القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 512 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: جنيف 2 مضيعة للوقت ولاحل سياسي للمعضلة السورية

 
الأحد 02 حزيران 2013


عدنان بدرالدين

من المؤكد أن حظوظ نجاح مؤتمر جنيف 2 الذي يزمع عقده خلال النصف الثاني من شهر حزيرن – يونيو – الجاري برعاية أمريكية- روسية ، هذا إذا قيض له أن ينعقد من الإساس كما هو مخطط له أن ينعقد ، لن تكون أفضل من حظوط مؤتمرات أخرى هدفت عبثا إلى إيجاد حل سلمي للمعضلة السورية التي تتوالي فصولها المأساوية على مدار مايزيد على السنتين. الفشل هو مصير كل جهد دبلوماسي ، إقليميا كان هو أم دوليا ، لوقف حمام الدم الذي ينفذه نظام آل الأسد وحلفائه من الإيرانيين والروس وقوات حسن نصرالله والمالكي ،


مالم يكن هذا الجهد مدعوما بالقوة الكاسحة التي تكفل هي ، وهي وحدها ، إمتثال الأسد وأعوانه وحلفائه لإرادة الشعب السوري في وقف مسلسل القتل والتدمير الممنهج لوطن يذبح يوميا من الوريد إلى الوريد لأسباب عديدة من أهمها أن الأسد وزمرته مدركون تماما أن أي تراجع ، حتى ولو كان بسيطا ، أمام الإرادة الشعبية في الحرية والديمقراطية سيكون بمثابة المسمار الأخير الذي سيدق في نعش السلطة الدكتاتورية الغاشمة ، و لأنهم لايزالون يراهنون ، بحق طبعا ، على هشاشة الموقف الدولي ولاأخلاقيته الصارخة في صمته المشين أمام الجرائم المريعة التي يرتكبونا في وضح النهار يوميا بحق الشعب السوري وعلى رؤوس الأشهاد ، وربما ، وهو الأهم ، لأن سلطة من شاكلة السلطة اللاشرعية في دمشق لاتفهم إلا لغة واحدة ، هي لغة القوة.
تخاذل غربي وإنحياز روسي مطلق!
المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الأساسية عن كل مايحصل الآن في سورية من قتل ودمار. تخاذل الغرب ، ممثلا بالولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي ، وهو تخاذل مشين بكافة المعايير ،  عن دعم الحراك الثوري في بداية إندلاع الثورة السورية كان السبب في إطلاق يد كل من هب ودب من قوى إقليمية وتيارات ومنظمات جهادية للعبث بالثورة التي إندلعت ردا على إستبداد سلطة الأمر الواقع ، وإرهاب جهازها الأمني ، وفسادها اللامحدود ، ومن أجل الحرية والكرامة الإنسانية المسلوبتين. النظام الأسدي المتمرس في إدارة الأزمات إقتنص اللحظة ليجيرها لصالح إطالة أمد بقاءه عبر عسكرة الصراع ، والإيحاء للعالم الغربي ، وعلى الخصوص لإسرائيل ، بأن البديل عنه سيكون نظاما إسلاميا متشددا معاديا لهما ولمصالحهما في المنطقة. كما أن بعضا من أكثر المتضررين من نجاح الثورة السورية بإتجاه نقل البلاد من منظومة الإستبداد والفساد الحالية إلى نظام ديمقراطي تعددي حقيقي مثل السعودية وقطر دخلوا على الخط من خلال دعم تيارات سياسية بعينها بغية تحجيم دور القوى الثورية الحقيقية ممثلة بالشباب الثوري والفئات والشرائح الليبرالية المتنورة لصالح تيارات الإسلام السياسي بشقيه الإخواني والسلفي مما ألحق أكبر الضرر بالثورة وقلص إلى حد بعيد من دائرة الدعم الدولي لها.
لكن أكثر من يتحمل مسؤولية الدماء التي تسكب منذ أكثر من عامين في أصقاع الأرض السورية هم الروس الذين وقفوا إلى جانب الطغمة الأسدية عبر إمدادها السخي بالسلاح والمال والدعم الدبلوماسي ، وشجعوا إيران ودميتيها في المنطقة حزب الله وحكومة المالكي الطائفية للإنغماس أكثر في جرائمهم ضد الشعب السوري وثورته ، إضافة إلى أنها دعمت بقوة فكرة تسويق المعارضات المدجنة المصنعة في أروقة أجهزة الإستخبارات السورية مثل جماعة قدري جميل وفلول الحزب القومي السوري الإجتماعي ، ناهيك عن إحتضانها ورعايتها للجنة التنسيق الموالية للنظام. وتعتبر المواقف الرسمية الروسية المغالية في إنحيازها لنظام آل الأسد ، وقيام موسكو، بمناسبة أو بدونها ، بالتهجم الفظ على الثورة السورية من أكثر مايستفز الشعب السوري حتى أن سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا أصبح من بين أكثر الشخصيات المكروهة من الشعب السوري على الإطلاق. ومن نافل القول أن هذا الموقف الروسي يسيئ قبل كل شيئ إلى الشعب الروسي المعروف بطيبته وتسامحه ، كما أنه يتسبب في إحداث شرخ عميق في العلاقات السورية – الروسية سيكون من الصعب ترميمه لفترة طويلة.
معارضة بائسة
لم يبتل الشعب السوري فقط بنظام إستبدادي وراثي فاسد بل أنه إبتلي أيضا بمعارضة هزيلة أساءت للثورة السورية. والواقع أن لذلك أسبابا عديدة من بينها الغياب المطلق للحياة السياسية في البلاد لما يزيد على العقود الخمسة التي هي عمر النظام البعثي في سورية ، والتدخلات الإقليمية والدولية في تكوين هذه المعارضه ودعمها وتوجيهها ، بالإضافة إلى أن بعضا منها "مصنع" أساسا في مطابخ السلطة السورية. وقد غلب على عمل المعارضة السورية العتيدة طابع الإرتجالية في الطرح السياسي ، وغياب الشفافية في العمل ، ومحاولات تجيير ثورة الشعب السوري لصالح أهداف حزبية وفئوية وحتى شخصية ضيقة. وقد إنقسمت المعارضة السورية ، ونحن هنا نتكلم عن أطر سياسية تدعي تمثل الثورة ، ولانقصد طبعا الحراك الثوري الذي يحتدم أوراه داخل البلاد ، نقول أنها إنقسمت إلى قسمين أساسين: الأول ممثلا بالتحالف الوطني السوري ، ومن بعده وريثه الإئتلاف الوطني الذي يتخذ من إسطنبول مركزا لنشاطاته ، وهو يمثل القوة الأساسية للمعارضة السورية ، ومعروف عنه أنه واقع بشكل شبه كامل تحت سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التي تحظى بدعم مالي ولوجستي من جانب قطر وتركيا ، وإلى حد ما المملكة العربية السعودية. ويعمل هذا القسم من المعارضة السورية من أجل تغيير النظام الحالي في سورية ، وإستبداله بنظام آخر يكون مواليا بصورة عامة للغرب وتركيا ولايشكل خطرا على الأنظمة الخليجية التي تتخوف من إمكانية قيام نظام ديمقراطي حقيقي في سورية بعد الإطاحة بنظام الأسد ، أما القسم الثاني من المعارضة فهو يتكون من تحالف القوى القومية العروبية وبعض القوى المحسوبة على اليسار التي تشارك النظام الأسدي في معظم توجهاته ، إن لم نقل كلها ، ويرتكز على ذات القاعدة الشعبية التي يستند عليها ، أي مايقارب 20% من سكان البلاد ، ومن أبرز تعبيراتها هيئة التنسيق الوطنية التي يتزعمها حسن عبدالعظيم وهيثم مناع ، بالإضافة إلى مجموعة من الأطر السياسية الأقل حضورا مثل تلك التي يديرها ميشيل كيلو على سبيل المثال لا الحصر/إنضم هذا الأخير إلى قيادة الأئتلاف الوطني في إجتماعه الآخير في إسطنبول/. وتدعو أطياف هذا الجناح المحسوب على المعارضة السورية إلى إصلاح النظام الحالي ، وترفع شعار "رفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية" ، وإن كانت تسكت بشكل مريب عن التدخلات الروسية والإيرانية وأعوانهما ، ولم يكن لهذه "المعارضة" أي دور في الحراك الثوري في البلاد. والواقع أن أهم مصادر "قوة" نظام الأسد تكمن في ضعف المعارضة السورية ، ولهذا فإن الرهان يجب أن ينصب بشكل أساسي على قوى الثورة في الداخل ممثلة بالشباب الثوري المنخرط في الثورة منذ يومها الأول وفصائل الجيش الحر في حسم المواجهة الدامية مع نظام الأسد الدموي لصالح الشعب وقضيته في التحرر والكرامة.
حركة كردية كلاسيكية تعيش خارج الزمن
أماطت الثورة السورية التي فاجأت القيادات الكردية الكلاسيكية عن هشاشة المنظومة السياسية الكردية التي كانت قد أنفقت أكثر من خمسة عقود من وجودها في سجالات نظرية عقيمة ، وإنشطارات عمودية وأفقية متكاثرة. وكانت هذه الحركة بحكم ظروف نشأتها وتطورها على مدى عقود كمجرد ملحق بأقطاب المركز الكردستاني ، في البداية لكردستان العراق ، وتاليا لكردستان تركيا ، نقول أنها كانت بحم طابعها "الإلحاقي" والإتكالي هذا أعجز من أن تتصدى لمهام مرحلة ثورية وديناميكة من نمط الثورة السورية التي قلبت الطاولة ، فجأة ودون إنذار ، على "جنة العطالة" التي كان قادة الحركة في غالبيتهم الساحقة يتلذذون بالنوم العميق في رحابها. وقد رأت الحركة في الحراك الشبابي الكردي الذي عم شوارع المدن الكردية إبان إندلاع الثورة السورية خطرا على وجودها ، ولهذا سارعت إلى لملمة صفوفها في إطار مايسمى بالمؤتمر الوطني الكردي من أجل التصدي له وإفراغه من شحنته الثورية التغييرية وصولا إلى إحتوائه تماما  في  إطار منظومة العطالة السياسية القائمة ، وهو مانجحت فيه في النهاية الأمر الذي أحدث فراغا سياسيا هائلا في كردستان الغربية إستغله حزب العمال الكردستاني ، بحكم تماسكه التنظيمي وطبيعته العملية وسياسته البراغماتية ، إذ قام بملأه وعلى وجه السرعة ، ليس بدون تسهيلات وحتى دعم مباشر من جانب سلطة الأسد ، وذلك بموجب إتفاق بين الطرفين تم بتوسط من الرئيس العراقي السيد جلال الطالباني ، يقوم الحزب بموجبه بتسلم بعض المؤسسات والإدارات غير الحيوية في المناطق الكردية مقابل القيام بلجم أي تحرك كردي جدي في إتجاه الإنخراط الكردي الفعلي في الثورة السورية ، وهو مانجح الحزب من القيام به على أكمل وجه ، على الأقل حتى الآن ، وأدى إلى ظهور سلطة الأمر الواقع الحالية التي بناها و رسخها الحزب الأوجلاني بطريقة محكمة وكرقم صعب أصبح من الصعب تجاوزه.
إن الواقع الكردي الحالي في كردستان الغربية لايبعث على الأمل ، إذ أن إستئثار حزب الإتحاد الديمقراطي وملحقاته الأوجلانية على إختلاف مسمياتها بالسلطة المطلقة متقاسمة إياها مع النظام، في ظل عدم وجود أي معارضة حقيقية فعلية لها على الأرض نتيجة للشلل التام للمجلس الوطني الكردي ، والإداء السيئ لأحزاب التحالف السياسي ، وتحول الهيئة الكردية العليا إلى مجرد شاهد زور يبرر تجاوزات سلطة الأمر الواقع في تصفية حساباتها الحزبية مع خصومها الحقيقيين أو المفترضين ، وذلك على خلفية المواجهات الدامية التي لاتهدأ تقريبا بين قوات الحماية الشعبية مع الجيش الحر ، أو مجموعات محسوبة عليه ،  كل هذا بات يشكل خطرا حقيقيا على أمن المناطق الكردية ومستقبلها ، خاصة وإن كل الحراك السياسي في كردستان الغربية يوحي للمراقب المحايد بأن الكرد ، على الأقل الفاعلون منهم على الأرض ، هم في خندق النظام وضد الثورة ، وما الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها وفد من الهيئة الكردية العليا إلى موسكو المعروفة بوقوفها الصريح مع نظام الأسد ضد الثورة السورية إلا دليلا آخرا قد يستخدم في تأكيد إنحياز الكرد إلى جانب أعداء الثورة.
وعود على بدء ، لاأمل يرتجى من مؤتمر جنيف 2 ، فهو محاولة من المجتمع الدولي ، وعلى الخصوص الإدارة الأمريكية ، للهروب إلى الأمام من خلال شراء الوقت على أمل أن تودي التطورات على الأرض إلى مامن شأنهم إعفائه من مسؤولية "تورطه في االمستنقع السوري" ، لكن التطورات على الأرض باتت تكشف أن ذات "المستنقع" تحول الآن إلى حريق ينتشر في كافة الإتجاهات ، وبطريقة تخرج تدريجيا عن نطاق السيطرة ، إلى لبنان والأردن والعراق وتركيا ، وكلها ، بالإضافة طبعا إلى إسرائيل ، هي بلدان تعتبر بدرجات متفاوتة حليفة للولايات المتحدة وللغرب عموما. لقد قلنا منذ أكثر من عامين ، ولانزال حتى الآن مقتنعين ، بأنه لايوجد أي حل سياسي للمعضلة السورية لايرتكز بصورة مطلقة على إستخدام القوة العسكرية الطاغية أو على الأقل التهديد الفعلي باللجوء إليها ، ولهذا فإن الإعتقاد بأن مؤتمر جنيف 2 يمكن أن يحقق أي إختراق جدي على طريق وضع حد للمواجهة الدامية بين نظام الأسد وشعبه هو وهم ومضيعة لوقت ثمين سيستغله الأسد وشبيحته وحلفائه من أجل مزيد من القتل والتدمير.
 
عدنان بدرالدين - النرويج 
 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.