القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 337 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: هل سيكون توارد صدور الدساتير لكورد سوريا المستقبل، كتعدد المؤتمرات والأحزاب والمجالس؟

 
السبت 09 تموز 2016


د.م.درويش

بعد التجربة الطويلة لكورد سوريا في تأسيس وشق وتشتيت الأحزاب وتعدّدها وفق "الديموـ قراطية" وعلى الطريقة "الكورد ـ قذافية"، بعد كل تجاربهم وباعهم الطويل في وضع الأسس والمبادئ والأهداف في علم إنشاء الأحزاب والبرلمانات، ينطلقون حديثاً إلى وضع الدساتير لإدارة الدولة أو الأقاليم أو المناطق أو المقاطعات أو المدن أو النواحي، وحتى القرى والحارات. الجدير بالإشارة له هنا، هو التنافس والتسابق الماراتوني لاستخراج الدستور الأسرع والأنسب لشعوب ضيعة غربه التي أكل حمار غوّار دستورها الأول.


هذه الكلمات الأخيرة قد تكون من باب السخرية، ولكنها ليست من باب التوبيخ ولا من باب الإساءة والضرر لأحد، أمّا زبدة الكلام، هو ما أودّ أن أقوله: هل تفاهم الكورد فيما بينهم وهل قبلوا بعضهم أولاً؟ كي يذهبوا لكتابة الدساتير وسن قوانين الإدارة مناطقهم التي لا يعرفون حدودها ولم يُبيّنوا جغرافيتها بعد لأحد؟ ولا حتى لأنفسهم.
كتبت يوماً مقالاً، وكان عنوانه: (سبعة أحزاب وسبعة مؤتمرات في سبعة أيّام ؟) وكان ذلك في 7 حزيران 2006، ولا أريد أن تتوارد وتتعدّد الدساتير لكورد سوريا المستقبل، كتعدّد المؤتمرات والأحزاب والمجالس أو البرلمانات كما وردت في المقالة المذكورة، وإذا جاءت على نفس المنوال، فحينها ستصبح المقالة القديمة صالحة وستسري ولكن بعنوان مُعدّل وهو: سبع دساتير بعد لسبعة أحزاب وسبعة مؤتمرات في سبعة أيام؟
(لمن يريد أن يقرأ المقالة القديمة ـ الجديدة؟) هاكم إيّاها:
........
سبعة أحزاب وسبعة مؤتمرات في سبعة أيام؟
ليس من باب الطّرفة أو الفكاهة أو النّقد السّلبي أقدّم هذه الأيّام السّبعة بمؤتمراتها التّأسيسيّة السّبعة لسبعة أحزاب.
من البديهي أنّ أيّام الأسبوع سبعة وكلّ يوم فيه قد يحمل في طيّاته الكثير من المجريات والأحداث، وكلّ شيء ممكن ولا يوجد ما هو مستحيل كما قالها نابليون بونابرت وغيره من قبل. وسأبدأ الآن بسرد وقائع ومجريات هذه الأيّام السّبع ومن بعد ذلك سأعود وأًعرّج على ديباجتي الأساسية.

اليوم الأوّل
تشاور عدد من كبار الآغاوات الكورد حول إمكانية إنشاء حزب لهم أسوة بكل الأحزاب الأخرى، حزبا يضمن لهم حقوقهم ويعبّر عن طموحاتهم، وهكذا اتفقوا على عقد مؤتمرهم الأوّل في اليوم نفسه، فقاموا بالدّعوة إلى ذلك وعلى وجه السّرعة، وعقد المؤتمر ليلا في مزرعة كبيرهم وبدأوا بالحديث مباشرة عن رئاسة الحزب قناعة منهم بأن الاتفاق على هذه النّقطة هو الأساس في تشكيل الأحزاب وما تبقّى من نقاط هي أمور ثانوية لا تقدّم ولا تؤخّر وتأثيرها ضحل وشبه معدوم، وسرعان ما صادّق الجّميع على ذلك، وأكّدوا على أن يكون معيار الرّئاسة هو حجم الأملاك وقيمتها عند كلّ منهم وهكذا توافقوا واختاروا صاحب أكبر الأملاك رئيسا لهم وسمّوه رئيس حزب الآغاوات واصطلاحا آغا الآغاوات.
أمّا العضويّة في هذا الحزب فهي أن يكون العضو آغا أبّا عن جد، وتعريفا للآغا عادوا إلى قصّة ذلك الفقير الكوردي الّذي غلبه طموحه يوما وأراد أن يصبح آغا كبقيّة الآغاوات، فأستفسر عن الأمر، فقالوا له آنذاك: كي تصبح آغا يجب أن تفتح بيتك للضّيافة للجميع وأن تقوم بواجب الضّيافة على أكمل وجه ومن مالك الخاص، وفعلا قام الرّجل ببيع كلّ ما هو ثمين عنده وعند عائلته وجمع مالا كافيا نسبيّا ومن ثمّ فتح بيته للضيافة وللجميع، وبقي على هذه الحال مدّة من الزّمن إلى أن نفذ ماله ولم يبق عنده مايقيه ويحميه من برد الشّتاء، وفي ليلة قارسة، كان هذا الآغا وزوجته جالسين لوحدهما ويرتعشان من البرد وحينها نهضت زوجته صارخة : قم ياآغا وأفعل شيئا فليس لدينا شيئا نتدفّأ به، وهنا ردّ الآغا بعد هنيهة من التّفكير والتاّمّل وقال بصوت خافت ورزين: عجبا يا زوجتي العزيزه ، إذا كنّا نحن الآغاوات على هذه الحال فما بالك بحال الفقراء من أهلنا.
أمّا في باب طموحات وأهداف حزب الآغاوات فكان ما يلي:
ـ جمع أكبر قدر ممكن من المال في سبيل إنفاقه على أكبر عدد من الضّيوف والزّوّار حفظا للوجاهة ومركز الآغاواتية
ـ عدم بيع الأملاك إلاّ بين الآغاوات حصرا وبعد تصديق علني على ذلك عند آغا الآغاوات
ـ عدم تزويج أبناء وبنات الآغاوات إلاّ من عائلات الآغاوات وعلى أن يكون المهر من أعلى المهور حرصا للحسب والنّسب وشرف الآغاواتية.
وفي نهاية المؤتمر بودلت التّهاني والمباركات وتمّ تتويج الحزب بوليمة كبيرة حيث وضع فيها رأس أكبر كبش أمام أكبر آغا ، آغا الآغاوات. وفي وقت متأخّر من الليل، صدر البيان النّهائي لتأسيس حزب الآغاوات بعد إنتهاء أعمال المؤتمر الأوّل وبإشارة واضحة وبالقلم العريض، إلى حجم الوليمة العظيمة الممدودة في مضافة آغا الآغاوات.
وبعد ذلك انفضّ الآغاوات بعد تخمهم وهرجهم، وذهب كل منهم إلى مأواه ، وهنا كاد الفجر أن ينقشع عن يوم جديد ألا وهو اليّوم الثّاني.

اليّوم الثّاني
في مضارب وربوع إحدى العشائر الكوردية، انعقدت جلسة موسّعة لوجهاء العشائر، ودار الحديث فيما بينهم عن عمل شيئا يميّزهم عن غيرهم من الدّاشرين والذين لا عشيرة لهم ولا تميّز فيهم رأسهم من سافلهم، وهكذا دارت الأحاديث إلى أن حطّوا رحالهم على فكرة إنشاء حزب خاص بالعشائر والعشائر فقط دون غيرهم وذلك ليتميّزوا عن غيرهم ولينظّموا أمور العشائر ويتدارسوا كل ما يهمّهم ويتداركوا كلّ المواضيع السّاخنة على مختلف أنواعها " ثأر، قتل، خطف، ووووغيره"، وبعد أن دار السّاقي دورته على الجّميع، تململ زعيم أكبر العشائر في مجلسه ثمّ بدأ بالحديث دونما أيّ تردّد أو تقهقر وقال:
والله لن أشرب قبل أنّ تسمعوني متفكّرين فيما سأقول ومن ثمّ تصادقوا لي على ما فيه خير لي ولكلّ عشائرنا، ثم ارتاح هنيهة صمت من خلالها الجّميع، وهنا بدأ زعيم أكبر العشائر بطرح أطروحته الحزبوية مدعّما أقواله بالشّواهد والأمثال الوافية والكافية بحسب العرف والتّقاليد، وكلّ ذلك ليقنع نفسه قبل أن يقنع الآخرين بحكمة رأيه وثبات عزمه لتأسيس حزب العشائر الكوردية، وهكذا هلّل الطّرح بالخير والقبول وزغردت النّساء لهيبة الأمر وعظمته في مقام وجهاء العشائر ورجالها. وعلى الفور تمّت الدّعوة لمؤتمر تأسيسي ولاسيّما أنّ كلّ وجهاء العشائر وشيوخهم كانوا حاضرين، وبدأ المؤتمر أعماله بتعيين رئيسا للحزب ، وهنا وقع نظر الجّميع مباشرة على هامة زعيم أكبر العشائر وصادقوا له على ذلك في الحال وبلمح البصر وتحريك البنان ، وسمّوا رئيسهم برئيس حزب العشائر الكوردية واصطلاحا بزعيم زعماء العشائر.
أمّا العضوية فكانت من نصيب كل من أثبت عرفا أنّه من أبناء العشائر المعروفة أو من احد أفخاذها وأن يكون طلبه مدعوما ومسنودا من شيخ عشيرته وأعتبر ذلك معيارا لقبول الأعضاء عَرفا.
أمّا في باب الطّموحات والمآرب تمّ التّصديق عَرفا على ما يلي:
ـ العمل على إكثار عدد أفراد كلّ عشيرة بزيجات مَبكّرة ومتعدّدة لأبناء كل عشيرة
ـ عدم تزويج بنات العشيرة الواحدة لأبناء عائلات لا تنتمي إلى أيّ من العشائر المنضوية تحت اسم حزب العشائر كما يتم تحديد المهور عَرفا وبمعرفة زعيم زعماء العشائر
ـ كلّ أمور العشائر في حزب العشائر، يتم البت فيها والتّصديق عليها عَرفا عند زعماء العشائر والكلمة الأخيرة تعود دوما لزعيم زعماء العشائر.
وانتهى المؤتمر التّأسيسي لحزب العشائر الكوردية وخرج البيان الختامي مشارا فيه إلى عدد الخراف المذبوحة على شرف زعيم زعماء العشائر كما أَشير فيه إلى كَثرة العبارات الناّرية الّتي دوّت في ربوع ومضارب عشيرة زعيم زعماء العشائر.
وفي هذه الأوقات وبعد أن انتهى المؤتمر حلّ الظّلام الحالك في مضارب زعيم زعماء العشائر وغرق الجميع في نوم عميق بعد عمل شاق ويوم طويل يشهد لهم عليه تاريخ كلّ العشائر، ولم يكن الليل طويلا فسرعان ما انبثقت شمس اليوم الثالث.

اليوم الثّالث 
جلست مجموعة من المثقّفين والمتعلّمين الكورد، وكعادتهم بدأوا بتناول أمور الساّعة ولاسيّما مايهمّ الشّأن الكوردي والمؤثّرات الجديدة ومخلّفاتها في المنطقة ومن ثمّ دار الحديث حول دور الحركة الكوردية في كل ذلك ومن ثمّ استقرت المداولات والنّقاشات حول تأييد أو معارضة ماتقوم به مختلف أطراف الحركة الكوردية وفي خلاصة الكلام استنتجوا بأنّهم أناس مسالمون متفهّمون ومطّلعون ومتابعون لما يجري على الساّحة الكوردية وتقاسموا جميعا هذا الرأي كما أنّهم لم يَحمّلوا على أحد ولم يتعارضوا مع أحد عموما ، وهنا نهض أحدهم وبصورة فجائية ملحوظة وقال وبصوت مَرتفع نسبيّا عمّا كان عليه في مجلسهم، قال: طالما نحن مسالمون متفهّمون وليس لدينا أي مرجعيّة لمعارضة الآخرين فنحن في الحقيقة لسنا إلاّ بمؤيّدين لمجمل فعاليات الحركة عموما ولا أجد في ذلك ضررا لأحد فلماذا لا نَنظّم أنفسنا بشكل يجمعنا وفق قواعد وضوابط ثابتة ؟ وأجاب آخر مَتحمّسا : هذا الكلام سليم وصحيح وإنّي أرتئي أن نَؤسس حزبا يمثّلنا جميعا لأنّنا لا نقلّ بشيء عن غيرنا ولدينا ما يجمعنا من ثقافة وعلم ووحدة رأي ، وعليه أقترح بتأسيس حزب نَسمّيه حزب المَؤيّدين الكورد واصطلاحا حزب التّأييد، واتفقوا على ذلك وبالإجماع.
أمّا العضوية فتتمثّل بأن لا يَعارض العضو بقية الأعضاء الآخرين في الحزب وأن يَؤيّدهم إلى أبعد الحدود وأنّ لا تتعارض أفكاره مع مجمل أفكار التّيارات الكورديّة عامّة.
أمّا الرّئاسة فستكون من حق أكثر الأعضاء تأييدا نسبيا في مجموعة من الأمور السّاخنة حيث يجب إعطائها علامات مختلفة من سلّم الدّرجات المئوي وإيداع ذلك في ظروف مختومة ومن ثمّ ترتيب أهميّة وأولوّية هذه الأمور، وبعد ذلك تَقرأ النّتائج أمام الجّميع ، وتمّ الأمر على ذلك النّحو وكان من بين الأمور المطروحة للمداولة والتّرتيب بحسب الأولوية والأهميّة: {دور الحركة الكوردية، الوضع الحالي للكورد وفي مختلف المجالات، والتّغيير الدّيمقراطي السّلمي} وبعد فتح الظّروف وإعلان النّتائج تبيّن أن أمر الوضع الحالي للكورد كان أهم الأمور الساّخنة وحظي بتأييد أعظمي من الجّميع، وتنافس على الرّئاسة عضوين حيث كان لهما من الدّرجات تماثلا وتطابقا لا نظير له ولحل المسألة أَجريت قرعة بسيطة تمّ من خلالها اختيار رئيسا لحزب المَؤيّدين الكورد أو حزب التّأييد، وفي نفس الوقت كان البيان التّأسيسي للحزب بقيد الطّبع والنّشر على مختلف مواقع الأنتيرنيت المهتمة بالشّأن الكوردي ، والجّدير ذكره هنا أنّ في البيان تمّت الإشارة وبوضوح لمبدّ التأّييد النّسبي وقَدسية التأّييد المَطلق في منهجية حزب التّأييد.

اليوم الرّابع 
جرت مناقشات فيما بين مجموعة تشبه بقوامها وإمكانيّاتها تلك الّتي كانت تتحاور في اليوم الثّلث أي يوم أمس، ولكن الأفكار هنا في اليوم الرّابع كانت مختلفة تماما، بل على العكس تماما مما كانت عليه يوم أمس، أي بصحيح العبارة كانت الدّعوة لتأسيس حزب المعارضين أو حزب المعارضة الكوردية، وهنا كان كل شيء يعاكس مبادئ حزب التّأييد.
أمّا العضوية هنا أن يَؤيّد العضو المعارض جميع الأعضاء الآخرين المعارضين في الحزب وأن يكون معارضا لمجمل أفكار التّيارات الكورديّة عامة.
أمّا الرّئاسة فستذهب لأكبر معارض في مختلف الأمور المدروسة والمطروحة وذلك وفق مبدأ المعارضة النّسبية .
وهكذا تمّ التّوافق على كل هذه المبادئ ومن ثمّ تم طبع ونشر البيان التّأسيسي لحزب المعارضين وتضمّن فيه مبدأ المعارضة النّسبية كما أشير فيه إلى أهمية المعارضة المَطلقة التي تمثّل الحد الأعظمي والشّبه مثالي بين الشّعوب المعارضة والمشاكسة.
اليوم الخامس
قامت نخبة من المَستقلّين الكورد والمتمتّعين بأرقى درجات الثّقافة والمعرفة والعلم ببحث أمور الكورد وأهمية فعل ماهومفيد وعملي واستخلصوا فكرة تشكيل حزب المستقلّين الكورد واصطلاحا أسموه حزب المَستقلّين.
أمّا العضوية هنا فهي أن يكون العضو ذو سوية ثقافية وعلميّة جيّدة وذوإطّلاع واسع في الأمور عامة وفي شأن الكورد خاصّة وأن لا يكون للعضو أي تبعية حزبية أو خلفية إنحبازية لطرف دون غيره وأن يملك الجّرأة لإبداء الرّأي وبصراحة وتفهم واحترام الآخرين.
أمّا الرّئاسة هنا فهي دورية ومحدّدة تماما وتتم بالتّوافق أو بالانتخاب السّري إذا تعثّر الأمر كما أَشترط للمتقدّمين للرّئاسة أن يكونوا أصحاب أكبر جعبة بالاستقلالية وإدراك للأمور ومعالجتها برويّة وتفهم ولكن بأدق درجات الاستقلالية.
وهكذا تمّ الأمر وبكل تفهّم واستقلالية وتمّ تشكيل الحزب وأختير له رئيسا، وتوّج كل ذلك من خلال مؤتمر تأسيسي دعوا إليه كلّ من توفّرت فيه هذه الشّروط وممن عرفوا باستقلاليتهم أو جرأتهم دونما أن ينحازوا لأحد.
وفي ختام المؤتمر دَقّق البيان التّأسيسي ونشر على النّت وكل الوسائل الإعلامية المتاحة والمهتمة بالشّأن الكوردي وأشير في هذا البيان إلى أن العضو المستقل في هذا الحزب يجب أن يكون جريئا لدرجة أن يتصرّف كرئيس للحزب وأن ينصت للغير أكثر من أن يتحدّث إليه وأن يبقى في فلك الاستقلالية الحكيمة. ووقّع البيان باسم المَستقلون الكورد.

اليوم السّادس 
جلست مجموعة من النّساء الكورديّات ومن مستويات متفاوتة في الثّقافة والمعرفة واتفقن على أن يكون لهنّ حزبا يمثلهنّ ويهتم بأمورهنّ ويدافع عن حقوقهنّ ، وأجمعن القول والحزم على تأسيس حزب النّساء الكورديّات وذلك أسوة بكل الأحزاب الأخرى التّي يكاد أن يكون التّمثيل النّسوي فيها معدوما ، وهكذا أسّسن حزبهنّ واخترن من بينهن رئيسة وكانت تلك الّتي طرحت الفكرة في تشكيل هكذا حزب، وبسرعة فائقة تمّ التّصديق على ذلك دونما أي مناوشات كما جرت العادة في أغلب الأحيان لدى الأحزاب الّرجاليّة. ومن ثمّ قمن بتدارس أمورهنّ وبدقّة وذوق وتوّجن مؤتمرهنّ ببيان تأسيسي لحزبهنّ، حزب النّساء الكورديّات ، ومن أهمّ ما جاء في البيان هو التّأكيد على دورهنّ كأمّهات ومنذ فجر الإنسانيّة وأن وجودهنّ يعني وجود نصف المجتمع الكوردي وبامتياز.

اليوم السّابع
من المعروف أن اليوم السّابع في كل أسبوع هو يوم عطلة ولكن هنا وبصدد تشكيل الأحزاب يعتبر يوم العطلة هو أفضل وأنسب الأيّام لعقد المؤتمرات وتأسيس الأحزاب وعليه وفي أحد مجالس الكورد جلست مجموعة من الكورد وكانت كبيرة نسبيا مقارنة بمجالس الأيّام السّابقة، وكانت تضم أناسا ذوو سويّات وملكات ثقافية وفكرية متفاوته ومختلفة، ولكن محدودة لدى الجّميع، وبدأوا الحديث ولأوّل مرّة بجدّيّة عن شؤون الكورد، حياة وحلما وحقيقة وحقّا، وكان ذلك مَستغربا لأنّهم ما اعتادوا أن يتحدّثوا إلاّ في أمورهم الشّخصيّة ومصالحهم الضّيّقة دون المبالاة بغيرهم لا من بعيد ولا من قريب ولايهمّهم من الدّنيا إلاّ المال والعيال والمكاسب الشّخصيّة وبأيّ شكل كان وبدون تحديد الوسيلة أو الطّريقة المَتّبعة في جني كل ذلك. وكان أكثر هؤلاء من اللاّمبالين بالوضع الكوردي لا عامة ولا خاصّة، ومن المَتطفّلين المَتّكئين على غيرهم وذوو نفوس مريضة وجشعة ولا يقدرون على شيء إلاّ أن يكونوا إمّعيين يضحكون لمن يَضحكهم ويبكون مع من يَبكيهم ويَصفّقون لمن يَحرّكهم ويسيرون على خطى من يقودهم دونما أي مَحاكمة منطقية أو إدراك عقلي أو موضوعي. وفي هذه الأثناء وصلت مجموعة من المتقاعسين والعاطلين عن العمل والّذين لاهمّة لهم ولا حول وذوو الإرادات المَتدنيّة، وهؤلاء سرعان ما استطلعوا الأمر وتبيّنوه حتّى صادقوا عليه وبالاتّكاء الكلّي دون أي مَنازع، وأعلنوا تضامنهم الفوري مع بقية الجّالسين. 
وتتابع الحوار، وكان ساخنا هذه المرّة ويحوم حول السّياسة تارة وحول التّنظيم والمنظّمات تارة أخرى، وهكذا إلى أن توجّهوا بحديثهم نحو تشكيل الأحزاب والمنظّمات أو الجّمعيات وبالتّالي إستقرّ بهم الجّدل على أن يَشكّلوا حزبا لهم يَنظّمون من خلاله أمورهم ويقوّون به ظهورهم دفاعا عن مصالحهم الشّخصيّة المَقدّسة. وهكذا توافقوا فيما بينهم وأقروا على عقد مؤتمرهم التأّسيسي لحزب اللآّمبالين والإمّعيين الكورد، واصطلاحا حزب اللاّمبالاة أو الإمّعيّة.
الرّئاسة في هذا الحزب ذهبت لأكثرهم إمّعيّة وعلى قدر عالٍ من الجّشاعة والأنانيّة واللاّمبالاة ومن الأفضل أن يكون أطرشاً كي لا يسمع ولا يعرف ما يجري حوله ويسير مجانيا دونما أيّ حس أو إنسانيّة.
أمّا العضوية فهي تهمّ كلّ من لا يهمّه شيء، سوى مصلحته الخاصّة، ويَثبت على أنّه على قدر كاف من الإمّعيّة واللاّمَبالاة والّذي لا يَريد أن يَشغل نفسه أو يعمل فكره وعقله بأمور صعبة ومعقّدة وبعيدة عن مصالحه الشّخصية وتخدم المجتمع الكوردي عامّة.
وهكذا جرت الأمور، وقاموا بطبع وتدقيق بيانهم التّأسيسي ومن ثمّ نشره وتوزيعه، وكان من أهم ما أشاروا إليه في بيانهم هو ضرورة الحفاظ على جوهر اللاّمبالاة والإمّعيّة كحقيقة أبديّة وترك الأمور تجري كما تهبّ الرّيح وتسليم كلّ شأن إلى الواحد الأحد إلاّ شأناً واحداً ألا وهو المكاسب الشّخصية لأنّه أمر خاص جدّا ولا جدل فيه.
وهكذا انقضت الأيام السّبع وتشكّلت سبعة أحزاب مسبوقة بسبعة مؤتمرات تأسيسية. والآن أعود لديباجتي لأقول أنّي ما سردت كلّ ذلك إلاّ لتوضيح إمكانية وسهولة إنشاء الأحزاب وغيرها من المَنظّمات في مجتمعنا الكوردي ، وإذا كان هناك حزب في كل يوم فنحن الأوّلون في هذا العالم بإنشاء الأحزاب وعددها ولا منافس لنا في ذلك، هذا ناهيكم عن الانشقاقات والتّفرّعات الّتي تكاد أن تجعل من عدد الأحزاب متتالية أو سلسلة عددية رياضية مَتزايدة و أًسّيّة.
وفي الحقيقة إنّ ما جاء في هذه الأيّام السّبع هو تمثيل ما للحالة الكوردية بحراكها السياسي وجماهيرها، وأن الوضع القائم حاليّا ماهو إلاّ بخليط أو مزيج غير متجانس لمجموع ما ورد في هذه الأيّام السّبع، فنرى بوضوح وبعيون كلّ المراقبين والمَتابعين للوضع الكوردي بأنّ تكتّل هذه الأحزاب، نستطيع أن نسمّيه تحالفاً أو تجمّعا أو مجلسا وبامتياز، دون النّظر إلى حقائق الأمور وموضوعيّتها وإلى جوهر القضية الكوردية.
يا معشر الكورد، نريد أوّلا أن نتعلم، وأنا واحد منكم، ما هي الدّيمقراطية الصّحيحة أو بشكل أفضل التّوافقية وكيفية إلغاء جميع القيود التّقليدية، أن نتعلم كيف نحترم بعضنا بعضا وأن نحترم الآخرين وأن نقبل الآخر ونحترم رأيه، وأنّ نتعلّم بأن نُوضّح الأمور كي يقتنع الآخرين بأفكارنا الّتي نصبو إليها، مَقتنعين نحن بها وبصحّتها، وإلاّ فلنقتنع بما يصبون إليه إذا جاء على نحو منطقي وصحيح ومفيد .
لنتعلم جميعا أولى دروس التّوافقية والدّيمقراطية الصّحيحة والبنّاءة، ولنأخذ العبر من الشّعوب الّتي سبقتنا إليها، فلننظر لبعضنا أو لغيرنا بطريقة أخرى فيها الاحترام والتّقدير وكل المشاعر الإنسانية، ولتكن البداية هي الكلمة الطّيبة والشّعور بالمسؤوليّة.
أدعو دوما إلى وحدة الصّف الكوردي المتفاهم المتسامح والمَتفهّم والنّزيه بين كل أطرافه وأفراده ، كما أدعوا إلى الابتعاد عن الانتهازية والغوغائيّة والتّفكير فقط بالمصالح الشّخصية على حساب الغير، وأدعو للسّعي إلى تقليص عدد الأحزاب الكوردية وذلك بالتّحاور والتّفاهم وتقديم التّنازلات لبعضهم البعض دونما شروط أو حدود، ولتكن هناك إستراتيجية واضحة لدمج الأحزاب وتفعيل المَستقلّين والشّباب الصّاعد من خلال إمكانيّاتهم المَتاحة وتشكيل مرجعيّة مَوسّعة تقوم بتمثيل شامل للجميع، وربط الجّماهير بممثّليها الجّدد وتفعليهم كأدوات حقيقية بحيث تعتمد هذه الجّماهير على وسائل وطرق صحيحة مرسومة بيد المرجعيّة المَوسعة للكورد ، هذه المرجعيّة الّتي تستطيع أن تعمل بشكل جماعي في الدّاخل والخارج و بشكل مَتكامل رغم تمايزها عن بعضها البعض بنوعية الممارسات والفعاليات، ولتَسند المهام لمن لديهم الخبرة والإمكانيات وذوو الكفاءات المتميزة، وكل ذلك في جوّ متلازم ومليء بالتّفاهم والتّوافق وبكل ديمقراطيّة. وبهذا السّبيل يمكن للحراك الكوردي أن يتقدّم وبخطوات صحيحة ومفيدة وفي كلّ المجالات ولاسيّما المَلحّة منها.
معارض كوردي سوري، 07/06/ 2006(انتهى المقال )
............
08/07/2016

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات