القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 537 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: الى ادارة الامر الواقع في روجافا

 
الخميس 07 نيسان 2016


أمين عثمان

لابد من تناول الثورة عبر تغييراتها وليس من خلال ثوابتها، ونظرة جدلية ليس في الفكر وحده، والثورة في الجدل وليس في الانقطاع، وهي تتحول الى ثورات ، ولعل التناقضات الداخلية ليست اقل اهمية وخطرا من الخارجية. بل ان حيوية الحركة لاتقاس الابمدى ماتكشف عن تناقضاتها الخاصة . لا ينكر من خلال تجربة السنوات الخمسة الماضية ان الموقف من التخطيط كانت تخضع في سلوكيتها لضرورات الظروف الراهنة من حولها وانها كثيرا ما لجات الى التبرير بدلا من التخطيط ، حتى كانت تسبقها الاحداث وكانت على التنظيم ان تلهث وهو يضيع بين مختلف الاهداف لكي يلحق بمفاجات الواقع دون القدرة على التنبوء بها من قبل، ودونما القدرة على التحكم فيها عندما يقع، دونما القدرة على مقاومة نتائجها عندما تتغلغل في صميم الواقع نفسه وتقدم عقبات جديدة. 


فكان السير خلف الاحداث والعربة تتقدم الحصان ، وعدم التفاعل والتاثير وتحريك الاحداث، ان فئات كثيرة لم تحتمل صدمات الفشل فكان لها مواقف ارتدادية مختلفة، جعلت الحركة الى حد ما لان تشوبها بعض النزعات الانهزامية التي رفدتها عن طريق تطور الحياة الادبية والفنية للمجتمع . ولم تلبث النزعة الفروسية عندما فقدت قدرتها على معاكسة مصائر الفشل المحيطة بها ان ارتدت الى نوع من التطهرية التي تبرر عجزها عن العمل بالخوف من التلوث وهذا الخوف الذي ليس هو الا صورة عن التهرب من عبء المسؤولية . ان خطر الانكسار تتعاظم عندما يتشبث الثورة بوثوقيتها القديمة اي بتعلقها شبه الغيبي بمنطقها القديم ،ووسائلها التي تعودت عليها والفتها لدرجة ان تعذر عليها تقدير مدى عقمها وفائدتها . حيث تتغير طبيعتها وتتفاعل خصائصها ووصل الى مستوى واقعي جديد لم يعد ممكنا فهمه بالمعطيات الثورية السابقة ، كما لم يعد التغلب عليها بالوسائل الاولى ممكنا ايضا . واخذت الايديولوجية تتجمد في شعارات وتعارض بين النظرية والعمل وبين القيم الثورية والوسائل الانتهازية وبين الاهداف والمواقف . لدرجة اصبحت معها كل عمليةانتقاد ونقد ذاتي تعتبر عملية خيانية او موقف انحراف او خارج عن خط الحزب وكان من جراء ذلك انكمش الايديولوجيين والمثقفين وافسح المجال امام القادة الانتهازيون واتباعهم . واصبح المثقفون الايديولوجيين في موقف المتهم .وظهرت الشكل السلبي للثورية في القمة على شكل مؤمرات ومساومات بعيدة عن روح الجراة والصراحة ، فتحطم تدريجيا اخلاقيات الافراد المناضلين وشكل طغمة من الوصوليين المتربصين والمترقبين لفرض التسلط والنفوذ. وتسمح باظهار رجال كل كفاءتهم في مقدار تبعيتهم لقادة الانتهاز ، وبذلك تم تحطيم مقاييس القادة داخل الحركة في عين القاعدة والجماهير المؤمنة بها . وظهرت فئة نفعية تحتكر التوجيه والسلطة واستثمار مكتسبات الحركة لمنافعهم السياسية الشخصية وهكذا ولد معيار مرضي آخر هو معيار الولاء الشخصي داخل التنظيم وتمارس طقوس تحريمية تفرض التقديس والتبعية . ان كل انتكاسة يتبعها حركة متصاعدة بذروة اعلى ولكن النجاحات الكبرى عندما تتبعها انجازات خاطئة فان ثمن الخطا سوف تكون معادلة لحجم النجاح بل افدح منه .ومن الامراض التنظيمية التي ظهرت على شكل قطبين في القمة برزت نموذج الانتهازي (التصفوي)ونموذج المثالي (التطهري)وهما نتائج الفشل المؤقت التي اقتصرت في القمة وكانت القاعدة مبعثرة . ان الانتهازي الثائر بدون ثورة والطليعي بدون طليعة والقائد بلا جمهور والتي يتشيث باختلاق قيمة مصطنعة يدعوها تارة منطق الاحداث او ليونة العمل السياسي او المنطق المحلي والتي تسمح له ان يصطنع لكل مناسبة طريقة للعمل وان يلبس لكل حال لباسه وان يتملص من مسؤولية الموقف الموحد . وقد اثبت فشلها وتم تصفيتها .اما الثائر التطهري يطمس حدود المواقف ويتجاهلها ويرفض بوجود تناقضات الداخلية لذلك فهو يكبت حرية التشكيلات الفردية ويصمها بالتخريب مباشرة . ان سلوك التطهرية لا يخلو من الصوفية وتطغى عليه تصورات ما يجب ان يكون وتتضاءل امامه عقد الواقع كما هوكائن ، وهو في الحقيقة ليس بالانسان المثالي الذي كأنه في مرحلة الفروسية بل انه يدعي انتصارات الفروسية الاولى بصورة سلبية مجمدة دون القدرة على تاكيدها بانتصارات جديدة ويقلل من اهمية المبادرة ويسخر ممن يقدمون على المبادرة ويفضل الكبت والاختناق ليحمي نفسه من مسؤولية التغيير.ان هذه الفئة من التطهريين الذين يرون في تجردهم وتنزهم وسيلة للفرار من عبء العمل والمسؤولية وقذف الذات الى المعركة فانهم يبررون محافظتهم الجديدة بالمحافظة على العقيدة بينما هم في الحقيقة يمنعون من نمو هذه العقيدة وبالتالي فهم يسمحون بظهور خلق مناقض تماما لهم وهو الطرف الذي يقول انني الى جانب العمل وانني استطيع ان اتحجج بالعمل واتغلب على عقبات الواقع السياسي اليومي هذه الفئة يتخذ من تطهرية الفئة الاولى سببا لا نتهازية جديدة تجعل العقيدة متهمة في ذاتها متهمة بالتقصير وبالمثالية والخيالية . والتطهرية ينعزل بالتدريج عن العمل باسم التماسك العقائدي تحت شعار التلاحم مع المفاهبم والافكار المجردة، وينطق باسم العقيدة وتمتنع عن الفعل ويمنع سواها عن الفعل ، ويحتقر الواقع ويتغنى بالمثل .ويتحصن خلف زخرف القيم ويعتبرها رصيده الحقيقي، وعدم التلوث بجزئيات العمل واعتبار التنظيم امرا ثانويا لان الاساس هو الاعتقاد وبذلك يتعالون عن مستوى التنظيم ويكتفون بالتوجيه. ان وجود التطهري يساعد على ابراز دور الانتهازي فهو يتنزه عن العمل يقابله ذاك الذي ينغمس في العمل الى اذنيه ويدعي انسجامه مع المرحلة التاريخية يقابله الذي يفرغ المرحلة التاريخية من مضمونها وينقلها الى مستوى المصالح المتضاربة في سوق السياسة اليومية ، وذاك الذي ينفر من السياسة باسم الفكرة يقابله ذاك الذي ينفر من الفكر باسم السياسة. واذا كانت الانتهازي والتطهري تظهر في القمة فان الفرد الضائع تظهر في القاعدة وهو يرفض المسؤولية ويرفض التبعية ويظل يحمي نفسه بستار الانضواء ويتعذب وجدانيا لاعتقاده بانه تخلى عن ثوريته وهو الذي اسرته ثقافته النظرية الخاصة به وفلسفته التي تبرر استمرارية العبثية . ان الجدلية واصطدام الانسان بها لا يعني سوى البحث عن ظروف جدلية جديدة ليصب فيها امكانات مستجدة ، وهم اكثر الافراد شعورا بامكاناتهم وقدراتهم الكامنة واكثر الناس شعورا باتجاه الحركة وان الاساس في الثورية انها ثورية شخصية . والمعاناة داخل التنظيم معاناة شخصية ، فلا يمكن الاستغناء عن مواقف الافراد ، مثلما يسعى الفرد الثائر الى تحقيق الشخصية الحرة لامته فهو ايضا يريد ان يحققها بالنسبة لذا ته، وما ينبغي ان يفعله الانسان مرتبط تماما ما يؤمن به .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات