القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 552 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: في حديث المراقبين

 
الجمعة 06 كانون الثاني 2012


إبراهيم اليوسف

لم أرد أن أدلي بدلوي في الحديث عن  لجنة المراقبين العرب، الذين أوفدتهم جامعة الدول العربية، لمعاينة الجرح السوري، كيَّاً، كآخر علاج من قبلها، كما يقول المثل العربي المعروف" آخر العلاج الكي"، وهو حديثٌ كنت أستهجن الخوض فيه، ولو في قرارتي، لاعتبارات كثيرة لديَّ، في مطلعها أن النتائج التي ستصل إليها اللجنة-في ما لو لم تزوّر الوقائع- معروفة في الأصل لدى الجامعة العربية- بل لدى أي مواطن في العالم العربي، والعالم كله، , و أن لجنة من مخابرات النظام الدموي قدمت وثائق ضد الثورة، فإن هذا لا يغير في قيمة الحقائق المعروفة لدى جميعهم، مادام أن النظام الدموي نفسه، يعرف أنه كاذب، وإنني لأتصور الآن أن يخرج بعد انتصار الثورة، بعضهم، من عيار وليد المعلم، عبر فضائيات العالم، ويقول: لقد كنت أكذب...!



إن أي نظام،في أية بقعة من المعمورة، لو كانت هويّته، ورؤيته، وأيديولوجيته مبنيتان على الكذب، فإن لا معيار البتّة، يمكن اللجوء إليه، في تقويم سلوكه، وممارساته، والنظام السوري، يشكل-بلا ريب- المثال الأوضح، في مجال التضليل والكذب، فهولا يصدق-كما قال ممدوح عدوان حتى في نشرة إعلامه الجوية- ومشكلته الأكبر تتمثل في أن هناك خيارين أمام أي فرد، أو مؤسسة، أو مجتمع، هما: الخير والشر، بل إن العالم برمته، يقسَّم وفق هذه الثنائية نفسها، إذ لا موقف وسطياً بينهما البتة، بيد أن هذا النظام يريد أن يسرق ويسمى أميناً، ويكذب ويسمى صادقاً، ويقتل ويسمى ضحية، ويمارس الدعارة ويسمى عفيفاً، طاهراً، بل إنه يقوِّم العالم كله، على مبدأ"إن من يصدقني هو مني" و" ومن يكذبني كاذب" بل وعميل وخائن، وهذا ما قلته ذات مرة، في حفلة الرَّدح التي تمت في ما يسمى ب" مجلس الشعب" عندما ناقش " أعضاؤه!" موضوع تخوين المدعو عبد الحليم خدام، أن أقول ما معناه: " إن هؤلاء المهرِّجين سيغيرون موقفهم ويدافعون عن"الرَّجل" لو أعلن عن ولائه ليشار الأسد"، وهذا ما يبين كل أيديولجية هذا النظام.
ولتسجيل مقاربة أخرى، من طبيعة هذا النظام، فهو لم يوافق-مثلاً- على توفير الإنترنت في سوريا، إلا بعد أن اشترى أجهزة مراقبة وسيلة الاتصالات، العظمى، والجبارة، هذه، وبات يضع بريد مشتركيه الإلكتروني، تحت الرقابة، وتم اعتقال مئات المدوِّنين، واستجواب وتهديد الآلاف، إلى الدرجة التي صار المواطن يظنُّ أن " جهاز الكمبيوتر" في بيته ليس إلا رقيباً عليه. وهذا-تحديداً- يذكر بموافقة"النظام" على قدوم" لجنة المراقبين، حيث لم يوافق على مّقدم اللجنة، إلا بعد أن أعد ترتيباته-كاملة-وهي ترجمة لأفكار"و"تصورات" إبليس" في إخفاء أثر الجريمة، وتجريم الضحية، وتخوينه، ومن بين ذلك، مواراة معداته، وأسلحته الثقيلة، وتحويل العسكري منها إلى مدني، بل تحويل العسكري، نفسه، إلى مدني، ووعل، إنه الكذب على الوطن، والإنسان، والشعب، وحتى على... الله عزَّ وجل، دونما حياء، وهيهات له الأمر،  حتى لو عمل كل ذلك، قبل دخول المراقبين أيَّ مكان، لإعادة تلك الدبابات والمدافع، إلى الأمكنة نفسها، فور خروج طواقم المراقبين-ممن يعترف مصدر عربي مسؤول و بعد أسبوعين من عملهم أنهم" ناقصو خبرة..!- ومن أبشع أكاذيب هذا النظام السفاح، البكاء على" الأطلال" التي درستها آلة حربه على "بلده"، على أن ذلك قد تمّ من قبل الجماعات المسلحة، وبهذا فهو" يمارس جريمة قتل المواطن، ويهدم بيته فوق رأسه ورؤوس أفرد أسرته،  ويطلق النار على من يشيع جنازاتهم، ثم يمسح دموع التماسيح عليهم،  ويستبكي منزله المهدَّم، إنه نتاج البؤس الأخلاقي، لدى هذا النظام الذي يجر أذياله، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، بالرغم من أنفه....!.
وإذا كان هذا واقع "النظام"، وحال أبناء الشعب السوري، الذي يعيش أقصى درجة معاناة، مع أشرس نظام يمارس أبشع أساليب القمع بحقه، فإنَّ اعترافات أبناء الشعب السوري، باتت تترى، حيث يؤكِّد كلّ من يخرج من قبضته، بأنه كان يعرف ذلك، تماماً، بيد أن تحوُّل البلد كله، إلى سجن كبير، ظلَّ  إلى وقت طويل، يحول دون أن يستطيع أحد الإدلاء بموقفه، حتى أمام أفراد أسرته..، لأن" النظام "الذي كان  يعتمد على المظنّة مع مواطنه، ويحاسبه حتى على"منامه" كما تمَّ أثناء اعتقال أحد الفنانين الكرد في قامشلي، قبل سنتين، فإن من كان يجاهر بمواقفه ظلَّ عرضة للتضييق، ولطالما مورست سياسات  القمع، على مختلف أشكالها معه، وإن  المراقبين، حتى ولو كانوا أنصاف ملائكة، ليحملون نوايا سليمة، وهم سيعانون على صعيدين: أولهما الخطورة على حيواتهم -لا سمح الله- من آلة الاستبداد الدّموي الذي يفتقد إلى الوازع الأخلاقي، وهو يهدّد العالم أسره، سواء أكان عن طريق  ساسته، أو عن طريق رجل" دينه" المفترض، وهذا ما يجعله لا يتورّع عن ارتكاب أية جريمة ممكنة، ولا أحد في منجى عن شروره.
 وثانيهما تعرُّض هؤلاء لبعض التشويش، من قبل نظام ديدنه"الكذب" و" التزوير". ناهيك عن أن حركة المراقب مراقبة، تحت ظلّ رجل الأمن، الذي يرافقه كظله، ولا يكف عن تقديم" شهود الزور".
إن فكرة تقديم المراقبين، كان يمكن للجامعة العربية أن تقدم عليها، وذلك في الأسبوع الأول من شهرآذار2011، لا بعد مرور تسعة أشهر من عمر الثورة، وما إقدامها عليها، بعد فوات الأوان، إلا محاولة لترميم صورتها التي افتقدت الكثير من المصداقية، فهي أعلنت عن  حزمة قراراتها" النَّاقصة" بل والتي ليس فيها ما يضغط على آلة القتل"بصراحة"  وتراجعت عن هذه القرارات، كما إن سوريا التي قلت عنها ذات مرة: تقود العالم، بأضاليلها، إنما تقود الجامعة العربية، وتلعب معها"لعبة القط والفأر"، وتستجرُّ العالم كله، من مكيدة إلى أخرى، وتزخرف أكاذيبها التي لا تصرف في سوق السياسة والأخلاق.
ومن هنا، فإن هذه الفكرة، تعد من نوافل السياسات، لأن ما ستحصل عليه اللجنة، من معلومات، لهو موجود لديها، سلفاً، وإن الجامعة لم تستطع البتة زخرفة صورة، لائقة بها، بل هي خسرت عوامل جدواها،أكثر، حتى ولو خرجت بأيِّ قرار مناسب-ولا مفر لها منه- لأنَّ آلة القتل لم تحترمها، بل واصلت  القتل الممنهج، وأفقدتها المصداقية، وبات حتى "ماء وجهها" محط ورهن إشارات استفهام، كما أنها لن تكون خارجة أسئلة" ربيع المنطقة" نفسها.
والجامعة العربية، لتتحمَّل المسؤولية الأخلاقية، عن وزر مقتل حوالي خمسمئة شهيد سوري، أطفالاً، ونساء، وشيوخاً، ورجالاً وشباباً، ناهيك عمن اعتقلوا، أو هجِّروا خلال الأسبوعين الماضيين، من عمل اللجنة، وإلا فما الداعي لبدعة المراقبين، أصلاً......!؟، البدعة التي وافق نظام الاستبداد عليها، في وقت متأخر، بينما الصُّورة الإلكترونية توثِّق آلاف الأدلَّة التي تكفي الجامعة العربية، إلى يوم الدين، لاتِّخاذ موقف قومي، وإنساني، مشرِّف مما يجري أمام أعين العالم كله، العالم الذي هو في الأصل أعظم لجنة مراقبة إنسانية..!.
 إن القبول بلجنة المراقبين، من قبل" النظام" جاء في غير وقته، كما أن ممارسة المهمَّات الموكلة عليهم، تمَّت في جو موبوء، ليس فيه الضمانات المطلوبة من حيث" النزاهة"، وفي وسع هذه اللجنة أن تحصل عليها، وهي في مكاتبها، في الوقت الذي يجب فيه العمل الجِدِّي الحاسم، لوقف آلة القتل نهائياً، وإطلاق سراح الأسرى، والعمل على إعادة الأمن والشبيحة إلى أوكارهم،  وانتزاع تأمين الأمان، و الدواء، والطعام، والمسكن الدافىء، في هذا القرِّ السوري الرهيب،   بالإضافة إلى أسباب الحياة لمواطننا، والتفكير بفرض تحقيق كل هذا، ولعلَّ  في ما قدمه البطل خالد أبو صلاح، ابن حمص،وحده، ما يعوض العالم كله عن مهمّة" كيف نؤمن وثائق إدانة هذا النظام" لأنه قدم ما لا يستطيع جيش عرمرم عن تأمينه*.
إن بثَّ الرُّوح، في"ذريعة" إيفاد المراقبين، في  وقت متأخِّر، ليس لتحقيق الفائدة المرجوة، وإنما لإيهام العالم كله بأن الجامعة عبارة عن"خلية نحل "تعمل، أشبه بذريعة أخرى، تنفخ في رِمامها، أيضاً، وهي ذريعة انتظار وحدة المعارضة، في الوقت الذي سمَّى فيه شارع الثورة-بصراحة- من يمثله، وإن كان لابدَّ من الحرص على أي معارض حقيقي، هاجسه إنقاذ حيوات ثوَّار سوريا الذين يصنعون أمام أعين العالم كله، أعظم ملحمة للصمود، بشكل سلمي، حتى يتحقق حلمه في النصر المبين، من دون أن يرضخ البتَّة لمزاعم، وأحابيل، النظام، التي لا يفتأ يعلن عنها، كذبة تلو أخرى، في مصنعه الأكبر، المخصص لإنتاج الأكاذيب، حتى وإن جاءت في ثوب إصلاحات، لن تترجم، وكان آخرها الإعلان عن إنجاز الدستور الجديد الذي يقرُّ ب"تعددية الترشيح للرئاسة" والتي تأتي محاولات إثارة حوار أسبقية " البيضة؟ أم الدجاجة؟" بذريعة"لملمة المعارضة-كمعادل لها- في صميم تمرير سياسة الخداع، على حساب إزهاق المزيد من أرواح الأبرياء، وإطالة عمر نظام القتل الفظيع.....!؟.
5-1-2012
elyousef@gmail.com
المقال المقبل:
*خالد أبو صلاح:...أمَّة في رجل...!؟

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.5
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.