القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 544 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: أحسنهم عند ربك؟

 
الجمعة 14 حزيران 2013


  محمد أمين علي

بشار الأسد مازال يبيع سورية في المزادات الدولية بأرخص الأثمان، مقابل حفاظه على السلطة المجنونة. فبعد أن دمر البلاد والعباد بكل ما أوتي من قوة، آل المطاف بالبقية الباقية من عباد الله في سوريا إلى الإنتفاض ضده، حين لن يبق لهم طريق آخر. فقد إتضح للإنسان السوري أن له طريقان لا ثالث لهما: إما الموت رعبا في بيته أو في أقبية الأمن وإما الموت على ساقيه، فإختار الثانية وهب في وجه الموت السلبي. مئة ألف شهيد وأكثر، مئات الآلاف من الجرحى، ملايين المشردين وبلاد مدمرة وشعب لا يهدأ ولا يتراجع عن المطالبة بالحرية وسلطة لا تهدأ كذلك ولا تتراجع عن القتل والتنكيل في إصرارها على ترك الحال كما كان بأي طريقة كانت.


والمعارضة المفككة والمتشاحنة والمتصارعة على كراس لم تصنع بعد ومناصب لم تشغر بعد، نست أن هناك أناس يموتون وبيوت تتهدم وعوائل تتشرد كل يوم وأن النظام تمكن بفضل تشرذمها من تفكيك الشعب السوري إلى طوائف متصارعة ومتناحرة وخائفة من بعضها البعض، إلى درجة أن البعض الصغير الضعيف منها صار يتمنى إستمرار الأسد القاتل على رأس سلطة دمشق على مبدأ أهون الشرين.

ساعد على كل ذلك وعلى عدم توحد المعارضة، غياب أي دعم حقيقي لها من الجهات الدولية النافذة، التي لو أرادت مصالحها لقدرت بكل تأكيد على تشكيل معارضة وتوحيدها وقيادتها إلى النصر أيضا. وإختلط الحابل بالنابل في ثنايا الثورة والثوار وتكاثرت الفئات والكتائب والجبهات وبرز الإنتهازيون على السطح. السعودية وقطر وتركيا ومن خلفهم (ربما من أمامهم) أوروبا والغرب ساهموا في إضعاف الثورة والثوار وتقزيم المعارضة في الخارج، وهذا ما يرى في الأسابيع الأخيرة من خلال المعارك الشرسة التي جرت وتجري في القصير وحلب ودرعا. مقابل ذلك فإن الدعم الروسي والإيراني بمشاركة مباشرة من إرهابيي حزب الشيطان اللبناني لبشار وشبيحته مستمرة. أي ذنب اقترفته سوريا وأهلها ليتحكم بها طغاة ومجرمون كبشار الأسد ووالده المقبور، ومعارضون إنتهازيون وفاسقون من جهة أحرى؟

الفكر الطائفي يقوى وينتشر بسرعة مما يشكل خطراً على الأمن و الإستقرار في المنطقة برمتها ويهدد البلاد والعباد لسنوات كثيرة قادمة لو ترسخ أكثر. جهات معينة تقوم بدعو ونشر الخلايا الإرهابية الطائفية في سوريا وبلدان أخرى في المنطقة من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى. وسيكون من نصيبنا في سوريا أن نحارب لسنين طوال ونجوع ونتشرد ونموت في سبيل الإختلافات بين علماء المسلمين في تفسير الآيات القرآنية والسنة النبوية. هل كتب علينا أن نبتلي بقادة وساسة يعطون الحق لأنفسهم في تصنيف الناس إلى صالحين وطالحين حسب أهوائهم، ويقدمون مفاتيح الجنة والنار لمن يشاؤون ويصدرون التشريعات والفتاوي على هواهم فيرسلون من شاؤوا إلى الجنة أوإلى الناروكأن الله قد وهبهم تفويضا إلهيا على الأرض؟

هذا ما كان من حال المسلمين في منطقتنا وأما بالنسبة لغير المسلمين من طوائف وأديان فقد صار حالها أسوأ من ذي قبل، إذ أنها مصنفة في خانة الكفرة التي لا تملك الحق في البقاء على قيد الحياة وكأن الله لم يهبهم أرواحهم.

روسيا تريد لها بوابة إلى خيرات الشرق بعد أن فقدت البوابات العراقية والليبية وتريد إعادة أمجاد الإتحاد السوفييتي الساقط. ومستشارو السيد أوباما ما زالوا يعلنون بين الحين والآخر بأنهم يدرسون سبل معالجة الأحداث في سوريا، دون أن يرى السوريون أية علاجات أو أدوية، والإتحاد الأوروبي يعلن كل مرة عن عقوبات عقيمة جديدة. والمبغى هو الذهاب إلى جنيف 2 الذي ينبئ بترك الوضع على حاله حتى سنة 2014، كما كان الأسد دائما يريد وحينها سوف يكون له مثل غيره الحق في الترشح بشكل ديييييييمقراطي في الإنتخابات الرئاسية.

الثورة هي تغيير وتجديد، والتغيير بنظري يعني قبل كل شيء توفير بيئة ثقافية إنسانية تستند إلى التعددية والتسامح الديني والإثني وقبول الآخر وتفهم خصوصياته الدينية والمذهبية والقومية إلخ. بذلك فقط يمكننا بناء قاعدة أساسية للتغيير الحقيقي في المنطقة ونخرج من دوامة الإستعباد والإستبداد والأحقاد الإثنية والدينية. وإلا فإن سوريا لن تكون لا دولة واحدة ولا شعبا واحدا، بل شعوبا وقبائل أحسنها عند ربك، أقواها وأكثرها تسليحا.

ألمانيا، 2013.06.13


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.