القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 495 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: عدوى الاستبداد و مسؤولية المتنورين

 
السبت 19 نيسان 2014


لقمان شرف

في رواية " طار فوق عش الوقواق " , تصور الكاتبة حالة الشعوب في الدول الشمولية و الشيوعية ما بعد الشمولية - حسب تسمية  فاكلاف هافيل - , من خلال مجموعة من السجناء في مصحة تتحكم بهم ممرضة مستبدة ظالمة . يسعى أحد المتعاطفين الى طريق لخلاصهم من المعاناة ,  لكنه يتفاجأ برفضهم المطلق الخروج الى الحرية  فينصدم القاريء في النهاية ليكتشف أن هؤلاء المعذبين يخشون من الحرية و يعيشون في السجن بمليء ارادتهم لنتلقف  المغزى الذي أرادت الكاتبة ايصالها الينا : " النظم الشمولية تتحكم بالتفاصيل الدقيقة لحياة الناس من خلال التدخل بخصوصياتهم الدينية و الاجتماعية و غيرها لتلون المجتمع بلونه و تجعله عصياً على الاصلاح و التغيير . "


أبدع النظام السوري على مدى عقود من السنين في تطبيق الاستبداد الشمولي باحتكاره كل أدوات القمع و القهر و المال و وسائل الاعلام كافة  بحيث باتت الدولة في نهاية المطاف شبيهة بمزرعة خاصة يتحكم بها كيفما يشاء . ليس هذا فحسب , بل عمل على تكوين الانسان وفقا لما يريد و ذلك بالتحكم بالنظام التربوي الذي يرافق الطفل من الصفوف الأولى و حتى سنين الجامعة ليمر هذا الكائن بما يشبه الانبوب  في بدايته " طليعة البعث " في المرحلة الابتدائية و في وسطه  " شبيبة الثورة " في المرحلة الاعدادية و في نهايته " اتحاد الطلبة " في مرحلة الجامعة حتى يتخرج و يخرج من المسار الذي رسمتها له مراكز ابحاث البعث و دوائر المخابرات تلامذة ستالين و شاوشيسكو وقد تشبع بالأفكار الرجعية و التخلف و الانتهازية  فغدا بذلك كائنا مسلوب الارادة لا يرى الا لونا واحدا في الحياة , لا يفهم معنى للانسانية و الحرية و الحوار و الرأى الاخر , يرى ما يؤمن به مطلقا والاخرين خونة و كفاراً . تماماً كما خططت له دوائر الاستخبارات و مراكز القرار السلطوي .
أصابت العدوى المريضة كبد الكورد في سوريا بعد فشل الرعيل الأول ( د. نور الدين زازا و رفاقه ) بسبب البنية العشائرية و الفكرية التي حكمت الكورد حينها و لأسباب أخرى لا داعي لذكرها هنا  . و بات الشعب الكوردي في سوريا عرضة لثقافة الاستبداد بلا غطاء معرفي  يحصنهم ضد ثقافة البعث و باتت الحركة الكوردية تحذو حذوهم و تقلدهم في كل صغيرة و كبيرة بحيث أصبحت الشخصية الكوردية في سوريا مستنسخة انهزامية انفصامية عدوة لنفسها دون وعي و ادراك و ذلك لبلوغها مرحلة فقدان الشعور بالمشكلة , بعكس الحركة الكوردية في كوردستان العراق على سبيل المثال  التي عملت على انقاذ جزء من المجتمع الكوردي و ذلك وفق استراتيجية اعلامية موضموعية و بفتح دورات تأهيلية للكوادر الذين تحلوا بميزات و صفات كوردية خالصة ( البارزانيين نموذجاً ) عملوا على التمسك بالكوردايه تي رغم قلتهم , فقد كان يقابل كل عنصر بيشمركة واحد في كوردستان العراق عشرة من الجحوش , لكنهم باتوا النخبة التي غيرت الأوضاع رأساً على عقب فيما بعد حين توفرت الظروف .
لقد فشلت القاعدة الحزبية في الحركة التحررية الكوردية في سوريا في احداث التغيير الداخلي المطلوب بعد اندلاع ثورة الشعب السوري في 11 / 3 / 2011 في كل مؤتمراتها التي عقدت بعد هذا التاريخ و ليس اخرها مؤتمر احزاب الاتحاد السياسي المنعقد مؤخراً في هولير بسبب هيمنة الثقافة التي زرعها البعث في عقولهم و عدم توفر النخبة الفكرية المتنورة الملتزمة بقضايا الأمة و بقيادة الجماهير وفق استرتيجية علمية متكاملة و من خلال مؤسسات ثقافية نشطة تستغل الظرف و  تستنهض مكامن القوة عند الشعب و تبين مكامن الضعف و طرق المعالجة , باستثناء قلة اكتفت بكتابة مقال هنا أو هناك أو صرخة ليس لها من صدى .       يقول المتنور الكوردي بافي نازي : " المثقف من يعي أمراض شعبه أولاً , يضحي بمصالحه الشخصية  في سبيل أمته ثانياً , و يناضل بكل قوته لينتقل شعبه من الظلمات الى النور " .  فهل ينطبق هذا على مثقفينا النرجسيين الذين يطمحون برفع صورهم و نحت تماثيلهم في الساحات العامة لمجرد ورود اسمائهم في جريدة أو كتابة مقالة في موقع الكتروني ؟ 
لقد جاء في القران الكريم بصيغة سؤال انكاري واضح : " و هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون؟ " . ان مسؤولية مثقفينا ( الذين يعلمون ) أكبر كثيراً من مسؤولية قياديينا فاقدي الاحساس بالمشكلة ( الذين لا يعلمون ) أضعافاً مضاعفة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به شعبنا المغبون .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.