القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 515 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: آثار النظام البعثي على أكراد سوريا

 
السبت 20 اب 2016


فدوى كيلاني

أليس من حق السوريين بعد مرور خمسة أعوام على بداية ثورتهم أن يعيدوا قراءة المشهد السوري في فترة ما قبل الثورة أي في السنوات التي كان الوطن السوري يحكم بالنار والحديد وفي مرحلة ما بعد الثورة وإن كان ما نشاهده الآن من دمار وحرق وقتل ليس إلا نتيجة البذرة التي زرعها حزب البعث في التراب السوري الطاهر الذي لم يعرف إلا الوئام قبل وصول هذا الحزب إلى السلطة التي انتزعها كما نعلم جميعا عن طريق العنف وأسس دولته على مبدأ الاستبداد؟.
أجزم شخصيا أن إعادة القراءة بهذه الطريقة مطلوبة من الجميع من جميعنا نحن معاشر السوريين أينما كنا لنعرف ما الأسباب التي دعتنا نصل إلى هذا المستوى الكارثي بعد أن هجر الوطن نصف السكان وأصبحت أعداد الشهداء بمئات الألوف وهناك مئات اﻵلاف من المفقودين والمشوهين. وقد نكون أصلا قد تأخرنا والتأخر في مثل هذه الحالة السورية تسجل علينا لأننا نعتبر أنفسنا كناشطين وككتاب وساسة معنيين بأمر مواطننا ووطننا؟


كل السوريين متفقون على أن ما يدور الآن فوق التراب السوري حدث نتيجة هيمنة فكر البعث الذي وصل عبر العنف وجعل من العنف أهم ركائز بنيانه وأنه هومن أنتج الطغاة الذين يسفكون دماء الشعب السوري. في هذه المداخلة السريعة لست معنية بأن أحلل فكر البعث ووبائيته على السوريين بل سأذهب للتحدث عن البعض من الآثار الأليمة التي تركها ولايزال يتركها وراءه.
تعد عقود حكم حزب البعث في سوريا والتي بدأت منذ ستينيات القرن الماضي والتي استمرت حتى بداية الثورة السورية بل إلى الآن، من أصعب الفترات التي عانى منها السوريون جميعاً، لاسيما بعد أن أصبح أداة بيد النظام الدكتاتوري لكي يمنحه شرعية استمراريته والبطش بالمواطن السوري أياً كان واية كانت رؤيته إن لم تنسجم مع توجهات هذه الطغمة التي سطت على السلطة في العام 1963 عن طريق الانقلاب الدموي وإن دأب على تسميته بالثورة، عبر وسائل إعلامه، والمناهج التربوية والتعليمية منذ المرحلة التحضيرية والابتدائية وحتى مرحلة التعليم العالي بل وتسخير مؤسسات التي صنعها لتروج لهذا المصطلح الذي صار يردد بشكل آلي.
لقد عانى السوريون على اختلاف انتماءاتهم من شبح حزب البعث الذي خيم فوق خريطة البلاد من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه، وبدأ يمنح فئة من البعثيين بعض المكاسب، بحسب الدور الذي يؤديه المنتسب إلى هذا الحزب، كما أنه احتكر العمل في مؤسسات الدولة للمنتسبين إلى هذا الحزب بالإضافة إلى المؤسسة الأمنية التي تداخل دورها مع دور البعث وإن كانت المؤسسة الأمنية ستفرغ تالياً حزب البعث من محتواه وتجعله واجهة لا وظيفة له أكثر من أن يكون ملحقاً بهذه المؤسسة، ولتكون المؤسسة الأمنية ذاتها في خدمة فرد واحد، هو الرئيس، لاسيما بعد انقلاب مطلع السبعينيات الذي قام به حافظ الأسد الذي أرسى للدولة الأمنية التي حكمها حوالي أربعة عقود قبل أن يسلمها إلى وريثه الاضطراري بشار الأسد.
ومظالم البعث التي تضاعفت في عهد الأسد الأب ومن ثم عهد الأسد الابن عرفت سوريا والسوريون بواكيرها منذ بداية انقلاب البعث، وقد كشفت الثورة السورية عن الكثير من جوانبها، بعد أن أكدت أن هؤلاء الذين كانوا يساقون إلى المظاهرات التي كانت تسمى بالمليونية يهتفون للدكتاتور وللحزب الذي استولى عليه هو الآخر كي يحوله إلى ثكنة يحكم باسمها. هذه المظالم الهائلة تلزمها آلاف المجلدات حتى تكتب مجرد عناوينها. وقد عرفها كل بيت سوري إن لم يعلن أبناؤه عن خضوعهم وانتمائهم إلى هذه المؤسسة لينتفعوا بها قليلاً أو كثيراً بمقدار حجم ولائهم لها زوراً وبهتاناً، لأنها لم تكن فاعلة، ولا دورلها إلا لترسيخ مفهوم عبادة الفرد كما كان يرسم لها في الخفاء في الدوائر الرهيبة.
إن تناول حجم الأذية التي لحقت بالسوريين الذين نأوا بأنفسهم من الانخراط في هذه المؤسسة يغري بالحديث عن الكثير من أشكال الاضطهاد والعسف الذي عانوه إلا إنني سأحاول جاهدة تناول بعض العناوين السريعة في اضطهاد هذا الحزب الكارثي لأبناء شعبنا الكردي في سوريا، وما أكثرها، وأول ما يمكن أن أرصده هو أن طبيعة حزب البعث كانت مبنية على العنصرية برغم الشعارات البراقة التي صار ينادي بها كما خطط له مؤسسوه في تلك الفترة التي هيمن فيه الفكر الاشتراكي بعيد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917، كي يكون ذلك غطاء لتمرير هذا الشكل القوموي العنصري الذي يرفض الآخر، ولا يرى في سكان العالم العربي إلا أبناء القومية الواحدة التي نظرت له أدبياته بشكل تأليهي . كما أن حزب البعث وفي مرحلة ما قبل الأسد وضع أسس السياسات العنصرية بحق من هم من غير العرب وبخاصة الكرد منهم، وصار يسعى ومن خلال شتى وسائل الإعلام والتربية والثقافة والمؤسسات الرسمية إلى تعريب ما هو كردي وإلغاء ثقافة الكردي وترثه وفلكلوره وتاريخه وباتت السجون السورية تمتلىء بالشباب الكردي الذي عمل في أول حزب تأسس في عام 1957 وتعامل حزب البعث مع اللغة الكردية على أنها ممنوعة إذ لم يسمح بالتدريس بها ولم يسمح بتأليف وتداول وطباعة الكتاب الكردي ولا الجريدة الكردية ولا المنشور الكردي . وقد كان يرمي من وراء هذه السياسات إلى تذويب العنصر الكردي في بوقة العروبة.
وقد مثل الكراس الذي كتبه رئيس شعبة الأمن السياسي محمد طلب هلال نظرة فكر البعث وسياسة البعث حيال الكرد السوريين، وعج الكراس بالتوصيات والاحترازات الواجب إتباعها من أجل إفراغ المنطقة الكردية من السكان الكرد الذين كانوا يشكلون الأكثرية في مناطقهم بحسب الإحصائيات المحايدة التي تمت من قبل بعض الجهات التي عنيت بذلك ومنهم الإحصائيات الفرنسية. وظل حزب البعث يطبق هذه السياسة بشكل مباشر حتى مرحلة بداية الثورة السورية 2011 ونجد أنه حقق نسبة عالية منها الآن في السنوات الثلاث الأخيرة لأسباب نعرفها جميعاً.
وما الحزام العربي الذي كان من إبداعات العقل الأمني البعثي أو البعثي الأمني لا فرق برأيي إلا نتيجة الحقد الدفين على الكرد، من أجل التغيير الديموغرافي للمنطقة وقد تجسد ذلك بسلب الملاكين والفلاحين الكرد خيرة أراضيهم الخصبة التي كانت تسمى زراعياً ب-خط العشرة- أو -خط المطر- حيث جيء بمئات الأسر الفلاحية من محافظة الرقة بشكل خاص وسلبوا أراضي الكرد، ليحققوا بذلك رفع نسبة السكان العرب نتيجة إحساسهم بأن المنطقة ذات أغلبية كردية كما أنه خططوا لوضع خط فاصل بين كرد سوريا وكرد تركيا ليكونوا نواة قوة تواجه الكرد في جزأي خريطتهم المتعارف عليها ضمن خريطة كردستان الكبرى التي تجزأت وفق سياسات سايكس بيكو.
وضع حزب البعث وأجهزته الأمنية مخططاً محكماً من السياسات التي صارت تنفذ بالإكراه ضد الكرد السوريين ومن بينها إفقار المنطقة و منع إقامة المعامل والمصانع فيها حتى تلك التي كانت تعتمد على خيرات المنطقة وأولها البترول أو الحبوب، بالإضافة إلى منع تطوع الشباب الكرد إلى الكليات الحربية والعسكرية وحتى الشرطة حتى وإن كانوا منتمين إلى حزب البعث ولم يكن هناك ضباط كرد برتب عالية إلا مجرد حالات تعد على أقل من أصابع اليد الواحدة وكان هؤلاء يقدمون أنفسهم كعرب بعثيين ومع ذلك فلم يتم اعتمادهم إلا كتابعين لوزاة الداخلية.
كما إنه لم يصل إلى كرسي الوزارة في أية حكومة سورية أي كردي إلا إذا كان شيوعياً مرضيا عنه . إذ ليس كل الشيوعيين الكرد كان مرضياً عنهم. وإن السجون السورية وعلى مدى عقود من حكم حزب البعث لم تخل من السجناء السياسيين الكرد .
وإن تناولنا مسألة التعريب التي سعى إليها البعث بحق الكرد بشكل خاص فإن هذا الجانب بحد ذاته ليس إلا مدخلاً لمحو الهوية وهنا أرى بدوري أن هذا الحزب العنصري قد فعل ذلك ضمن مخطط عام بموازاة مع الأنظمة الشمولية في تركيا وإيران . وقد كانت الدعاوى القوموية العربية – أو الكمالية – أو الفارسية بمثابة طلقة رحمة في رأس الرباط الديني في بلدانهم بين سائر القوميات المتعايشة تحت رحمة الدولة الإسلامية الواحدة ، ليتوهم ، ويوهم كل طرف من الأطراف الثلاثة أنه يجب أن تكون البوصلة وقفاً على مشيئته ،ليهتدي بها سائر الاثنيات المتمايزة التي تعيش معها خاصة أن تشكيل جغرافيا بلدانهم تمت من خلال العامل الخارجي ، لا العامل الداخلي ، الذي يعدّ حصيلة القراءة التاريخية ، أو الديمغرافية ، كي ينجم عن مثل هذه السياسات – بأجمعها – ترك بؤر ، باتت تستفحل يوماً وراء آخر ، لاسيما إزاء محاولات التصهير في بوتقة هذه القومية السائدة ، رأس هذا الهرم أو ذاك" وهو ما حاول حزب البعث إلغاء الإحساس به عبر إلغاء من يفكر به .
وأخيراً، أعتذر لأنه بسبب ضيق الوقت اكتفيت بهذه الإضاءة السريعة على الأشكال المعروفة من معاناة أبناء شعبنا الكردي في سوريا في مرحلة البعث العنصري الذي نظر إلى الكردي على أنه معاد بل إنه نظر إلى الكردي الذي تدخل في الشأن السياسي على أنه عدو حقيقي

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات