القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 276 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: أسئلة كُردية، أبعد من عملية عفرين

 
الأحد 11 اذار 2018


حسين جلبي

ستكون كارثة إضافية حقاً، إذا لم يكن الكُرد في سوريا قد أدركوا بعد؛ بأنهم لم يكونوا طوال السنوات السبع الماضية سوى ضحايا لعبة متقنة؛ رسم خطوطها العريضة وأدارها بإتقان نظام الأسد، بينما عمل حزب العمال الكُردستاني على تنفيذ تفاصيلها بحرفية عالية، وأضاف عليها بصماته الحديدية المعروفة جيداً لهم، بحيث جعل منها ـ من الخطة ـ جسداً ينبض بالشعارات الكبرى والرايات المرتفعة، ولكن على الأرض؛ سبباً لدماء نازفة بغزارة أيضاً.
فقد كشفت أحداث عفرين الأخيرة في جانب منها؛ الطبيعة الوظيفية والدور التشبيحي لحزب العمال الكُردستاني في المنطقة، والذي غير جلده مراراً وتكراراً بسهولة، وإنتقل من خندق إلى آخر بالسهولة ذاتها، إلى أن أظهر وبدفعة واحدة حقيقته التي لم تكن غائبة عن المراقب الحصيف، التي تدور حول مرجعيته الحقيقية، حيث كان نظام الأسد هو أول من توجه إليه الحزب علناً؛ بعد ساعات من الإعلان عن بدء الهجوم التركي في منطقة عفرين، فدعا النظام إلى إستلام إدارة المنطقة التي كان استلمها منه في الواقع، والقيام بما قال عنه "واجباته السيادية" في الدفاع عن حدوده، شاطباً بذلك، وخلال لحظة واحدة على دماء كُردية غزيرة، قال بأنه بذلها دفاعاً عن "الكانتونات وثورة روجآفا"، هذه الثورة المزعومة التي قال بأنه أشعلها في غفلة عن الجميع، وحرر بنتيجتها المنطقة من النظام كما إدعى، وأقام عليها ما أسماه "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، التي كان تعبيرها الأخير هو "فدرالية شمالي سوريا" حسب أدبياته المتقلبة.


لم يتوجه حزب العمال الكُردستاني إلى نظام الأسد؛ بسبب إعلان الأمريكان عدم وجود عفرين في منطقة نفوذهم فحسب، أو قيام الروس بسحب خبرائهم من المنطقة، الأمر الذي كان إيذاناً ببدء عملية عفرين، فالحزب لم يطلب يوماً من الطرفين ثمناً لخدماته السخية لهما أو لغيرهما، كما أنه لم يتوقع مكافأة على تلك الخدمات، خاصة أن لا أحد وعده بشئ من ذلك، بل توجه إلى النظام بإعتباره راعيه الحقيقي، الذي مكنه من رقاب الكُرد منذ بدايات الثورة السورية، وأتاح له الفرصة ليكون رقماً في معادلات المنطقة على حساباً دمائهم، والأهم من ذلك حارساً مأجوراً على ممتلكاته، لا يستطيع تقرير مصيرها لوحده. والحقيقة هي أن التدخل التركي لم يكن سوى فرصة ذهبية للحزب للتوجه للنظام، ولإعادة المنطقة التي استلمها منه إليه، بصورة تحفظ له بعض ماء وجهه، خاصةً بعد أن عمل على خلق قبول شعبي بذلك، مقارنة مع وجود رفض للعملية التركية، والواقع هو أنه لولا التدخل التركي في عفرين؛ لما عجز الحزب عن إيجاد ذريعة لإستدارة حتمية مقبلة باتجاه النظام، بعد أن شارف دوره الوظيفي على نهايته.
بعدما حدث في عفرين، المدينة التي ذهبت إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي فيها أدراج الرياح، والتي أصبحت عملياً جزءاً من مناطق سيطرة النظام، رغم الإستجابة الضعيفة التي أبداها الأخير تجاه نداءات إدارة الحزب بالتدخل، والتي تمثلت بإرساله بعض شبيحته إليها تأكيداً لسيادتها عليها، الأمر الذي شكل صفعة إضافية للحزب وفضحاً لمستواه، مع مسارعته إلى إخلاء أحياء حلب من مسلحيه، بداعي التوجه لحماية عفرين، التي من المفترض أنها أصبحت من مسؤولية النظام، يثور السؤال عن مصير إدارتي الحزب في منطقتي كوباني ومحافظة الحسكة "كانتوني كوباني والجزيرة" أيضاً بعد إلغاء "كانتون عفرين"، وعن الفيدرالية التي طرحها؛ والتي يبدو بأنها لن ترى النور أبداً، وفوق ذلك عن مصير جيش الشمال ذي الثلاثين ألف عنصر؛ الذي اقترحت أمريكا تأسيسه لحماية حدود منطقة شرقي الفرات، والذي كان بمثابة اللعنة التي أدخلت عفرين في عين العاصفة، وأخيراً عن مصير التواجد الأمريكي نفسه في المنطقة، الذي لم يربك التدخل التركي في المنطقة حساباته فيها، بقدر ما أربكها السهولة التي شطب فيها حزب العمال الكُردستاني على نفسه في عفرين، والتوجه إلى النظام لطلب الحماية منه.
قياساً على ذلك، ما الذي يمنع من تكرار سيناريو عفرين في كوباني والحسكة أيضاً؟ خاصةً وقد سبق للمنطقة الأولى وأن عاشت تجربة مدمرة إبان غزو داعش لها، وهي ليست في وارد تحمل المزيد، في حين أن النظام متواجد بقضه وقضيضه في المنطقة الثانية، والأمر لا يحتاج سوى إلى إنزال بعض الأعلام، وإستبدال صور بأُخرى، عندما تلوح حجة ما في الأفق، من صنف التدخل التركي أو التهديد به، وهي ذريعة يمكنها أن تبرر بقاء الود بين النظام السوري وحزب العمال الكُردستاني. أبعد من ذلك، ما الذي يمنع إنقلاباً في المعادلات المعروفة، بحيث يبيع حزب العمال الكُردستاني هذه المرة أمريكا لمصلحة نظام الأسد، وهي الدولة التي تتخلى عادةً عن حلفائها، خاصةً أن غياب النظام عن المنطقة ليس حقيقياً، والتحالف العتيد بينه وبين الحزب هو الأقوى والأبقى كما أثبتته التجارب؟. وسط تفاصيل هذه اللعبة الكبيرة؛ لا يملك المواطنون الكُرد سوى الأسئلة والكثير من الأسى، وهم يرون مصيرهم وقد أصبح بين أقدام لاعبين كبار، بعد أن حشرهم حزب العمال الكُردستاني هناك، وهو الحزب الذي لم يكن خيارهم يوماً، بل كان خيار نظام الأسد؛ الذي بناه ورعاه واستفاد منه حتى النهاية.
. عن موقع تلفزيون سوريا

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات