القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 478 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الأحزاب الكوردية والأمن السوري.. الجزء الأول

 
الثلاثاء 07 نيسان 2015


د. محمود عباس

قبل سنوات كتبنا سلسلة من المقالات تحت عنوان (خدمت وتخدم مًنْ الحركات الكردية...) بينّا أن معظم الحركات الكردية لم تكن لها حول ولا قوة في ظل سيادة الأنظمة الشمولية. ومن المعلوم عن هذه الأنظمة، إن جاز القول، على أنها "نظام سياسي يمسك فيه حزب واحد السلطة بكاملها، ولا يسمح بأية معارضة، فارضا جَمْعَ المواطنين وتكتيلهم في كتلة واحدة في الدولة وخلفها". وعليه فالأحزاب الكردية في جنوب غربي كردستان، كانت من ضمن أجندات هذه الأنظمة، فلا بد من فرض هيمنتها عليهم، وتجنيدهم لتسيير مراميها وأهدافها. لقد وُجهت انتقادات كثيرة، قبل الثورة السورية، لهذه الأحزاب من قبل العديد من المثقفين وجماهير الشعب، رغم ذلك تظل تلك الانتقادات، عموما، في غير محلها في ظل نظام شمولي، إلا من نذر نفسه للنظام.


كان من العسير على الأحزاب الكردية دفع القضية إلى الأمام بالقدر المطلوب، وجلّ ما قدمته، لم تتعدَ حدود الحفاظ على وجود القضية الكردية ماثلا للعيان، ولا جدوى منه هذا اليوم، على الصعيدين السياسي والثقافي. كما أغرقوا أنفسهم في أخطاء، عندما دافعوا عن نشاطهم حيال تلك الانتقادات، إبان الشمولية، باتباعهم استراتيجية التكتيك على النظام، وأن جهودهم هذه مواكبة للمرحلة، مما يُستخلص من المفهوم الشمولي، المار ذكره أعلاه، أن النظام يصهر الكل في بوتقته، وهذا يبيّن بطلان دفاعهم. كي لا نظلم تلك الأحزاب علينا تبيان أمر مهم، قد يسهو عنه الكثير منا، هو أن المنطقة الكردية ومعها الشعب الكردي برمته، هناك، كانت ضمن مخطط للدولة تجريه من أجل اقتلاع الكرد من جذورهم واستيطان العرب في أراضيهم. فلجأت الدولة، في سبيل ذلك، إلى أساليب فاقت مقاومة الأحزاب، وكذلك تحمل الشعب لها، وأدت إلى هجرة الكرد إلى الداخل السوري أو إلى الخارج على مدى أعوام النظام الشمولي، مع من تبقى منهم تحولوا إلى أجراء في أراضيهم لدى المستقدم من الغمر. ولم يكتفِ بهذا فحسب، بل وفرضت عليهم التخلف، وجرّتهم إلى متاهات أيديولوجية مع ضحالة فكرية وطروحات طوباوية. ناهيكم عن إرضاخهم على التشبث بمضامين برامجهم وأديباتهم التي كانت تخدم في نهاية الأمر برامج النظام ومخططاته، وكانوا أيضا مجبرين على تكرارها مدى عقود من الزمن. فمعظمها لم تعد اليوم تلائم ضرورات المرحلة. ورغم ظهور المرحلة الجديدة والظروف المغايرة، لا يلاحظ تقدم أو تنور ملموس بالقدر الكافي لذاتها داخليا أو في علاقاتها مع الخارج. فالسلطات الشمولية حولتها ومنذ الانشقاق الأول إلى مؤسسات سياسية تنقصها المرونة في اللحاق بركاب عصرها، والطفرات الإيجابية القليلة لم تخرج عن حيز متطلبات أجندات القوى الإقليمية، وهي في كثيرها تخدم مصالح تلك القوى. ولا زالت كذلك تعاني من ضعف القدرة على التخلص من الإملاءات، كما وتعيقها ثقافة الماضي في المضي نحو الأمام بخطى ثابتة. 
 في مرحلة ليست ببعيدة قبل الثورة السورية، وفي خضم التطورات تحولت بعض الأحزاب الكردية إلى مؤسسات تدميرية لمفاهيم المجتمع، بل ولماهية الشعب، وتفاقمت التضاربات بينها، إلى حدود العداوة المبطنة. ومن حيث الخدمات السياسية والدبلوماسية المتوقعة من أحزاب تمثل شعبا، أخفقت تلك الأحزاب، جرّاء سوء الإدارة من قبل مهنييها في تحقيق مسؤولياتها، نتيجة لذلك تحول الإخفاق إلى الإساءة بدل الإفادة. فتضررت المصلحة القومية والوطنية، واتصفت معظم حراكها بالتدميري لنضال الشعب الكردي، وساهمت بشكل أو بآخر الالتفاف على مفاهيم الشعب، ومن المتوقع أن يدوم هذا النهج إلى جيل قادم أو أكثر. والشعب الذي ابتلي على الساحة السياسية بهذه الوجوه المتشبعة بثقافة الإملاءات إلى مخ العظام، يستغيث للخلاص، ولكن لا حياة لمن تنادي. ولا يبدو في المنظور القريب بديلا له. وعملية الانزلاق نحو مستنقع الأخطاء والضياع جار، ولا مناص منه.
   أفرزت الأحزاب الكردية في جنوب غربي كردستان، وعلى مدى عقود من الزمن، مفاهيم مشوهة، تحت غطاء التلاؤم مع الظروف الجارية، ومعظمها نابعة من ثقافة السلطات الشمولية، وقد أنتبه إليها الشعب منذ بداياتها، والآن فترة خوض الصراع من أجل الخلاص، ولم تعد لديه القدرة على التحمل. وبدأ يرفع صوته عاليا في وجه هذه المؤسسات، مبيّنا أخطاءها وتبعيتها للمراكز الأمنية، رغم عدم وجود البديل حتى اللحظة. ولغياب هذا البديل سببان: الأول لأن الثقافة الطاغية على الشعب تدميرية، طمرت روح التغيير لدى الإنسان الكردي، والثاني هيمنة النظام على المنطقة هيمنة تامة بأدوات وأذرع ظاهرة رغم التمويه. إلا أن البحث يجري لتحريرهم من التبعية، وتغييرهم من الداخل، ويظهر هذا بين فينة وأخرى. وتعمدت السلطة وتتعمد ألّا تكون للشعب قيادات حكيمة واعية، فقد كانت تسهر دائما على وضع الأشخاص الأقل قدرة في المفاصل المهمة. لا شك كان هناك من هم على قدر المسؤولية، لكنهم أحيطوا بمجموعة دون مستوى القيادة، لتحدّ تحركاتهم.
مما لا شك فيه، أن عملية التجديد تبدأ بتغيير بنية المؤسسات ذاتها، ومن ثم القيادات...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات