القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 603 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: حرب الأنابيب في سوريا أبعادها و ماذا سيجني الكورد منها

 
السبت 22 نيسان 2017


آلان رمضان

أصبح غير مخفيا للمتابع على الوضع السوري و بدخوله للعام السادس, بأن ثورتهم دخلت في أيادي دول خارجية مختلفة سياسيا وفكريا وتلك الدول هي إما مصدرة للطاقة أو مستوردة لها, وكل طرف يدعم جهة معينة بحسب مصالحه الخاصة, وهذا ما أدى إلى تأجيج الوضع السوري.
يقول الأستاذ االجامعي  السويسري دانيلي غانسا في أحد مقابلاته: أنا سعيد بأن سويسرا لا تمتلك النفط والغاز وإلا لكانت سويسرا الآن أيضا مستعمرة دوليا من قبل الدول المستوردة للطاقة.


فلو رجعنا بالتاريخ قليلا إلى الوراء وبالتحديد إلى منتصف الشهر السابع من عام 2009 أثناء زيارة الملك القطري حمد بن خليفة آل ثاني إلى تركيا ولقائه آنذاك بأردوغان وطرحه على أردوغان لمشروع بإيصال الغاز القطري والسعودي عبر أنابيب تمر بالسعودية , الأردن, سوريا منتهيا بتركيا بطول 1500 كيلومترا وبتكلفة 10مليارات دولار, فقطر تمتلك ثالث أكبر إحتياطي للغاز في العالم وهو ما يمثل 14 بالمئة من الإحتياطي العالمي, لكن قدرتها على إيصال الغاز إلى أوربا تبقى محدودة مقارنة بالروس الذين ينقلون غازهم وبكميات كبيرة جدا عبر أنابيب معقدة جدا تمر من أوكرانيا إلى أوربا, وبهذه الخطوة تريد قطر منافسة المشروع الروسي المعروف ب ساوث ستريم أو السيل الجنوبي الذي ينوي الروس بنائه عن طريق الشركة الروسية العملاقة غاز بروم الذي كان مقرارا بأن يمر تحت مياه البحر الأسود مرورا ببلغاريا وأوربا, وتعزيز مكانتها لدى أوربا والأمريكيين , لتصبح بذلك دولة أقليمية كروسيا عن طريق لعبة الغاز (الطاقة) .
السبب المباشر لبحث الأوربيين عن مصدر آخر للغاز:
خلال الأزمة الأوكرانية وخصوصا بعد تفاقمها, عمد الأوربيين إلى شجب التدخل الروسي في أوكرانيا ووافقوا على وضع العقوبات عليها, فقام الروس إنتقاما لذلك بقطع الغاز على أوربا مشكلا أزمة كبيرة في نقص الطاقة لديهم, مما جعلهم يرضخون بعدها للشروط الروسية .
أما السبب الغير مباشر:
بعد إقرار إتفاق "كيوتو"سنة 1992، وتطبيق الدول الأوروبية لإجراءات حازمة للحد من تلوّث الجوّ ، تضاعف إستهلاك أوروبا للغاز كونها طاقة نظيفة نسبيا مع مقارنتها مع نظيراتها من النفط وهي أرخص أيضا بكثير . ومن المتوقّع أن يزداد هذا الإستهلاك بأكثر من خمس مرّات في السنوات المقبلة، في ظل قرارات بإغلاق العديد من المفاعلات النووية المولّدة للطاقة أيضا . وهذا ما أدى إلى فتح شهيّة الدول المصدرة للغاز نحو أوروبا، بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك لمصالح إقتصادية ولأهداف مرتبطة بالنفوذ السياسي الدولي.
الأتراك قبلوا الفكرة مباشرة ومن دون أي تردد لأنها ستكون كورقة ضغط كبيرة في أيديهم لفرض سياساتهم على الأوربيين الرافضين بدخول تركيا  إلى أوربا.
النظام السوري رفض الفكرة بشدة وذلك لأسباب أهمها :
أولا: الحليف الروسي, فروسيا تعتبر المصدر الأول للغاز إلى أوربا وبالتالي تفرض سياساتها عن طريق الغاز على أوربا وتجعلها كقوة إقليمية ذو تأثير كبير .
ثانيا: إيران فبعد أن علمت بحاجة أوربا لمصدر آخر للغاز وقيام القطريين والسعوديين بطرح  مشروعهم الذي يربطهم عن طريق تركيا بأوربا, قاموا وعلى الفور بإبلاغ الأسد على أن يرفض المشروع القطري لكي يبنوا هم بأنفسهم مشروعهم الخاص بمد أنابيب ( عبر مناطق النفوذ الشيعي) تصل إيران بالعراق وسوريا إلى الغرب, والأوربيون سيرحبون بالمشروع الإيراني الذي يبعد تركيا عنها لأن تركيا ليست بذلك الشريك المرحب بها عند الأوربيين, وسيتمكن الإيرانيين بذلك من فرض بعض شروطهم أيضا على الغرب كالإعتراف بطاقتها النووية و غض نظرها على مد توسعات النفوذ الإيراني في اليمن, العراق, السودان, لبنان وسوريا.
طبعا الرفض السوري للمشروع القطري وقبوله بالإيراني لاقى سخطا واسعا من قبل الدول السنية الداعمة للمشروع وعلى رأسهم تركيا, السعودية وقطر.
الفرصة أتت على طبق من ذهب لتلك الدول في عام 2011 و ذلك عقب إندلاع أول مظاهرة سلمية للشعب السوري. فقاموا على الفور بتضخيمها عبر قنواتهم مما أدى إلى تأجيج الوضع وبشكل كبير وسريع جدا حيث توارت الإنشقاقات والعقوبات ولم يعد الأسد يملك ذمام الأمور على الأرض, فلم يكن لديه خيار سوى أن يذهب للروس مستنجدا بهم .حيث أخبرهم بأنه على استعداد بأن يسلمهم  سوريا أفعلوا بها ما تشاؤون شريطة بقائي على الحكم, طبعا هنا أتت هذه الفرصة أيضا على طبق من ذهب للروس والحياة فرص وإن لم تستغل الفرصة فقد تندم طيلة حياتك و لبوا طلبه على الفور..
حرب المصالح الدولية هنا دخلت على ساحة الصراع السوري, فالروس هنا إذا بقيت الحرب مشتعلة أو الأسد في منصبه هذا يعني عدم بناء المشروع القطري فلا يمكن بناء خط للغاز يمر عبر منطقة مشتعلة بالنار والحرب .
الأمريكيين والغرب بالطبع كان لابد لهم هنا  بالتدخل إلى جانب الدول السنية بهدف إبعاد روسيا عن  سوريا حتى يتمكونوا من استكمال مشروع مد أنابيب الغاز القطري وبالتالي إضعاف روسيا إقتصاديا وسياسيا  بعدم شراء الغاز الروسي.
ماهو مخطط أمريكيا في إنجاح هذا المشروع ؟
لإنجاح هذا المشروع كان لابد من إزالة المعوقات التي تقف أمامه وهو النظام السوري المتعنت بالحكم, هذا يعني إسقاط النظام, لكن الدعم الروسي القوي والإيراني للنظام السوري يمنع هذا الشيء وبالتالي جعل تلك الدول بالتفكير جديا بتقسيم المنطقة (التي هي بالأساس بنيت على أساس باطل في معاهدة سيفر عقب إنتهاء الحرب الأولى وهزيمة ألمانيا وحلفائها العثمانيين . قام الحلفاء بتوقيع معاهدة سيفر والتي تنص فيها على إبعاد العثمانيين من جميع الأراضي التي يقطنوها والتي لا تتكلم اللغة التركية ومن ضمنها كانت دولة كوردستان فالمواد 62.63.64 نصت صراحة على ذلك إلا أنهم لم يمتلكوا تلك الحنكة السياسية لكي يقنعوا الغرب بأنهم سيبقون حلفاء حقيقيون لهم في المنطقة, وسيستطيعون إدارة تلك المناطق الخاضعة بهم, فما أن جائت معاهدة لوزان التي أنهت الحلم الكوردي بإستقلال وطنهم الأم كوردستان).
 إذا فسقوط سوريا هنا أهون من فشل المخطط الأمريكي / القطري بالنسبة لهم.
طبعا هنا الأعين تتجه كليا على الكورد, فهم أثبتوا وعلى مر العشرين سنة الماضية بأنهم كفوئون بدولة مستقلة لهم و ترعى حقوق جميع المكونات التي يعيشون عليها , كما أنهم حلفاء أساسيون ولا يغدرون بأصدقائهم وشاهدوا هذا الشيء بعد إجتياح العراق في 2003.
جميع الدول الداعمة للمشروع يدعمون فكرة إستقلال كوردستان باستثناء الأتراك الذين يتخوفون من قطع الكورد مستقبلا للغاز عليهم و أن يؤدي ذلك إلى تشجيع كوردستان الشمالية (تركيا) على السير أيضا نحو الاستقلال , وهنا يتوجب على الكورد بإقناعهم بأنهم سيكونون شركاء حقيقيون لهم في المنطقة , لكن الأتراك يريدون ضمانات أخرى أقوى..
فقاموا بعرض فكرة على الحلفاء في مشروع الغاز, وذلك بإقامة منطقة آمنة بطول 10 كيلومترات في الشمال السوري  تحت غطاء تركي  إلا أن فكرتهم قوبلت بالرفض الشديد من الغرب والأمريكيين , فقام الأتراك بعدها بأحتلال قسم من كوردستان الجنوبية ( شمال سوريا) بدخولهم لمدينة منبج بحجة محاربة الإرهاب داعش وحزب العمال الكوردستاني على حد قولهم وبالتالي قطع شرقي الفرات من غربه وحتى تكون الممر الذي يمر منه أنابيب الغاز دون أن يسيطر الكورد عليه.
بالطبع هنا الكورد وحلفائهم الغربيين والأمريكيين سيفعلون كل شيء في سبيل وحدة شطري الفرات الشرقي والغربي فهم لا يثقون بحليفهم العثماني المتذبذب الآراء والمواقف, فهم لم ينسوا إلى الآن إغلاق قاعدة أنجرليك أثناء إسقاط النظام العراقي مما كلفهم خسائر كبيرة.
الأتراك يتحججون بوجود بالعمال الكوردستاني في الشمال السوري وهنا حتى لا يدع الكورد لهم أية حجج , لابد من حزب العمال الكوردستاني بسحب قواتهم وإشراك البيشمركة مكانها, الذي سيزيد بذلك من الضغط الغربي على الأتراك وسيجعلهم ينسحبون من منبج والمناطق الأخرى قانونيا, كما فعلوها العراقيين بالطرق القانونية..
الأمريكيون ليسوا بهذا الغباء فلديهم بالطبع أوراقهم ووسائلهم التي يستطيعون من خلالها بأن يضغطوا فيها على حليفتهم تركيا, فلأردوغان أعداء ومنافسين في الداخل والخارج, أقواهم الكورد و فتح الله كولن المقيم في أمريكيا, علاوة على ذلك داؤود أوغلوا و عبد الله جول الذان نقدا أردوغان في أكثر من مناسبة. لذا فإذا تعهدت أمريكيا لأردوغان في التفرد بالحكم وذلك من خلال إضعاف منافسيه .
وتعهد الأمريكيين بعدم تمرير النفط عبر اليونان التي هي في حالة صراع شديد مع الأتراك, سيكون ذلك نقطة لقبول أردوغان بدولة كوردية على حدودها.
كمان أن الأمريكيين يستطيعون منح أردوغان دورا عالميا ومد يده على مصر التي يريد السيطرة عليها مما سيجعله من تحسين صورته داخليا في الشارع التركي والاسلامي و سيتفادى نقدهم, ويبقى في نظرهم ذلك الحاكم القوي كما يتخيلوه.
طبعا هنا أردوغان أمام خياران أحلاهما مر, إما بقبول الدولة الكوردية ومد يده في مناطق أخرى وإعطائه دورا إقليميا واسعا في المنطقة, أو أن يرفض تلك الدولة وبالتالي نقل النفط عن طريق قبرص - اليونان وتحريض الثانية ضده والمطالبة بالأستقلال ودعم الأقليات ومعارضي أردوغان بشتى الوسائل من قبل الغرب والعرب مما يؤدي بذلك إلى خسارته لكل شيء.
هنا يبقى أمامنا إيران التي ستحاول عبثا من إفشال هذا المخطط, إلا أنها لن تكون بتلك الأهمية فهي بعيدة جغرافيا وذلك سيضعفها من فرض شروطها على الداعمين للمشروع علاوة على أن وضعها الداخلي لايسمع لها بالتصادم مع تلك الدول.
إسرائيل التي ستصبح أيضا دولة مصدرة للغاز إلا أنها لن تقف عائقا أمام هذا المشروع فمن مصلحتها هذا التقسيم..
 الصراع الخفي بين الإمارات والسعودية فالإمارات متخوفة من سيطرة السعودية على اليمن وإنشاء جسر بين جيبوتي واليمن يعني ( ربط إفريقيا بآسيا) وميناء عدن الذي سيمكن السعودية من لعب دور إقليمي أكبر ( طبعا شراء السعودية أو إبرامها للإتفاق مع مصر للحصول على الجزيرتين المصريتين تيران وصنافير كانت لهذا السبب  ) وبالتالي سيفقد هيبة دبي ومينائها العالمي ويكبدها خسائر كبيرة
إذا فتورط السعودية في اليمن ومواجهة إيران والعراق والحوثيين من جهة وبالخفاء الإمارات من جهة، جعلتها تبحث عن حلفاء جدد وهذا كان السبب الرئيسي لملك السعودية بإرساله الدعوة لسيادة الرئيس البرزاني وإعلانه صراحة بدعم المملكة له ..
العراق المتفتت فعليا وعدم وجود سلطة واقعية تحكمها بل مافيات مدارة من قبل دول أهمها إيران.
سوريا المجزءة فعليا وواقعيا شعبا ونظاما لا حول لها ولا قوة.
إذا فالتاريخ هنا يعيد نفسه كما حدث في سيفر قبل قرابة المائة عام والتي خرجنا منها فارغي الأيدي بالرغم من أن فرص الكورد آنذك كانت جدا كبيرا لحقدهم على الأتراك لذا ولتفادي تلك الأخطاء علينا بتوحيد الصفوف بأكبر سرعة وترك الأجندات الحزبية التي تضعف الكورد ومناقشة هذه الأمور بعد إعلان كوردستان, كما فعل الألمان بعد الحرب العالمية الأولى والثانية فتركوا كل الصراعات ووحدوا أنفسهم تحت راية ألمانيا الذين بنوها وعمروها بوقت قياسي لتصبح أعظم دولة.
هنا أختتم مقالتي وأشكر متابعتكم الكريمة.
آلان رمضان _ ألمانيا

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات