القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 530 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: عودة الروح الى المجلس الوطني الكردي.. وأسئلة السياسي والثقافي

 
الأربعاء 02 كانون الأول 2015


إبراهيم اليوسف

استطاعت المظاهرات الأخيرة التي دعا إليها المجلس الوطني الكردي في عدد من مدن وبلدات منطقة الجزيرة: كركي لكي- ديرك- قامشلو- الحسكة أن تفعل مايمكن وسمه ب"عودة الروح*" بلغة توفيق الحكيم-1898-1987 وهي خطوة تسبق بلغة هذا الكاتب المصري ماسماه ب"عودة الوعي"، لاسيما ذلك الجانب النقدي في إنتاجه الأخير، هذا. وبعيداً عن العودة إلى الكتابة حول عملي الحكيم المذكورين، لاسيما أننا كمثقفين كرد نكاد نفتقد بيننا من يستطيع وضع أصبعه على جراحات شعبه، من دون أن يكون تحت سطوة التخندقات التي ظهرت، حيث تدفعه مهمته الأخلاقية  للسمو على الخلافات، للتنطع للكتابة عنها، بروح نقدية، وإن كانت هناك ثمة تحديات أمامه، ليس من قبل السياسي الذي يريده تابعاً-فحسب-بل ومن قبل الثقافي المحابي، غيرالمسؤول الذي قد يتحول إلى أداة قامعة، حتى بحق من يفترض أنه نظيره الثقافي، وهوما أفقد المثقف الكردي هيبته، لاسيما بعيد الثورة السورية،  ومنذ أن بات يكرج، لاهثاً، في الاتجاهات كافة.


ما يجري في الفضاء الكردي هو أشد إيلاماً، وكأننا نعيش في حقبة  رزوح مصرتحت صنوف استبداد الأجنبي، أو من توصل إلى السلطة، تحت يافطة الشعارات، وإن كانت طباعة كتاب الحكيم ستتأخرإلى مابعد مرحلة وفاة عبدالناصر، بسنوات، ماجعل الكاتب محمد حسنين هيكل يقرعه، ويعنفه، ليسجل عليه جبنه، كي يرد عليه الحكيم، بمامعناه:" لنتفق على كلمة فصل بيننا، أنا كنت جباناً، بينما أنت كنت انتهازياً...!"
إن المثقف الحقيقي مطالب بألا يقبل بهاتين المنزلتين: الجبن والانتهازية، وأن يكتب بدم قلبه، وهومافعله الحكيم في كتابه الثاني-بعيد وفاة عبدالناصر- بعد أن كان باب مكتب وبيت عبدالناصرمفتوحاً له يدخله، متى شاء، بل وهوالذي أغمي عليه أثناء تشييع عبدالناصر، وقال كلمته المعروفة: اعذرني يا جمال. القلم يرتعش في يدي. ليس من عادتي الكتابة والألم يلجم العقل ويذهل الفكر. 

عود على بدء:
جاء تأسيس المجلس الوطني الكردي  في 26-10- 2011بعيد انطلاقة شرارة الثورة السورية، لدواع كثيرة، وتحت تأثير حراك الشباب الكردي، واستطاع أن يستقطب الشارع الكردي، من أقصاه إلى أقصاه، برغم أن تشكيله تم على أساس بنية فكرية موحدة، بل أنه لم يتخلص من المثبطات التي طالما وقفت معوقاً كابحاً في طريق تطلعات أبناء شعبنا، وكمثال هنا، فإن شبه المثقف، الهش، المراوغ، والجبان، الذي كان يدعو إلى المصالحة مع النظام، علناً، وممارسة،ويعمل على إسكات أي صوت يقف في وجه طغمة بشارالأسد، هوالآخر انتظم ضمن هذا المجلس، ولو كمستقل مستقتل على موقع له" والوطنية  صفة جامعة للحزبي والمستقل الصادقين في آن" يهرول إليه، هذا "المستقتل""والمستقيل" لاحقاً، متوحِّماً،وعبرخديعة انتخابية، وبات يقفز، ببهلوانياته غير الرشيدة، وغير المحمودة، ودون أن يكون ماء وجهه محفوظاً، إلى المواقع المتمثلة ليكون ممثله، من الداخل،أوفي ما سمي من الداخل بهيئة الخارج، ناهيك عن السياسي الذي تحول إلى أداة لكبح الحراك الشبابي، كما فعل الاتحاد الديمقراطي، وظهرهناك من يفكك التنسيقيات الشبابية، من خلال تمويل بعض ضعاف النفوس فيها. وإذا كنت أتحدث عن مثل هذين المثالين السلبيين، أثناء تشكيل المجلس الكردي، فإن أطراف الحركة الكردية، التقليدية، التي استطاعت أن تكون ضميرالشارع الكردي، تبعاً لظروف كل مرحلة، كونت نواة هذا المجلس، بيد أن الظروف التي رافقت هذه المرحلة، ومنها:سياسة العنف التي بات يواجه بها، من طرف كردي، ناهيك عن تبوء بعض الضعاف سدة المسؤولية في المجلس، جعل المجلس يتفرغ-تدريجياً- من ملامحه الرئيسة، ويصبح قوة مهمشة، مضعضعة، في الوقت الذي كان الاتحاد الديمقراطي يسيرعلى أكثرمن اتجاه، حيث يشكل قوته العسكرية، ضمن مشروعه الحزبي الصرف،ليمنع من ظهورأية قوة موازية، كما أن هذا الطرف بات يمكن نفسه، وهولا يمثل-وحتى الآن- أكثرمن عشرة بالمئة من الشارع الكردي، على حساب تحجيم ممثل القوة الفعلية، ليقدم نفسه-كبديل عنه- بل كممثل للشعب الكردي برمته، دون أن يقبل بأية تشاركية، وإن كانت اتفاقات: هوليرودهوك قد أعطته النصف، بماهوخارج إرادة الحياة الكردية.

تشخيص الفايروس:
تفاقمت الانتهاكات في الداخل، تحت دعاوى حماية أبناء شعبنا، رغم أن مروجيها أنفسهم وراء التشكيك بهذه الحماية نفسها، لأن من هوحريص على كرامة وحياة أهله، من الأغيار،الإرهابيين، لايسترخصهما بنفسه،ولايرهبهما بنفسه،  من أجل إخضاعهما، بل أنه لا يرى في نفسه- وهوممثل الجزء اليسيرجداً- في موقع استعادة قبضة النظام، على نحومضاعف، ومن بين ذلك ماتم من عمليات خطف، وقتل، وتجنيد إجباري، وأتاوات القبضاياتية، بل وتسويغ الاستيلاء على ممتلكات المغتربين، ناهيك عن تشكيل جوقات من زعران الإنترنت، والإعلام، المنفلتين، العاطلين،  لتشويه صورة كل من هومختلف معهم، وعدم الاكتفاء بذلك، بل الذهاب إلى أدلجة المناهج، واعتماد راية حزبية بدلاً من الراية الكردستانية التي اعتبرها الشعب الكردي رمزاً. ومؤكد أن مثل هذا الواقع بات يدفع إلى انحسار الحزب التقليدي ذي الجذورالتاريخية، كي يتمدد في المقابل، من هوفي حقيقته: طارىء على الحياة الكردية، وبدت الخطورة الأكبر أمام تضاعف وتيرة الهجرة الخارجية، وباتت المناطق الكردية تفرغ من أهلها.
يبدو، أن المراجعة من قبل المجلس الوطني، وهوفي الداخل، تمت، ولو جد متأخرة، وهو الذي يتحمل جزءاً من المسؤولية، من خلال الانصياع أمام الواقع، خشية الانجرارإلى المواجهة الكردية/ الكردية، هذه المواجهة المرفوضة، حقاً، من قبلنا جميعاً.وكان جديراً به أن ينأى بنفسه عن أية هيمنات وصائوية من داخله، لاسيما عندما يكون هناك من بينه من يسمح لنفسه بتشكيل مجلس محلي له-في الخارج- بعيداً عن إرادة من هم في هذا المغترب أو ذاك، نفسيهما، وذلك نتيجة-مزاج شخصي- من قبل قيادي، ساذج، غير مؤهل، ولايمكن تناسي احتضان بعض الفاسدين، بل بعض من قفزوا إلى عربة المجلس من مهربين، وحرامية، ونشالين، وأبطال محدثين،  إلى جانب اتخاذ بعض القرارات الارتجالية، من قبل من عد نفسه وصياً على المجلس، لاسيما أثناء بدايات تأسيسه، وهوما أساء بشكل كبيرإلى مخلصيه المجربين، وهم السواد الأعظم. ناهيك عن أن هناك ملفاً يتعلق بشرذمة المثقفين، تعد وجوه في المجلس الوطني الكردي وراء إيصاله إلى هذه الحالة المزرية، كما هو، في المقابل،  شأن ب ي د، الذي أراد أن يكون كل شيء مطوباً باسمه، عبرمؤسسات شكلية، طالت حتى الإعلام والثقافة، وسرقة المنظمات المدنية، والشبابية، بشراء ضمائر بعضهم، من خلال المال الحرام، بل هناك انتهاكات تنظيمية تمت في المجلس العتيد، لاسيما في بدايات تشكله، على صعيد وفوده، والاستعانة بمن هم من خارجه على حساب مؤسسيه، وهلمجرا، رغم أن من يقدم دمه رخيصاً-وهوابن الشعب الكردي وليس ملكاً لأي طرف سياسي- جدير بالانحناء لتضحياته، وعظمة روحه.

دعوة إلى مراجعة نقدية جريئة
حقيقة، إن هذه الاعتصامات والمظاهرات التي بدأت، والتي يرى بعضهم أن توقيتها غيرمناسب، لأن الأعداء على الباب، وهوماكان النظام نفسه يتشدق به في وجه من يقول له:لا، غيرأن الردالحاسم على هؤلاء هو:لم والأعداء على الباب تضعضعون قوة أهلكم، وتواصلون انتهاكاتكم، وتعدون أنفسكم ممثلين عن شعبكم، مهمشين تسعين بالمئة ممن لاتمثلونهم؟. ومن هنا، فإن هذه الاحتجاجات السلمية، الحضارية، هي ليست رسالة-فحسب- على خروج المارد من قمقمه، بل هي دعوة إلى الطرف الآخر، لإعادة النظرفي سياساته، كي تتخذ وفق إرادة أبناء المكان، لا أن تفرض من أية جهة أخرى من خارجه، بل أن تكون تحت الراية التي يؤمن بها سواد أبناء هذا المكان، بعيداً عن أية أدلجة، منفِّرة، مرفوضة.
لقد استطاع السياسي الكردي أن يحسم أمره، ويبين خياراته، بيد أن كثيرين من المثقفين الكرد ظلوا سلبيين إزاء مايجري، فهم بين مهرول للتسبيح بحمد-الحاكم الجديد-  أو كاظم للغيظ، غيرفاعل، منزو بعيداً، دون أن يكون له أي موقف علني، ماخلا ما يتهامسه في المجالس الضيقة، بعيداً عن روح الرسالة المنوطة به، وقد يكون الأكثروبائية، من بين هؤلاء، من لاحلم له أبعد من ربتة من كف سياسي على كتفه، أو رتبة وهمية من لدنه عليها، أوصفقة، أوتصفيق، أومرتب، أو مكسب...!
وأخيراً، فإن ما ألنا إليه-في حقيقته- ليس عابراً البتة، بل دفعنا ثمنه-غالياً- من خلال إفراغ مناطقنا، بل إفراغ النفوس من حمولات التوادد، والتواشج، والتعاضد، والتحابب، وهي الأخطرعلى الإطلاق، لذلك، فإن المطلوب منا-جميعاً- هوإجراء مراجعات نقدية للذات، قبل الآخر، عسانا نستطيع الاهتداء إلى قواسمنا المشتركة، مادام أن مستقبلنا، بل حاضرنا مهددان بالمحو، تعالوا نقرع الأجراس.
*عودة الروح: رواية للحكيم 1933
عودة الوعي كتاب له صدر في العام1972
جريدة "كوردستان" العدد525

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات