القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 554 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: قتل السوريين مسألة فيها نظر

 
الأثنين 01 ايلول 2014


المحامي مصطفى أوسو

    يعد السلاح الكيمياوي، أحد أخطر أنواع الأسلحة الغير تقليدية على الإطلاق وأشدها فتكاً ودماراَ... على الإنسان والطبيعة في آن واحد، وهو يستخدم من قبل الأنظمة القمعية والاستبدادية. ونظراً لخطورة استخدام هذه الأسلحة، التي تفتك بآلاف البشر، اقدم المجتمع الدولي على البحث عن وسائل وآليات لحظره ومنع استخدامه، فكان بروتوكول عام 1925 الذي حظر استعمال الغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية في الحرب، قفزة نوعية في إطار العلامات الفارقة في القانون الدولي الإنساني، تبعه صكوك قانونية أخرى في شكل اتفاقيات اعتمدتها الدول عامي 1972 و 1993 ورغم ذلك لم يففل الباب بشكل نهائي على استخدام هذا السلاح الفتاك في الحروب، وضد إرادة الشعوب وتطلعاتها المشروعة، من قبل بعض الدول والأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية الموغلة في القمع والقتل والإجرام والتنكيل، 


ولعل أكثرها وحشية في العصر الحديث، ما اقدم عليه، نظام المجرم بشار الأسد، ضد الشعب السوري.
   ففي صبيحة يوم 21 أب 2013 استفاق أهالي الغوطتين الشرقية والغربية في دمشق، على هول المشاهد المروعة للموت، ولكن هذه المرة بدون دماء ولا أشلاء، كان الموتى يبدون وكأنهم يغطون في نوم عميق بعد قصف النظام للعديد من المدن والقرى التابعة لغوطة دمشق بغاز الأعصاب بشكل مكثف، مما أدى إلى استشهاد ( 1507 ) شخصاً وإصابة أكثر من ( 9000 ) أخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ.  
 وكان النظام المجرم قد استخدم غاز الكلو قبل هذا التاريخ وفي أوقات مختلفة، حسب ما هو موثق لدى العديد من المراكز والنقاط الطبية للثورة، في ( 15 ) موقعاً متفرقاً من المناطق الخارجة عن سيطرته في حلب وأدلب ودرعا. 
    وقد جاء استخدام نظام بشار، للسلاح الكيمياوي في غوطة دمشق بهذه الوحشية والهمجية، بسبب فشله في القضاء على ثورة الحرية والكرامة في سوريا، بعد مرور حوالي سنتين ونصف من التعامل الأمني معها واتباع سياسة القمع والتنكيل والاعتقال والتعذيب وارتكاب مجازر القتل الجماعية بحق الشعب السوري الثائر، باستخدام جميع صنوف الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك سلاح الطيران الحربي، التي كانت تلقي بحممها وبراميلها المتفجرة بشكل عشوائي على رؤوس المدنيين العزل، وبعد أن أيقن اليقين الكامل من إن المجتمع الدولي، لن يقدم على معاقبته ومحاسبته على هذه الجريمة النكراء، التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية، وفق أحكام المادة السابعة من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، الذي أقر في مؤتمر روما في الخامس عشر من شهر تموز 1998 التي عرفت الجرائم ضد الإنسانية: ( بأنها تعني ارتكاب أعمال كجزء في اعتداء شائع أو منظم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين مع إدراك لهذا الاعتداء )، لضمانه الفيتو الروسي الصيني المزدوج في مجلس الأمن الدولي، ولمعرفته من خلال الوقائع والأحداث التي جرت بعدم جدية الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية الأخرى. 
    وكان أقصى ما فعله المجتمع الدولي في مواجهة هذه الجريمة النكراء، هو نزع سلاح النظام الكيميائي، وإعطاءه فيما يبدو وكأنه " رخصة القتل " للسوريين المنتفضين من أجل حقوقهم وكرامتهم وحرياتهم الأساسية، بالأسلحة التقليدية الأخرى التي يستخدمها، بدءاً من السكاكين وانتهاءاً بالمتفجرات التي يلقيها الطائرات، وكأن هناك فرق عند هذه الدول الديمقراطية! بين انتهاك حق الحياة، بهذا السلاح القاتل أو ذاك، رغم إن الحق في الحياة يأتي في مقدمة قائمة حقوق الإنسان التي كفلها القوانين والمواثيق والعهود الدولية، ورتب عقوبات قانونية قاسية لمن ينتهكها، وأيضاً رغم إيماننا الكامل بخطورة السلاح الكيمياوي، وضرورة القضاء عليه وتدميره وتخليصه من بين يد هذا النظام المجرم وغيره من الأنظمة الديكتاتورية والقمعية والاستبدادية في العالم.  
 وإذا كان معظم مجرمي العالم الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بحق شعوبهم، قد تم محاسبتهم ونالوا جزائهم العادل، وإن تأخر هذا الأمر ردحاً من الزمن، ولنا في التاريخ القريب أمثلة حية على محاسبة مجرمين وطغاة بحق شعوبهم، كـ: سلوبودان ميلوزفيتش وصدام حسين ومعمر القذافي، فإن ثقتنا كبيرة جداً من إن المجرم بشار الأسد وجميع أركان نظامه الدموي الاستبدادي، لن يفلتوا أيضاً من المحاسبة والمسألة الجنائية عن استخدامهم للسلاح الكيمياوي بحق الشعب السوري، وعن انتهاكاتهم الجسيمة وخروقاتهم لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولن يكون مصيرهم أحسن من مصير الطغاة والمجرمين الذين سبقوهم، وإننا على ثقة بأنه سوف يأتي يوم ينعم فيه السوريون على اختلاف مكوناتهم القومية والدينية والطائفية والمذهبية، بالحرية ويعيشون بكرامة، ويمارسون حقوقهم وحرياتهم الأساسية، في ظل دولة الحق والقانون والمؤسسات، دولة كل السوريين.           

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.