القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 232 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: الاحتمالات في الهدنة السورية

 
الجمعة 26 شباط 2016


د. محمود عباس

  الإشكاليات في شروط الهدنة كثيرة، ومآلاتها واسعة، فمثلما لروسيا وأمريكا حصة، ولسلطة بشار الأسد كليته يشارك فيها حزب الله وإيران والبعض من أدواته، فلتركيا قسمة مره، تفاقم من امتعاضها، ومثلها للسعودية، وكذلك للبعض من المعارضة، المسلحة منها بشكل خاص، وللكرد بشكل عام آفاق مضيئة، فيما لو عرفوا كيف يتعاملون مع الواقع. 
 ولكل المذكورين منافذ في الهدنة، إما للعبث بجثة سوريا، أو للحصول على أشلاء منها، ومطالب البعض تتجاوز الهدنة في سوريا، فالمآلات عديدة، والتوقعات بإحلال الهدنة المأمولة ضعيفة، ما دام هناك طيران، ومناطق محتلة ومتداخلة ما بين المنظمات الإرهابية، وقوى إقليمية ممتعضة، وتستفيد من داعش والنصرة وغيرهما وستدعمهم بطريقة أو أخرى، وتسكت عليها روسيا وأمريكا، المستمرتان على مبدأ الحرب على المنظمات الإرهابية دون القضاء عليهم، وعلى رأس كل هذا ما دامت سلطة بشار الأسد موجودة، وتركيا في الجوار تهدد الكرد بشكل مستمر، القضية المحتلة لمجمل سياستها الخارجية والداخلية.


1-    لا شك الكرد يطمحون إلى الفيدرالية لذاتهم أو لسوريا بنظام لامركزي، وتركيا لهم بالمرصاد، تحت حجج، وستحرك كل القوى التي تجد فيهم أمل لمعاداة الكرد أو ضربهم، بدءاً من السعودية، وعن طريقهم المعارضة العروبية الإسلامية، ولن تتوانى عن دعم داعش، وهدفها منع قيام الكيان الكردستاني، لهذا فلن تقبل بأي سيطرة عسكرية كردية في غربي كردستان، لأنها تدرك أن تأثيراتها بشكل أو آخر ستدخل في العمق التركي، فهي تفضل وجود منظمة إرهابية كداعش على حدودها من ظهور كيان كردستاني، لأن الكرد موجودون بشعب وتاريخ وجغرافية، أما داعش فهي منظمة عابرة، خلقت تحت شروط وستزول بغيابها، فلا يعقل أن تقف تركيا مكتوفة الأيدي، وستستخدم الملحق(شروط وقف أطلاق النار) الوارد في بيان الهدنة، والذي يقول" التوقف عن كسب أو السعي إلى كسب أراض من الأطراف الأخرى المشاركة بوقف أطلاق النار"   المفروض على الجميع البقاء في أماكنهم الجغرافية الحالية، دون تحرك، وعليه يمنع أي تدخل أو اعتداء خارجي، ولكن الإشكالية هنا أن القوة الكردية على الأرض هي الأكثر اعتمادا عليها من قبل أمريكا وروسيا في بعضه على محاربة داعش، وقريبا سيقحمونها على محاربة النصرة، أو أن النصرة بذاتها ستهاجمهم، وبذلك ستفرض على القوات الكردية التمدد في أراض جديدة، وعلى الأغلب ستكون هي نفسها المنطقة التي تستميت عليها تركيا تحت حجة المنطقة العازلة، ما بين جرابلس وعفرين، أغلبيتها هي المنطقة التي تحتلها الأن داعش، وعمليا هي منطقة الفصل في جغرافية غربي كردستان، وهي ما تعرضه تركيا كخط أحمر. وهنا تظهر التناقض في وجهي البند المذكور، فهل ستواجههم، أو ستقصفهم تركيا وعلى مرأى من أمريكا وروسيا؟ وتعني بأنها ستقدم خدمة مباشرة للنصرة وداعش، أو على الأغلب ستخلق الحجة لاستخدام البند الوارد تحت الملحق (وقف جميع الهجمات) " الاستخدام المتناسب للقوة( أي ما لا يزيد عما هو مطلوب للتصدي لتهديد مباشر) إذا وعندما يكون الرد في حالة دفاع عن النفس" ومن السهل لتركيا تسخير هذا البند لصالحها، علما أردوغان وداود أوغلو ووزير خارجيتهم معا وبمناسبات متفرقة بع الهدنة مباشرة، أعلنوا بأن تركيا دولة غير ملتزمة بشروط الهدنة، وطلبوا على أدراج أل ب ي د كمنظمة إرهابية، وذكر أردوغان أسمه قبل داعش.  ولا شك أن الجانب الكردي المسيطر على غربي كردستان حاليا أضعف من المواجهة، السياسية والعسكرية والدبلوماسية، لأنها ستفرز آجلا أم عاجلا مع السلطة السورية كقوة سياسية، ولإزالة هذا التوجه لا بد من الوصول إلى حل الخلافات بينهم وبين القوى الكردية الأخرى في غربي كردستان، بدونها ستكون القوة الكردية المشكلة للإدارات الذاتية والطامحة للمرحلة القادمة، أمام خطر تركيا الدائم، ضعيفة، ومصيرها ستكون على المحك، ومن السذاجة الاستهانة بقوة العدو، وعلى رأسهم تركيا. ومن السذاجة عدم الإعلان عن الفيدرالية الجغرافية الشاملة من ديريك وحتى عفرين ولربما حتى البحر، تحت نهج النظام السياسي المحتمل لكلية سوريا، كأفضل الخيارات لغربي كردستان، للخروج من مأزق التشتت الإقليمي في المنطقة، فتركيا ترفض الكيان الكردي بها أو بعدمها، ولابد من الشراكة مع أغلبية الحركة السياسية والثقافية الكردية في الإدارة، حتى ولو لم تكن فيدرالية كردستانية كما يصرح بها بعض قيادات حزب أل ب ي د أو الكانتونات.
2-   فصائل المعارضة، تحت بنود الهدنة، حصرت ضمن خيارات مشوهة، إما الصمت، أمام التوسع المحتمل للسلطة في الأراضي التي تستولي عليها داعش والنصرة، وهي أوسع بكثير من كل ما تملكه الفصائل الأخرى، أو المواجهة، أو الطلب من أمريكا وروسيا بعدم السماح للسلطة بتجاوز جغرافيتها في حال تحرير بعض المناطق من سيطرة داعش والنصرة، والأبشع منه، قد تفرض على المنظمات الصغيرة محاربة النصرة، أو التي كانت في تحالف معها، تحت أسم ( جيش الفتح) والتي تضم ثمانية منظمات، منها أحرار الشام، وجند الأقصى، ولواء الحق وغيرهم، كقوى موجودة على الأرض، وإلا فالسلطة ستحل الإشكالية وستحاربهما بقواتها الأرضية، وبهذا ستكون المعارضة قد غيرت وجهتها من محاربة السلطة إلى محاربة حليفها السابق كمعارضة. عمليا السلطة ربحت المعركة، بدون ديمومة الحرب معهم، وكسبتهم إلى جانبها وعلى مضض، أي كسبتها بمساندة أمريكية روسية، ولهذا فمن المتوقع أن الهدنة لن تستمر مطولا، لأن السلطة ستتجاوز الكثير من خلال الثغور التي هي الأكثر استفادة منها.
3-   بهذه المسيرة التي مرت بها سوريا، ازدادت القناعة بأن أمريكا وروسيا، كانتا على اتفاق حول بقاء سلطة بشار الأسد، رغم التصريحات المتذبذبة لأمريكا، وراضيتين إن لم يكونا من المخططين لظهور المنظمات التكفيرية، والتي دعمتها جميع الأطراف، السنية والشيعية، وكانتا على رأس استراتيجية توسعهم والجغرافيات التي يجب أن يظهرا فيه، والأبشع أشراك القوتين، التكفيرية الراديكالية الإسلامية والعروبية الإسلامية في بوتقة واحدة، لخلق أوسع نطاق من الفوضى، وعلى الأغلب أنها من ضمن استراتيجية ولربما نطاق مفاهيم مستقبلية تنجرف إلى منطق تبديل الهيمنة، ما بين السياسة والإسلام، وفرض السياسة على الدين الإسلامي، مثلما حدثت في أوروبا قبل قرنين من الزمن، أي بما معناه ثورة ثقافية فكرية في عمق العالم الإسلامي، وعزله عن السيطرة، أي جعل الإسلام دين بلا سياسة، بروحانية ذاتية بين الإنسان والإله، وليس الإنسان والإنسان.
عدم وضوح الخطوات اللاحقة، تخلق شكوك في ديمومة السلطة، كعملية المساعدات الإنسانية، وأطلاق سراح السجناء، وخاصة عندما خصص التركيز على الأطفال والنساء، ولم يفرض كشرط متكامل على جميع السجناء، إلى جانب إشكاليات أخرى، لا شك أن السلطة بهيمنتها الأخيرة، ستفرض شروطها، وفي بيان الهدنة توجد الثغور التي  تستطيع النفاذ من خلاله، مع وجود العديد من المنظمات العسكرية التكفيرية المتداخلة جغرافياً، وبقاء معظمهم في قائمة الإرهاب عند روسيا، إلى جانب داعش والنصرة لدى أمريكا، وبدأت تتحرك من منطق القوة وذلك بالتحكم في العلمية السياسية، كتحديد موعد للانتخابات البرلمانية القادمة،  من منطق البقاء الدائم، وهي عملية تأكيد على عدم الاعتراف بأنه هناك ستكون حكومة انتقالية، أو يجب أن تتشكل في الشهور الست القادمة، وبيانها الصادر حول الانتخابات البرلمانية، دون مشورة القوى الدولية أو القوى المعارضة المتوقعة المشاركة في مشاورات جنيف أو تشكيل الحكومة القادمة، تتعارض والشروط الدارجة في قرار مجلس الأمن 2254 وقرارات جنيف-1 ومؤتمر فينا الأخير، وستخلق إشكالية ومشاكل على مسيرة الهدنة أو البنود التي ستطرح على طاولة مباحثات جنيف القادمة، إذا جرت.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
2/24/2016

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات