القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 513 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: أنطولوجية فكرة الوعي

 
الأربعاء 28 كانون الأول 2016


بقلم : يوسف بويحيى (أيت هادي شيشاوة المغرب)

إن علاقة الفكرة بالمدلول لا تقتصر على بعد أو نسق واحد حيث لا يمكن للطرح الفكري أن يؤخد من زاوية مكشوفة بإعتبار هذه الأخيرة هي الأجدر لذلك التفسير الأوحد الذي يؤيد الفكرة السباقة دون أن نستعين بظروف الأفكار الراسخة التي قد تكون أكثر خطورة تهدد الحقيقة و المعرفة الفكرية التي يسعى عقل تلك الفكرة الوصول إليها و الإندماج معها بكل ألوان الوجود الإنساني بعلاقته مع العالم الآخر و الخارجي على حد القدرة العقلية الإنسانية لكل فرد معين .
لم يكن البعد الديني الراسخ كافيا لإثبات أصل الفكرة في العقل بنوعي الوعي و اللاوعي اللذان يتخللان كل مكونات البنية العقلية الباطنية و الخارجية للإنسان ، حيث أن معظم الفكر الديني بشتى أنواعه و فروعه لم يتخلص من اللبس و الغموض و الأزلية التي مازال يحتكم لها البعض على أنها يقين الحقيقة التي لا تجد في الكثير من الأحيان مبدأ علميا يثبتها ولو لفترة زمنية معينة.


لقد إقتصر التصور الديني اليهودي على أن الأفكار تندرج ضمن منظومة الأخلاق ، وذلك بإعتبار الأخيرة هي أصل الوجود الأولي و مصدر تتأصل منه الأفكار الرائدة لذى كل فرد ، الشيء الذي يركز على أن الأخلاق في أصلها إيجابية بطابع المثالية مند خلق الإنسان في الميتافزيقا و إصطدامها بالقسوة بعد الخروج من الميتافزيقا لتتغير أفكار الأخلاق بدافع تكون وعي آخر يعاكس الوعي الأول جراء الواقع أو المادة ،حيث تحول الجميل إلى شبه جميل و تدريجيا إلى ذروة الألم مما أدى إلى ولادة نقيض الجميل أي القبيح ، إذ أن الفكر اليهودي يعطي إنطباعا أزليا للفكرة الأصلية في الإنسان بالإستعانة على الأسطورة أو الخرافة و المسلمات .
لم يختلف الفكر المسيحي الديني كثيرا على سابقه حيث لا يخالفه في التصور بل هو مرادفه المباشر إلا أنه يختلف عنه في نقطة تحول الفكرة ،أي أن خصام الإنسان مع ذاته هو السبب الذي جعل من الإنسان أن يتجرع أساليب أخرى أكثر تعقيدا بسبب الإزاحة عن طريق المثالية إلى مجرى آخر كان يجهله الإنسان أي ما يسمى في الفلسفة الدينية المسيحية بالخطيئة.
أما التصور الديني الإسلامي فقد اكد على كل من التصورين الأول و الثاني بشكل لا يخلو من التعقيد كذلك و ذلك مما أعطى ما يسمى بمفهوم الفطرة إلى المرحلة الأولى و التأكيد على ثبوتها رغم كل التغيرات إلا في حالات شادة ، مما يجب على الإنسان أن يصالح ذاته بالأولى مما يؤدي بتجديد تلك الفطرة كفكرة أولية .
لقد كانت كل التصورات تفتقر إلى الركن الأساسي الذي يمكن أن تنبني عليه تلك الفكرة، مما أدى إلى سلك منهج جديد يمكن أن يضفي بشيء من المعقولية و الواقعية على الإنسان الذي إعتبره العلم أنذاك ضحية مجموعة من الأفكار التي قد تؤدي به إلى أكثر مما هو عليه، إذ أوجب و أحث العلم الإنسان على التنقيب و البحث عن الحقيقة من ذاته و عالمه الخارجي الملموس بعيدا عن الأزليات و القواعد الراسخة التي لا تمتلك ولو حجة واحدة في وجوده إلا أنهم وجدوها و أخدوها كمسلمة .
لم يختلف العلم على التصورات من حيث الأصل ، و لا يمكن أن نعتبر ذلك قاعدة راسخة كما يظنها العقل المتدين و يستعملها دليلا في الحجة و البرهان على الرغم من عدم براءة قانونها .
إن سقوط كل التصورات الدينية عن مفهوم الفكرة في تصورات العقل الإنساني لها لا يتطلب سوى التشكيك في ثقافة العقل الجمعي الذي لا يمثل الإنسان الفرد بل هو كيان يتمخض في فضاءه بكل أشكال الوعي و اللاوعي بتناقضاته و مستحيلاته .
حيث أدت الجينيالوجية إلى التدقيق في أخطر المسائل حساسية في توجيه الوعي الإنساني عبر مر العصور .
إن التدين بإعتباره الإمتثال لبرنامج روحي معتقد يربط بين تناسق العقل و الروح أمرا يستوجب العديد من التساؤلات التي لا يمكن الإجابة عنها بسهولة، والتي مازالت الفلسفة و علم النفس تتخبط في حل تلك الإشكاليات المعقدة بالإستعانة إلى وسائل متطورة .
إن البحث في أصل التدين يجرنا كذلك إلى معرفة أصل الدين على الرغم من الفقر المعرفي الذي يلف العقل الإنساني في ذلك، إذ يمكن أن نقسم الإنسان إلى ثلاث أقسام: الروح، المادة، العقل .
إن تكريسا لمفهوم الروح هي بمثابة تقويم الإنسان الباطني الذي يسكن الذات الإنسانية دون المعرفة اليقينية للأخيرة على الأولى حيث تصبح التجربة مرايا تلك التصورات في دوامة اللاوعي ،الشيء الذي يملؤ جعبة اللاوعي الإنساني في الحياة بإقترانها بالعالم الخارجي و كذى الروح التي تعتبر كمجموعة من القيم الغير الملموسة في الإنسان على حد تعبير الفيلسوف "هيكل" في كتاب "جينيالوجية الروح" ، إن الوعي الروحي للإنسان يبقى جوهريا في اللاوعي الإنساني بالرغم من كل الطفرات التي قد يتعرض لها الإنسان بالرغم من تغير السلوكيات و الأنماط و الثقافات و الممارسات...، بإعتبار هذا النوع من الوعي موحدا على كل الشرائح الإنسانية التي لا تشكك في بعضها البعض على أنها إنسان و لا حتى في نظرتها للآخر على أنه شيء غير الإنسان، إذ أن هذا الوعي هو الذي يستحق تسمية الوعي الجمعي الباطني للإنسان بالرغم من العجز المعرفي لكن بنظرة حدسية نفسية أكثر تعقيدا على مستوى التشخيص المادي .
إن التصور المادي للإنسان لا يرجح كفة الوجود فحسب بل حتى إسقاط هذا الوجود على منعطفات مادية تحدد ماهية هذا الوجود بين كل الموجودات و الإختلاف عن كل الشرائح الإنسانية دون الإستغناء عن الوعي الروحي الجوهري الثابت في الإنسان، حيث أن تصادم الوعي الروحي بالمادة الخارجية ينتج نوعا آخر من الوعي المركب بين الروح و المادة إنطلاقا من الأرض و البيئة و التجربة التي توحي بميلاد جديد لإنسان آخر يختلف حسب التنشئة مما يظهر على ان الإختلاف ليس جريمة بل حتمية و دلالة علمية عكس ما يدعي المتدين و القومي...
إنه من المنطق العلمي أن يفكر الإنسان فيما هو فيه و يعيش بين أوساطه حيث يتحرر العقل الإنساني من المستجدات بين كل ما يطرحه الوعي الروحي و الوعي المادي بكل دلالاته بالإعتماد كذلك على التراكمات التاريخية و النفسية إلى تحديد ماهيته الإنسانية و وعيه بذاته و بناء مشروع كينوني وجودي لهذه الذات وفق المعايير الموجهة له من الثقافة و التجربة ،حيث يرى الأمازيغي أنه أمازيغي وفق مراحل تكون  وعيه بذاته على الرغم من وجوده تحت نظام لا يعترف به، و كذلك كما يرى الكوردي نفسه كورديا بالرغم من إبادته من أرضه و الهندي الأحمر و غيرها من النماذج الحية لإثبات ضعف الحجة للأنظمة القومية العروبية الحاكمة المستعمرة في طمس الهوية الأصلية للشعوب الأصلية .
إن المشكل الرئيسي لذى القومي العربي يكمن في الجانب الجينيالوجي للأعصاب، حيث أن أصل التركيب العصبي لا يكون وعيا للإنسان بل يشخص الحالة الإنسانية من الجانب النفسي و السلوكي ،مما يكشف طبيعة الإنسان ،الشيء الذي يوضح على أن الوعي القومي العروبي هي حالة نفسية مرضية جراء الإختلاف عن الذات العربية مما يؤدي بالرفض و عدم قبول الآخر بكونه مختلف يهيج المركز العصبي إلى العقل الباطني الذي يقوم مقام العقل الواعي الغير المحرر من فكر القومية العربية و البعثية و الإسلامية السياسية مما وضع الأمة العربية في وضعية ما يسمى حالة السبات الفكري كما يؤكده "كانط" إلى حد ما.
إن الشيء الواضح الذي لم يوضحه "محمد عابد الجابري" بإعتبار وعيه القومي تجاه الإنسان الأمازيغي هي حالة مرضية أصابت العقل الواعي العربي مما أدى به إلى الإنتحار الفكري خارج منظومة العقل و المنطق ،لم تفده نظرية "إبن خلدون" بخصوص العصبية القبلية في فهمه و معرفة وجود خلل في جهاز القومية العربية كسبب مباشر في تفكك العديد من الإمبراطوريات كالعثمانية و الإتحادات كالسوفيات و الدول كالموحدية ... وغيرها .
إننا نحن الأمازيغ نؤمن كثيرا بالإختلاف على أنه وعي آخر يتخلل وعينا القائم ،فمن لا يؤمن بالإختلاف فهو ليس بأمازيغي في منظوماتنا الأخلاقية، و من يختلف عنا يبقى إنسانا لدينا و ليس وبشا كما راقت للأغلبية العربية أن تهتف في حقنا بالأوباش .
كما أننا لا نؤمن بوعي عرقي و ليس في خطابنا الأمازيغي أي تصور عرقي كما يدعيه الإعلام الرسمي على الأمازيغية ناسيا بذلك أنه لا يقوم إلا بإسقاط فكر قوميته العفنة على قداسة الأمازيغية التي لم تعترف ولو بأبجديات حروفه الإقصائية .
إننا نحن الأوباش نعترف بالعربي على أنه إنسان بالرغم من إختلافه عنا، لكن ليس كأي إنسان بل إنسان متعصب، مستعمر، لص .
إننا نحن الأوباش لسنا لصوصا ، إذن فنحن أقدس منك أيها العربي السارق و الناهب ،فيسعدنا نحن الأمازيغ أن نكون أوباشا أخلاقيين على حد تعبيرك و يؤسفنا أيها العربي أن تكون إنسانا غير أخلاقي على حد تعبيرنا.
إن عبارات "الأوباش" و"طحن مو" و "البربري المتوحش" و "الكربوز" هي أقل ما خلده التاريخ من ديوان المخزن العروبي البغيض في حق الشعب الأمازيغي الأصلي و الأصيل الذي درفت ذماءه في سبيل هذا الوطن من طرف المستعمر الأجنبي و أعضاء الحركة اللاوطنية الحاكمة أمثال "علال الفاسي" و أتباعه .
إن إختلافنا الأمازيغي لا يطرح مشكلة الوعي الهوياتي بيننا و لا يخلق شيئا من التفاوث بين الشرائح الأمازيغية ، عكس ما تتبناه أنت أيها المثقف العربي القومي أو كما يتبناك حفدة أبا جهل و أبا لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ،سوى إنسان هجين و محقون يفتقر إلى كل ماهو مقدس في الإنسان الذي يستورده من شبه الجزيرة العربية و كأنه بضاعة  العبيد .
إن الوعي الأمازيغي ينبثق من رحم الأرض التي نحن عليها و مازلنا عليها رغم كل الضغوطات العسكرية و الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية و الثقافية ...لسنا ثقافة مستوردة مازالت تركع و تقبل أقدام ملوك "البيترو أورو" على الإعتراف بعروبتها الهجينة الملقحة بقداسة العرق العربي الخالص الواصي .
كل ما نعرفه على أنفسنا أننا أمازيغ و سنظل كذلك إلى أن نموت على هذه الأرض التي تعرفنا و نعرفها.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات