القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 446 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الطّغيان السّياسي.. ليبيا مثالاً

 
الجمعة 21 تشرين الاول 2011


صبري رسول

الطغيان السياسي ليس حالة جديدة على المجتمع البشري حديثاً، وليس وليدَ الإمبراطوريات التي اجتاحت الشرق والغرب، فهو نتاج طبيعي رافق ولادة النّظام السياسي الذي تولّى قيادة المجتمع منذ أقدم العصور التاريخية، ودرسها كثير من الفلاسفة والمفكرين كظاهرة سياسية وفكرية يجب معرفة الأسباب التي تؤدي إلى طفح الطغيان (كمصطلح مرادف للاستبداد) على سطح التاريخ.
فالطّغيان السّياسي هو التّاج الذي يولِّدُ التألُّه ويخلقُ الاستبداد الذي لن يكونَ موجوداً إلا بوجود المسيَّرين والخانعين له، وكذلك حالة التألُّه تفرض بالضّرورة وجود العبيد، فالآلهة ومن خلال التاريخ أوجدت لها طبقةً من العبيد، والطغيان السياسي والاقتصادي يُنتِجُ حتمياً طبقة اجتماعية تعيش تحت ظلال ذاك الطغيان.


فقد ذهب الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) إلى أن كلّ إنسان لا مانع لديه أن يصبح أحد آلهة الأولمب. وهذا يؤكّد أنّ الإنسان، بوصفه كائناً بشرياً لا يعيش إلا في إطار اجتماعي، قد يتحوّل إلى مستبدٍّ إن توفرت له الظّروف، وطبيعته النّفسية كإنسان تؤهّله لأن يتحوّل إلى غول مرعب يسخّر كلّ من حوله في خدمة غرائزه غير المروّضة.

والطغيان، وفق أرسطو، ((صورةٌ للحكم الفردي)) في ممارسة السلطة،  لكن من دون رقيب ولا حسيب، فلا أحد يحاسبه على ممارساته السياسية، لأنه يمارسها وفق رؤيته الفردية، وأهوائه الشخصية، ومنافعه، دون أن يقيّده قانون، أو نظام مراقبة، ومن المؤكّد أن شخصاً لا يخضع للمراقبة أو المحاسبة، ستقوده أهواؤه وغرائزه الشخصية، للوصول إلى مرتبة الطاغية، وهذا ما أطلق عليه أفلاطون: بالحيوان الأكبر(ويقصد بالطاغية)

وإلا ما السرّ وراء انتشار الطغيان السياسي في مجتمعاتٍ معينة خلال فترات معينة من التاريخ، فقد عاشت روما تحت استبداد وطغيان نيرون الذي تلذّذ بإحراق عاصمته؛ والمجتمعات الإسلامية عاشت فترات طويلة مع الاستبداد تحت حجج ومسميات( نشر الدين، وفتح البلدان وخلاص البشر من الظلمات) واشتدّت وطأةُ الطغيان مع دولة أمية بن أبي سفيان، والدولة العباسية في فترة أبي جعفر المنصور الذي صاح بالنّاس(إنما أنا سلطان الله في أرضه) وهذا ما دفعه إلى تصفية جميع خصومه جسدياً(كقتل أبي مسلم الخراساني) المؤسّس الحقيقي للدولة العباسية.

وكذلك أوربا عاشت الاستبداد والطغيان خلال النصف الأول من القرن الماضي(ألمانيا النازية(هتلر)، وإيطاليا الفاشية(موسوليني) لكنّها تخلّصت من تلك المَظَاهر وأوجدَت لنفسها قوانين وأنظمة اجتماعية وسياسية وفكرية تحدّ من تكرارها، وفي النّصف الثاني من القرن الماضي وحتى الآن تعيش مناطق واسعة من العالم، ومنها الشرق الأوسط تحت الاستبداد والطغيان رغم حصولها على الاستقلال الوطني.
استطاعت الأنظمة العسكرية الاستيلاء على السلطة في كثير من الدول الشرق الأوسطية  وفي المغرب العربي بقوة المدفع في الفترة التي تلت الاستقلال، وشكّلت طبقة اقتصادية وسياسية انعزلت بنفسها، وابتعدت عن الشعب رغم تشدّقها باسم الشعب، وجعلت المجتمع أسير مناهجها ومنافعها السياسية والاقتصادية، وأوصلت شعوبها إلى حالة مزرية، من الفقر، والخوف، والاعتقال، والقتل، وكبت الحريات. ومارست تلك الأنظمة كلّ الموبقات باسم الشعب والوطن. ونظام العقيد الليبي معمّر القذافي خير مثالٍ على ذلك. فقد اعتلى القذافي سدة الحكم في 1969 جاعلاً من ليبيا سجناً حدوده من الصّحراء إلى الصّحراء، ومن شعب ليبيا أسير جنونه ونزعاته وأهوائه، حتى وصل به جنون العظمة إلى وصف نفسه بملك الملوك، ناسياً أنّ لكلّ شعبٍ يوماً ينتفض فيه على الظلم، ولن يفلتَ من محاكمته(أسراً أو قتلاً) حتى لو خبَّأ نفسه في جحر الجرذان، وأنّ الصحراء الشاسعة تكون ضيقاً على أنفاسه.
هكذا يكون المصيرُ واحداً وإن اختلفت النهايات بأشكالها الهندسية والحربية، وهكذا يعود قطار الحرية إلى السّكة الشعبية وإن حاد عنها لفترات زمنية. هنيئاً لكم الحرية يا شعب ليبيا.


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.