خلال طريقة الكتابة، طريقة التعرض للمكتوب شعراً في البداية، حتى دون قراءته، إنما جزافاً، كما هو المعهود حتى الآن كثيراً كثيراً، وما أكثر مجازر الشعر كردياً كتابة ووصف كتابة، ونثراً قصصياً، يشفَع له كثيراً، أنه الممضي عليه أنثوياً، وخصوصاً حين تكون الأنثى الكردية هذه في مقتبل العمر، أو ذات نفوذ ما، تشتَم منها رائحة الأنوثة، أو حتى وهي دون ذلك، لأن ذكورة الكاتب الكردي المدائحي، لا تقيم فوارق بين رائحة أنثى غضة طرية، وأخرى مدعوكة دعكاً، وثالثة ذات خبرة، ورابعة ذات نفوذ في تركيبها...الخ، ليس لأن وعياً مساواتياً يعتَمد هنا، وإنما لوجود نهم بهائمي يتخلل الجسد المعني في عمومه، جسد الكاتب الكردي المراهق باضطراد، والمرهق بحضوره واقعاً.
يكفي تأكيد قول كهذا، قراءة طريقة الكتابة، كيفية التفريط بالذات، كيفية التعظيم والتفخيم، فقط ليُسمع مباشرة، أو عبر هاتف نقال أو جوال، أنه عبّر عما تريده ( أنثاه) عن بعد، وفق لعبة مدرَكة بأبعادها، لتؤكد هذه سحرها الأنثوي النافذ تخيلياً، والمرسوم والمدرَك بخبرة مجريات واقع، وهي تسخر منه، وتنتظر المزيد إرضاء لأنوثتها الشعبوية، وليؤكد هو، ولو في متخيّل مرضي، وهو متغلمن، مثلما هي  متصابية، أو متغابية، أن ثمة إرضاء ما لذكورته المتهاوية.
كل طرف يؤدي دوره، في المجمل، ويدرك خداعه الذاتي، يدرك زيف دوره، لتكون الكتابة في الحالتين زيفاً على زيف، ولتكون الضحية الكبرى، هذه الكردية المبتلية بسلالة الكتبة( الكتاب) المزيفين، وسط واقع مزيَّف، في أكثر من مهاد ثقافي، مجالسي، وتربوي، واجتماعي...الخ.

محبّو الغير:
ثمة كتبة كرد، يألفون الطواحين، في مخيلاتهم، ليس حباً في سماع صوت الطاحونة هذه أو تلك، إنما من خلال جعجعة الكلمات التي تألفها نفوسهم عبر كتاباتهم. وهم يصرّحون أينما حلوا، ولمن يهمه الأمر، وبحسب المكان، على أنهم محبو الغير، حتى لو كان هناك عداوة مرصودة أو معلومة، دون إخفاء التأسف على ما يجري في الصف الكردي ( صف الكتاب الكرد)، ليس لأن حباً نابتاً يبرز بوصفاته المثلى، في أصوله الكبرى من الداخل النفسي، وإنما لأن هذا يتماشى مع سياسة اللعبة المتبعة، أي إظهار هذا الحب ( الغَيري)، لجعل ( الغير هذا)، أكثر منبوذية، أو تعريضه للنبذ أكثر.
ما يهم هنا، هو كيفية تحول الكتابة عند هؤلاء، هو مصارحة الغير كتاباتياً بما لديهم، هو ترك الآخرين جانباً، وعدم اعتبارهم لصفحات انترنتية، تروّج لأصداء أقوالهم المختلفة، والمتغير بحسب نوعية المعنيين بالإصغاء، وما في السياسة الرعوية الوعرة هذه، من رعونة مقصد، وبؤس تصرف أولاً وأخيراً. الواقع العيني وحده بتداعياته الحية يدوّن شهاداته هنا.

تداعيات الأنا الناتئة:
ثمة كم ملحوظ من الكتبة الكرد، وفي وسطنا، لديهم قدرة ملحوظة، وفي أوقات ملحوظة، مثلما في أمكنة ملحوظة، مثلما في كتابات ملحوظة، بظروفها وصروفها، على إظهار مرونة مائزة في التعامل مع الآخرين، وخصوصاً مع أولي أمر حزبويين، وربما ذوي نفوذ شعبوي هنا وهناك، وليونة تشهد على ذكاء لمَّاح فيهم، ذكاء عملي، أعني فهلوية تكتيكية، حيث كل مقال، يوقَّع عليه، ويروَّج تحت يافطة تحزبية معينة، أو بين ظهراني جماعة مختلفة، وحيث طل طرف يتلمس في إجراء كهذا، بعضاً من تصفية حسابات مع آخر معلوم: موسوم خصماً، من خلال تحضيرات دعوية مجالسية، غرفية هوائية، لتكون النتيجة إ إثر عمل سنوات من الجهد والمتابعة الكتابيين، ضحك اللحى على اللحى، لتكون النتيجة تعليق الواقع، والخروج من التاريخ المأثور فيه.
إن القيمة الكبرى للكاتب، هي في التجلي باسمه الذاتي، والمصارحة باسمه الذاتي مستقلاً فيما يقول ويكتب، وليس عبر الدخول في خانة افتئاتية ضاقت بأهلها منذ البداية، في حيفيات متبادلة...

مقاسات مقصات:
تخيلتني وأنا أقلّب في الصفحات التي قرئت، من قبل غالبية الكتبة الكرد، في جملة ألقابهم وتصنيف كتاباتهم، وفي مقدمتهم، المعرَّف بهم : شعراء، وكما تقول كتاباتهم المعرَّف بها شعراً، لتكون النتيجة أهوالاً في سفر أحوال هؤلاء:
ديوان يقرَأ، حيث يقص منه أكثر من جملة، ليشكل بعضاً من "إبداعات" الكاتب الكردي هنا.
ديوان يقرَأ، حيث يكتب على هامشه، ما يقابل المدوَّن فيه، بعد تحريفه قليلاً، ليكون في عداد ملكية الكاتب: الشاعر الكردي هنا.
قصيدة تُقرِأ في مجلة، أو صحيفة قديمة، أو حديثة أحياناً، ليقَص منها، ما يتلمس فيه الكاتب المستقبلي، علامة من علامات صعوده الأدبي المنتَظَر.
كتاب أدبي، أو سواه، أثر كتابي، يتعرض لسطو من الداخل، في بعض منه، أو أكثر، لتتشكل نفيسة المتشكَّل كاتباً كردياً، حيث يشار كثيراً إلى أثره النفيس والمباغت أحياناً، وينال المزيد من التعليق الإطنابي، ووحده ( الحرامي، المتطفل الكاتب، الدخيل الأدبي، المعدوم الذوق...الخ)، يضحك في عبه، يضحك على الجميع الذين يثنون على مأثوره، أو على ما صنعته يداه الطويلتا الباع في النصب والاختلاس، وإذا تم الكشف عن ذلك، قد يسفك دماء، ويستصرخ ضمائر ممائلة، وهو يشرعن لكل ما قام به، كما يجري كثيراً هنا وهنا.
ما أكثر الكتبة الكرد، ما أقل الكتاب فيهم. اسألوا الواقع يُجِبكُم !!!!!



 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات