القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 488 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الشخصية الكردية 2/2

 
الخميس 18 اب 2016


د. محمود عباس

   لنكون أكثر وضوحا: الأحزاب الحاكمة في الإقليم، ربطت إيران بعضها باستراتيجيتها، وهي تجد بهذه التبعية قوة لإرضاخ الطرف الكردي الأخر، وهذا ربطتها تركيا بذاتها، ولا يرون قوة بديلة عنها، وتحت ظروف موضوعية يبنونها حسب رؤيتهم، السند الرئيس للهيمنة والديمومة. وحجج الطرفين الكرديين المختلفين، ذليلة نابعة من جسامة الظروف المفروضة عليهما، وبطبيعة الحال هذا يضعف ثقتهم بديمومة الإقليم، وبالدولة القادمة، والخوف من الدولتين المعاديتين. وأحد أهم سمات عدم الثقة بالوطن عند البعض من المجموعة الحاكمة، والتي غذتها السلطات المهيمنة، تفاقم الرشوة، والفساد، ونهب خيرات الإقليم وضخها إلى الخارج، وهم بهذا ينبهون المجتمع أن مستقبلا قاتما ينتظر الإقليم، وإلا بالتأكيد لاستثمروا هذه الأموال ضمن الإقليم، وليس تكديسها في الخارج. 


وفي جنوب غربي كردستان، التلاعب على أشده، ولا يقل عنهم جسامة، لإرضاخهم لمؤيديهم ومناصريهم في القضايا المصيرية والثانوية. ينتقلون من الخلافات على الأمور البسيطة إلى قضايا على مستوى الوطن عند الضرورة، فمثلا عندما يخمد الصراع على العلم، يثار الصراع على قضية قبول أو رفض بيشمركة روج آفا، وبخمودها تثار قضية تخوين رؤساء الأحزاب الكردستانية، وغيرها وما أكثرها من قضايا، كغابة مليئة بالطرائد يتصيدها الأعداء، كما يشاؤون.
  وأياً كان المثار فالأرضية ملائمة لحدوث الصراعات بين الأطراف الكردية في أية لحظة، والخلافات دائمة الحضور. طرف يتعامل مرغما مع السلطة أو الهلال الشيعي للسيطرة، وأرضخته قادة تلك الدول بأنه إحدى الوسائل للديمومة، وأفضل السبل لإنقاذ المنطقة من الإرهابيين، رغم انحيازهم الملاحظ لأجندات مصالح القوى الكبرى، كمصلحة أمريكا في محاربة داعش، والمؤدية إلى امتعاض السلطة السورية، إن لم يكن الأن فلاحقاً، وعليه برزت المشاكل حول مكاتب الأحزاب الكردية الأخرى، وانتهكت حرمة العلم الكردستاني، لقد بلغت الرسالة من خلال تفجير قامشلو الدموي. وأما بقية الأحزاب، فهي مرغمة على التعامل مع قوى المعارضة الافتراضية، ونظرا لهذا ليس بوسعها أيجاد طرق بديلة للراهن. وهذه المعارضة لا تقل كراهية للكرد من سلطتي البعث والأسد، المنفذة للأجندات التركية-السعودية قبل مصالح الشعب السوري، والتصريحات الصادرة من بعض أعضاء المعارضة العربية تجيء بإملاءات من الدول الإقليمية. وخارج الحالتين هناك طرف ثالث ورابع، يخوض صراع البقاء دون السقوط فيما تهاوى فيها الطرفان، وهم في فوهة الانتقادات، متهمون في كثيره بالخيانة أو أقله بالتقاعس، وتقف وراء معظمها المربعات الأمنية، وبذلك تكبح الصوت الكردي المنادي، بالتحرر والثقة بالذات.
    والبحث في شرقي كردستان وشمالها لا يقل ألما عن المذكورين. طرف كردي جر وبقدرة قادر إلى صراع مسلح مع حكومة ولاية الفقيه، والتي ستدرجها سلطة الملالي إلى صراع مع الإرادة الإلهية، وهو الغطاء الذي يخيم به أئمة ولاية الفقيه حكمهم المطلق. وبهذا تثبت القوى الإقليمية، للعالم قبل الكرد، أن الأحزاب الكردية مادة خام وأدوات جاهزة قابلة للاستغلال عند أية لحظة. وبغض النظر عن صحة العمل المسلح أو خطأه، فهي نهضة أيقظتها القوى الإقليمية، وبخلاف الأحزاب الحاملة للسلاح في وجه سلطة أئمة ولاية الفقيه، تعيش في كنف بعض القوى الإقليمية، وترفض العمل المسلح، وهنا لا نستبعد تحريضها لاستفحال صراع كردي -كردي، أي بما معناه صراع القوى الإقليمية على أرض كردستان وبوقود كردية. 
  ولا يختلف عنهم في شماله، فنصف المدن الكردية دمرت، والألاف هجرت، والتخوين في الآفاق، ونصف الشعب مع سلطة أردوغان الحاكمة دينيا أو كرها بالكردي الأخر، وما تبقى في صراع مميت بين بعضهم، والسؤال المطروح من يمثل الكرد وقضيته؟! وهو السؤال الذي تبثه بشكل متواصل القوى الإقليمية بين الكرد لتوسيع الشكوك، وقطع صلات التقارب، فالكل ينفي الكل. ومن الغريب أن حديث الرسول(ص) ينطبق على الحركة الكردستانية (فرقة واحدة ناجية واثنان وسبعون فرقة ضالة) فمن هي الناجية؟ وكما أظن الجميع سيرفع يده وسيقولون نحن الناجون والبقية في الضلال!
بعيد عن منطق تدمير ما تبقى من الثقة بالذات الكردية، وللتقرب من معرفة الحقيقة، لا بد من هز مهد النخبة في الحركة الكردية السياسية والثقافية، للاستيقاظ، والنهوض من السبات المهلك، وتكوين الثقة بالقدرات الذاتية، والإيمان بأن الشخصية الكردية تملك أمكانيات التحرر، وقيادة نفسها بنفسها، لا بد من تنبيه بعضنا على أضرار التبعية المفروضة من قبل الأنظمة الإقليمية. 
  ويتطلب من النخبة، العمل على التقليل من التلاسن، فالشخصية الكردية يجب أن تكون أسمى من الانغماس في قضايا ثانوية، والقوى الإقليمية تقرر مصيرنا ومصير المنطقة، ويفرض علينا النهوض بالشعب الكردي وتقوية ثقته بذاته، وبأنه قادر على قيادة مجتمعه دون الاتكال على الأنظمة الإقليمية. لا ضرر من بعض الاختلافات شريطة ألا تندرج ضمن أجندات الأعداء ولا تبلغ حدود تخوين البعض، فالشعب الذي استطاع أن يحافظ على خصوصياته، رغم الاجتياحات المهلكة، وعلى مدى قرنين من الزمن، يملك الإمكانيات لأن يقود ذاته بذاته، فقط نحتاج إلى قبول بعضنا البعض، وجلاء البصيرة، والتحرر من القوى الإقليمية، أياً كانت الحجج والمبررات.

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
7/23/2016م

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات