القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 311 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: خطاب الأسد, وسقوط ورقة التوت

 
الأربعاء 11 كانون الثاني 2012


  أحمد حسين العيسى

رغم الانخفاض الكبير في نسبة الإهتمام الشعبي السوري‎ بلقاءات الأسد وخطاباته إلى الحد الأدنى (بعد انعدام الأخير شبه التام إقليميا ودوليا). إلا أن المشاهد عموما والمواطن السوري المقهور على وجه الخصوص كان يتأمل ويتمنى، في قرارة نفسه، أن يستيقظ هذا الوريث الشرعي الشاب من وسواسه القهري وغيبوبته الفكرية وأحلامه الوردية والمتعلقة بحصر الأزمة بالإرهاب والجماعات المسلحة والمؤامرة الخارجية ليأمر - كما تقتضي الحكمة والعقل والمنطق والعدل- بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وسحب المظاهر العسكرية من الشوارع والسماح بدخول وسائل الإعلام الحرة المستقلة...


 بتعبير آخر تطبيق كافة بنود مبادرة الجامعة العربية (وليس بنود بروتوكول المراقبين كما يصرح النظام) والإنتقال من لغة التسويف إلى لغة الأرقام والوقائع التي قد تثلج صدور السوريين العطشى للحرية، وتدخل الدفء إلى قلوبهم التعيسة المتجمدة بعد أن حرمتهم دبابات ومصفحات الجيش من نعمة الوقود في شتاء هو الأقسى على السوريين منذ أكثر من أربعين عاما،غابت عنه كل مظاهر الحرارة إلا حرارة الدم السوري الطاهر المسفوك ظلما وعدوانا على يد جيش النظام وشبيحته وأمنه.

إلا أن الأسد أكد في خطابه الرابع (محليا) انفصاله الكامل عن الواقع وفقدانه لإتزان القادة الحكماء وابحاره اللامحدود في نظريات المؤامرة والاستهداف الخارجي. الأسد الذي أظهر هذه المرة مدى شوفينيته المقيتة لقوميته بتكراره لمصطلح (العروبة) أكثر من عشرين دقيقة خلال خمس عشرة دقيقة، استمر بخطابه الفلسفي السفسطائي أكثر من تسعين دقيقة، لم يتخلى خلالها عن عادته الغبية في شرح البديهي المفهوم والغوص في التعاريف والابتعاد عن جوهر الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ قرابة أحد عشرة شهرا.
لقد أدرك الأسد (والذي بدا مرتبكا متوترا أكثر من ذي قبل) أنه يقف على حافة السقوط الحتمي بعد أن وصل في خطابه الأخير إلى نسخة مشابهة لخطابات طاغية ليبيا الأخيرة. إذ لم يتورع أبدا في إطلاق تهم الخيانة على بعض القادة والأنظمة العربية التي باعت سورية ونظامها (المقاوم الممانع.. قلب العروبة النابض) في سوق النخاسة الدولية (على حد قوله). متوعدا العرب.. كل العرب (المستعربين) والذين نسوا روابط الأخوة والعروبة بالعقاب العسير والقدرة على الاستمرار في وجه الهجمة الإمبريالية العالمية الشرسة (كما أدعى). أظهر أيضا تطرفا في جنونه من خلال تطرقه لمواضيع جانبية لاعلاقة لها بالأزمة، كحديثه عن أزمتي الغاز والمازوت وعن ترتيب سورية في إنتاجي القمح والزيتون ومدى الإكتفاء الغذائي الذاتي للبلاد. في إعلان واضح وصريح من قبله لحالة الإستنكار والإستهجان والقلق المتداول بين أطياف الشعب السوري عموما من مغبة الدمار الإقتصادي المرتقب. كما أظهر استخفافا بعقول السوريين وآلامهم وأوجاعهم من خلال ضحكاته وقهقهاته البلهاء عند دخوله منصة الخطاب. متناسيا الدماء السورية المراقة على ضفتي الأزمة والتي خلفها هو وأزلامه من حاشية العائلة الملكية المالكة الفاسدة.
لقد تعرى الأسد أمام الجميع وأسقط عن نفسه وعن نظامه ورقة التوت الأخيرة وأحبط كل الرهانات المعقودة على استعادته لوعيه ورشده من ناحية إعلانه التنحي عن الحكم. بل أثبت اليوم - من خلال قتل شبيحته لأحد المراقبين العرب وإصراره في ساحة الأمويين على الاستمرار في اسطوانة المؤامرة والتحدي والمقاومة- سيره المحتوم على طريق الهاوية والسقوط الذي سبقه إليه سابقون من طغاة كانوا حتى الأمس القريب فراعنة وآلهة على عروش مشيدة زلزلتها قوى الشعوب المظطهدة وإرادة الحرية المتقدة في قلوب طال انتظارها لفجر غد مشرق بسام.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.