رنين كؤوس ثلاث مازال طعمها أخضرا ً تحت أضراسي . . نرفعها عاليا ً . . ويبدأ الشاعر إبراهيم حسو الحديث عن الشعر والشعراء بلغة تتساقط من فمه كعجائز تتعثر بعصيّها . . أفكر . . كيف يعقل أن يمتطي هذا الشاعر صهوة الحرف العربي . . لتلسعني نافذة الشعر الملونة : وهل في الشعر ما يعقل .
لو كنت في قامشلو ــ كما يحب الأكراد تسميتها ــ لهرولت ليس خوفا ً من أن يسيل الشاي من فتحات جسدي، فأينما ذهبت هناك تجدهم يشربون الشاي، فيقدمونه لك . .
ولكن لأبحث عن محمد بيجو وأحذره أن يتحصن داخل قصيدته، فهاهي حراب محمد علاء الدين عبد المولى تطلب دماء المرتدين، وتصرخ: يا لثارات الخليل بن أحمد . .
يضحك صديقي تيسير حتى تكاد أن تتساقط أسنانه، حين أحدّثه عن قلق ابراهيم حسو . .
دائما أسأل تيسير ــ من وين جوني ـ ؟ فيضحك ولا يجيب . .
أسأله: تيسير أتذكر حين علـّقوا ذنوبنا على لوحة إعلانات البيت، وأعلنونا أنبياء القذارة، ومن يومها انفردنا باشتقاق مصطلح ـ المقلقينة ـ فتغلبنا على قلق حسو . .
يضحك حتى يهتز بيته المتهالك . . أحيانا أخاله لا يجيد إلا الضحك . .
كم أتمنى أن أقتله أحيانا بقصيدة . . كم كنت سأفرح . .
ولكن إلى من سأحج بعد ذلك . .
أفكر . . تيسير شاعر . . وإلا لماذا يذهب إليه الشعراء والمتفننون . .
يسبهم . . ويحجون إليه
يعريهم من قشورهم . . ويحجون إليه
حتى أنه ينجّر الخوازيق لهم أحيانا ً ـ فهو يعلن نفسه نجارا ً هذه الأيام ـ . .
وأيضا ً يحجون إليه
أحيانا ً أفترش سجاد المشاكسة وأترصده بخبث حتى تخمد ناره الموقدة دائما ً . . لأنه من غير الممكن أن تكلم هذا المجوسي المجنون إن كانت النار مشتعلة . .
وحتى ينهي زجاجته المحتضرة دائما ً لأحاصره في خانة لينين، ولكنه وقبل أن أتم الحصار ينجو بدوشيش أخبث . .
. . . تبا ً لهذا الفيروس . . من أين أتيتني يا بيجو
أبرق له . . . أبشرك علقنا جدارنا الشعري في مقهى فسحة أمل ولكننا نمارس الشعر عليه بحياء . . لأن ممارسة الشعر في اللاذقية كممارسة العادة السرية . .
تبا ً لهذا الفيروس . . . سأفتش اليوم في الصيدليات عن مضاد حيوي، وإن لم أجد
سأعاجله بعدة كؤوس . . . . .
*شاعر من اللاذقية