القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 496 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: تقرير بيكر – هاملتون زوبعة في فنجان؟!

 
الأثنين 18 كانون الأول 2006

جان كورد
17/12/2006

ما نشر في موقع برلمان كوردستان في 14/12/2006 ومواقع كوردية أخرى تحت عنوان "النص الكامل لتقرير بيكر- هاملتون" لم يكن سوى الجزء الخاص بالتوصيات العديدة التي تطرّق إليها التقرير على شكل نقاط... ولكنه ليس "النص الكامل" الذي عدد صفحاته الأصلية (162) صفحة ويتضمّن بعض الخرائط ومعلومات وافرة عن المشاركين في اعداده، إضافة إلى رسالة مشتركة موجهة من جيمس بيكر ولي هاملتون إلى البيت الأبيض وشروح وتعليقات، كان لابد منها لينال التقرير حيزاً هاماً من الانتباه في الداخل الأمريكي، بل هو معدّ أصلاً لأغراضٍ وطنيةٍ داخليةٍ هامة، ألا وهي:

- تحقيق تقدّمٍ في السياسة الأمريكية في العراق صوب الأفضل من أجل تخفيض التكاليف الباهظة للحرب التي يمولّها دافع الضرائب الأمريكي رغماً عنه
- حفظ ماء الوجه للادارة الأمريكية التي لاتريد الخروج من العراق مهزومةً وذليلةً مثلما حدث لأسلافها في الفيتنام في القرن الماضي
- اعادة الشباب المعرّضين للقتل يومياً إلى الوطن في أقرب وقتٍ ممكن...
- رأب الصدع الذي أحدثته هذه الحرب في المجتمع الأمريكي والسياسة الوطنية...
وهذه ليست توقعّات يتوصّل إليها قارىء التقرير وانما اهداف ونقاط محددة بدّقة ومن صلب التقرير، وقد اختار البيت الأبيض الفريق الخاص باعداده على هذا الشكل عن قناعة تامة بضرورة تحقيق النقطة الأخيرة التي ذكرناها آنفاً، من خلال مشاركة العقول المؤّثرة في كلا الحزبين الكبيرين في البلاد، الجمهوري والديموقراطي.
يذكر التقرير مسميات (الفيدرالية، كوردستان، البيشمرگة) وهذه مسميّات هامة للغاية لدى الشعب الكوردي الذي ضحّى بالغالي والنفيس من أجل حريته عقوداً طويلةً من الزمن، ويصف التقرير زعيمي الكورد الكبيرين: رئيس اقليم كوردستان الأخ المناضل مسعود البارزاني ورئيس الجمهورية العراقية الأستاذ مام جلال الذي يعتبر من أشدّ العراقيين دهاً واهتماماً بوحدة البلاد وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في الحرية، كزعيمين معتدلين ومتحالفين من أجل كوردستان آمنة ومستقرّة وعراق ديموقراطي دستوري، وهذه نقاط إيجابية بالنسبة للشعب الكوردي، وبخاصة فإن التقرير في الوقت الذي يؤكّد على أن الزعيمين يعملان معاً في هذا الاتجاه، فهو لايهمل ذكر أن الشعب الكوردي يحبّذ العيش مستقلاً بشأنه...
إلا أن التقرير يحدد مطالبه الادارة الأمريكية في صياغتها على شكل توصيات بما لن يقبل به الكورد والكثيرون من العراقيين الآخرين، حتى وصل الأمر إلى أن يعلن رئيس كوردستان رفضه ورفض شعبه للتقرير جملةً وتفصيلاً ويطلب من الكورد الوقوف ضد تلك التوصيات  التي من شأنها العودة إلى أجواء الحرب الباردة ووضع المسألة الأمنية الأمريكية فوق اي اعتبار آخر، مؤكّداً على أن إحباط هذا المشروع الارتجاعي بات مسألة أساسية من مسائل السياسة الكوردية في الوقت الحاضر. فالكورد يرفضون التخلّي عن الفيدرالية وقواتهم العسكرية التي تحفظهم من العدوان وتمنع عنهم أذى الارهابيين أو عدم الاستفادة من ثرواتهم الوطنية ومواردهم الجمركية، إذ أنهم يبنون بها بلادهم التي دمّرها نظام البعث المجرم في الماضي، ويرفضون اعادة مركزة الدولة العراقية بحيث تصبح لقمة سائغة لعصابة دكتاتورية جديدة تستولي على مقدرات وثروات العراق لتحكم بها البلاد والعباد بالحديد والنار... الكورد لن يقبلوا مطلقاً بتغيير الدستور الذي وافق عليه الشعب العراقي في استفتاء حر، أو يسمحوا بإلغاء ما يشاء بعضهم ومصادرة الحق القومي للشعب الكوردي الذي أقرّه هذا الدستور الذي اعتبرته الادارة الأمريكية ذاتها أفضل دستور في الشرق الأوسط، كما أن الكورد لن يقبلوا مطلقاً بتمرير المشروع التركي المموه بصدد كركوك ارضاءً لها من قبل بيكر وهاملتون بذريعة أن تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على اجراء انتخابات حرّة ونزيهة في المدينة إلى كارثة أمنية في العراق. إضافة إلى أن الكورد يرفضون أن يصبح الجيش العراقي تابعاً أو ملحقاً بقوات الاحتلال الأمريكية، بل على الأمريكان وحلفائهم اعادة بناء هذا الجيش الذي تم حلّه بقرار منهم ومساعدته على تولّي مهامه في الدفاع عن العراق والعراقيين في وجه العدوان الخارجي...
وهناك نقاط أخرى تتعلّق بالعلاقة مع قوى الشر التي تؤجج نار الفتن الطائفية وتسعى لصبغ العراق بلون واحد ولا تتوانى عن ارتكاب أفظع الجرائم الوحشية وعن افتراس العراق لتحقيق مآربها الشرّيرة... الكورد لايرفضون هذا فحسب، وانما سيقفون في وجه كل محاولة لاعادة العراق إلى أحضان الدكتاتورية والقمع والاضطهاد والعنصرية...
بعد أن أظهر الكورد موقفهم الرافض اتصل الرئيس الأمريكي جورج بوش بكلا الزعيمين الكورديين وطمأنهما شفاهة بأنه سيأخذ مخاوف الكورد بعين الاعتبار، وحلّ رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ضيفاً على العراقيين واجتمع أيضاً بالزعيمين الكورديين لتكون الصورة أمام عينيه أكثر وضوحاً، وناقش البرلمان الكوردي التقرير ومضاعفاته بقوّة ووضوح، وتحرّك الشارع الكوردي أيضاً...وأكّدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بأن حكومة بلادها لن تتخلى عن الحرية والديموقراطية مقابل الحصول على الأمن، وظهرت اعتراضات عراقية شتى على مضمون وتوصيات التقرير، بحيث بات بعضهم يتساءل: هل كان هذا عاصفة في فنجان؟
بالطبع لا، والحكومة الأمريكية – لأسباب داخلية عديدة – ستأخذ التقرير بعين الجدّية وستطبّق منها بعض التوصيات حرفياً وتتغاضى عن بعضها بتأثير من محاور أخرى كقيادات الجيش والمخابرات الأمريكية وأصحاب التصنيع العسكري وتحت ضغط العديد من المنظمات المهتمة بشؤون الحرية والديموقراطية خارج أمريكا، وبحكم الاملاءات العراقية المختلفة...
إذاً، مالعمل الآن، أيها الكورد، بعد هذه العاصفة؟
1- كنا نحن الكورد ولا نزال نعلم بأن الادارة الأمريكية في شنها الحرب على نظام صدام حسين الإرهابي، ومن قبل على نظام الطالبان في أفغانستان، انما قامت بذلك لأجل أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية ولدفع الإرهاب بعيداً عن ديارها وشعبها قبل كل شيء آخر، ومهما كانت قضية الحرية والديموقراطية في العالم مهمّةً على مسار "الحرب على الإرهاب" فإنها لاترقى إلى مستوى الاهتمام الأمريكي بمصالحها المباشرة.. أعتقد أن هذا كان واضحاً ويجب أن يظلّ واضحاً لزعماء الكورد وأحزابهم والمهتمين منهم بالعمل السياسي إجمالاً.
2- إن القوى الصغرى هي التي تعمل على توافق مصالحها مع مصالح الدول العظمى وليس العكس، وهنا لابّد من التأكيد على أن الولايات المتحدة لن تجد مبرراً للتضحية بمصالحها في سبيل تحقيق مصالحنا القومية الكوردية، وإن غاب هذا عن ذهننا فإننا سنقع في أخطاء قاتلة كما وقعنا فيها في الماضي غير البعيد عنا... وما على القيادات الكوردية إلاّ أن تجد مبررات لتبرير ما تنوي اجراءه الولايات المتحدة في أولوياتها السياسية واستراتجيتها وتكتيكاتها المرحلية، وعلى ضوء ذلك يجب أن يتم الحراك الكوردي ذي الأهداف المحددة والواضحة ل" تقليل حجم الخسائر" التي ستنجم عن تطبيق بعض توصيات بيكر – هاملتون، إن دخلت حيّز التنفيذ من قبل هذه الادارة أو التي ستدخل البيت الأبيض في وقت قادم. والرأسمال الكوردي الكبير في هذه المعمعة هو وحدة الأمة الكوردية في كل كوردستان وتضامنها وتماسكها ليظهر للعالم ما يمكنه تسميته ب"القوّة الكوردية" التي يجب أن يتلمسها الصديق والعدو على حد سواء، ويحسب لها حساب في التوازنات الاقليمية على الأقل.  

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات