القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 515 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: ثورات الربيع العربي.. عودٌ على بدء .!

 
الثلاثاء 16 شباط 2016


دهام حسن

جاء استخدام مفردة (الربيع العربي) من الغرب منذ الأسبوع الأول من اندلاع الثورة في تونس في مطلع كانون الثاني من عام 2011م وسرعان ما تلقفته وسائل الإعلام المختلفة، استأثر المصطلح في بداياته بدلالات ومرامي شتى، ولقي القبول والانتشار دون موانع تذكر، ثم جاء الدمج بين المفردتين (الثورات - الربيع العربي) تحت مسمّى (ثورات الربيع العربي). ظلّ الغرب في توجّس من هذا الحراك الجماهيري، ومن باب التجاهل اكتفوا باستخدام عبارات مثل (العمليات الجارية-العمليات المفتوحة) وكانوا يخشون من خروج هذا الحراك عن إطار السيطرة والتحكم، ثمّ جاء القول من أن العمليات مازالت في بداياتها وربما استغرقت عقدا أو عقدين من السنين. 


صرّحت هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك من أنها نبّهت بعض الحكومات بأن أسس المنطقة تغرق في الرمال، فلا أحد بقادر التكهّن بالنتائج، أو التحكم بمسارها، فلابدّ بالتالي من عمليات الإصلاح والديمقراطية، ثمّ وجدنا من أطلق مصطلح (عمليات التحول الديمقراطي) وأنها ستطول وقد تستغرق عقود من السنوات كما أشرنا آنفا.. ويجدر بنا هنا أن ننوه أن مصطلح (الربيع العربي) جاء تداوله منذ عام 2005 من قبل أحد دعاة الديمقراطية العرب هو الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات في مصر بعد ربيع دمشق عام 2000 حيث أطلقت التسمية على التحركات المعارضة للنظام السوري وقتها، ثم في عام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري إثر مظاهرات عارمة اجتاحت بيروت وسواها من المدن اللبنانية.. حقيقة يعود أصل مفردة (الربيع) إلى جذور غربية مستمدة لدى مساعيها للتحول نحو الديمقراطية، ابتداء من(ربيع الأوطان)الأوربية في عام 1848 وربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا العام 1968 انتهاء بربيع أوربا الشرقية العام 1989 جاءت تسمية "الربيع العربي" جرّاء نصيحة من المؤسسات الأمريكية، حيث كان قد شاع قبلها مصطلح "الشرق الأوسط الكبير" مع تغافل "عالم عربي" كونها وحدة قائمة بذاتها.. لقيت لفظة الربيع العربي ترحيبا واسعا لدى الجمهور العربي من أحزاب ومثقفين دون أن تثير لديهم هواجس من مخططات ربما تهدف إلى تقسيم المنطقة، وهناك من توجسوا خيفة من أن الربيع العربي قد تخدم المشروع الإسلامي المتشدد.. لم تنل الثورة في تونس الاهتمام والمتابعة الكافيين في بداية انطلاقتها كما الثورة في مصر، حيث حظيت الأخيرة بالاهتمام والحذر جرّاء وزن مصر الإقليمي.. من جانب آخر كان النظام الروسي يشكو من اختلالات بنيوية بعد انهيار النظام السوفييتي فلم تدنُ من منابت الثورة وحلبة الصراع، والصين أيضا لم تستطع أن تلعب دور الاتحاد السوفييتي بعد انهياره، فراحت تولي الأهمية على بنائها الاقتصادي، وبالتالي تحاشي المساهمة في الصراعات الدولية التي لا ناقة لها فيها ولا جمل، وهنا برز دور الولايات المتحدة الأمريكية كقطب وحيد يتفرد بقيادة النظام الدولي، بالرغم من التحدّي الكبير الذي واجهته الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، أما الاتحاد الأوربي فقد سار في فلك الولايات المتحدة.. فتحت الثورات العربية باب الإصلاح والتغيير لاسيما في الأنظمة الشمولية، أي في الجمهوريات الديكتاتورية بداية.. تخلت أمريكا عن حسني مبارك مع المحافظة بعلاقاتها مع المؤسسة العسكرية التي ساهمت في إزاحته، وعلى إثر ذلك تنبه الرئيس الجزائري "للخطر الداهم" فسارع إلى حزمة من الإصلاحات، كما لجأ محمد السادس ملك المغرب تحت تأثير المظاهرات إلى تعديلات دستورية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على مدى تأثير الرأي العام في تغيير شكل تعاطي الحكومات مع الشعوب.. اتخذت المملكة العربية السعودية بداية موقفا مناهضا للثورات واعتبرتها ظاهرة تخص الجمهوريات فحسب، ولوحظ بالتالي بروز تسمية الجمهوريات الملكية، وهذي عنت الجمهوريات التي تحكم من خلال أسرة محاطة بجهاز أمني تنتهي في النهاية بالتوريث كظاهرة، وهنا لابد من التنويه من أن الجمهوريات القومية في أوربا هي التي قامت ضد الأنظمة الملكية، وأطاحت بها، أو أبقت الملوك كرموز تملك ولا تحكم، أما في العالم العربي فبدت الأنظمة الجمهورية أكثر عسفا وتشددا من سواها تجاه شعوبها حتى من الأنظمة الملكية.. تفاجأ النظام السوري بانتقال عدوى الثورة إليه، لأن النظام السوري توهّم عندما ربط قيام الثورات بالسياسة الخارجية، ولم تقرأ من أن الشعوب تنطلق بالأساس من الوضع الداخلي في تحديد مواقفها من أي نظام، (مع أو ضد) وأغفلت بالتالي الأسباب الاجتماعية، والتنمية البشرية والاقتصادية، والتضييق على الحريات، التي قد تسبب في اندلاع الثورات.. تجلت أهداف الثورة في سوريا منذ بداياتها بمطالب الإصلاح، والتغيير الديمقراطي، وتمظهرت بدعوات "وقف القمع والعنف والبدء في العملية الإصلاحية" لكن العنف والتنكيل لم يتوقفا، والتغاضي عن معالجات الشؤون الداخلية، ظلّ كما هو دون أي مسّ أو تغيير، بل اشتدّ القمع وتبنّى النظام الحسم العسكري، وعلى إثر هذا تصاعد سقف مطالب المعارضة إلى الدعوة بإسقاط النظام، كل هذا انعكس على مواقف القوى الكبرى واللاعبين الإقليميين، وبدت تدبّ في رؤاها ومواقفها الانقسامات، فعلت نبرة الغرب بدعوة الأسد للتنحي، وانتهى شهر العسل بين تركيا والنظام السوري الذي استمرّ ست سنوات.. فرضت الثورات العربية على أمريكا أن تعيد النظر في سياستها الخارجية، تمسكت واشنطن بحلفائها المستبدين فنصحتهم من خلال المطالبة بعمليات الإصلاح، والإجراءات الديمقراطية للانتقال السلمي والتحول نحو الديمقراطية، حيث أدركت واشنطن أن الدول العربية ستواجه تحديات اقتصادية، واختلالات في الموازنة، ومن المعلوم أن سياسات الولايات المتحدة واحدة لا تتغير مهما اختلف الرؤساء فهي تعبر دوما عن مصالحها الإستراتيجية، وهي واحدة في الجوهر لا تتغير، من المعلوم أن واشنطن لم تصنع الثورات، لكن بعد اندلاعها سعت للتحكم فيها، وتوجيه مساراتها بما يخدم استراتيجيتها، أما المنظومة الأوربية من جانبها فقد راحت تشيد بدور الشعوب لا النظم، واقترحت باعتماد وسيلتين، ضرورة حراك المجتمع المدني من جانب، ووجوب دعم الصندوق الأوربي للديمقراطية.. جرى تقاطع بين الربيع العربي والصحوة الإسلامية، وهنا علينا أن نعي بداية، ودفعا لأي التباس، أن لكلا المفهومين دوافع ومصادر ومحفزات شتى ومتباينة، وإن الصحوة الإسلامية سابقة للربيع العربي، وقد توج في الثورة الإسلامية في أيران عام 1979 وصولا إلى تأسيس جمهورية أيران الإسلامية كتجربة أولى دستورية وفكرية لمشروع "الدولة الإسلامي المعاصرة" وبالتالي لا يمكن النفي أو التناسي أن للصحوة الإسلامية دورا محفزا وتأسيسيا للحراك العربي، مع السعي الأمريكي لاحتواء هذه الصحوة، لكن علينا ألا نغفل أو نشكك بنوايا الأغلبية الساحقة من الثوار وهي التخلص من الأنظمة الاستبدادية عبر عمليات التحول والانتقال إلى نظم ديمقراطية، والتحرر بالتالي من الاستبداد.. أخيرا كان التدخل الروسي العسكري السافر في سوريا برضى وتوافق ظاهري سوري"مكره أخاك لا بطل" فضبابية الموقف الأمريكي وليونته، وتركيزه على محاربة داعش فحسب، كل هذا أغرى وشجع الجانب الروسي للتدخل، من ناحية أخرى قام بوتين بطمأنة الجانب الإسرائيلي خلال زيارة بنيامين نتنياهو لموسكو، لكن ما أغاظ أيران، وأثار لديها الهواجس أكثر هو لقاء "بوتين: ببعض قادة الخليج.. بيد أن التدخل الروسي وجه آخر لمسالة الصراع لن نمضي فيه الآن، ربما نقف عندها بالمعالجة في القادم من الأيام..! 
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات