القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 486 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: من هم الكُرد السوريون؟ .... (القضية الكردية في سورية-1)

 
الأحد 02 اب 2015


حسين جلبي 

نطرح هذا الموضوع للنقاش الحر والتداول العام، آملين بتناوله بمسؤولية وعقلانية وتجاوز الحساسيات والأفكار المسبقة، فهدفنا هو تحقيق فهم أفضل للقضية الكردية، والبحث عن نقاط الاتصال المشتركة، وفي هذا الاطار نلتزم بنشر كل ما يردنا من ردود طالما التزمت بالاخلاقيات المتعارف عليها"

السوري الجديد
يخوض الكُرد السوريون صراع هوية منذ إنشاء الدولة السورية في بدايات القرن الماضي على أثر إنهيار الدولة العثمانية و تقاسم ممتلكاتها بين الدول التي ساهمت في إلحاق الهزيمة بها و من ثم تفتيتها، فقد دفعت تلك الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى السلطنة العثمانية خارج ممتلكاتها المترامية الأطراف لتستولي على ما تشاء منها، و تنصب من نفسها وصياً عليها.


كانت بداية التحولات في المنطقة هي في قيام فرنسا و بريطانيا - وهما الدولتان الرئيسيتان المنتصرتان-  برسم الحدود الجنوبية للدولة التركية الحديثة التي قامت على الجزء الشمالي من أنقاض السلطنة العثمانية، و راحتا ترسمان دولاً و ممالك على ما عدا ذلك من أراضٍ استندت إلى مقاربات سكانية و تاريخية إفتقدت في أحيانَ كثيرة إلى الدقة و الموضوعية، و من ضمن هذه الدول سوريا، التي تم إنشاؤها هكذا إعتباطياً و بجرة قلم، و بشكلٍ افتقد إلى التجانس السكاني، بالإضافة إلى عوامل أُخرى احتاجت للقوة للحفاظ على ذلك التجانس.
كان معظم الشعب الكُردي قبيل إنتهاء الحرب العالمية الأولى جزءاً من السلطنة العثمانية، و كانت هناك نسبة أقل جزءاً من دولة إيران، و مع تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية بموجب إتفاقية سايكس ـ بيكو بقي القسم الأكبر من الكُرد ضمن أرضي الدولة التركية، في حين أُلحق قسمٌ منهم بدولة العراق، و أصبحت نسبة أقل كانت تسكن على الشريط الحدودي الجنوبي لتركيا جزءاً من الدولة السورية الناشئة، و ذلك رغم وجود عوامل مشتركة مثل اللغة و التاريخ و الجغرافيا كانت تجمع الكُرد في تلك البلدان، في الوقت الذي لم يكونوا يشتركون بها مع مواطنيهم في الدول الجديدة التي أصبحوا جزءاً منها.
وهكذا أُلحق جزء من الشعب الكُردي بسوريا التي خضعت بدورها للإنتداب الفرنسي، و ذلك إلى جانب مكونات أُخرى لم يكن يجمع بعضها أي مشترك سوى كونه جزءاً سابقاً من السلطنة العثمانية، بعد ذلك، و مع مرور السنين أصبح الكُردُ جزءاً من توازنات القوى في سوريا، تأخذ بهم سلطة الإنتداب في الحسبان عند رسم سياساتها، و خاصةً عند تأليب الشعب السوري على بعضه البعض، عملاً بمبدأ فرّق تسد الذي كانت ترمي من خلاله للبقاء في سوريا، و إستغلالها ما شاء لها ذلك .
أصبح الكُرد هدفاً للسياسات الفرنسية كسلطة انتداب، لكنهم أصبحوا من جهتهم جزءاً من الهم الوطني السوري، و أصبحت المدن و القصبات  الكُردية شريكةً لشقيقاتها العربية في مقاومة الإحتلال الفرنسي حتى خروج الفرنسيين من سوريا.
بعد الإستقلال بقي صراع الهوية هذا هادئاً نسبياً، و يسير بوتيرة بطيئة، حيث وجد تعبيراته على شكل جمعيات ثقافية كُردية، و تعبيرات قومية بسيطة أُخرى، إلى أن عبر عن نفسه بشكلٍ واضح في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تجاذبت صراع الهوية الكُردي في سوريا مسألتان رئيسيان، رسمتا ملامحه في المرحلة اللاحقة حتى أيامنا هذه:

1. المسألة الأولى: تأسيس الحزب الديمقراطي الكُردي
في منتصف حزيران من العام 1957 أعلن مجموعة من المثقفين و الوجهاء الكُرد عن تأسيس أول تنظيم سياسي قومي كُردي
سوري في مدينة حلب تحت اسم الحزب الديمقراطي الكُردي "أو الكُردستاني"، كان الحزب يدعو إلى تحرير كُردستان عن طريق الثورة، وتزعّمه الدكتور  نورالدين ظاظا الأمين العام لأول حزب كُردي في سوريا 1957
لكن معظم قياديي الحزب أُعتقلوا بعد فترة قصيرة فإنفرط عقده، و بعد خروجهم من السجن أعادوا النظر في برنامجهم و قصروه على المطالبة بالحقوق الثقافية و الإجتماعية للكُرد، و ما لبثت أن أصابت لعنة الإنشقاقات هذا التنظيم، و التي كانت تبدو مبررة في بداية الأمر، لكنها أخذت منحى خطيراً فيما بعد، و شكل إنفلاتاً سياسياً و اجتماعياً و ثقافياً، و قد انشغلت تلك التنظيمات - التي أصبحت بالعشرات- بصراعاتها الديماغوجية لدرجة غياب صوتها خارج تلك الساحة، رغم أنها جميعاً كانت تحمل البرنامج ذاته الذي يدعو إلى تمتين أواصر الأخوة الكُردية ـ العربية، و تأمين الحقوق السياسية الثقافية و الإجتماعية للشعب الكُردي في سوريا، لكنها كانت تتباعد و تتوالد يوماً بعد آخر.

2. المسألة الثانية: التوصيات الأمنية للتعامل مع المسألة القومية الكُردية:
قام الضابط في الأمن السياسي في منطقة الجزيرة السورية محمد طلب هلال بعد سنين طويلة من العمل المخابراتي هناك، بوضع دراسة في بداية ستينات القرن الماضي، شكلت أساساً لعمليات تعريب ممنهج بعيد المدى مارسته السلطات التي تعاقبت على حكم سوريا فيما بعد، و قد وضع دراسته مستفيداً من السلطات المطلقة التي تمتع بها، و من خلال مراقبة الناس و جمعٍ المعلومات عنهم و التحقيق معهم، و من خلال دراسة جغرافيا المنطقة، و كل صغيرة و كبيرة فيها، و كانت دراسته من المرونة بمكان، بحيث أخذت منها الحكومات السورية ما يلائم ظروف كل منها و طبقته، و قامت بتطوير بعض نقاطها لتناسب التطورات على الأرض.

جاءت دراسة هلال في كُتيب توصل فيه إلى خطة من إثنتي عشرة نقطة، اعتقد أنها تشكل حلاً لما سماه بالمشكلة الكُردية، و قد توصل إلى المقترحات التالية:
1. تهجير الآكراد إلى الداخل السوري مع مراعاة توزيعهم على الجغرافيا السورية، مع ملاحقة العناصر التي اعتبرها تشكل خطراً، على أن تكون هذه الخطة ثنائية أو ثلاثية، و تكون متدرجة تبدأ بالعناصر الأكثر خطورةً و هكذا.
2. إعتماد سياسة تجهيل تقوم على عدم إنشاء المدارس و المعاهد العلمية و غيرها في المنطقة.
3. إجراء إحصاء سكاني و دراسة جنسية سكان المنطقة مع إفتراض أن جميع الأكراد المقيمين في الجزيرة يتمتعون بالجنسية التركية. و تبدأ الدراسة بمن يحمل الجنسية السورية، فإذا لم تكن بمرسوم تنزع من صاحبها إذا كان يشكل خطراً، و إذا كان الشخص يحمل جنسيتين أو أكثر فلا بد أن يعاد إلى جنسيته الأولى (غير السورية طبعاً)، ثم يتم إعادة هؤلاء الذين نزعت منهم الجنسية السورية و غيرهم ممن لا يحملها لأسبابٍ أخرى إلى وطنهم الأصلي.
4. سدّ باب العمل أمام الأكراد لكي يصبحوا في وضع غير مستقر و مستعد للرحيل في أية لحظة، و هذا ما يجب أن تأخذه عملية الإصلاح الزراعي في الإعتبار من خلال منع تمليك الأكراد الأراضي و تأجيرهم إياها، و إحلال العرب بدلاً منهم.
5. تحريض العرب على الأكراد من خلال حملة من الدعاية الواسعة، و تهيئة العنصر العربي للقيام بخلخلة الوضع الكُردي و جعل الأكراد في وضع قلق و غير مستقر.
6. نزع الصفة الدينية عن مشايخ الأكراد، و نقلهم إلى الداخل، و إرسال مشايخ عرب أقحاح بدلاً منهم.
7. ضرب الأكراد بعضهم ببعض، و بشكل خاص تحريض من يدعي منهم بأنه من أصول عربية على العناصر الخطرة منهم، و هذا ما سيكشف حقيقة من يدعي منهم بأنه من العرب.
8. إسكان عناصر عربية متطرفة على حدود المناطق الكردية لمراقبة الأكراد ريثما يتم تهجيرهم.
9. جعل الشريط الشمالي للجزيرة السورية منطقة عسكرية مُغلقة، و إعتبارها جبهة قتال، تكون مهمة القطعات المُسلحة فيها إجلاء الأكراد و إسكان العرب بدلاً منهم.
10. إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين يتم إسكانهم في الشريط الشمالي، على أن يتم تسليح سكانها و تدريبهم جيداً.
11. عدم السماح لمن لا يتكلم اللغة العربية بأن يمارس حق الإنتخاب و الترشيح في منطقة الجزيرة.
12. منع إعطاء الجنسية السورية و بشكلٍ مطلق لمن يريد السكن في تلك المنطقة مهما كانت جنسيته، عدا من يتمتع بالجنسية العربية.
و قد أشار محمد طلب هلال إلى أن مقترحاته هذه ليست كافية، لكنه يرغب من خلالها لفت إنتباه المسؤولين لكي، و كي تكون مقدمة لخطة جذرية أوسع و أشمل، يتم تذكرها عندما يقومون بوضعها.
لا بد من الإشارة هنا إلى أنه كان هناك في الجانب الآخر من الحدود ضابط تركي هو إسماعيل بشكجي يقوم بأداء الخدمة العسكرية في المناطق الكُردية التركية، و قد قام هو الآخر بإجراء دراسة عن سكان المنطقة و جغرافيتها، و توصل إلى نتائج قام بوضعها في كتاب عنونه بـ(كُردستان مستعمرة دولية)، دفع بسببه ثمناً باهظاً من عمره حبساً في سجون بلاده، و تشريداً.

هل الكُرد مواطنون سوريون أم موطنون تحت الإحتلال؟
يستحيل معرفة العدد الحقيقي للكُرد في سوريا إذ لا توجد إحصائيات رسمية بذلك، و هناك صعوبة في إجراء تعداد دقيق للسكان في دولة مثل سوريا، إضافة ً إلى أنه لم يُسمح أصلاً بإجراء إحصاء على أساس قومي أو فئوي في البلاد، لكن الثقل السكاني الكبير للكُرد يتركز في ثلاثة مناطق رئيسية في شمالي سوريا هي منطقة الجزيرة و كوباني و عفرين، كما أن لهم وجوداً لا يستهان به في باقي المدن السورية الأُخرى و خاصةً العاصمة دمشق و حلب، علاوةً على وجود مواطنين ذوي أصول كُردية في دمشق بشكلٍ خاص يعود وجودهم فيها بصورة أساسية للفترة الأيوبية و ما تلاها.
لكن هناك مزاعم تقول بأن تعدادهم يقارب الثلاثة ملايين نسمة، كما أن هناك من يذهب إلى أن العدد هو أقل من ذلك، في حين يقول آخرون أنه أكثر من ذلك بكثير، و على العموم ينظر الكُرد بعدم الرضا إلى من يحاول التقليل من نسبة وجودهم، و تشهد وسائل الإعلام بشكلٍ خاص الكثير من الجدال في هذا الشأن.
تسود لدى الكُرد مشاعر سلبية تجاه بطاقة الهوية الشخصية السورية التي يحملها معظمهم، إذ ترد في هذه البطاقة إشارة إلى أنهم مواطنون عرب سوريون في تجاهلٍ واضح لحقيقتهم القومية، و يمتد هذا التجاهل، لا بل محاربة تميزهم القومي إلى مختلف مجالات الحياة بدءاً من الثقافة، حيث لا يسمح التعلم و التكلم باللغة الكُردية، بالإضافة إلى المجالات الأُخرى السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية.
و الحقيقة فإن وضع المواطنين الكُرد ليس كوضع السكان تحت الإحتلال، و الذين يحظون بموجب القوانين الدولية بحقوق معينة، بل هو وضع قومية ضمن دولة وضعت على لائحة الإستهداف من قبل أنظمتها الحاكمة، فقد جرى العمل على قدمٍ و ساق من خلال التشريعات و الممارسات اليومية على إفنائها بشكلٍ ممنهج، من خلال تشريد أبنائها و تذويب ما تبقي منهم في القومية العربية.
مقابل ذلك يلجأ المواطنون الكُرد إلى وسائل دفاع ذاتية للتخفيف من غلواء هذه السياسة و نتائجها، حيث يحاولون التأقلم معها، و إستخدام المُتاح للحفاظ على وجودهم القومي.

كُردستان سوريا أم غربي كُردستان أم روجآفا؟
هنالك إذاً ثلاثة مناطق رئيسية يتواجد فيها الكُرد، المنطقة الأولى و هي الأكبر و تقع في شمالي شرقي سوريا و هي منطقة الجزيرة السورية و مركزها مدينة القامشلي، تليها منطقة جبل الأكراد و مركزها مدينة عفرين، ثم مدينة كوباني و ما جاورها.
ثمة مصطلحان يتقاسم الكُرد إطلاقهما على مناطقهم التي يقع قسمها الأكبر بمحاذاة الحدود التركية، و يصل جزء منها إلى محاذاة العراق و ذلك قبل ظهور مصطلح حديث بعد الثورة السورية، و لكل فريق من هؤلاء مبرراته، فقسم يطلق على المنطقة مصطلح (كُردستان سوريا) على إعتبار إن كُردستان قد قسمت بين أربعة دول هي سوريا و العراق و تركيا و إيران، و لتمييز كل جزءٍ عن الآخر فإنه يتم ذكره مضافاً إليه إسم الدولة التي أُلحق بها، و هكذا يصبح لدينا أيضاً كُردستان تركيا و كُردستان إيران و كذلك كُردستان العراق، و التي أصبحت بعد تطبيق النظام الفدرالي في العراق تحمل اسم إقليم كُردستان. أما التسمية الأُخرى فهي مصطلح (غربي كُردستان) إذ يعتبر من يطلق هذه التسمية على المناطق الكُردية في سوريا أن كُردستان دولة واحدة، و تشكل الأراضي الملحقة بسوريا قسمها الغربي على إعتبار أنها تقع في غربي هذه الدولة، و كذلك الأمر بالنسبة للأجزاء الأُخرى إذ تطلق عليها تسميات تناسب موقعها الجغرافي في دولة كُردستان، دون الإلتفات إلى الدول التي أُلحقت بها.    
 كردستان سورية كمصطلح تاريخي جغرافي يشير إلى أرض الكرد التي اقتطعت والحقت بسوريا الكيان السياسي الذي برز إلى النور عام 1920. وذلك بموجب الاتفاقيات الاستعمارية التي كانت بين فرنسا وتركيا، وخاصة اتفاقية فرانكلين بويون. ومع مرور الوقت أدرك الكرد بأنهم باتوا جزءاً من الوطن الجديد وعملوا بكل امكانياتهم في سبيل الدفاع عنه وحمايته. وقد حرصت الأحزاب الكردية على الدوام تحاشي استخدام هذا المصطلح في أدبياتها، في سعي منها لاستيعاب السياسة العنصرية التي اتبعها نظام البعث نحو الكرد على مدى عقود.
لكن اطلاق مصطلح المناطق الكُردية السورية يبدو التعبير الأكثر توازناً، و الذي يثير أقل نسبة من الحساسية من قبل الجميع، خاصةً أنهُ لا يرتب حقوقاً و لا ينتقص منها انتظاراً لتبلور فكرة يجد فيها جميع مكونات المنطقة أنفسهم، هذا قبل ظهور مصطلح روجآفا "و معناه الغرب"، و الذي يطلقه حزب كُردي يسيطر بالقوة المسلحة على الملف الكُردي بعد بدء الثورة السورية.
* السوري الجديد

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات