القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 244 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: مهازل امتحانات محافظة الحسكة

 
الجمعة 29 حزيران 2007


 أسامة أحمد عـلي

إنّ أبرز مشكلات تخلفنا تغليب الذات على الموضوع... تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة, ووضع المصلحة العامة في خدمة المصلحة الخاصة, فالمسؤولون لا يريدون أن ينظروا إلى واقع ميدانهم على حقيقته, ليصلحوا فساده, وإنما ينظرون إليه من خلال التقارير المرفوعة إليهم من مرؤوسيهم التي تجمّل الواقع, وتتعامى عن الخلل والعجز والتقصير, فتدعـو إلى الرضى الكاذب


ولاشك أنّ دائرة الامتحانا ت في كل محافظة تدعـو مراقبيها إلى ضبط سير الامتحان, وعدم التهاون فيه, لكنها لا ترحب بكثرة التقارير المتشددة التي تغربل مراكزها, وتلتقط حالات الغش فيها, وتقترح معاقبة المقصرين, لأن موقعها يتعرّض إلى التهديد. هذا هو التوجه العام الذي أَحسن قراءته المراقبون, وعـرفوا أَن المراقب المتشدّد, غير مرغوب فيه, يجلب إليها متاعـب ومشكلات هي في غنى عـنها, ووجد المندوبون ورؤساء المراكز أَنّ ما يدعـو جماعة دائرة الامتحانا ت إلى الرضى والاطمئنان هو تقديم تقارير عن سير الامتحان إليها, لا تعكس حقيقة واقع المراكز الامتحانية, وإنمّا تعكس رغـبة هذه الجماعة في أن يكون واقع امتحان محافظتها نموذجاً مثالياً يقتدي به, بما يؤدي في نهاية المطاف إلى توجيه الثناء لها, والحفاظ على مواقعها ومكاسبها, وأمام هذا التوجه, فإنّ فئة من المراقبين جاملت مدير الامتحان في كل محافظة , وسايرت رغبته, فتغافلت في تقاريرها عن كثير من المخالفات, وأشادت بانضباط مراكز فوضوية أدارتها, أو أشرفت عليها إشادة تريح هذه الفئة وترضيها , يدفعها إلى انتهاج قيم المحاباة والتزلف الحفاظ على مصالحها الشخصية الضيقة التي تضعها هذه الفئة فوق مصلحة مجتمعها و بلدها, تريد أَن تثبت لمد ير الامتحان وجماعـته جدارتها بالمهمات المسندة إليها, وفئة ثانية من المراقبين ظلت محافظة على نهجها في حرصهـا على سـلامة الامتحـان ونزاهته , لا تهـادن فيه, ولا تســـاوم عليه , لا تبالي بعواقب ما ينتهي إليه هذا الحرص, لا يهمها في ذلك إلاَّ رضى ضميرها فحسب, وفئة ثالثة منهم, انتهجت سلوكا لا يعبّر عن القيم العليا التي تدعـو إليها رسالة التعليم السامية, ولا عن شرف المهنة, نفوسها ضعيفة, استجابت للوساطا ت والضغوطات, وامتثلت لها, فتغلبت رغـباتها الشخصية الرخيصة, وعلاقاتها الاجتماعية, وولاءاتها الضيّقة على القيم التربوية , وضميرها المسلكي , فغضت النظر عن الغش, أو عملت على إفشائه, واخترقت بذلك تعليما ت الامتحان ونظامه, وأسهمت إسهاماً فعّالاً في نشر الفوضى بالمراكز الامتحانية , واختلفت تقويمات المراكز باختلاف طبيعة المندوب ودوافعه, فمثلاً وصف بعض المندوبين المراكـز التي أشرفوا عليها بأنها جيدة ومنضبطة, وبعضهم بالغ. فقال: إنها ممتازة.بينما هي عند مندوبين آخرين مثال سيء في الفوضى والانفلات. ووجد رؤساء المراكز في محافظة الحسكة أَنَّ كثيراً من احتياجات مراكزهم المقدمة إلى دائرة الامتحانا ت لا يلبى, ووجد مندوبو التربية أَنَّ كثيراً من تقاريرهم اليومية المرفوعة إلى دائرة الامتحان عن واقع امتحان المراكز وطلباتها لا يقرأ, ولم ير مندوبو التربية جدوى من لقاءاتهم اليومية مع مدير الامتحان, فقاطع أغلبهم هذه اللقاءات لقناعتهم أنها استعراضية جوفاء, ليست جادة ولا حازمة في معالجة الفوضى , واضطر مدير التربية أمام هذه المقاطعة أن يرسل إليهم بطاقات ( استجواب) استنكرها بعضهم.
 تقدّم إلى امتحان شهادة التعليم الأساسي وشهادة الثانوية العامة بفرعيها:العلمي والأدبي واحد وستون ألف طالب في أربعمائة وثمانية عشر مركـزاً امتحانياً, يراقبهم تسعة آلاف مراقب, أحصر المظاهر المسيئة التي برزت في امتحانات محافظة الحسكة بما يلي:
  عجز دائرة الامتحان عن توفير الخدمات الضرورية للطلاب, فالمراكز التي يخالف بناؤها شروط القواعد الصحية كثيرة, وهي ليست مشادة شرقا وغربا, وتنعدم فيها التهوية, بعض المراكز لا مراوح فيها أو مراوحها معطلة, وليس في بعض نوافذ قاعات المراكز ستائر تقي الطالب من الشمس, ولا يتوفر الماء الكافي في عدد من المراكز حيث لا يوجد في المركز إلا إبريق ماء واحد وكأس, سبعة مراكز في الدرباسية, لم تذق طعم الماء البارد, وأباريق الماء فيها قليلة , لا تسد الحاجة, وبعض المراكز انقطعت سبل اتصاله بدائرته, فلا هواتف فيها, ثلاثة مراكز بتل حميس, لا هواتف فيها.
 2- تخبط دائرة الامتحانات في إدارة الامتحان, وعدم قدرتها على التخطيط السليم , وذلك من خلال ما يلي:
 أ- إدخالها المعلمين بأعداد كبيرة في المراقبة أدى إلى خلخلة المراكز, يقابله غياب أعداد كبيرة من المراقبين و قلة عدد مندوبي  التربية مما دفعها إلى تكليف المندوب الواحد مشرفا عـلى أربعة مراكز أحيانا.
 ب- إسنادها مهمات إدارة المراكز ومندوبي التربية إلى شخصيات ضعيفة غير قادرة على معالجة المشكلات الطارئة, أو ضبط  سير الامتحان ما أوقع هذه المراكز في هاويـة الانفلات, فاجتاحها غش, ضبط أقله, وطوي أكـثره, وعامت هذه المراكز على الغش, وهزئت بالطالب النظامي المجد الذي يعتمد على نفسه, ويتحيّن فرصته مثل مركز تشرين بطابقيه ومركز إبراهيم هنانو ومحمد على زينال وميشال صليبا والرازي الطابق الثاني و مركز عمير بن سعد الأنصاري الطابق الأول ومركـز محمود عبد القادر وغـرناطة والفارابي ومراكـز أخرى كـثيرة في الحسكة و الشدادي والمالكية وغيرها, لا سبيل إلى حصرها.
 ج- سوء توزيعها المراقبين, تعّين أغلبية من الذكور مقابل أقلية من الإناث في مراكـز الإناث , وتعين أغلبية من الإناث مقابل أقلية من الذكور في مراكز الذكور النظاميين, على سبيل المثال (مركز ساطع الحصري ط3) و (موسى بن نصير ط3) في التعليم الأساسي بالمركز الأخير أربعة وعشرون مراقبا, بينهم إحدى وعشرون مراقبة, في مركـز ثانوية الرازي الطابق الثاني ثماني مراقبات وخمسة مراقبين وبالطابق الثالث في المركـز نفسه ثماني مراقبات وثلاثة مراقبين وتعيينها مراقبات إناث في مراكز الذكور الأحرار خلافا لتعليمات الامتحان,مثال على ذلك (مركزاللواءط2) و محمد علي زينال ط1) ولديها فائض من المراقبين الذكور, وتطالب دائرة الامتحانات بالحسكة مراقبيها بتفتيش الطلاب قبل دخولهم القاعات, فكيف تفتش المراقبة الطالب؟ وكيف يفتش المراقب الطالبة؟ وحالة التخبط هذه ليست جديدة على جماعة الامتحان , فقد عانت امتحانات السنوات السابقة من تخبطها وارتجالها في العمل, وألفت الأنظار على سبيل المثال بما حدث في امتحانات العام الماضي في مركز (عمير الأنصاري) بمدينة رأس العين الذي ضم مهنة النجارة والأثاث التابع للثانوية الصناعية بـ ( تل تمر) حيث تبيّن في امتحان مادة (الرسم الصناعي) لهذا القسم يوم الأحد 11/6/2006أن جماعة الامتحانات لا علم لها بوجود هذا القسم في مركز (عمير الأنصاري), فلم تخصّه بأسئلة ترسلها إليه رغم أنها أدخلته في المركز المذكور, ورغم أنها أعدت له رئيسا وأميناً للسر ومراقبين!!. كما ألفت النظر أيضا إلى ما حدّث العام الماضي في وزارة التربية رأس المؤسسة التربوية بسورية, وأشير هنا إلى اثنين: الأول: ما ورد في السؤال الخطأ, الفضيحة, في الفقرة الثانية, بسؤال الجبر في امتحان مادة الرياضيات يوم الإثنين 12/6/2006 الذي أثبت أَنّ واضعه ليس متمكناً من مادة الجبر , وليس مؤهلا لوضع أسئلة امتحان مادة هامة على مستوى القطر , الخطأ الذي أربك الطلاب, وأقلقهم, وأهدر حيزاً من وقتهم دون أَن يتوصلوا إلى الجواب الصحيح, فأفقدهم الثقة بمعلوماتهم حتى دفع بعض الطلاب إلى اليأس, فالانسحاب قبل اكتشاف الخطأ متأخراً في أَثناء امتحان المادة , ويتساءل المرء: كيف تكلف الوزارة لجنة لا خبرة لها في هذه المادة؟ والثاني : تسرّب أسئلة امتحان مادة اللغة العربية في الشهادة الثانوية العامة, الفرع الأدبي قبل موعد المادة بيوم واحد, ما أرغم الوزارة أَن تعتمد النموذج (ب) الاحتياط , لأسئلة المادة المذكورة. وقيل: إنّ مسؤولا في الوزارة هو من سرّب الأسئلة!! وفي هذا الامتحان (2007) كانت طباعة الوزارة لنص في مادة اللغة الإنكليزية, الفرع الأدبي ليست واضحة, ويصعب قراءته, أدّت إلى إغماء بضع طالبات في مركز (عكاظ) يوم الخميس 7/6/2007
 3  ــ عجزها عـن ضبط مراكزها, وتجاهلها حقائق الفوضى فيها, والنظر إليها بعين التقارير المخادعة التي تتعامى عـن رؤية هذه الحقائق, إن التقارير المرفوعة إلى دائرة الامتحانات من رؤوساء المراكز و مندوبي التربية ليست مطابقة لواقع الحال, فهي تخفي كثيراً من المظاهر المسيئة التي تظهر في المراكز من تقصير وإهمال وغش, وتستر أغلب هؤلاء على حالات الغش المضبوطة وغير المضبوطة حتى أصبحت حالات الغش المتستر عليها أكثر من الحالات المرفوعة إلى دائرة لامتحانات لعلمهم أن دائرة الامتحانات ترحب بهذا التستر ضمناً, واقتصرت هذه التقارير على إبراز الجوانب الإيجابية التي تريح هؤلاء, وأغفل أغلب التقارير تهاون بعض المراقبين الشديد, وتواطؤ بعضهم الآخر في سير الامتحان, وأثبتت تجربة إدخال المعلمين بأعداد كبيرة إلى المراقبة فشلها الذريع, وتبيّن أن أغلبهم ليسوا أهلا لها, ووجد المراقب النظامي نفسه وحيداًفي مواجهة تيا رالغش الجارف, فأخذ يفكر في عواقب تشدّده أو اعتداله في ضبط القاعة أو المركز, فهو لا يجد حماية له خارج المركز من تهديد الطلاب المتضررين من مراقبته,وتعرض بعض هؤلاء فعلا للتهديد,ودخلت المراكز الكتب المصورة المباعة علنا في المكتبات,تراوح ثمن الكتاب بين(300-400ل س) بعضها يأتي من مدينة دير الزور التي غمرت مكتـباتها بها مراكزها الامتحانية , وأخذت مكتباتها تصدّر الفائض إلى محافظة الحسكة وغيرها, يحدث هذا علانية على مسمع ومرأى الجهات الأمنية والرقابية, وأمام هذه الفوضى التي اجتاحت المراكز, لم يعد كثير من التقارير مؤهلا لعكس واقع الامتحان على حقيقته, وأصبح حديث الشارع عنها أصدق وصفا منها: فالطلاب في أنحاء محافظة الحسكة يتحدثون عن الغش شبه العلني الذي دبّ في مراكزهم خاصة في نصف الساعة الأخيرة من امتحان كل مادة. استطاع المراقبون النظاميون الغيارى على مصلحة بلدهم إزاء هذا الوضع أن يضبطوا مزيدا من حالات الغش, وبلغ عدد تقارير الغش المضبوطة في مركز واحد هو (بولص يعقوب ط2) ستة وعشرين تقريرا, والتقطوا يوم الإثنين 11/6/ 2007 ثلاث عشرة حالة غش بمركز (إبراهيم هنانو ) في مادة الجغرافية , وعشرات التقارير الأخرى ضبطت في مراكز مختلفة, ويتحدث الطلاب عـن اختراقات المراقبين لتعليمات الامتحان , وعن إسهام بعضهم في تيسير تداول أوراق الغش أو الكتب المصورة بين الطلاب, أو نقلها من قاعة لأخرى وإملاء بعضهم الآخر الإجابة بأنفسهم على الطلاب, وأحياناً يملون عليهم إجابات خاطئة, يندم عليها الطلاب فيمابعد. هذه الاختراقات حدثت في مراكز مدينة الحسكة, لاسيما مراكز حي غويران والنشوة و العزيزية وتل حجر والناصرة ومراكز المحافظة الأخرى حتى انحدرت فوضى المراكز إلى درجة لا تحتمل , الأمر الذي دفع أولياء الطلاب المجدين أن يحتجوا لدى جماعة الامتحانات ولدى جهات أخرى على ضياع الفرص من أبنائهم للتفوق أو شاكين من مساعدة المراقبين لطلاب دون آخرين. والحقيقة المؤكدة التي لا تريد جماعة الامتحانات سماعها هي أنها فقدت السيطرة على ضبط أغلب مراكـزها التي يشرف عليها مراقبون غير أكفاء بعد أن أخفقت في إدارتها إخفاقا يلمس باليد. فكيف يكون مستوى كفاءة هذا الجيل الذي نال شهادته المغشوشة في اختصاصاته القادمة؟ وكيف يكون حال بلدنا غداً, وطلابه ترعرعوا اليوم في ظروف التسيب والانفلات؟ وهل يمكن أن تقدّم امتحانات هذه المحافظة الخارجة عن الضبط صورة مقبولة, ولا أقول مشرقة عن بلدنا؟ وهل تتكـرر مهزلة امتحانات هذا العام في الامتحانات المقبلة؟ أليس في اجتياح الغش المراكـز الامتحانية تكريس للفساد الذي يعاني منه بلدنا, يعرقل تنفيذ شعار التحديث والتطوير الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه؟
 يوم السبت 23 حزيران 2007 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات