القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 383 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: سوريا منصة الرحمان والشيطان

 
الجمعة 12 شباط 2016


د. محمود عباس

سوريا منصة النحر البشري، وقبلة المجرمين، يخدمهم بشار الأسد في محراب الرجم، والدول الإقليمية تخطط أدوار عاهرات المعبد، والدكتاتوريات التي لا تزال تعبث بشعوبها، وتسود الأوطان بدساتير تشوه وجه الإنسانية والتطور الحضاري، يستخدمون سفهاء العنف الإسلامي، العروبيون والتكفيريون، للتمثيل بالضحية، وهو الطفل السوري.
  على تخوم الصراع بين الشعب وسلطة بشار الأسد تنفس العديد منهم الصعداء، طاب لهم بما جرى لرواد الثورة، سجلوها مكرمة لمجرم سوريا كإنقاذ لأنظمتهم. أعتبرها العديد من المحللين السلطة المخلصة التي استطاعت بتكتيكاتها أيقاف الثورات الجارية في الشرق، وفرزوا إلى جانبها قسم من المعارضة، التي تمكنت من تحريفها وطمرها في جغرافيات معينة. 


الطرفان شاركا بشكل أو آخر، بأساليبهم الخبيثة، من إنقاذ الدكتاتوريات في الشرق، والحفاظ على ديمومتها إلى زمن قادم، دون اعتبار يذكر لانزلاقهم إلى مخاطر الصراعات المذهبية والطائفية والقومية. نقلوا بمهنية الصراع في سوريا إلى المرحلة الرابعة، بعد أن شوهوا وجه الثورة، حرفوا مساراتها، على مراحل متسارعة.
تظل الرؤية ضليله، فالمفاهيم العصرية ومطالب الشعوب أضخم من أن تتمكن السلطات الاستبدادية استيعابها أو إعدامها، إنها مسيرة تتبع الجدلية التاريخية، تبنى ثقافة متشعبة المنابع، تنتشر اليوم عبر وسائل العصر التكنلوجية، تدخل بيسر كل بيت ودماغ كل فرد، فالتغيرات تحصل بطريقة أو أخرى، والتأثيرات لا تقف عند حدود معينة، إن لم تطرق أبواب السلطات والمعارضات الموبوءة بالطريقة السورية أو التونسية، فهي ستطرق بالأساليب العصرية، وستسيل من تحت الأبواب كسيلان المياه الفائضة، ومن فوق الحدود الجغرافية كالطيور المهاجرة.
  لم تخرج الأطراف المتصارعة من هيمنة الثقافة المترسخة منذ عقود بل وقرون، والتي تفرض على شعوبها الجمود الفكري، وترسخ ثقافة التمييز العنصري، للتفاقم في العقود الأخيرة، حيث طغيان الفكر التكفيري الإرهابي، وسيطرة المقاتلين من الجهاديين، وليس الجهاديون الإسلاميون، على مجريات الصراعات الجارية، وهم المتمكنون من إيصال شرارات شرورهم، إلى خارج جغرافية الشرق، لتظهر ردات الفعل الغربي، ويخططوا باستراتيجية عامة، لنقل الصراع بين الشعوب والسلطات، والحروب الطائفية، إلى صراع بين العالم  والتكفيريين من المسلمين الجهاديين، وفروع العنف في الإسلام، وحشد لها أكثر من 60 دولة، وأرضخوا العديد من سلطات الدول الإسلامية ذاتها الداعمة للإرهاب نفسه، وعليه يتحرك دبلوماسيو الدول الكبرى، لإحلال نوع من السلام الترقيعي في سوريا، وإيقاف المعارك، لفرض حروبهم، علماً، الواقع تبين أن خطط القضاء على المنظمات الإسلامية الإرهابية غير مدرجة على طاولات التنفيذ حالياً، معظمها لا تزال تخدم أجندات السلطات الإقليمية والدول الكبرى. 
 تتوضح الاستراتيجية، المتسترة من قبل الإدارة الأمريكية، بإضافة 7,5 مليار دولار إلى ميزانيتها الحربية لعام 2016 لمحاربة داعش، وليس للقضاء عليها، فبين المحاربة والقضاء مسافات زمنية. وكان المتوقع أن يدعموا بهذه الأموال القوات التي تحارب المنظمة بشكل مباشر، وهي بمجملها قوات كردية في الإقليم الكردستاني وغربي كردستان، لكن وبسبب الضغوطات الدبلوماسية واللوبي التركي-العربي، في واشنطن، اضطرت أمريكا عرض البديل، وتقليص الميزانية المخصصة للقوات الكردية، وأعلن إعلاميا، بعض رفض معظم الدول الأوروبية وروسيا التدخل التركي في سوريا، البديل، المخطط السني، وهو دخول قوات من السعودية والإمارات على الخط، لتحارب في سوريا، وعلى الأغلب، ستبوء بالفشل مثل الخطة التي هدفت لتشكيل قوات من المعارضة السورية المعتدلة، والتي أدت إلى خسارة نصف مليار دولا على 60 شخصا انضموا في الأيام الأولى إلى أكثر المنظمات المرفوضة من قبل أمريكا وهي النصرة، أي القاعدة. لأن الخطة، في حال ولوجها إلى الواقع العملي، ستواجه عدة إشكاليات:
1-   القوات السعودية والإمارات سوف لن تدخل الأراضي سوريا بمفردها، لأنها ستعتبر استعمار خارجي وستواجه مقاومة حتى ولو بعد حين من جميع الأطراف، كما وأنهم لوحدهم لن يتمكنوا من محاربة داعش، والتي ترفض المعارضة المسلحة بمعظم فصائلها ترك الصراع مع سلطة بشار الأسد ومحاربة داعش، أي عمليا سيدخلون في صراع غير مباشر مع المعارضة السورية.
2-   سوف لن يشتركوا مع القوات الكردية في غربي كردستان، أو مع قوات سوريا الديمقراطية، فهي(السعودية) مرفوضة نهجا وإيديولوجية واستراتيجية، كما وأنها خطة ملغية سلفا من قبل تركيا، لأنها تقوية مباشرة للقوات الكردية في حال قبل بهم أل ي ب ك جدلاً، ربما تحت الضغط الأمريكي.
3-   سوف لن تتمكن من الانضمام إلى منظمات المعارضة السورية المسلحة والتي تعتبرهم روسيا بشكل واسع منظمات إرهابية، وتقصفهم بدون تحديد، وعليه ستقصف روسيا مع السلطة السورية القوات السعودية مثلما تقصف المعارضة.
4-    إقحام السعودية والإمارات كقوى سنية لمحاربة داعش، لإزالة البعد السني عنها، ستؤدي إلى نقل الصراع الطائفي الشيعي السني، إلى صراع سني -سني، التكفيري مع التيار الليبرالي.
5-   وفي البعد العام ستكون مشاركة السعودية بقواتها نزيف مميت لاقتصادها المتراجع أصلا على خلفية حربها في اليمن، وتراجع أسعار النفط، وبالتالي ستكون عواقبها وخيمة على السلطة، وهيمنتها على الشعب، وقد تؤدي إلى انتفاضات وربما شبه ثورة من الشعب المعاني.
  إقحام أمريكا كل هذه القوى ضمن سوريا، وبوجود روسيا، الجالبة في الفترة الأخيرة قوة عسكرية من جمهورية الشيشان الفيدرالية، الإسلامية، لمساعدة بشار الأسد، تبين أنهم يستخدمون الأرض السورية، كساحات معارك لإتمام مخططاتهم، لا علاقة للشعب بها، ولا تهمهم نوعية السلطة القادمة، وهنا تسكت المعارضة السورية الخارجية السياسية عن الجاري، لأن أغلبيتهم لا يستندون على خلفيات فكرية تعكس الثورة السورية، فمعظمهم من البعثيين السنة أو العروبيون والإسلاميون الذين لا يؤمنون بنظام الدولة الحضارية الديمقراطية، وتفرض السلطات الإقليمية عليهم ليكونوا ضد لامركزية الدولة السورية القادمة، وضد النظام الفيدرالي، والتي من ضمنها تكمن حق الشعب الكردي في إدارة منطقته، وليقفوا بشكل أو آخر ضد الحقوق القومية للكرد أكثر مما هم ضد نوعية السلطة القادمة، أو الشراكة مع سلطة بشار الأسد أو السلطة الانتقالية.
 والغريب، رغم كل المراحل المتتالية والمتسارعة المارة على الشعب السوري، لم يتمكن أصدقاءه، من رفع الشرعية عن سلطة بشار الأسد، وظلوا يتعاملون معها بالرسميات الدولية، ومعظمهم لا يزالون يستقبلون سفرائها في عواصمهم، لذلك تتمسك روسيا وإيران بالشرعية الدولية وبشكل علني عند مساعدة بشار الأسد، ويرفضون بالمقابل أي تدخل خارجي لصالح المعارضة المسلحة ويعتبرونها انتهاكا لسيادة الدولة، وهي من الأمور التي لوحتها روسيا في وجه تركيا مراراً، عندما حاولت إقامة المنطقة العازلة، وتلوحها منذ إعلان أمريكا عن خطة  أرسال القوات السعودية والإماراتية إلى سوريا، على أنها غير شرعية، وانتهاك لسيادة الدولة، علما أنها معلنة كخطة لمحاربة داعش. وبمجمله أنه صراع بين الأبالسة على أرض الرحمان وعلى جثة الشعب السوري، وتدمير لبنيانه، دون أن تكون هناك خطة واضحة لتكوين بديل للكيان السياسي الحالي.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
9/2/2016

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات