من الأولى أن تراعوا مشاعر وأحاسيس إخوتكم الذين يتحملون عبء المرحلة, لتروهم إلى جانبكم من أجل الحماية الجماعية لمناطقهم, ولتكونوا أنتم حكاماً " لكن مع قليل من العدل والإنصاف ". أما إعتقالاتكم الكيفية لأناس كانوا قد تحملوا أعباء النضال عشرات السنين في وجه البعث وإستبداده, لا أرى أي مبرر غير أنكم تضعون حاجزاً مرعباً بينكم وبين الشعب, وكأنني أرى بأن شعبنا ينتقل من جمهورية الخوف والرعب إلى معتقل فيه المزيد من الخوف والرعب. أما وحدات الحماية بشقيه فلم أسمع عنها إلا المزيد من التقدير لتضحياتهم في مواجهة هذه القوة المتوحشة التي سميت بـ" داعش ". يجب أن نعرف تماماً بأن التحالف الدولي الذي هو الآخر يحترم تضحيات YPG و YPJ ويقدم لها يد العون والمساعدة من أجل الحرب ضد الإرهاب, إلا أنه يرفض في نفس الوقت ممارسات الأجهزة الأمنية ل( PYD ) وسياساته تجاه الشعب والأحزاب الأخرى, تلك السياسات التي تعارض كل قيم الديمقراطية ومنح الحريات.

أعتقد أن ( PYD ) في محنة أزمة الثقة بينها وبين الشعب, ولا نتمنى أبداً أن تنعكس تلك الأزمة على الواقع الأمني الذي نحن بحاجة ماسة إلى إستقراره, وأن يعيش شعبنا بأمان, ولكن ليس على حساب " كراماته ". كلنا يعلم بأن ما أصابت سوريا من كوارث هي نتيجة لإنتفاضة الشعب في وجه من حرم عليه الحرية والكرامة, ومع الأسف, كان رد فعل النظام أكثر وحشية في وجه المنتفضين, لكن الملفت بأن الشعب رخص أرواحه أما الحصول على الحرية والكرامة.. لذلك, أرجو من إخوتنا في ( PYD ) أن يبتعدوا عن ممارسات تقلل من قيمة كرامة الناس وحرياته. ولا يَمُنَ على الناس بتلك التضحيات التي تقدمها وحدات حماية الشعب والمرأة, وكذلك حجم الشهادة التي أصبحت كبيرة جداً. فهؤلاء هم أبناء شعبنا يضحون من أجل حرية وكرامة أهلهم وشعبهم ووطنهم, ولا يقبلون بأي شكل من الأشكال الإتجار بتضحياتهم من أجل فرض سياسات معينة على أهلهم تحجز عنهم حرياتهم وكراماتهم.

المرحلة محرجة جداً, والمنطقة تتمرغ في عكر تعصفها عواصف مخيفة ومؤلمة. نحن بحاجة إلى عقل جماعي. أما الإسفراد برأي تحت ضغط إيديولوجية تلغي الآخر المختلف, هو أخطر من تلك العاصفة, وستنتج نتائج أكثر بشاعة ما ستنتجه هذه العاصفة المدمرة. لذلك, من أجل تخفيف المآسي والعبء والألم, علينا " جميعاً وبدون إستثناء " مراجعة سياساتنا ونعتذر عن أخطائنا بجرئة وبمزيد من الحرية, قد نكتسب نوع من الثقة تجاه بعضنا البعض, ونبني أسساً جديدة للتعامل مع الواقع والمتغيرات, أملاً أن نتمكن في مواجهة المخاطر, ونصل في النتيجة إلى مبتغى شعبنا الذي ناضلنا كلنا من أجل تحقيقه, ولكن لكل منا كانت له طريقته. ونتيجة لتلك النضالات إستطعنا جميعاً أن نصنع ثقافة المقاومة ضد الإستبداد والإضطهاد. حيث أن الآلاف من الشباب والشابات الذين تطوعوا في صفوف وحدات الحماية تخرجوا من مدرسة الحركة السياسية الكوردية وتحلوا بهذه الشجاعة من أجل المقاومة.

أما اليوم أيها الأخوة, فالمرحلة مغايرة جداً, تتطلب التنسيق والتعاون بين أوسع الشرائح المجتمعية والسياسية لمواجهتها, وتحقيق الأهداف. سوريا دولة لا يمكن إزالتها عن الخريطة, لكن حقوقنا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق وحدة قوانا السياسية والمسلحة في ظل مرجعية سياسية وعسكرية موسعة تمثل حقيقة وجوهر قضية شعبنا. أما الإحتفاظ على ما هو عليه الآن من التشتت والشقاق, أعتقد أن الذي يملك القوة سينتهي قبل الضعيف, وعندها لاينفع الندم.

20102016