القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 528 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: مظاهرات تركيا هزت البيت الأبيض

 
الأربعاء 19 حزيران 2013


د. محمود عباس

  رافقت التصريحات الأميريكية، المتتالية، حول مصير الثورة السورية، منذ البداية وحتى اللحظة، مسحة ضبابية مغرضة، لم تكن واضحة يوما حيال دعم الثورة، ولم تحدد موقفها يوماً في عزل بشار الأسد، وكلما قيل كانت أراء تحثه على ترك السلطة، غابت الحلول والخطط من كل المؤتمرات التي عقدت والتي شاركت فيها، لم تكن جادة في تحديد المواقف من السلطة السورية والمعارضة مثلما أظهرتها الآن، في الوقت نفسه كانت روسيا  واضحة  في مواقفها، دعمت بكل ما تمكنت عليه للإبقاء على بشار الأسد وإضعاف المعارضة والثوار في الداخل.


    تصريحات براك أوباما بدعم الثوار السوريين عسكرياً، جاءت على خلفية خروج الثورة السورية بشكل واضح من جغرافيتها، وما تتعرض له حكومة أردوغان ذات التوجه الإسلامي الليبرالي، والدولة التركية والتي هي ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو، أصبحت نقطة التحول، ومن أحد أهم العوامل في التغيير الواضح في سياسة أميريكا تجاه الثوار السوريين، وعملية السلام التي تجري وفرض على أردوغان قبل أن يفرض على حزب العمال الكردستاني كان ورائها الولايات المتحدة الأميريكة لخلق السلام في تركيا، فاستخدام بشار الأسد للسلاح الكيميائي ولعدة مرات في السابق وجعلها الآن حجة لإصدار القرار قصة ملغية، من منطقين:

1 -  الولايات المتحدة الأميريكية كدولة لها القدرة العلمية والاستخباراتية لمعرفة الحدث في ساعتها وليس يومها، علمت بإستخدام السلطة السورية للسلاح الكيميائي،  وتأكدت منها من لحظتها.
2 -  عدم البحث في العملية بشكل جدي لا في الداخل السوري ولا مع المرضى الذين وصلوا الى مستشفيات تركيا. ولم يبحثوا فيها لئلا يتناقض الواقع والقرار المطروح من قبل البيت الابيض حول خطوطها الحمراء.
  وعليه فالواقع المغلف بهذه الحجة ليست على سويتها، بل  ظهرت أضرار السلطة السورية إلى المناطق والزوايا التي كانت محرمة عليها التجاوز، فتعرضت تركيا إلى الخطر المباشر، وهي الدولة التي تعتمد عليها واشنطن في هيمنتها الاقتصادية في العالمين العربي والإسلامي، كما وأن الإقتصاد التركي الذي سيتعرض إلى هوة ما، والشركات العالمية الكبرى التي تستخدم تركيا كجسر لذاتها اصبحت على المحك المباشر، والمعلوم أن أكثر من 75% من الإستثمارات التركية في الداخل والخارج هي في حقيقتها استثمارات لشركات عالمية  أميريكية وأوروبية،  إضافة إلى كل ذلك فإن الواقع بين عن حقيقة، وهي أن كل الحدود الجغرافية اصبحت معرضة للتجاوز في ظل  الثورة السورية، ومن ضمنها جغرافية اسرائيل، والبعد الثاني في عملية القرار الأميريكي في  تصريحه المباشر حول دعم الثوار في الداخل، هو المبتغى الذي كانت ترغبه وتخطط له، وهو أنجراف حزب الله بكليته في العملية ومعها أيران إلى مستنقع الثورة السورية، لهذا ستكون ضرب سوريا عملياً ضربة موجهة لحزب الله، وتقويض السلطة السورية الحالية تقزيم مباشر لهيبة إيران في المنطقة.
  لا شك أن الأغلبية من الطائفة العلوية تؤيد السلطة ( الأسدية ) والأسد بمحتواه السياسي خارج عن إرادة الطائفة الموجودة في سوريا، غرقت في أطماع الشيعة الإيرانيين في المنطقة، أئمة إيران من مصلحتهم ضم  الشيعة اللبنانيين مع العلوية النصيرية، بعد إزالة شكلية للفروق المذهبية والتقريب بين الطائفتين وإنتماءاتهما التاريخية، معارك القصير كان ذا بعد في التاريخ وتقزيماً لصراع مذهبي كانت جذورها غارقة حتى درجة إتهام البعض بالإلحاد، والان السؤال بدء يفرض ذاته هل ستستمر السلطة الجديدة في إيران والمعتبرة على أنها إصلاحية، وستغير هذه المعادلة المذهبية الفكرية في سياسة إيران الخارجية ومعها العديد من المعادلات الدولية كإخراجها من حصارها الإقتصادي، والتي تكون  من أول أبوابها هو خروجها من مستنقع دعم سلطة بشار الأسد؟ أم أنها سلطة ستبقى اسيرة المفاهيم المذهبية وسيطرة أئمة ولاية الفقيه، حيث الروحانية طاغية على السياسة بدون أعتراض.
السلطة الأسدية على مدى تاريخها عبرت عن طموحات الأغلبية  الطائفية، والبعض  السني المتنفذ، فقد نقلتهم من جغرافية فقيرة مهمشة إلى اسياد في كل بقاع سوريا ولبنان، بل وفي اغلب عواصم العالم، وهذ هي النقطة التي تعتمد عليها في تاثيرها على علويي تركيا ايضاً وعلى بعض منظماتهم، وعن طريقهم  تمكنت من تنفيذ بعض  خططها ربما في ساحة التقسيم والإنفجارات الأخيرة في تركيا، ومثلها كان تأثيره على قوة وسيطرة حزب الله في إيران، إلى الدرجة التي جرف بحسن نصر الله على أن الثورة السورية مؤامرة دولية على لبنان وسوريا، لأنه يرى لبنان من خلال حزب الله وسوريا من خلال سلطة بشار الأسد، فالمؤامرة الدولية التي ينقب عنها حسن نصر الله، مؤامرة إزاحة قوته وهيمنته من لبنان وسيطرة طاغية  عبث بسوريا الوطن وعلى مدى نصف قرن، لا شك إنها مؤامرة  ولكنها مؤامرة مترامية الأطراف ويشترك فيها معظم القوى المؤمنة بالديمقراطية، ولا يخفى أنه في زمن الثورات يتكالب عليها الإنتهازيين والمارقين، مثلما يدافع المفسدين أمثال حزب الله عن الطغاة.
 تمسك التيارات السنية المعارضة بالوحدة السايكس البيكوية والمركزية المطلقة، تأكيد مباشر على مفاهيم الدكتاتورية الحالية، من دكتاتورية الأقلية، إلى الدكتاتورية السنية الأغلبية المغطاة بالديمقراطية المشوهة، وكلما كان التشديد مركزاً تزايد بالمقابل المطالبة بالكيانات الخاصة وأغلبها تبحث في النظام الفيدرالي بضمانات جغرافية ضمن الوطن الواحد.
خرجت الولايات المتحدة الأميريكية من ضبابيتها في بعضه وليس في كليته، تجاه كل هذه القضايا، لكنها لم تقدم بعد  بنوداً أو خطة واضحة لإنهاء سلطة بشار الأسد، إلا إذا كانت العملية ملقية على كاهل موسكو من خلال مؤتمر جنيف الثانية فيما إذا عقدت حسب المطلوب، وفي الحالتين، النجاح أو الفشل، سيكون هناك قرار ما حول مصير بشار الأسد.  ويبقى مسلسل نهاية سلطة بشار الأسد غامضة، هل ستقوم بها روسيا من خلال المؤتمر وبوجود أجزاء من السلطة الحالية، أم أن النهاية ستكون على شاكلة ليبيا وبدعم أميريكي ومبادرة عربية مثل مصر وغيرها ومن قبل الثوار، وهنا ستكون شروط مسبقة للميلشيات التي ستسيطر في القادم من الأيام والبعض الذي يجب أن  يضعف أو يزال.
    تأليباً لقرار واشنطن بدعم الثوار عسكرياً، وربما حظر جوي أو دعم للثوار على مستوى الحظر، حركت البيت البيض جهات متنوعة لتفعيل ما تريده للثورة السورية، والخطاب الناري الذي قدمه رئيس مصر (مرسي )  لم يأتي من  مجرد قرار داخلي والكل يدرك أن مرسي كان يرى الدم السوري المراق منذ أكثر من سنتين، والكلمة العصماء جاءت بعد أقل من يومين من قرار واشنطن، كما وأن الإبقاء على الأسلحة الأميريكية  من الطيران والصواريخ في الأردن دعم  للقرار نفسه، ومن المعلوم عندما يكون القرار الأميريكي محدداً تجاه قضية ما، ويراد منها النجاح يحاط بهيبة واساند متعدد الجوانب لخلق الثقل المطلوب على أرض الواقع.
 زوال سلطة بشار الأسد بدا أوضح من أي فترة أخرى، وقد ساعدت على وضع اللمسات النهائية له، تدخل حزب الله وظهور الأعداد الكثيرة من الضباط الإيرانيين في معظم المدن السورية، ومظاهرات استانبول التي كان للهلال الشيعي أصبع فيه، وأنجرفت إليه بقايا منظمة أرغنيكون والحزب الجمهوري القومي التركي الذي كان لبعض من أعضائه لقاء قبل شهور مع بشار الأسد، متجاوزين فيه القيم الإنسانية ودماء الآلاف من الشهداء السوريين.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.